Skip to main content

إصحاح 3، آية 5

5-"أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء".

ما أسعد العروس فأنها أعياها البحث الطويل عن حبيبها بوسائلها هي، التي آلت إلى خيبة أملها فلم تجده، فقد تعطف الحبيب عليها وقادها إليه حتى وجدته فأمسكته وأدخلته بيت أمها وحجرة من حبلت بها. نعم ما أسعد النفس التي يجد المسيح مكانه فيها _ القلب الذي يحل فيه. هنا تشتهي النفس ان تهنأ بهذه الغبطة بكيفية دائمة، لذا ترغب وتحرص على ان لا يعكر صفو هنائها أي عامل. أنها تغتبط بعشرته المقدسة كما أنها ترغب في ان يبقى حبيبها مستريحا على عرش قلبها بحيث لا يعكر عليه هناءه شيء ما "أحلفكن. . ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء".

* * *

ان كل قسم من القسمين الأولين من هذا السفر ينتهي بهذه العبارة عينها، ففي نهاية القسم الأول تشهد العروس بمحبة عريسها وقربه إليها "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني"(ص2: 6) لذا تريد ان تستبقي هذا المشهد البهيج فتحلف بنات أورشليم بألا ييقظن ولا ينبهن الحبيب حتى يشاء، وهوذا هي الآن بعد ان استردت شركتها التي حرمت منها وقتا ما، تطلب هذا الطلب عينه من بنات أورشليم، كما أنها تردد هذا الطلب للمرة الثالثة عندما تتغنى ثانية بمحبة العريس وقربه إليها "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني" (ص8: 3و4).

أنه لمن امتيازنا كمؤمنين ان نتمتع اختباريا بهذه الشركة المقدسة مع "من تحبه نفوسنا" إلا ان سعادتنا الحقيقية متوقفة على سهرنا على صون هذه الشركة وحرصنا المستمر على ان نكون في حالة القداسة العملية ونقاوة القلب وطهارة الحياة فلا نـزعج الحبيب بأي عامل غريب يتسرب إلى قلوبنا. أنه له المجد يحب الهدوء والسكينة "لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته"(مت12: 19) فلنحرص على ان نكون نحن أيضا "هادئين"(1تس4: 11) _ هادئين في أشغالنا وفي كل تصرفاتنا فلا نـزعجه بعد أمانتنا "ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح". لئلا نحزن الروح القدس "الذي به ختمنا ليوم الفداء"(أف4: 30-31) "بالرجوع والسكون تخلصون. بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم".(أش30: 15).

* * *

"أحلفكن يا بنات أورشليم" ان كلمات العروس هذه تبين ما سيكون لأورشليم من علاقة بالرب الملك، هذه العلاقة التي ينبر عليها السفر كثيرا، ويجب ان نضع في بالنا هذه الحقيقة وهي ان أورشليم هنا يكني بها عن عروس الرب الأرضية _ أعني بذلك أورشليم المستقبلة، وليس "أورشليم العليا" كما أنها ليست "أورشليم الحاضرة"(غل4: 25و26) ولكنها أورشليم العتيدة. أورشليم التي ستولد من الله ولادة جديدة، كما ان "أورشليم العليا" هي الخليقة الجديدة في المسيح يسوع. أما أورشليم المستقبلة أو العتيدة فهي ستكون عروس الملك المختارة عندما يعود ثانية إلى هذا العالم.

* * *

سلفت الإشارة إلى ان هذا الحلف "أحلفكن. . ." يتكرر في هذا السفر ثلاث مرات (انظر صحيفة 118) ومن الملذ ان نلاحظ أنه بعد كل مرة يذكر فيها هذا الحلف يجيء الكلام عن مجيء الرب، ففي الإصحاح الثاني تقول العروس "صوت حبيبي. هوذا آت" أي ان العروس تفكر في مجيء العريس نفسه، وفي هذا الإصحاح (3) يشار إلى مجيء المسيا في موكب ملكي بوصفه سليمان الحقيقي "انظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه" أما في الإصحاح الثامن فترى العروس مقترنة بعريسها العظيم "مستندة على حبيبها" حقا ما أبهج هذه المشاهد للذهن النقي المستنير، فان ربنا يسوع المبارك العريس السماوي سيأتي سريعا "بعد قليل جدا" ليأخذ الكنيسة التي هي جسده _ عروسه السماوية لتكون معه ومثله في المجد الأبدي الذي لا ينتهي، وعندئذ "من تعب نفسه يرى ويشبع". ولكن ذلك لن ينسبه الأمناء في شعبه الأرضي _ الأتقياء في يهوذا الذين يكونون قد قتلوا من أجل شهادة يسوع ومن أجل كلمة الله والذين لم يسجد للوحش ولا لصورته ولم يقبلوا السمة على جباهم وعلى أيديهم. وكذا جمع كثير من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة الذين سيقبلون بشارة الملكوت هؤلاء سيأتي الملك إليهم لخلاصهم وليمتعهم بالغبطة والسلام في الملك الألفي المجيد.

* * *

  • عدد الزيارات: 3518