Skip to main content

إصحاح 2، آية 2

17-"إلى ان يفيح النهار وتنهزم الظلال أرجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشبعة"

لقد سما إيمان العروس بعريسها وثقتها به حتى أنها في وسط آلامها استطاعت ان تراه بالإيمان وان تتمتع به وبرعايته لها "الراعي بين السوسن" إلا ان نفسها كانت تتوق إلى شيء أسمى _ إلى يوم مجده، عندما "يفيح النهار وتنهزم الظلال". لقد أعلن الرب ذاته (في رؤ22) بأنه "كوكب الصبح المنير" وأنه "آت سريعا" فإذا يأتي لا يبقى لظلام الليل ولا لظلال أثر في ما بعد. أننا نراه الآن بالإيمان كما "في مرآة في لغز" لكن حينئذ "وجها لوجه" سنرى عريسنا المبارك _ سنراه "كما هو". هذا هو رجاء المسيح الحقيقي _ رجاء الكنيسة عروس الرب، ولكن "إلى أن" يبزغ فجر ذلك اليوم المجيد تتطلب العروس إلى عريسها وحبيبها الذي أرتفع إلى السماء بان يظهر ذاته لها ويشعرها بحضوره معها "أرجع. . . يا حبيبي". أنها تحن إلى التمتع بعشرته السعيدة وبمحبته المنعشة لنفسها، فهي لا تكتفي بمجيء عريسها لأخذها إليه ولكنها تصبو إلى التمتع به وهي هنا فوق الأرض إلى ان يفيح النهار وتنهزم الظلال. ذلك هو الإيمان الحي، الرجاء المبارك.

* * *

وكما ان رجاء الكنيسة هو في مجيء الرب يسوع المسيح "كوكب الصبح المنير" كذلك سيكون رجاء الأتقياء في إسرائيل "بعدئذ" هو في ظهوره كالمسيا الذي سيبدد إلى الأبد ظلام شتاتهم الطويل المجدب "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها"(ملاخي4: 2) وان تلك البقية ستتطلع إلى اقتراب يوم مجده، إلا أنه قبل ان يشرق ذلك النهار بلمعانه لابد ان تنهزم كل الظلال "وكنور الصباح إذ أشرقت الشمس. كعشب من الأرض في صباح صحو مضيء غب المطر"(2صم23: 4). هذه بلا شك ستكون لغة البقية إبان اجتيازها في آلامها المريرة قبل ان يفيح النهار وتنهزم الظلال _ قبل ان تشرق شمس البر _ رجاء البقية المبارك الذي سيتحقق عند ظهوره من تلك الآلام.

* * *

"أرجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشبعة"لقد عرفت العروس بأنها لا تزال في برية هذا العالم محوطة "بتجارب متنوعة" كالجبال المشبعة، لذا تطلب إلى عريسها بان يسرع لنجاتها وحمايتها كما أنها تتوق إلى رجوعه سريعا كالظبي، أو الغزلان الصغيرة، متنقلا في خفة رائعة على الجبال المشبعة. هذا هو حنين الكنيسة _ عروس المسيح "الروح والعروس يقولان تعال. . . أمين. تعال أيها الرب يسوع" فلنسر إذن مواظبين على الصلاة ومترقبين تلك اللحظة السعيدة التي فيها نرى ضياء وجه ربنا وسيدنا وعريسنا المبارك "كوكب الصبح المنير". "إذا يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب"(1كو15: 58).

* * *

كذلك ستكون هذه لغة الأتقياء في شعب الرب الأرضي وحنينهم. أنهم في مرارة نفوسهم يتوسلون إليه بان يسرع لخلاصهم، وهو _ له كل الإكرام _ سيقصر أيام ضيقهم رغما عن مقاومات مضايقيهم (مت24: 22) وهل تستطيع أية قوة أرضية أو جهنمية ان تعطل إتمام مقاصد الله من نحو شعبه الأرضي أو تحقيق مواعيده التي وعد بها آباءهم؟ ان أشعة مجده العتيدة سوف توقع الرعب في قلوب أعدائهم وتهيئ الطريق أمام مفديي الرب للتمتع بالبركة في الملك الألفي السعيد "ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح أبدي على رؤوسهم. ابتهاج وفرح يدركانهم ويهرب الحزن والتنهد"(أش35: 10) يومئذ لا يبقى لآلامهم "الجبال المشعبة" أي أثر "كل وطاء يرتفع وكل جبل وأكمة ينخفض ويصير المعوج مستقيما والعراقيب سهلا. فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر معا لان فم الرب تكلم"(أش40: 4و 5) نعم سيأتي "الفادي إلى صهيون وإلى التائبين عن المعصية في يعقوب يقول الرب"(أش59: 20) سيأتي كالظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشعبة.

  • عدد الزيارات: 4426