Skip to main content

الرب يسوع هو محور المزامير

في هذه الجولة السريعة في أرجاء سفر المزامير وجدنا أن الموضوع الهام في هذا السفر العظيم هو شخص الرب يسوع المسيح له كل المجد _ في لاهوته وفي تجسده، وفي ولادته وفي حياته وفي آلامه وموته الكفاري على الصليب وقيامته وصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الله. إذ نقرأ "اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك" كما نراه في كهنوته الأبدي إذ نقرأ "أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق". هذا هو الموضوع المشبع في سفر المزامير.

في المزمور الأول نرى الرب يسوع المسيح كالإنسان الكامل الرجل الذي لم يسلك في مشورة الشرار (قط) وفي طريق الخطأة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. انفصل عن الشرار انفصالاً كاملاً.

وفي المزمور الثاني رأينا بنوة المسيح الأزلية "أنت ابني (أزليا) الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب". "والكلمة صار جسداً وحل بيننا وفي نهاية المزمور رأينا" يا رب الجنود طوبى للإنسان المتوكل عليك.

وفي المزمور السادس عشر نرى حياة الرب الكاملة كإنسان هنا على الأرض أخلى نفسه من مجده (أخفى مجد لاهوته في حجاب جسده) آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه (تواضع) وأطاع حتى الموت موت الصليب كانت حياته هنا على الأرض كإنسان حياة كاملة كمن أخذ صورة عبد مع أنه السيد _ احفظني يا الله لأني عليك توكلت. هذا هو صوت حياة الرب يسوع المسيح في كل دقائقها وتفصيلاتها "عليك توكلت".

وفي مزمور 22 يقول عليك ألقيت من الرحم من بطن أمي أنت إلهي فهو الإنسان الوحيد الذي كان متوكلاً على الله.

كما يرد القول في رسالة العبرانيين أصحاح 2 وأيضاً أنا أكون متوكلاً عليه له كل المجد. لقد قال الرب يسوع "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله" (يو 4: 24)

كان اتكاله على الله اتكالاً كاملاً. وطاعته طاعة كاملة، نعم هو الإنسان الثاني آدم الأخير.

آدم الأول أراد أن يستقل عن الله، أن ينفصل ويصير مثل الله لكن آدم الأخير يقول "احفظني يا الله لأني عليك توكلت. قلت للرب أنت سيدي خيري لا شيء غيرك" (كالعبد الكامل) عبد يهوه المطيع.

"أنت سيدي خيري لا شيء غيرك".

تكلم الرب يسوع في الإنجيل عن سيدين _ قال لا يقدر أحد أن يخدم سيدين: الله والمال. المال سيد قاسي. يقود إلى الهلاك. أما من يتخذ الرب سيداً له هل يكون فقيراً أم غنياً؟ يكون غنياً، هل يعوزه شيء؟ كلا بل يقول "أنت سيدي فيك كل خيري وغناي. لا شيء ولا سيد لي سواك. أعبدك وأنحني أمامك. "القديسون الذين في الأرض".

هل يوجد في الأرض قديسون؟ ألم يقل داود في مز 14 "الرب من السماء أشرف على بني البشر لينظر هل من فاهم طالب الله. الكل قد زاغوا معاً فسدوا ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد". نعم ولكن يوجد قديسون فمن الذي صيرهم قديسين؟ هل لهم قداسة في أنفسهم؟ كلا. كانوا خطاة لكن الله قدسهم وخصصهم لنفسه فصاروا قديسين. صاروا كرماء نبلاء وشرفاء.

القديسون الذين في الأرض والأفاضل _ أوصاف عظيمة يصف بها الرب المؤمنين الحقيقيين. قديسون أفاضل كل مسرتي بهم. ويقول الرب أن الله نصيبه وإن خيره الوحيد في الرب، ومسرته في القديسين والأفاضل الذين في الأرض. قد يكونون قليلين أما الباقون فقد أسرعوا وراء آخر. لماذا أسرعوا لأن من يجري وراء آخر غير الرب يجري بسرعة كما قال جيحزى أجري وراء الرجل فجرى ونتيجة جريه كانت أن برص نعمان لصق به وبنسله إلى الأبد.

"..الذين أسرعوا وراء آخر" (وكلمة آخر تعني سيداً آخر) والذين أسرعوا وراء السيد الآخر يقول عنهم الرسول بولس "الذين يريدون أن يكونوا أغنياء يسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك. لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة.."

وعلى النقيض تكثر سعادتهم الذين يعيشون للرب ويكتفون به. أما الذين أسرعوا وراء آخر فبعد أن يقول تكثر أوجاعهم يقول "لا أسكب سكائبهم من دم ولا أذكر أسماءهم بشفتي". فكان التصاق الرب يسوع هو بالله وبالقديسين والأفاضل الذين في الأرض. وكان انفصاله كاملاً عن الأشرار الذين يعبدون آخر. يسكبون سكائبهم لآخر أي للوثن "ولا أذكر أسماءهم بشفتي".

فالرب يسوع يقول أولاً "أنت سيدي خيري لا شيء غيرك" ثم يقول "الرب نصيب قسمتي وكأسي أنت قابض قرعتي".

"قلت الرب نصيب قسمتي وكأسي". وإذا سألنا الرب يسوع هل أنت سعيد بهذا النصيب؟ يقول نعم. هل أنت سعيد بهذه الكأس؟ يقول نعم. كان في كاس الرب هنا على الأرض مراراً لكنه قبل الكأس من يد الآب قائلاً الكأس التي أعطاني الآب إلا أشربها. لقد شربها كلها مع ما فيها من مرار. كان يعرفها جيداً وقال للآب إن أمكن أن تجيز عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. كان الرب يسوع هو العبد الكامل المطيع في كل شيء. الرب نصيب قسمتي وكأسي. أنت قابض قرعتي. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن قرعتي ليست في يدي أنا لكن في يدك أنت. الاختيار ليس لي. لو أعطيتني أن أختار أرد لك القرعة لكي تمسكها أنت. أنت قابض قرعتي. والنتيجة لأن قرعتي هي في يد الرب: "حبال وقعت لي في النعماء (أفخر الأماكن) فالميراث حسن عندي.

لما دخل الشعب أرض كنعان قسم لهم يشوع الأرض بالقرعة وقاسها بالحبال: نصيب يهوذا.. نصيب بنيامين وهكذا كل سبط وكل فرد قاس بالحبل والرب يقول أنا سلمت لله القرعة فكانت النتيجة أنه وجد الميراث في أفضل مكان.

وأنت أيها الأخ إذا سلمت قرعتك ليد الرب فيكون نصيبك أفضل نصيب. إياك أن تتضجر وتقول هذا هو بختي. إن قرعتك وميراثك في الرب أحسن ميراث. كل ما في الأرض باطل. تراب لا قيمة له. لكن الميراث الحقيقي ميراث سماوي لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل.

ليست النعماء في كثرة ووفرة الأمور المادية في هذا العالم لكن النعماء هي في تمتع القلب بالرب والفرح فيه.

"أبارك الرب" _ كلمة أبارك تعني أسبح. أغنى له. أغنى للرب في حياتي وأرنم لإلهي ما دمت موجوداً فيلذ له نشيدي وأنا أفرح بالرب. أبارك الرب له كل المجد.

الذي يتأمل في حياة الرب يسوع على الأرض يجد أنه لم يكن يمتلك أي شيء. وأتباع الرب ماذا كانوا يملكون؟ لا شيء. الأعرج لما نظر إلى الرسولين ينتظر منهما صدقة قالا له انظر إلينا ليس لنا فضة ولا ذهب فهل كان ذلك دليلاً على الفقر؟ كلا بل إنهما كانا أغنى الأغنياء. الذي لي فإياه أعطيك. كان له الرب يسوع المسيح _ باسم يسوع المسيح قم وامش فقام وصار يسبح الله.

كان الرب في حياته حسب الظاهر رجل أوجاع ومختبر الحزن لكن في الداخل كان الإنسان السعيد الفرح في الرب كل حين. كان أمامه الصليب والكأس ولكن كان مبتهجاً: جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع لذلك فرح قلبي. في الظاهر كرجل أوجاع ومختبر الحزن ولكن في الداخل فرح قلبي وابتهجت روحي. له كل المجد.

ثم يقول أبارك الرب الذي نصحني كإنسان كامل عبد يهوه الكامل كان يتلقى الإرشاد من الرب. كان يعيش بكلمة الله. وعندما جربه إبليس في البرية كان رده ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله يحيا الإنسان. قال له إبليس قل لهذه الحجارة أن تصير خبزاً وكان جائعاً وفي استطاعته أن يحول الحجارة إلى خبز. لكن لم تخرج له كلمة من فم الله بهذا الخصوص ولذلك لم يزعن للمجرب في عمل هذه المعجزة.

"أبارك الرب الذي نصحني" _ يوقظ لي كل صباح أذناً عندما كان الرب يسوع يستيقظ كان يسمع" صوت الرب. يميل إذنه ليصغي إلى أوامر الله. شركة كاملة. "السيد الرب فتح لي أذناً وأنا لم أعاند" هذه الوصية قبلتها من أبي. أن أضع نفسي لكي آخذها أيضاً. ثم كانت للرب يسوع شركة مستمرة في الليل أيضاً فيقول: "بالليل تنذرني في الليل _ في النهار معك وفي الليل معك فكان لسان حاله دائماً" ماذا تريد يا رب أن أفعل.. كلمني .. أهمس في أذني.. فالمؤمن القريب من الرب الذي يتمثل بالرب بالسير في خطواته ماذا يفعل؟ يتلقى أوامره في النهار وفي الليل.

في النهار أسمع صوت الرب وفي الليل أحشائي في الداخل. كليتاي. ضميري يحدثني. فالمؤمن اليقظ المنتبه ينصحه الرب وينذره.

"جعلت الرب أمامي في كل حين" وهذا هو سبب الثبات الرب يسوع له كل المجد كان الصليب أمامه وكان يعلم ما هي آلام الصليب وآلام الدينونة الرهيبة التي كان مزمعاً أن يتحملها لكن في الوقت نفسه كان أمامه الرب _ وكما جاء عنه في الرسالة إلى العبرانيين "الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي".

لماذا إلى الوراء لم يرتد؟ لأنه جعل الرب أمامه في كل حين فلم يتزعزع ثم يقول لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي. ثم جسدي أيضاً يسكن مطمئناً.

فبعد آلام الصليب دفن جسد سيدنا في القبر لكنه يقول لن تدع قدوسك يرى فساداً. أقامه الله من الأموات وهذه الآية هي التي اقتبس منها بطرس ما قاله في يوم الخمسين "داود لم يتكلم عن نفسه ولكن إذ كان نبياً تكلم عن المسيح إنه لن يرى فساداً.

وبولس أيضاً يقول عن داود رئيس الآباء أنه دفن ورأى جسده فساداً لكن من هو الشخص الفريد الوحيد الذي لم ير جسده فساداً؟ هو الذي سبق وقال عنه الملاك للعذراء مريم القدوس المولود منك يدعى ابن الله هو الوحيد الذي لم ير جسده فساداً.

"تعرفني سبيل الحياة (القيامة) أمامك شبع سرور قس يمينك نعم إلى الأبد (حيث قال له الله اجلس عن يميني وقد جلس فعلاً عن يمين الله أي أن جسده دفن في القبر، ولم ير فساداً، وأقيم من الأموات، وبعدما أقيم من الأموات جلس عن يمين الله.

هذه هي حياة المسيح الكاملة، هذا هو نصيبه، ميراثه، هذه هي سعادته وفرحه إنهما في الله، غناه في الله، وهو الذي ترك لنا مثالاً لكي نتبع خطواته.

وفي مزمور 17 نرى المعتنف ضد المسيح "عن طريق المعتنف أنا تحفظت. رجل الدماء وهذا المعتنف له أتباع فما هو مصير أولئك الأتباع.

في مزمور 16 يقول "الرب نصيب قسمتي والمؤمن يقول هكذا أيضاً الرب نصيبي. وآساف يقول صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر أما المعتنف ضد المسيح رجل الدماء رجل الغش وأتباعه فيقول عنهم المزمور بذخائرك تملأ بطونهم. ما أتفه هذا: إلههم بطنهم مجدهم في خزيهم. يفتكرون في الأرضيات.؟ القلب فارغ جاف لا ذرة من الفرح أو السلام في القلب ولكن البطن ملآن. وما قيمة ذلك _ الرسول يقول "إن كان لنا القوت والكسوة فلنكتف بهما.

المهم ملء القلب وليس ملء البطن. بذخائرك تملأ بطونهم فبالبر أنظر وجهك. طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله. لكن الذين نصيبهم في حياتهم لا يمكنهم أن يعاينوا الله لأنهم مدنسي القلب.

لا يوجد شيء أثمن وأغلى من الشركة مع الله.

في نهاية مزمور 16 يقول أمامك شبع سرور في يمينك نعم إلى الأبد وفي نهاية مزمور 17 يقول بالبر أنظر وجهك اشبع إذا استيقظت بشبهك.

ونجد الصورتين في فيلبي ص 3 حيث يقول الرسول "أذكرهم باكياً" وهم أعداء صليب المسيح "لقد رفضوا حمل نير المسيح، رفضوا السير في طريق المسيح الذين إلههم بطنهم كقول المزمور 17 بذخائرك تملأ بطونهم" "ومجدهم في خزيهم" "خطيتهم الشنيعة هي أنهم يتفكرون في الرضيات" وجههم إلى أسفل وتدبيراتهم وأفكارهم كلها في الأرضيات _ أما سيرتنا نحن، نحن أتباع المسيح، نحن الذين نسلك في خطوات الإنسان الكامل المتوكل على الله الذي قال للرب أنت سيدي خيري لا شيء غيرك، وقال أيضاً الرب نصيب قسمتي وكأسي. هذا هو سيدنا ومثالنا الكامل وهو الآن في السماء التي منها ننتظر مخلصاً.

وفي مزمور 16 نقرأ "أشبع إذا استيقظت بشبهك أي أنه سيموت وعندما يقوم يشبع بالرب لكن في رسالة فيلبي يبين الرسول أن الموت ليس رجاءنا وإنما من السماء ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح. هذا هو رجاؤنا الآن هذا ما ننتظره الانتظار السعيد المفرح من السماء ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء.

ما أغنى المؤمن، ما أعظم نصيبه، ما أمجد قرعته، ما أعظم ميراثه، ما أعظم الفرح والابتهاج الذي يملأ قلبه، وما أعظم رجاءه في السماء، رجائي نصيبي فوق، من السماء ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء.

آميـن.

  • عدد الزيارات: 8462