ثالثاً: تقسيم السفر
سفر المزامير مقسم ومرتب ترتيباً إلهياً، ونجد في بعض عناوين مزامير داود المناسبة التي كتب فيها وفي بعضها يذكر الغرض من المزمور.
هل المزامير مرتبة تاريخياً؟ لا. لكنها مرتبة بحكمة إلهية بوحي من الروح القدس.
نجد في سفر الأعمال أصحاح 13: 33 القول أن الله أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضاً في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك فنجد أن ترقيم المزامير مكتوب بالوحي الإلهي، فالاسم بالوحي والترقيم بالوحي.
كما أنه توجد مزامير عن صعود المسيح إلى السماء مثل صعدت إلى السماء سبيت سبياً قبلت عطايا بين الناس (مزمور 68: 18).
فمكتوب عن ولادة المسيح أولاً، ثم حياته، وطاعته، وموته، وقيامته. نجد أن المزمور الثاني يتكلم عن ملك المسيح فيقول قال لي أنت ابني أنا اليوم ولدتك ثم اسألني فأعطيك المم ميراثا ثم يقول الرب أقامه أي عينه ملكاً ويقول أيضاً المزمور الثاني أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدس. إذن نجد الكلام عن الملك في مزمور 2 وموت المسيح نقرأ عنه في مزمور 22، وتجسده وذبيحته في مزمور 40.
فنقرأ في هذا المزمور "عند دخوله إلى العالم يقول حينئذ بدرج الكتاب مكتوب عني أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت "ثم يقول" بتقدمة وذبيحة لم تسر هيأت لي جسداً"
وهكذا نجد أن ترتيب الحوادث ليس هو ترتيب المزامير فنجد الملك أولاً في مزمور 2 والقيامة في مزمور 16، والصليب في مزمور 22 والتجسد في مزمور 40 _ ثم من العجيب أن يجيء الكلام عن الملك بعد ذلك في مزمور 45 "فاض قلبي بكلام صالح متكلم أنا بإنشائي للملك أنت أبرع جمالاً من بني البشر.. جعلت الملكة عن يمينك، ومع أن الملك موجود في مزمور 45 إلا أننا نجد بعد ذلك في مزمور 69 الكلام عن آلام المسيح وتقديم نفسه كذبيحة إثم حيث نقرأ "غرقت في حماة عميقة وليس مقر. أنت عرفت ذنوبي وآثامي عنك لم تخف".
وقد كتبت كل المزامير في خلال 1000 سنة. وأول كاتب في المزامير تاريخياً هو موسى (مزمور 90).
وتوجد مزامير كتبت عند تدشين الهيكل الثاني الذي بناه عزرا مثل مزمور 84 "ما أحلى مساكنك يا رب الجنود". عندما بنى عزرا البيت كان شيوخ وشبان عند تدشين الهيكل. الشيوخ بكوا والشبان فرحوا وهللوا لماذا يا ترى حدث هذا التناقض؟ قال الشيوخ أين مجد هذا البيت من مجد البيت الأول الذي بناه سليمان من ذهب. لكن الشبان فرحوا لأنهم كانوا في السبي ولكن الرب أرجعهم إلى بيت الله ودخلوا مقادس الله مرة ثانية. ما أحلى مساكنك تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب.
وتوجد مزامير كتبت عند خراب الهيكل بواسطة نبوخذ نصر[1]. أيضاً يوجد مزمور كتب قبل الهيكل الذي بناه سليمان. وهو مزمور 132 الذي نقرأ فيه قم يا رب إلى مكان راحتك أنت وتابوت عزك. ومناسبة كتابته هي أن داود سمع أن الرب بارك بيت عوبيد أدوم بسبب التابوت فهيأ له مكاناً في الأكمة في مدينة صهيون ونقل التابوت من بيت عوبيد أدوم إلى الأكمة وظل يرقص ويهتف بكل قوته ويذبح ذبائح في كل ست خطوات.
وعندما بنى سليمان الهيكل كان داود قد سبق ورتب فرق المغنيين والمغنيات في الهيكل كما أنه توجد مزامير كتبت أثناء السبي البابلي مثل مزمور 49، 50، 80.
وأقسام المزامير الخمسة كما سبق وقلنا تقابل أسفار موسى الخمسة.
القسم الأول: من مزمور 1 إلى مزمور 41 وهذا القسم يقابل سفر التكوين وموضوعه الإنسان في البركة قبل السقوط ثم الخلاص ويختم مزمور 41 بالقول "آمين فآمين". وهذا دليل على نهاية هذا القسم.
القسم الثاني: من مزمور 42 إلى مزمور 72 وهذا القسم يقابل سفر الخروج حيث بعد استعباد شعب اسرائيل في أرض مصر خرجوا منها بعد عمل الفصح ورش الدم ويختم بنفس الخاتمة "آمين فآمين".
القسم الثالث: من مزمور 73 إلى مزمور 89 وهو يقابل سفر اللاويين سفر العبادة حيث يرد فيه القول "دخلت مقادس الله" ويختم أيضاً بنفس خاتمة القسمين السابقين. آمين فآمين.
القسم الرابع: من مزمور 90 إلى مزمور 106 وهو يقابل سفر العدد وموضوعه المسيرة إلى أرض الموعد ويختم بالتسبحة: "مبارك آمين هللويا"
القسم الخامس: وهو القسم الأخير من مزمور 107 مزمور الرجوع من السبي إلى مزمور 150 وهو المقابل لسفر التثنية وتختمه التسبحة "كل نسمة فلتسبح الرب هللويا"
والمزامير الأخيرة تسمى مزامير الهللويا. ونلاحظ أن كل قسم من هذه الأقسام يذكر فيه الاسم الإلهي المناسب لمحتويات القسم فنجد أن الرب أعلن عن نفسه في القسم الأول باسم "إيلوهيم" ثم أعلن نفسه لموسى "يهوه" وأعلن نفسه لإبراهيم "الله القدير" سر أمامي وكن كاملاً. وأعلن عن نفسه أيضاً "ايلوه".
[1] وهي المزامير 74، 79، 83 وقد كتبها آساف كلها.
- عدد الزيارات: 5774