بدعة جماعة غلاطية ضد البشارة الأصلية (1: 6- 10)
"إني أتعجب أنكم بهذه السرعة" أي لم يمض على اهتدائكم بضع سنوات ومع هذا "ترتدون" وهذه اللفظة أقرب إلى الأصل من لفظة تنتقلون الواردة في الترجمة الحالية. وقد اعتبر بول التعليم الذي كانوا يتبعونه شبه ارتداد "عن الذي دعاكم بنعمة المسيح" وتلك النعمة المجانية هي الأمر الذي كانوا مرتدين عنه "فتتبعون بشارة مختلفة" ولفظة بشارة في الأصل اليوناني (افنجيليون) وقد ترجمت في النسخة الحالية بلفظة (إنجيل) ولكن هذه اللفظة (1) ليست عربية في الأصل (2) إنها تطلق في الشرق على كتاب معين مع أن قصد بولس الرسول في هذه الآية واضح وهو الكرازة أو موضوعها (3) لأنها قد حدت إخوتنا المسلمين إلى القول بوجود (إنجيل) مفقود هو الإنجيل الذي يشير إليه بولس على زعمهم في هذه الآية! وهم يقولون أنه ربما كان ذلك هو الإنجيل الحقيقي وأن بولس كان المخطئ لا جماعة الغلاطيين! فجميع هذه المزاعم تزول إذا تذكرنا أن بولس لم يشر هنا قط إلى كتاب معين بل أشار إلى موضوع أو كرازة تدعى افنجيليون أي بشارة مفرحة وكان الغلاطيون قد مالوا عنها إلى ما ظنوه (بشارة) وهي مختلفة في الصفة والجوهر. فكيف يمكن أن تكون هذه بشارة مفرحة أو بشارة على الإطلاق؟ لذلك تدارك بولس كلامه بقوله "بل ليس في الوجود بشارة ثانية" نعم قد توجد كرازتان مختلفتان ولكن لا يمكن أن تكون بشارتان مفرحتان مختلفتان. لأن البشارة التي تناقض البشارة الوحيدة المفرحة لا يمكن أن تكون هي نفسها أيضاً مفرحة. حتى أنه لا يمكن أن تكون ثمة كرازتان "لولا بعض الذين يزعجونكم" وهم مسيحيو أورشليم الفريسيون "ويحاولون أن يعكسوا بشارة المسيح" بجعلهم الختان وفرائض الشريعة الموسوية معادلة لنعمة الله في المسيح التي هي البشارة الوحيدة الحقيقية فالخطة الأخرى عكس ذلك. هذا هو المقصود من قوله (أن يعكسوا) وفي الترجمة الحالية (أن يحولوا) وهي لا تؤدي المعنى المقصود بالتمام. والخلاصة أن بولس لم يسمح بكرازة تلك البشارة المعكوسة "ولئن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء" أو أي مخلوق آخر مهما عظم صيته ومقامه "بغير ما بشرناكم به" أي نعمة الله في يسوع المسيح التي تدرك بالإيمان فقط "فليكن (المبشر) ملعوناً" واللفظة اليونانية (اناثيما) تدل على الدينونة والهلاك بالانفصال عن الله. وواضح أن بولس كان يتكلم هنا بإجماع الكنيسة كلها (كما قلنا آنفاً) ولم يكن قد مر على صعود المسيح أكثر من عشرين سنة لا تزيد على المدة المتخللة بين موت محمد والسنة السادسة من خلافة عثمان! وتقريراً لهذه الحقيقة كرر بولس كلامه فقال "كما سبقنا فقلنا هكذا أقول أيضاً الآن أنه إذا بشركم أحد بغير ما قد أخذتموه" أي تسلمتموه من رسل المسيح المعتمدين "ليكن ملعوناً" أو اناثيما. "أفلعلي الآن" باستعمالي هذه الشدة في اللهجة "مستعطف الناس" كما يقول أعدائي أنني فعلت قبلاً "أم الله" إذ يب أن يكون استعطافي موجهاً إلى أحدهما "ألعلي أراضي الناس؟ فلو كنت مرضياً للناس" أي لو كنت معتاداً ذلك كما كان خصومه يقولون عنه "ما كنت عبداً"لذلك الذي أغضب العالم حتى صلبه العالم أي يسوع (المسيح).
(تطبيق)
- إن كنت مسيحياً فهل ارتددت عن بشارة الحقيقة إلى بشارة أخرى باكتفائي بكوني مولوداً مسيحياً وبأنني قد نلت المعمودية وأتممت بعض الطقوس ولم أتمسك بنعمة الله (1) بالتوبة والرجوع عن الخطيئة (2) بالالتجاء إلى المسيح المصلوب الذي مات عن خطيئتي (3) بولادتي إلى حياة جديدة، حياة البر والقداسة؟
- إن كنت مسلماً، فهل بحثت بالإخلاص في أمر يسوع المسيح وعلمت بشهادة المعاصرين (1) أنه مات (2) أنه مات بسبب الخطية (3) أنه مات بسبب خطية البشر (4) أنه مات عني وعن خطيئتي. ألا أنصت لصوته واعتبره (الإنجيل) الوحيد أي البشارة الوحيدة لكي تظهر فيَّ ثمار البر والقداسة كما ظهرت في ملايين قبلي.
- عدد الزيارات: 2290