Skip to main content

دعاء

"أللهم القادر على كل شيء الذي كل القلوب مكشوفة لديه وكل رغبة معلومة عنده ولا تخفى عليه خافية. طهر أفكار قلوبنا بإلهام روحك القدوس لنحبك حباً تاماً ونعظم أسمك الأقدس حق تعظيم بواسطة ربنا يسوع المسيح. آمين"

ألقى الكاتب تحذيراً خطيراً لأن كل البشر عرضة لأن ينزعوا من عقولهم نور الله الفاحص الدّيان. ولكنه لم يرد أن يستسلم أصدقاؤه لليأس، فأن لديه لهم رسالة رجاء في المسيح:

"فإذ لنا رئيس كهنة عظيم" والإشارة هي إلى ص17:2 والرسول يذكّر قراءه هنا بأن المسيح لم يكن يكرز بالراحة فقط كما كان موسى يفعل، ولا كان مجرد قائد كيشوع يحاول اقتياد شعبه إلى تلك الراحة، بل كان وسيطاً ليجعل البشر أهلاً به

وهو يدعو رئيس كهنتنا "عظيماً" تقوم عظمته على ثقته بالله وحظوته لديه، ليس أشبه برؤساء كهنة اليهود الذين جازوا إلى ما وراء حجاب يفصل قدس أقداس الهيكل عن أنظار الآخرين، فأن المسيح لم يجز حجاباً مادياً كهذا، بل اجتاز السموات، متوغلاً إلى عرش الله، بفضل تقدمة ذاته ذبيحة كاملة

"قد اجتاز السموات" فاتحاً السبيل للوصول إلى عرش الله

"يسوع إبن الله" الذي لا يزال بلقبه الناسوتي دليلاً على كونه لا يزال نائبنا لدى العرش- مقيماً هناك لكونه "إبن" الله "فلنتمسك بالقرار" حتى المنتهى "إذ ليس رئيس كهنتنا ممن لا يستطيع أن يرثي لضعفاتنا" بل هو يرثي لها ولا يبكتنا عليها وهو "قد جرب في كل شيء مثلنا" في أثناء حياته الأرضية "بلا خطية" إذاً منتصر على الخطية ومشارك لنا في بلايانا ولذلك يجب إقامته نائباً عنا وشفيعاً لنا

أنظر ماذا فعل الكاتب بقرائه المضطربين! فهم كسائر أبناء شعبهم، ترقبوا أن يكون مخلص الله المرتقب ملكاً مسيا، قوياً مهوباً فوق عرشه الأرضي، فوجدوا عوضاً عن ذلك مخلصاً أسلم نفسه إلى التجربة والألم والإستيحاش. وحتى بعد أن عرفوا محبته وقوته اللتين بدّلتا حياتهم، كانت تعاودهم الحيرة بين الفينة والفينة، فأسفوا (كما فعل غيرهم) إذ لم يروه متربعاً فوق عرش أرضي، منصوراً فائزاً فوق ممالك الأرض. والآن يبين كاتبنا أن التجارب والآلام التي بدت مستغربة إذ أصابت مختار الله، واختفاءه عن العلم عوضاً عن تربعه فوق عرش أورشليم، هي في الحقيقة سرّ رجائهم وثقتهم وعزائهم. فأن المسيح قد حمل الإختبار الذي عاناه في مشقات الجنس البشري وأحزانه وتجاربه، لا إلى عرش أرضي، بل إلى عرش الله ذاته. ومن ثمَّ كان ذلك العرش الذي حفَّ به المجد والدينونة، عرشاً تحف به "النعمة" والرحمة نحو جميع شعبه

"فلنتقدم إذاً بثقة إلى عرش النعمة" لأن السبيل إلى ذلك العرش مفتوح أمامنا ولنا نائب هنالك. فإذا سرنا في ذلك السبيل بلغنا راحته تعالى حتى في هذه الحياة "لننال رحمة ونجد عوناً في حينه" أي إذ تكون حاجتنا إلى المساعدة على أشدها وذلك في أوقات التجارب والبلايا وفي يوم الحساب

  • عدد الزيارات: 1809