Skip to main content

السلام الافتتاحي

"من بولس" الرسول "وتيموثاوس" المتنصر من أم يهودية وأب يوناني الذي اهتدى على يد بولس الرسول منذ إحدى عشرة سنة ثم أصبح عضده ورفيقه وهما "عبدي يسوع المسيح" وفي هذا القول برهان من البراهين العديدة العرضية الدالة على ألوهية المسيح في نظر الآباء الأولين إذ لم يكن أحد ليجسر على التصريح بتلك النسبة - نسبة العبودية إلى المسيح - لولا اعتقاد الآباء الأولين فيه.

"إلى جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبي" أعضاء الكنيسة المحلية "مع" موظفي تلك الكنيسة وهم "الأساقفة والشمامسة" بما أن الرسالة إلى أهل فيلبي كانت بمنزلة اعتراف (أو وصل) بالنقود التي أرسلتها تلك الكنيسة إلى بولس الرسول كان من اللائق أن يذكر الأساقفة والشمامسة الذين كانت الأموال ترسل عن يدهم. وقد أثبت العلماء أن وظيفة الشمامسة كانت تتعلق بشؤون الكنيسة المالية. أما "الأساقفة" فكانوا بمنزلة مراقبين. واللفظة يونانية الأصل ومعناها مراقبة وقد كانت تطلق أولاً على بعض الموظفين اليونانيين الذين كانوا يتولون إدارة بعض الجمعيات اليونانية.

أما لفظة شماس فمعناها الأصلي ((خادم)) وقد كان الشمامسة ((مساعدين)) للأساقفة يديرون شؤون الكنيسة المالية ويتولون مسألة النفقات والإيرادات وإعانة الفقراء وإعطاء المعاشات للأرامل. ولما كانت التبرعات تقدم إلى الكنيسة عند العشاء الرباني الأسبوعي كان الأساقفة يترأسون اجتماعات العشاء الرباني فيقومون بتقديم ذلك العشاء ويساعدهم الشمامسة في ذلك.

"نعمة لكم وسلام من الله أبينا" الإله الأزلي غير المنظور الذي تبنى بالبنوة الروحية أولئك الذين آمنوا بكلمته المتجسد يسوع المسيح. وقد تمنى لهم بولس النعمة والسلام من ذلك الأب السماوي "والرب يسوع المسيح" الكلمة المتجسد الذي به وفيه أصبحوا ((أولاداً)) أما واو العطف في قوله ((والرب)) فلا تفيد تعدد الذات بل تشير إلى وحدة الذات. إذ أي بشر يحق له أن يهب النعمة والسلام أو أن يقال أنه يهبهما بالإتحاد مع الله الإله الواحد. فحرف العطف إذاً إنما يشير إلى تعدد الأقانيم في الإله الواحد بمعنى أن الكلمة المتجسد الذي ظهر في شخص يسوع المسيح يمكن تمييزه من الآب غير المنظور باعتباره كونه أقنوماً في الله الواحد. فتسميته ((بالرب)) هنا هي باعتباره كونه أقنوماً. أما النعمة والسلام فإن الآب يرسلهما بيسوع المسيح وفيه.

هناك أمران آخران جديران بالاعتبار:

(1) لم يذكر ((الشيوخ)) هنا مع أننا نعلم أن الرسل عينوا شيوخاً في كل كنيسة (أع 23:14)

وقد يكون السبب لهذا الخوف أن الشيوخ كانوا نفس الأساقفة. وقد ورد في كلام القديس جيروم عن الكنيسة في أول عهدها قوله ((لم يكن فرق عند الأقدمين بين الأساقفة والشيوخ فكانوا في رتبة واحدة. إلى أن لفظة أسقف تدل على الهيبة وشيخ تشير إلى العمر)). وكان الشيوخ مسئولين عن نظام اجتماعات المسيحيين وعن التعليم. وقد يكون استعمال مار بولس هنا الكلمة اليونانية ((أسقف)) لأنه ينظر إلى هؤلاء الرجال بصفة كونهم موظفين مع مراقبة أعمال الهيئة التي بواسطتها صار إرسال الصدقات إليه. وكان طبيعياً أن يستعمل الرسول كلمة يستفاد منها بالأولى أنهم موظفون لا معلمون. أو قد يكون أنه وقع في الكنيسة في فيلبي تطور كان من نتائجه أن ألف بعض الشيوخ شبه لجنة منهم للمراقبة كان أعضاؤها يعرفون بالأساقفة تاركين للشيوخ الآخرين الإهتمام بوظيفة التعليم

وجاء في كلام أمبروسياستر عن هذا التطور في الكنيسة عموماً ((أن كل أسقف شيخ لكن ليس كل شيخ أسقفاً)) (أمبروسياستر على 1تيمو 10:3).

(2) إن الأساقفة في زمن الرسل كانوا متعددين في كل مركز كما يؤخذ من نص الرسالة ولم تقتصر كل كنيسة على أسقف واحد إلا في الجيل الثاني وبتمادي الزمن أصبحت لجنة الأساقفة المذكورة آنفاً أسقفاً واحداً يتولى القيادة التي كانت سابقاً في يد شخص يعينه الرسل أو تحت رعاية مؤسس الكنيسة المحلية نفسه. وبمرور الزمن نشأت الثلاث الوظائف الممتازة في الكنيسة وهي الأسقف والشيوخ والشمامسة.

  • عدد الزيارات: 1855