المسيحية في رومية
لم يكن مار بولس أول من أدخل كلمة الإنجيل إلى رومية، بل يرجح أن ((الرومانيين المستوطنين)) الذين كانوا في يوم الخمسين مجتمعين مع كثيرين آخرين في أورشليم يصغون إلى شهادة مار بطرس (أع 2: 10) هم الذين أدخلوا الدين المسيحي إلى العاصمة الكبرى وعلى كل حال فإن بين المسيحيين في رومية أفراداً من المتنصرين الأولين. نستدل على ذلك من رسالة مار بولس لهم حيث يقول عن اثنين منهم ((كانا في المسيح قبلي)) (رو 16: 7)
ويستفاد من رسالة مار بولس إلى أهل رومية ومن بعض المواضع في غيرها من الرسائل أن الكنيسة المسيحية في رومية كانت عظيمة، أما معلموها فكانوا ينتمون إلى جماعات مختلفة فكان بعضهم من الكنيسة اليهودية في فلسطين وغيرهم من الأمم من أصدقاء مار بولس ومنهم من تنصر على يده. والراجح أن المسيحيين هناك كانوا منقسمين إلى جماعات صغيرة وفي أوقات العبادة كانت كل جماعة تلتقي في بيت أحد معلميها. وكان هؤلاء مختلفي الأجناس. ومن هذه الجماعات المسيحية جماعة كانت تقيم بعيداً عن رومية على ساحل البحر في بوطيولي. وكان هؤلاء الإخوة أول من يستقبل المسيحي القادم من وراء البحار لزيارة رومية (أع 13:28 و14) وكان فرحهم بهذا الامتياز شديداً.
وكان فريق من اليهود المتنصرين في رومية يزعمون أن مار بولس تجاوز الحد في قبوله الأمم إلى كنيسة المسيح بدون أن يوجب عليهم حفظ الشريعة اليهودية، وقد علم مار بولس بذلك ولهذا نراه قد اغتبط كثيراً بل قد امتلأ نشاطاً جديداً عندما بلغه أن وفدين مختلفين من المسيحيين في رومية قد خرجا ليستقبلاه (الرسول الأسير) على مسافة بضعة أميال من المدينة وقد شجعه هذا الاستقبال كثيراً. وكان في مدة إقامته بينهم ((يقبل جميع الذين يدخلون إليه كارزاً بملكوت اللّه ومعلماً بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة)) (أع 30:28و 31). ولم يحتمل بعض هؤلاء كتمان نفورهم من سلوك مار بولس مع الأمم فعملوا بهمة زائدة ولكن باستياء لتقوية الجماعة اليهودية المسيحية التي ينتمون إليها. ولما درى مار بولس بأمرهم قال أنه يسرّه أن يزداد التبشير بالمسيح نشاطاً ولو كان القصد منه منافسته شخصياً.
- عدد الزيارات: 1821