الفصلُ الأوَّل قانُونُ الزواج والعائِلة - ماذا يعني الزواجُ لله
ماذا يعني الزواجُ لله
إذا اقتربتَ من قانون الزواجِ والعائلة مُتَسائلاً عمَّا ستجدُ فيهِ لِمَنفَعتِكَ، فسوفَ تجدُ فيهِ الكثير. أعتقدُ أنَّ البيتَ السعيد هو أفضَلُ ما يُمكِن وُجودهُ في العالَم بعدَ الخلاص. ولكن إذا أردتَ أن تتمتَّعَ بوُجهَةِ نظَرٍ كِتابِيَّة حولَ موضُوعِ الزواج والعائِلة، إطرَحِ السؤال، "ماذا يُوجدُ في هذا الموضُوع من المنفَعَةِ لله؟ ماذا يعني الزواجُ لله؟ لماذا أسَّسَ اللهُ الزواج؟ ولماذا خلقَ الإنسانَ ذكراً وأُنثَى؟ لقد أرادَ اللهُ أن يملأَ الأرضَ بالبَشَرِ الصالِحين.
إنَّ المزمور 128 هو واحدٌ من أعظمِ وأبلَغِ التعبيرات عن هذه الخُطَّةِ الإلهيَّة. "طُوبَى لِكُلِّ من يتَّقِي الربَّ ويسلُكُ في طُرُقِه. لأنَّكَ تأكُلُ تعبَ يَدَيك. طُوباكَ وخيرٌ لكَ" (الأعداد 1-2).كثيرونَ يُحبُّونَ أن يضعوا نقطةً نهائيَّةً بعدَ الكَلِمَة الثانِيَة منَ العَدَدِ الأوَّل "طُوبَى لكُلِّ." وهكذا نجدُ الكثيرين اليوم يُعلِّمون بالكَونِيَّة. فبِنَظَرِهم إن كانَ اللهُ إلهاً مُحبَّاً، ينبَغي أن يكونَ الجميعُ مُبارَكَين. ولكن ليسَ هذا ما تُعلِّمُهُ كلمةُ الله. فهذا واحِدٌ من مزامير الرجل المُبارَك، التي هي أحدُ المواضيع المُفَضَّلة في سفرِ المزامير. وهي دائماً تُخبِرُنا أنَّ بركات الرجُل المُبارَك ليست صُدفَةً أو حادِثاً عرضيَّاً. بل هي نتيجَةٌ لطاعَةِ الله.
يُخبِرُنا هذا المزمور أيضاً كيفَ يستَخدِمُ اللهُ الرجُلَ المُبارَك، وكيفَ يجدُ الرجلُ المُبارَك موقِعَهُ في خطةِ اللهِ للأُمور. ويُتابِعُ كاتِبُ المزمورِ بالقول،"امرأتُكَ مِثلُ كَرمةٍ مُثمِرَةٍ في جَوانِبِ بَيتِك. بَنوكَ مثلُ غُرُوسِ الزيتون حَولَ مائدَتِك... يُبارِكُكَ الربُّ من صِهيون وتُبصِرُ خيرَ أُورُشليم كُلَّ أيَّامِ حَياتِك. وتَرى بني بَنيك" (الأعداد 3، و5-6).
بهذِهِ الطريقة يعملُ اللهُ في هذا العالم. فهوَ يعملُ من خِلالِ قانونِ الزواجِ والعائلة. وهوَ يجِدُ رجُلاً يُؤمِنُ بهِ ويسلُكُ في طُرُقِه، ويُبارِكُ هذا الرجُل، ويجعل منهُ أباً، إذ يُدخِلُ إلى حَياتِهِ إمرأةً تُكمِّلُهُ. وكنتيجةٍ لِصَيرورةِ هذينِ الشخصين شريكي حياة، يُنتِجانِ عائِلةً. ويَبقَى أولادُهما معهُما حوالي عشرينَ سنةً، بينما تَتِمُّ تربيتُهم وإعدادُهم لمُواجهةِ الحياة في هذا العالم. يستخدِمُ اللهُ أفرادَ هذه العائلة للتأثيرِ على مدينتهم، وأُمَّتِهم، وبالنهاية عالَمِهم.
إنَّ ذِكرَ صِهيون [أي شعبُ اللهِ القَديم] في ذلكَ المزمور هو إشارةٌ في العهدِ القديم مُوازيةٌ للكنيسة في العهدِ الجديد. فكيفَ يعملُ اللهُ في هذا العالم؟ يميلُ المسيحيُّونَ للإعتِقادِ بأنَّ اللهَ يعملُ من خِلالِ الكنيسة، ولكن ليسَ تماماً. فالكنيسةُ مُكوَّنةٌ من وِحداتٍ عائليَّة. فالوحدةُ الأساسيَّةُ في العالم هي العائلة. لهذا يستخدِمُ اللهُ الوِحدَةَ العائِليّة ليُؤثِّرَ على صِهيَون، أي الكنيسة في العهدِ الجديد، ثم يستخدِمُ هذه الوِحدات العائليَّة التي تجتمِعُ في شركةٍ روحية، لِيُبارِكَ المدينة، ثم الأُمَّة، ثمَّ العالم. فإن لم تكُن الأُمورُ على ما يُرام في العالمِ اليوم، ولا في الأُمَّة، ولا في المدينة، فأين تجِدُ المُشكِلة وتكتَشِفُ الحَل؟ بإمكانِكَ أن تُعالِجَ المُشكِلة وتجدَ لها حَلاً حيثُ يضعُ اللهُ المُتَوحِّدينَ في عائِلاتٍ. (مزمُور 68: 6).
منذُ سنواتٍ طَويلة، خَصَّصَتْ مجلَّةٌ عدداً كامِلاً من أعدادِها لمُشكلة الأولاد والجريمة. ولقد إكتَشَفَ الخُبراءُ المُتنوِّعونَ الذين كتبوا المقالات، إكتَشفوا إحتِمالاتٍ مُختَلِفَة. تساءلَ هؤلاء عن مصدر المُشكِلة في المُجتَمَع. فهل الخطأُ خطأُ الدولة؟ أم خطأُ التربية والثقافة؟ أم خطأُ الحضارة؟ وبعضُ الكُتَّاب تساءَلوا حتى ما إذا كانَ الخطأُ هو في دُورِ العِبادة التي قد لا تكونُ تلعبُ دَورَها كما ينبَغي؟ ولكن في النهاية توصَّل عُلماءُ الإجتِماع وقُضاةُ محاكِمِ الأحداث والمُرشدونُ الإجتِماعِيُّون الذي شارَكُوا في هذه المَقالات، توصَّلُوا إلى الإستِنتاجِ التالي: أنَّ المُشكِلَة هي في العائلة.
- عدد الزيارات: 12795