الفَصلُ الأوَّل "وصفَةٌ مُختَصَرَةٌ للزَّواج"
في الإصحاحِ الثَّالِث من رسالَةِ بُطرُس الأُولى، يُقدِّمُ الرَّسُولُ بُطرُس وصفَةً مُختَصَرَةً عن الزواج، للزوجاتِ اللَّواتي لديهِنَّ أزواجٌ لا يُطِيعُونَ الكلمة. تبدَأُ وصفَةُ أو نَصيحَةُ بُطرُس لهؤُلاءِ النِّساءِ بكلمة، "كذَلِكُنَّ." تُعيدُنا هذه الكلمة "كذلكُنَّ" إلى العددِ الأخير من الإصحاح الثَّاني، الذي يقُولُ أنَّنا رجعنا إلى المسيح، راعي نُفُوسِنا وأُسقُفِها.
بِحَسَبِ وصفَةِ بطرُس للنٍِّساءِ اللواتي لا يُطيعُ أزواجُهُنَّ الكَلِمة، أهَمُّ علاقَةٍ في مَنزِلِ المرأةِ، بعدَ علاقَتِها معَ المَسيح، هي علاقتُها معَ زوجِها. يُوَجِّهُ بطرُس التَّحَدِّي قائِلاً أنَّ الأدوارَ المُتَعدِّدة لهكذا إمرأَة، التي يُمكِنُ أيضاً أن تكُونَ أُمَّاً، غالباً ما تكُونُ مقهُورَةً من قِبَلِ زَوجٍ وأبٍ لا يُطيعُ كلمةَ الله. في هذه الوصفة الكِتابِيَّة المُختَصَرة لهؤلاء النِّساء، رَكَّزَ بُولُس تعليمَهُ على إستِعارَةٍ تُمَثِّلُ المسيحَ والكَنيسةَ كنَمُوذَجٍ للعلاقَة التي ينبَغي أن تَكُونَ قائِمَةً بينَ هؤلاء النِّساء وبينَ أزواجِهِنَّ.
في هذا المَقطَع، كتبَ بُطرُس بشكلٍ أساسيٍّ للنساء اللواتِي أزواجُهُنَّ لا يُطيعُونَ الكلمة: "هل ترَونَ نمُوذج المسيح والكنيسة؟ في هذا النَّمُوذَج، أنتِ أيَّتُها المرأة تُمَثِّلينَ الكنيسة. فدَعِي زوجَكِ يرعاكِ كما يرعى المسيحُ الكنيسة. فكما ترتَبِطُ الكنيسةُ بالمسيح، هكذا ترتَبِطينَ أنتِ بِزَوجِكِ، أو بِنفسِ الطريقة."
في العددِ السَّابِع من هذا المقطع نفسِه، يُخاطِبُ بطرُس بكلمةٍ أزواجَ هؤلاء النِّساء. يبدَأُ بطرُس وصفتَهُ لأزواجِ هؤلاء النِّساء بالكلمةِ ذاتِها، "كذَلِكُم." هذا يعني أنَّ بُطرُسَ يكتُبُ لهؤلاء الأزواج ما معناهُ: "هل ترى نمُوذَجَ المسيح والكنيسة؟ في هذا النَّمُوذَج، ينبَغي أن تكُونَ أنتَ كالمسيح. فكما يتعامَلُ المسيحُ معَ الكنيسة، هكذا ينبَغي أن تَتَعامَلَ أنتَ معَ زوجَتِكَ، أو بالطريقَةِ نفسِها."
في الإصحاحِ الخامِس من رسالَةِ بُولُس الرَّسُول إلى أهلِ أفسُس، قدَّمَ هذه النَّصيحَةَ أو الوصفَةَ نفسَها للأزواج حيالَ علاقاتِهم بِزوجاتِهم: "أيُّها الرِّجالُ، أحِبُّوا نِساءَكُم كما أحَبَّ المسيحُ الكنيسةَ وأسلَمَ نفسَهُ لأجلِها." بِكَلِماتٍ أُخرى، يكتُبُ بُولُس للأزواجِ ما معناهُ، "أحِبُّوا كما أحَبَّ هُوَ. أعطُوا كما أعطى هُوَ، وكُونُوا تجاهَ زوجاتِكُم كما هُوَ تجاهَ كَنيستِهِ." تَعني كلمة "كَما" في اللُّغَةِ الأصلِيَّة "بنفسِ الطريقة تماماً."
عندَما ينصَحُ بُطرُس وبُولُس بهذا النَّمُوذَج، والذي فيه يَقُولُ كُلٌّ منهُما للأزواجِ، "كُونُوا لزوجاتِكُم كما هُوَ المسيحُ للكَنيسة،" على من تَظُنُّونَ تقَعُ المسؤُوليَّةُ الأكبَر؟ من الفُكاهَةِ أن يُعطِيَ الرَّسُولانِ هكذا مُهِمَّةً للأزواج، إلا إذا كانَ المسيحُ ساكِناً فيهم. ولكن إن كانَ المسيحُ ساكِناً فيهم، فسيكُونُ لديهِم القدرة أن يُحِبُّوا كما أحَبَّ المسيحُ، وأن يُعطُوا كما أعطى، وأن يكُونُوا كَما كان. بالحقيقة، بمعنىً ما علينا أن نتوقَّعَ أن ينصَحَ الرُّسُلُ بهذا التصرُّف للأزواجِ الذين يسكُنُ المسيحُ فيهم.
أيُّها الأزواجُ، لديَّ فرضٌ أو واجِبٌ سأطلُبُهُ منكُم. أدرُسُوا كُورنثُوس الأُولى، الإصحاح الثَّالِث عشَر، ولا سِيَّما الأعداد 4 إلى 7. وسوفَ تكتَشِفُونَ خمسَ عشرَةَ فضيلَةً تُخبِرُكُم عن كيفيَّةِ سُلُوكِ محبَّةِ المسيح. في كُلِّ مرَّةٍ يستخدِمُ بُولُس الرَّسُول كلمة محبَّة، في هذا الإصحاح الذي يتكلَّمُ عن المحبَّة في الكتابِ المقدَّس، ضَعُوا مكانَها كَلِمَة "المسيح." وصَلُّوا بينما تقرَأُونَ هذه الفضائِل، واحدةً بعدَ الأخرى، طالِبينَ من المسيح الذي يحيا فيكُم أن يمنَحَكُم النِّعمة لكَي تُحِبُّوا زوجاتِكُم بهذه الطريقة. إن فعلتُم هذا، سوفَ تجدُونَ أنفُسَكُم تُحِبُّونَ كما يُحِبُّ المسيح، وتُعطُونَ كما يُعطي، وتكُونُونَ لزوجاتِكُم كما هُوَ المسيحُ بالنسبَةِ للكنيسة.
بكلمةٍ مُوجَزة، إنَّ أكبَرَ مُشكِلَةٍ في الزواج هي "الأنانِيَّة،" وأعظَمَ حَلٍّ يُقدَّمُ لهذه المُشكِلة في الزواج هُو، "الغَيريَّة"، أو التَّضحِيَة بالذَّات، أو أن تبذُلَ نفسَكَ كما بذلَ المسيحُ نفسَهُ. فإلى أيِّ حَدٍ بذلَ المسيحُ نفسَهُ ليُخَلِّصَ الكنيسة؟ لقد أعطى الكُلّ. فلقد ماتَ من أجلِ الكنيسة. أيُّها الأزواجُ، أبذُلُوا أنفُسَكُم من أجلِ زوجاتِكُم، بِنَفسِ الطريقة، وسوفَ تجدُونَ أنفُسَكُم تُعطُونَ كما أعطى المسيح، وتُحِبُّونَ كما أحَبَّ، وتكُونُونَ لزوجاتِكُم كما هُوَ بالنسبَةِ للكنيسة. كُلُّ هذا مُتَضَمَّنٌ في عبارَة "كذلِكُم."
ولكنَّ بُطرُس لا يُخاطِبُ النِّساء اللواتي لديهِنَّ أزواجٌ يُحبُّونَهُنَّ بالطريقَةِ التي ينصَحُ بها بطرُس وبُولُس. فهذا قد يعني أنَّهُنَّ مُتَزوِّجاتٍ من رجالٍ غير مُؤمنين، أو قد يكُونُ أزواجُهُنَّ مُؤمنين ولكن غَير طائِعينَ لتَعليمِ الرُّسُل. كون بطرُس أيضاً لديهِ تعليمٌ وجَّهَهُ لهؤُلاء الأزواج، يعني أنَّ هؤلاء الأزواج كانُوا مُؤمنين.
لاحِظُوا أن بُطرُس لا ينصَحُ هؤُلاء النِّساء بأن يَعِظنَ أزواجَهُنَّ. فبُطرُس يكتُبُ بالحقيقة: "أربَحُوهُم بالسيرَةِ الحَسَنة بدُونِ كلمة." ويكتُبُ بُطرُس قائِلاً لأزواجِهِنَّ بأن لا يَعِظُوا زوجاتِهم. فحَتَّى ولو كُنتَ خَبيراً بما تحتاجُ زوجَتُكَ بأن تَسمَعَهُ وتعمَلَهُ، سوفَ تكتَشِفُ شيئاً: أنَّها لا تُريدُ أن تسمَعَ "آراءَ خَبير." بالحقيقة، من المُحتَمَلِ كُلَّما زادَ الزوجُ من مُحاولاتِهِ بأن يُقنِعَ زوجَتَهُ بأنَّه يعرِفُ الأجوِبَة على كُلِّ الأسئِلة، كُلَّما قَلَّتْ رَغبَةُ زوجَتِهِ بِسماعِ أجوِبَتِهِ. فالمَرأَةُ لا تحتاجُ إلى زوجٍ يُخبِرُها دائماً كيفَ أنَّهُ هُوَ على حَقَّ وهي على خطأ. والأمرُ نفسُهُ يَصِحُّ على الرِّجال. هُناكَ شَيءٌ في الرَّجُل لا يسمَحُ لهُ بأن يسمَعَ عن أخطائِهِ من إمرأة.
- عدد الزيارات: 6909