الفَصلُ الخامِس عَمَلُهُ
نحنُ نقتَفِي آثارَ يسُوع في الأناجيل، مُراقِبينَ إيَّاهُ وهُوَ يُعرِّفُ مجمُوعةَ القِيَم. في هذه الدِّراسة، أوَدُّ لو نتأمَّلَ بالقِيمَةِ التي وضعَها يسُوعُ على العمَل الذي أرسَلَهُ الآبُ إلى هذا العالم ليُتَمِّمَهُ. هل سبقَ ولاحظتَ مِقدارَ إهتِمام يسُوع بإتمامِ عملِ الآب؟
مثلاً، نسمَعُهُ يُعلِنُ بيَانَ رُؤياهُ أو خطَّتَهُ، عندما كانَ لا يزالُ طِفلاً: "ينبَغي أن أكُونَ في ما لأبي." (لُوقا 2: 49) كانَ يسُوعُ يُركِّزُ بالتأكيد على عملِهِ عندما قالَ، "ينبَغي أن أعملَ أعمالَ الذي أرسَلَني ما دامَ نهار. يأتي ليلٌ حينَ لا يستطيعُ أحدٌ أن يعمَل." (يُوحنَّا 9: 4) لقد كان لدى يسُوع المسيح مُهِمَّة، وكانَ يعرِفُها على حقيقتِها.
في مُناسَبَةٍ أُخرى، رجعَ الرُّسُلُ إلى يسُوعَ حامِلينَ طعاماً لم يطلُبْهُ. وعندما قدَّمُوا لهُ الطعام، رفضَهُ قائِلاً، "طعامي أن أعمَلَ مشيئةَ الذي أرسَلني وأُتَمِّمَ عملَهُ" (يُوحنَّا 4: 34). لقد قدَّمَ لنا يسُوعُ مِثالاً بقولِهِ أنَّ طعامَهُ، خُبزَهُ، وشَبَعَهُ، جميعُها تأتي من إتمامِهِ العمل الذي أرسَلَهُ الآبُ ليعمَلَهُ.
عندما وَصَلَ يسُوعُ إلى نِهايَةِ حياتِهِ على الأرض، وبعدَ أن إنشغَلَ "بِعَمَلِ أعمالِ الذي أرسلَهُ ما دامَ نهارٌ،" عالِماً أنَّهُ يأتي ليلٌ حينَ لا يستطيعُ أحدٌ أن يعمَل، وإذ واجَهَ الصليبَ عالِماً أنَّ حياتَهُ على الأرض ورِسالتَهُ على الأرض كانتا تقتَرِبانِ من نهايتِهما، صَلَّى هذه الكلمات الجميلة، "أيُّها الآب، أنا مجَّدتُكَ على الأرض. العمَل الذي أعطَيتَني لأعمل قد أكمَلتُهُ." (يُوحنَّا 17: 4)
ما هُوَ قصدُ الحياةِ البَشَريَّة؟ تقُولُ قوانِينُ الإيمان، أنَّهُ تمجيدُ اللهِ والإستمتاعُ بهِ. وهكذا فإنَّ تمجيدَ اللهِ والإستمتاع بالشرِكَة معَهُ هُوَ هدَفُ الحياةِ البَشرية، بِحَسَبِ قوانين الإيمان. ولكن، كيفَ نُمجِّدُ الله؟ هذا سُؤالٌ عظيم. يُقدِّمُ لنا يسُوعُ مِثالاً عن الجَواب. "أنا مجَّدتُكَ على الأرض" (فكيفَ نُمجِّدُ الله؟) "العمَل الذي أعطَيتَني لأَعمَلَ قد أكمَلتُهُ." (هكذا نستطيعُ أن نُمَجِّدَ الله.)
عندما مضَى يسُوعُ إلى الصَّليب، ووصَلَ إلى قِمَّةِ الألَمِ هُناك، ماذا كانت كلماتُهُ الأخيرة؟ تُخبِرُنا الأناجيلُ إذا قارنَّاها بعضُها بالبَعضِ الآخر، أنَّ كلمات يسُوع الأخيرة على الصليب كانت، "قد أُكمِل... أيُّها الآب، بينَ يديكَ أستَودِعُ رُوحي." (يُوحنَّا 19: 30؛ لُوقا 23: 46)
الكلماتُ التالِيَة وُجِدَت في مُفَكِّرَةِ مُرسَلٍ قُتِلَ بِفظاعَةٍ من أجلِ إيمانِهِ: "عندما يحينُ وقتُكَ في مُخطَّطِ اللهِ لتَمُوت، إحرَص أن تُسلِّمَ نفسَكَ لِلمَوت." بما أنَّ يسُوعَ عاشَ حياةً كامِلَةً، عندما وصلَ إلى نِهايَةِ حياتِهِ الكامِلة، إستطاعَ القول، "قد أُكمِل. أيُّها الآب، بين يديكَ أستَودِعُ رُوحي. العمل الذي أعطَيتَني لأعمل قد أكملتُهُ."
لقد كانَ ليسُوع مُهِمَّة وقدَّمَ عدَّةَ بيَاناتٍ عن مُهِمَّتِهِ هذه. هل لديكَ بيانٌ لِمُهِمَّتِكَ؟ وهل تعرِفُ معنى الرِّضى الذي ينتُجُ عن إنهاءِ الأعمال التي تعتَقِدُ أنَّ الآبَ أرسَلَكَ لتعملَها؟ وهل لديكَ مفهُومٌ للعَمَلِ المُتَمَّم؟ عندما تَصِلُ إلى نِهايَةِ حياتِكَ، هل ستَتَمكَّنُ من القَول، "قد أُكمِل"؟ وهل ستستطيعُ أن تقولَ معَ يسُوع، "أيُّها الآب، أنا مجَدتُكَ على الأرض. العمل الذي أعطَيتَني لأعمل قد أكمَلتُهُ. أستودِعُ رُوحي بينَ يديك"؟
- عدد الزيارات: 3071