الفَصلُ الرَّابِع "لُغز إسرائيل"
(رُومية 11: 1- 36)
عندَما كانَ أحدُ مشاهِيرِ مُفَسِّري الكتابِ المُقدَّس سيتكلَّمُ لأُسبُوعٍ كامِلٍ في الكنيسةِ التي كُنتُ أرعاها، سألتُهُ ما إذا كانَ يُوجَدُ أيُّ شَيءٍ يُساعِدُهُ على الإستِراحَةِ والإستِرخاء خلالَ زيارَتِهِ معنا. فتعجَّبتُ عندما سألَني ما إذا كُنتُ أستَطيعُ أن أُعطِيَهُ بعضَ قصص الألغاز السِّريَّة، لأنَّهَا كانت الكُتُبَ المُحَبَّبَة عندَهُ ليَقرَأَها.
الملايينُ منَ النَّاسِ يُحِبُّونَ أن يقرَأُوا قِصصَ الألغاز، لأنَّ "اللُّغزَ هُوَ سِرٌّ مُعلَنٌ نَوعاً ما." أُولئكَ الذين يُحِبُّونَ أن يقرَأُوا لمشاهيرِ كُتَّابِ الألغاز، يتمتَّعُونَ بمُحاوَلَةِ إستِباقِ معرِفَةِ ما هُوَ اللُّغز، أو السَّر الذي سيُعلَنُ بطريقَةٍ أو بِأُخرى. في الكتابِ المُقدَّس، كلمة "لغز"، بالإضافَةِ إلى كَونِها تُشيرُ إلى سرٍّ سيُعلَن، يَصِفُ حدَثاً مُستَقبَلِيَّاً الذي يُمكِنهُ فقط أن يتحقَّقَ بِقُوَّةِ اللهِ القادِر على كُلِّ شَيء.
في الإصحاح الحادِي عشَر من رسالَةِ بُولُس الرَّسُول إلى أهلِ رُومية، يُشيرُ بُولُس إلى إسرائيل كَلُغزٍ أو كَسِرّ. (25) فأُمَّةُ إسرائيل هي سِرٌّ لعدَّةِ أَسباب. يُقدِّمُ العهدُ القديمُ بكامِلهِ الحقيقَةَ الرَّهيبَة أنَّ إسرائيل تُشَكِّلُ إيضاحاً لما يُسمِّيهِ بُولُس "بالإختيار." فاليَهودُ هم شَعبُ اللهِ المُختار. وكَلُغزٍ كِتابِيٍّ صَعب، تُعتَبَرُ إسرائيل أيضاً المِثالَ الكتابِيَّ الأوَّلِيّ عمَّا نَصِفُهُ أحياناً "بالإرادَةِ الحُرَّة،" لأنَّهُم إختارُوا أن لا يَكُونُوا شعبَ اللهِ المُختار.
أمَّا أُمَّةُ إسرائيل المُعاصِرَة، فلَيسَت مُختارَةً، ولا تُعتَبَرُ شعبَ اللهِ المُختار. فمظالِمُهُم المُستَمِرَّة على الشَّعبِ الفِلسطِينيّ يُظهِرُ هذه الحقيقَةَ الرَّهيبَة. وكَونُهُم أُمَّةً، وكَونُهُم لم يَعُودُوا مُشَتَّتينَ بالكامِل في أنحاءِ العالم، هُوَ تحقُّقٌ لكرازَةِ أنبياءِ العهدِ القَديم، أمثال حزقيال، زكريَّا، إشعياء، ولهذه الإصحاحاتِ التي دَوَّنها بُولُس الرَّسُول. ولكنَّ رُجُوعَ إسرائيل رُوحِيَّاً إلى الله، الذي تُنُبِّئَ عنهُ أيضاً، لم يَحدُثْ بعد بِشَكلٍ واضِح.
مَرَّتانِ في هذا الإصحاح، يطرَحُ بُولُس السُّؤال، "ألَعلَّ اللهَ رفضَ إسرائيل؟" (رُومية 11: 1، 11). هل رفضَ اللهُ إسرائيلَ لأنَّهُم رَفَضُوا إبنَهُ، والمَسيَّا الذي أرسَلَهُ إليهِم؟ جوابُهُ هُوَ، "حاشا." و "كلا البَتَّةَ." رِسالَةُ هذا الإصحاح الدِّيناميكيَّة هي أنَّ اللهَ لم ينتَهِ بعدُ معَ إسرائيل. في هذه التُّحفَة اللاهُوتيَّة من بَينِ كتاباتِ بُولُس بأكمَلِها، يُشيرُ الرَّسُولُ العَظيمُ إلى إسرائيل كسَرٍّ، لأنَّ العلاقَةَ بينَ اللهِ وإسرائيل هي سرٌّ سوفَ يُعلَنُ بطريقَةٍ أو بأُخرى. عندما سيُعلَنُ هذا السِّرّ، ستُصبِحُ نُبُوَّاتُ بُولُس في هذه الإصحاحاتِ مُمكِنَةً فقط بِقُوَّةِ اللهِ القَدير. فإسرائيل هِي سِرٌّ أو لُغزٌ في كُلٍّ منَ التَّعريفَين اللذينَ قدَّمتُهُما عنِ السَّرّ.
يبدَأُ بُولُس هذا الإصحاح بطرَحِ السُّؤال: "فأقُولُ ألَعَلَّ اللهَ رَفَضَ شَعبَهُ؟ حاشا. لأنِّي أنا أيضاً إسرائيليٌّ من نَسلِ إبراهيم من سِبطِ بنيامين. لم يَرفُضِ اللهُ شَعبَهُ الذي سبَقَ فعَرَفَهُ." (رُومية 11: 1، 2)
عندما أنهَى أحدُ الوُعَّاظ المسيحيِّين الذي يأتي من خَلفِيَّةٍ يَهُوديَّة، عندما أنهى عِظَتَهُ الرَّائِعة في إحدى كُلِّياتِ اللاهُوت، صافَحَهُ أحدُ طُلَّابِ اللاهُوت وقالَ لهُ، "أنتَ أوَّلُ يَهُودِيٍّ مَسيحيٍّ أَسمَعُ عنهُ." فسألَهُ الواعِظُ، "ألَمْ تَسمَعْ أبداً بالرُّسُل الإثنَي عشَر؟" فتلاميذُ يسُوع الإثنَي عشَر جميعُهم كانُوا يهُوداً، وعندما نقرَأُ سفرَ الأعمال من بِدايَتِهِ وحتَّى الإصحاحِ العاشر، نُلاحِظُ أنَّ كُلَّ المُؤمِنينَ في الكنيسة كانُوا يَهُوداً. يُذَكِّرُنا بُولُس أنَّهُ بِصِفَتِهِ أعظَم مُرسَل في تاريخِ الكنيسة، يُؤَكِّدُ أنَّ اللهَ لم يُغلِق بابَ الخلاصِ على اليَهُود.
ثُمَّ يُعطِينا إيضاحاً منَ العهدِ القَديم عن نَبِيٍّ عظيمٍ ظَنَّ أنَّ اللهَ تركَ أُمَّةَ إسرائيل، وأنَّهُ كانَ النَّبِيَّ الوحيد الذي لم يَكُن يعبُد الأصنام والبَعل بينما الجميعُ تركُوا الله، فيقُولُ بُولُس: "أم لَستُم تعلَمُونَ ماذا يقُولُ الكتابُ في إيليَّا كيفَ يتوسَّلُ إلى اللهِ ضِدَّ إسرائيل قائِلاً: يا رَبُّ، قتلُوا أنبِياءَكَ وهَدَمُوا مذابِحَكَ وبَقِيتُ أنا وَحدِي وهُم يطلُبُونَ نفسي. لكن ماذا يَقُولُ لهُ الوَحي؟ أبقَيتُ لِنَفسي سبعَةَ آلافِ رَجُلٍ لم يحنُوا رُكبَةً لِبَعل." (11: 2- 4)
عندما نعيشُ ونخدُمُ الرَّبَّ في مكانٍ لا يتواجَدُ فيهِ إلاَّ قِلَّةٌ ضَئيلَةٌ منَ المُؤمنين، منَ السَّهلِ جدَّاً أن نشعُرَ كما شَعَرَ إيليَّا بأنَّنا وحيدون، وأنَّنا المُؤمنُونَ الحقيقيُّونَ الوحيدُونَ الباقُون، الذين نخدُمُ اللهَ بأمانَة. لو عرَفنا ما يعرِفُهُ اللهُ، لأدرَكنا أنَّ لدى اللهِ الآلاف لا بل الملايين منَ الخُدَّامِ الأُمناءِ أمثالَنا في هذا العالم.
لقد إقتَرَفَ إيليَّا عدَّةَ أخطاء، أوصَلَتْهُ إلى تحتِ شجَرَةٍ، فراحَ يُصَلِّي يائِساً، وطلبَ منَ اللهِ أن يأخُذَ حَياتَهُ. كانَ غلطَتُهُ الأُولى أنَّهُ نَسِيَ كَونِنا لا نَعرِفُ إلا الجزءَ اليَسير مِمَّا يُمكِنُ معرِفَتُهُ. الثقافَةُ الرُّوحِيَّة هي عمليَّةُ مُرُورٍ من عدَمِ وعيِنا لجَهلِنا إلى وَعينا لجهلِنا. ووضعُنا لا يَكُونُ سَيِّئاً بمقدارِ ما يَكُونُ عندما ننظُرُ إلى نُفُوسِنا، لأنَّ هُناكَ الكثير منَ المشاكِل التي نجهَلُ عنها الكثير. ولو عرفَنا ما يعرِفُهُ اللهُ، لكُنَّا نتشجَّعُ كثيراً، ولما كانَ لدَينا في قُلُوبِنا أيَّة رغبَة بالمَوت.
ولقدِ إقتَرَفَ إيليَّا أيضاً غلطَةَ إساءَة تقدير قُوَّة الله. والأمُورُ ليسَ سَيِّئَةَ أبداً كما تَبُدو الصُّورَةُ أحياناً، لأنَّ اللهَ ليسَ ضعيفاً كما نَظُنُّهُ نحنُ. كانَ المَوضُوعُ الختامِيُّ في الإصحاحِ الثَّامن من رسالَةِ رُومية أنَّ اللهَ هُوَ السَّيِّدُ والمُتَسَلِّطُ على الأُمُور، ولديه كُلّ القُوَّة التي يحتاجُها ليُحَقِّقَ لنا الإنتِصارَ الرُّوحِيّ. وبإمكانِهِ أن يجعَلَ كُلَّ الأشياء التي تحدُثُ لنا – حتَّى عندما لا يَكُونُ فيها أيُّ شَيءٍ صالِح – تعمَلُ معاً لِلخَير، لتُتَمِّمَ خُطَّةَ اللهِ لأجلِنا ومن خلالِنا. عندما نَستَعيدُ رُؤيانا لقُوَّةِ وسيادَةِ اللهِ الكامِلَة، لن نيأسَ ولن نطلُبَ منهُ إماتَتنا.
الخطأُ الثَّالِث الذي إقتَرَفَهُ إيليَّا كانَ أنَّهُ نَسِيَ الفَرقَ بينَ النِّعمَةِ والأعمال: "فكذلكَ في الزَّمانِ الحاضِرِ أيضاً قد حَصَلَت بَقِيَّةٌ حسبَ إختِيارِ النِّعمَة. فإن كانَ بالنِّعمَة، فليسَ بعدُ بالأعمال. وإلا فَلَيسَتِ النِّعمَةُ بعدُ نِعمَة. وإن كانَ بالأعمال فليسَ بعدُ نِعمَة. وإلا فالعَمَلُ لا يَكُونُ بعدُ عملاً." (رُومية 11: 5، 6).
عندما نُفَكِّرُ بأنَّ عملَ اللهِ يعتَمِدُ على من وماذا نحنُ، وماذا نستَطيعُ أو لا نستَطيعُ أن نعمَلَ، سوفَ نيأس. إنتِصارُنا سيأتي عندما نستَرِجعُ وُجهَةَ النَّظر القائِلَة بأنَّ عمَلَ اللهِ يعتَمِدُ على من وما هُوَ الله، وعلى ما يستطيعُ أن يعمَلَهُ من خلالِنا.
لقد نَسِيَ هذا النَّبيُّ العَظيمُ أيضاً أنَّ حياتَهُ الرُّوحيَّة كانَ مربُوطَةً بحَبلٍ مُثَلَّث إلى حياتِهِ الجسديَّة والعَقليَّة. لقد كانَ يُهمِلُ حاجاتِهِ الجسديَّة. كانَ مُنهَكاً، ولم يأكُلْ شَيئاً ولم يَنمْ لفترَةٍ طَويلَة. فأوقَعَ اللهُ عليهِ سُباتاً عميقاً، ثُمَّ أيقَظَهُ، أطعمَهُ، وأوقَعَهُ ثانِيَةً في سُباتٍ عميق، ثُمَّ أعادَهُ بشكلٍ حاسِمٍ إلى خدمَتِهِ العجائِبيَّة. (1مُلُوك 17، 18، 19).
يُطَبِّقُ بُولُس ما قالَهُ اللهُ لإيليَّا عن بَقِيَّة اليَهُود الأمينة، على خُطَّةِ اللهِ لإسرائيل. رُغمَ أنَّهُ عبرَ الألفَي سنَة من تاريخِ الكنيسة، لم يُوجَدُ الكثيرُ من المُؤمنينَ بالمسيحِ منَ اليَهُود، ولكن هُناكَ البَعضُ منهم منَ الذين آمنُوا بالمسيحِ بأنَّهُ المسيَّا، المُخَلِّص، والرَّبّ. لقد تمتَّعتُ بإمتِيازِ تبشيرِ أحدِ اليَهُود وقيادَتِهِ للإيمانِ بالمسيح. ولكنِّي أخدِمُ كخادِمٍ للإنجيل منذُ العام 1953، ولقد رأيتُ الكثيرَ منَ النَّاسِ يأتُونَ إلى الإيمانِ بيسُوع. ولكنِّي في كُلِّ هذه الفترة، لم أرَ إلا عشرَة أشخاص منَ اليَهُود يُؤمِنُونَ بالمسيح ويُصبِحُونَ لهُ تلاميذ.
يُقدِّمُ بُولُس تفسيراً لهذا الأمر، في الأعدادِ التَّالِيَة، حيثُ يكتبُ بُولُس أنَّ هُناكَ لُغزاً منَ العَمى الرُّوحِيّ قد أُسدِلَ على أَعيُنِ إسرائيل كَشَعب: "فماذا؟ ما يَطلُبهُ إسرائيل ذلكَ لم يَنَلْهُ. ولكنِ المُختارُونَ نالُوه. وأمَّا الباقُونَ فتَقَسَّوا. كما هُوَ مَكتُوبٌ أعطاهُمُ اللهُ رُوحَ سُباتٍ وعُيُوناً حتَّى لا يُبصِرُوا وآذاناً حتَّى لا يسمَعُوا إلى هذا اليَوم. وداوُد يقُولُ لِتَصِر مائِدَتُهُ فَخَّاً وقنصاً وعثَرَةً ومُجازاةً لهُم. لتُظلِمْ عيُونُهُم كي لا يُبصِرُوا ولِتَحْنِ ظُهُورُهُم في كُلِّ حِين." (رُومية 11: 7- 10)
العَمَى الرُّوحِي الذي يكتُبُ عنهُ بُولُس، كانَ ولا يزالُ واضِحاً اليَوم. أحدُ عوارِضِ هذا العمَى الرُّوحِيّ هُوَ النَّقيضُ المُباشِر لنِعمَةِ ورَحمَةِ الله، الذي يُقدَّمُ بإستِمرارٍ في كلِمَةِ اللهِ، من سفرِ التَّكوِين إلى سِفرِ الرُّؤيا. اليَهُودِيُّ الأرثُوذُوكسِيُّ المُحافِظ كانَ ولا يزالُ اليومَ مُصَمِّماً على تحقيقِ خلاصِهِ بطاعَةِ نامُوسِ الله. هُناكَ شَيءٌ في الطَّبيعَةِ البَشَريَّة الذي يَرفُضُ أن يستَسلِمَ لِخلاصِ الله، وأن يعتَرِفَ بأنَّنا عاجِزُونَ عن تخليصِ نُفُوسِنا.
كانَ يسُوعُ يُعَلِّمُ عنِ الأهمِّيَّةِ المصيريَّة لمَوقِفِ العجزِ هذا، عندما علَّمَ عنِ المَوقِفِ الأوَّل الذي ينقُلُنا إلى ملَكُوتِ السماوات، والذي يجعَلُ منَّا ملحَ الأرضِ ونُورَ العالم: "طُوبَى للمَساكِينِ بالرُّوح." (متَّى 5: 3). ثُمَّ أضافَ يسُوعُ على هذه التَّطويبَة بالتَّالِي: "طُوبى لِلحَزَانَى." على الأقَلّ تطبيقُ هذه التطويبَة الثَّانِيَة هي أنَّنا نحزنُ بينَما نتعلَّمُ أن نعتَرِفَ بأنَّنا مساكِين في الرُّوح.
بُعدٌ آخَر للبِرِّ الذَّاتِي والعَمى الرُّوحِيّ عندَ اليَهُود، كانَ ولا يزالُ إقتِناعُهُم بأنَّهُم كَونَهُم يحفَظُونَ النَّامُوس ويعمَلُونَ أعمالاً صالِحَة، فاللهُ مَدينٌ لهُم بإعطائِهِم الخلاص. يختُمُ بُولُس هذا القِسم العقائِديّ من رسالَتِهِ بالإشارَةِ إلى أنَّهُ لا يُوجَد إنسانٌ يستَطيعُ القَولَ أنَّهُ أعطَى للهِ لِدَرَجَةٍ أصبَحَ اللهُ معَها مَديناً لهُ: "أو من سَبَقَ فأعطاهُ فيُكافَأ"(رُومية 11: 35).
الرَّحمَةُ هي صِفَةُ اللهِ بحجبِهِ عنَّا ما نستَحِقُّهُ. أوضَحَ بُولُس في الإصحاحاتِ الأربَعَة الأُولى من هذه الرِّسالَة، أنَّنا لا نَستَحِقُّ إلا غضَب الله، المُعلَن على إثمِنا. وكُلُّ ما يُوقِفُ غَضَبَ ودينُونَةَ اللهِ علينا هُوَ نتيجَةٌ لرحمَةِ الله.
نِعمَةُ اللهِ هي تِلكَ الصِّفَةُ من صِفاتِ اللهِ، التي تُغدِقُ علينا بركاتِ الخلاص التي لا نَستَحِقُّها. فاللهُ يقُومُ بِدَورِهِ في خلاصِنا، إذ يستخدِمُ كُلَّ وسيلَةٍ مُمكِنَة ليُرجِعَنا إلى حيثُ يُمكِنُنا أن نُصَلِّيَ صلاةَ العَشَّار، "اللهُمَّ إرحَمنِي أنا الخاطِئ!" (لُوقا 18: 13)
عندَما نُصَلِّي صلاةَ الخاطِئِ تلك، عِندَها نُطَبِّقُ التَّطويبَةَ الأُولى التي علَّمها يسُوع، والتي ينبَغي أن نتمتَّعَ بها إذا أرَدنا أن نَكُونَ ملحَ الأرضِ ونُورَ العالم: أي أن نَكُونَ مساكِين بالرُّوح. ترجَمَتُنا لعبارَة "مساكين بالرُّوح" تعني "مُنكَسِري الرُّوح." في هذا الإطار، يُريدُ اللهُ أن يستَخدِمَ عواقِبَ أنانِيَّتِنا السِّلبيَّة، وحياتَنا المُتمَحوِرَة حملَ ذواتِنا، ليَصِلَ بنا إلى الإنكِسار الذي يعتَرِفُ بعَجزِنا، ويعتَرِفُ أنَّنا لن نقدِرَ أن نُخَلِّصَ نُفُوسَنا.
إنَّ عمَى اليَهُود رُوحِيَّاً جعَلَهُم يبقُونَ في حالَةِ رَفضٍ لحاجَتِهِم لرحمَةِ ونعمَةِ اللهِ، وأغلَقَ عليهم بابَ الخلاص. هُناكَ الملايين منَ النَّاسِ في هذا العالم، الذين يُشبِهُونَ اليَهُود من ناحِيَة كَونِهم مُصَمِّمينَ على تخليصِ أنفُسِهم، بواسِطَةِ ما يفعَلُونَهُ أو لا يفعَلُونَهُ، لِكَي يُحَقِّقُوا خلاصَهُم. فهُم مُقتَنِعُونَ أنَّهُم قادِرُونَ ومُلتَزِمُونَ تماماً بإكتِسابِ نعمَةِ الله.
عندما يسأَلُ بُولُس ثانِيَةً السُّؤال الذي بهِ يبدَأُ هذا الإصحاح، يطرَحُ هذا السُّؤال بطريقَةٍ مُختَلِفَة: "فأَقُولُ ألَعَلَّهُم عَثَرُوا لِكَي يسقُطُوا؟ حاشا!" (رُومية 11: 11) بَينما يُجيبُ على هذا السُّؤال للمَرَّةِ الثَّانِيَة، يَصِلُ إلى قَلبِ رِسالَةِ هذا الإصحاح والإصحاحَين السَّابِقَين. في النِّصفِ الثَّاني من العدد الحادِي عشَر من هذا الإصحاحِ الحادي عشَر، سيبدَأُ بإعطاءِ خمسَةِ أسبابٍ التي لأجلها، ستَكُونُ إسرائيلُ يوماً ما كأُمَّةٍ شعباً تَقِيَّاً وَرِعاً من جَدَيد، وسيَختَارُونَ مُجَدَّداً أن يَكُونُوا شعبَ اللهِ المُختار.
السَّبَبُ الأوَّل للإعتِقادِ بتَوبَةِ إسرائيل رُوحيَّاً، هي أنَّ خلاصَ الأُمَم كانَ المقصُودُ منهُ دائماً من قِبَلِ اللهِ أن يُؤَدِّي إلى خلاصِ إسرائيل: "بَل بِزَلَّتِهِم صارَ الخلاصُ للأُمَم لإغارَتِهم." (رُومية 11: 11).
إذا كانَ سفرُ أعمالِ الرُّسُل مألُوفاً لدَيكُم، ستعرِفُون أنَّهُ عندما كانَ بُولُس يدخُلُ مدينَةً مُعَيَّنة، كانَ يذهَبُ دائماً إلى اليَهُودِ أوَّلاً. وعندما كانَ اليَهُودُ يرفُضُونَ كرازَتَهُ، وأحياناً كانُوا يضطَّهِدُونَهُ بِقَسوة، وكانُوا يُثيرُونَ مُدُناً بأسرِها ضِدَّهُ، كانَ يتوجَّهُ نحوَ الأُمَم ويكرِزُ لَهُم برسالَةِ الإنجيل. ويُخبِرُنا في هذا الإصحاح أنَّ دافِعَهُ لتلكَ الستراتيجيَّة، كانَ أن يُغيرَ اليَهُود، كما تنبَّأَ مُوسى، لأنَّهُ تأمَّلَ أن تُؤَدِّي غَيرَةُ هؤُلاء الأتقياء لخلاصِهم.
هل تُدرِكُونَ كم ينبَغي أن تَحُضَّ هذه الكلماتُ كُلَّ الأُمم المُتَبَرِّرينَ بالإيمان، والمُؤَهَّلينَ بنعمَةِ اللهِ ليعيشُوا حياةً تُمَجَِّدُ الله؟ فبِنِعمَةِ اللهِ، علينا أن نتمتَّعَ بعلاقَةٍ حيويَّةٍ جميلَةٍ معَ اللهِ، من خلالِ المسيح، لكَي نجعَلَ اليَهُودَ الأتقِياء ينظُرُونَ إلينا ويشعُرُونَ بالغَيرَة. ينبَغي أن يُلاحِظُوا محبَّتَنا، فرَحَنا، وسلامَنا في المسيح، ويَقُولُوا، "كانَ هذا مقصُوداً لنا نحنُ اليَهُود، ونحنُ نغارُ منَ الأُمَم الذين يختَبِرُونَ ما أعدَّهُ اللهُ أصلاً لنا كَشَعبِهِ المُختار.
كم منَّا نحنُ تلاميذ رَبِّنا يسُوع المسيح، لديهم هكذا علاقَة رائِعَة معَ اللهِ، لدرجَةٍ نُغيرُ معها اليهُود، أو أيَّ شَخصٍ آخر بهذا النَّوع منَ الغَيرَة للتَّقوى؟ للأَسَف هُناكَ القَليلُ القَليل الذي تستطيعُ الكنيسةُ المحليَّة أن تُحَقِّقَهُ على صَعيدِ هذا النَّوع منَ الغَيرَة في قُلُوبِ اليَهُودِ الأتقِياء، أو غيرَهم من غير المُؤمنين، الذي سيُزَوِّدُهُم بالرَّغبَةِ الجامِحة ليتمتَّعُوا بما نتمتَّعُ بهِ نحنُ، ليستطيعُوا أن يُصبِحُوا مثلَنا. بالحقيقَة، هُناكَ الكَثيرُ في كَنائِسِنا مِمَّا سيُثيرُ شُعُوراً مُناقِضاً للتَّقوى. جوهَرُ شهادَتِنا لليَهُود، أو لكُلِّ أُولئكَ الذين يُراقِبُونَنا، هُوَ التَّالِي: هل يُريدُونَ أن يتمتَّعُوا بما نتمتَّعُ بهِ، لكي يُصبِحُوا مثلَنا؟
السَّبَبُ الثَّاني الذي قدَّمَهُ بُولُس للإعتِقادِ بتَوبَةِ اليَهُود ورُجُوعِهِم روحيَّاً للرَّب، هُو أنَّ العالَمَ بأسرِهِ سيتبارَكُ عندما سيحدُثُ هذا الأمر. بالواقِع، هذه البَركَة لن تتحقَّقَ إلى أن يَتِمَّ الرُّجُوع الرُّوحِيّ: "فإن كانَت زَلَّتُهُم غِنَىً لِلعالَم ونُقصانُهُم غِنَىً للأُمَم، فكَم بالحَرِيِّ مِلؤُهُم. فإنِّي أقُولُ لكُم أيُّها الأُمَم. بما أنِّي أنا رَسُولٌ للأُمَمِ، أُمَجِّدُ خدمَتي. لَعَلِّي أُغيرُ أنسِبائِي وأُخَلِّصُ أُناساً منهُم. لأنَّهُ إن كانَ رَفضُهُم هُوَ مُصالَحَةُ العالم، فماذا يَكُونُ إقتبالُهُم إلا حياةً منَ الأموات." (رُومية 11: 12- 15)
الخدمَةُ التي تَدعَمُ هذه السِّلسِلَة للدِّراساتِ الكَتابِيَّة، تُسَمَّى "خدمة التَّعاوُن العالَميَّة". مُؤَسِّسُ هذه الخدمة ورَئيسُ مجلِسِ إدارَتِها، حَضَرَ المُؤتَمَر العالمي لتبشيرِ العالم، في لُوزان في سويسرا، مُنذُ عدَّةِ سنواتٍ. لقد أُعجِبَ كثيراً جداً بِرُؤيَةِ أعلامِ كُلِّ أُمَّةٍ على الأرض التي كانت قد تأثَّرَت بإنجيلِ يسُوع المسيح. كُلُّ أُمَّة على الأرض أُعلِنَ فيها إنجيلُ رَبِّنا يسُوع المسيح بِحُرِّيَّة، هي أُمَّةٌ حُرَّة. وُلِدَت رُؤيتُهُ للتَّاثيرِ على كُلِّ الأُمَم بكلمَةِ اللهِ، في ذلكَ المُؤتَمَرِ العظيم. وبَيانُ إيماننا هُوَ بيانُ الإيمان الذي تمَّت صِياغَتُهُ من قِبَلِ مُمَثِّلي الأُمم الحُرَّة التي حضَرت المُؤتَمَر.
بمعنىً ما، كُلُّ تلكَ الأُمَم كانت قد سَمِعت إنجيلَ رَبِّنا يسُوع المسيح، لأنَّ اليَهُودَ رَفَضُوا المسيح. ما يَقُولُهُ بُولُس هُنا هُو أنَّهُ، إن كانَ ذلكَ الرَّفضُ قد نتجَ عنهُ كُلُّ تلكَ الأُمم التي سَمِعَت إنجيلَ المسيح، كم سيتبارَكُ العالَمُ أكثَر جدَّاً عندما سيُؤمِنُ اليَهُودُ بإنجيلِ المسيح، وعندما سيختارُونَ مُجدَّداً أن يَكُونُوا شعبَ اللهِ المُختار. هذه هي المُعجِزَة الخارِقَة للطَّبيعَة، التي أعلنَها كُلٌّ من مُوسى، إشَعياء، داوُد، والرَّسُول بُولُس جميعاً في هذا الإصحاحِ المُدهِش من الكتابِ المُقدَّس.
ولكي يُقَدِّمَ سَبَبَهُ الثَّالِث للإعتِقادِ برُجُوعِ اليَهُود رُوحيَّاً إلى الرَّب، يستَخدِمُ بُولُس إستَعارَتَينِ عميقَتَين: "وإن كانَتِ الباكُورَةُ مُقَدَّسَةً فكذلكَ العَجينُ. وإن كانَ الأصلُ مُقَدَّساً، فكذلكَ الأغصان." (رُومية 11: 16)
فقط اليَهُودِيُّ التَّقيُّ هُوَ الذي سيفهَمُ هذه الإستِعارات. هذا سَبَبُ كونِ هذه الرِّسالَة صعبَةَ الفَهمِ علينا، كوننا نأتي من خَلفِيَّةٍ أُمَمِيَّة. لقد أَشَرتُ بِضعَ مرَّاتٍ حتَّى الآن إلى أنَّهُ بينما كانَ بطرُس يكتُبُ هذه الرِّسالَة، كانَ يخاطِبُ اليَهُودَ الذين كانُوا يُشبِهُونَ شاوُل الطرسُّوسيّ المُتَعصِّب، قبلَ أن يلتَقِيَ بالمسيح، وقبلَ أن يتغيَّرَ إسمُهُ إلى بُولُس.
الإستِعارَةُ الأُولى تُشير إلى العِبادَة التي أمرَ بها اللهُ في خيمَةِ الإجتِماعِ في البَرِّيَّة، خاصَّةً تقدِمَةُ الباكُورَة. لكي يَتِمَّ تقديمُ هذه التَّقدِمَة للرَّبّ، كانَ يَتِمُّ تحضيرُ كَمِّيَّةٍ كبيرَةٍ منَ العَجين. كانَ الكاهِنُ يقتَطِعُ رغيفاً صغيراً من هذه الكَمِّيَّة الكبيرَة منَ العجين (أو كُتلَة العجين بحسبِ اللُّغَةِ الأصليَّة)، وكانَ يُقَدِّمُها باكُورَةً للرَّبّ. تُعَلِّمُ هذه الإستِعارَةُ أنَّهُ إن كانَ الرَّغيفُ الذي إقتُطِعَ منَ كُتلَةِ العجين مُقَدَّساً، فالعجينُ كُلُّهُ سيَكُونُ عندها مُقَدَّساً.
تَطبيقُ هذه الإستِعارَة هي أنَّ الباكُورَة تُشيرُ إلى الآباء القُدَماء؛ إبراهيم، إسحَق، ويعقُوب الذينَ كانُوا مُقَدَّسِين. فإن كانَ إبراهِيم، إسحَق، ويعقُوب مُقَدَّسِينَ وإن كانُوا الباكُورة، أو آباء هذا الشَّعب المُختار، فسيَكُونُ عندَها الشَّعبُ كأُمَّةٍ مُقدَّساً أيضاً.
الإستِعارَةُ الثَّانِيَةُ تقُودُ بُولُس إلى سَبَبِهِ الرَّابِع للإعتِقادِ بعَودَةِ إسرائيل رُوحيَّاً إلى الرَّب، وهذا السَّبب يربِطُ الجُذُورَ بالأغصان. عِندَما يُصبِحُ اليَهُودِيُّ مَسيحيَّاً، لا يُغَيِّرُ ترُاثَهُ الرُّوحِيُّ أبداً. إنَّهُ يُصبِحُ يَهُودِيَّاً مُكَمَّلاً. ولكن، عندما يُصبِحُ الأُمَمِيُّ مسيحيَّاً، يُصبِحُ يَهُوديَّاً بالمَعنَى الرُّوحِيّ للكَلِمة، أي أنَّهُ يُصبِحُ من شَعبِ الله، كما يُسمِّي ذلكَ بُولُس الرَّسُول، "إسرائيل الله." اليَهُودُ هُم الجُذُورُ التي تحمِلُ أغصانَ الزَّيتُونَةِ البَرِّيَّة (أي الأُمَم). الأُمَمُ هم مُطَعَّمُونَ فقط في شجرَةِ الزَّيتُون (اليَهُود.) اليَهُودُ هُم الأغصانُ الطَّبيعيَّةُ الأصيلَةُ في شجرَةِ الزَّيتُون هذه، التي تُمَثِّلُ شعبَ اللهِ المُختارِ بالأصل.
يُخاطِبُ بُولُس الآن الأُمَم عندما يكتُبُ قائِلاً: "فإن كانَ قد قُطِعَ بَعضُ الأغصانِ وأنتَ زَيتُونَةٌ بَرِّيَّةٌ طُعِّمْتَ فيها فَصِرتَ شَريكاً في أصلِ الزَّيتُونَةِ ودَسَمِها. فلا تفتَخِر على الأغصان. وإن إفتَخَرتَ فأنتَ لَستَ تحمِلُ الأصلَ بلِ الأصلُ إيَّاكَ يحمِل. فستَقُولُ قُطِعَتِ الأغصانُ لأُطَعَّمَ أنا. حسناً. من أجلِ عدَمِ الإيمانِ قُطِعَتِ الأغصانُ الطَّبيعيَّةُ، فلعلَّهُ لا يُشفِقُ عليكَ أيضاً." (رُومية 11: 17- 21)
الأُمَمُ المَفدِيُّونَ طُعِّمُوا على الأغصان، وأمَّا أبناء إبراهيم بالطَّبيعة فهُم الجُذُور التي تحمِلُ الأغصان. يَعتَقِدُ بُولُس بِوُضُوحٍ أنَّ مُوسَى، إشعياء وداوُد قد تنبَّأُوا بتَوبَةِ وعودَةِ إسرائيل الرُّوحيَّة للرَّب. فَمِن غير المعقُول، بالنِّسبَةِ لِبُولُس، أنَّ الجُذُورَ التي تحمِلُ أغصانَ الزَّيتُون البَرِّيَّة، والتي طُعِّمَت في هذه الشَّجَرَة، من غير المعقُول أنَّ هذه الجُذُور الطَّبيعيَّة لن ترجِعَ يوماً ما إلى أصلِها الرُّوحِيّ. هذا هُوَ السَّبَبُ الرَّابِع للإعتِقادِ بِعودَةِ إسرائيل الرُّوحيَّة.
يُشارُ أحياناً إلى الكتابِ المُقدَّس بأنَّهُ "إعلانُ اللهِ العِبرانيُّ-المسيحيُّ." عندما يُشارُ إلى الكتابِ المُقدَّس كالإعلانِ العِبري ومن ثَمَّ كالإعلانِ المسيحيّ، فهذه طريقَةٌ أُخرى للإشارَةِ إلى العَهدَين القَديم والجَديد.
منَ المُهِمِّ بالنِّسبَةِ لنا أن نُدرِكَ أنَّ الأسفارَ الخمسةَ الأُولى للكتابِ المُقدَّس، أو أسفار النَّامُوس، هي أساسٌ هامٌّ جدَّاً نحنُ بأمَسِّ الحاجَةِ إليهِ خلالَ إقتِرابِنا منَ الأناجيل ومن حياةِ وتَعاليمِ يسُوع المسيح. (إن كُنتُم لم تدرُسُوا معنا هذه الأسفار من العهدِ القَديم، أُشَجِّعُكُم أن تحصَلُوا على الكُتَيِّبَين الأوَّل والثَّاني اللَّذَينِ يُساعِدانِكُم في دراسَتِكُم). في هذه الرِّسالَة العميقة، يُعَلِّمُ بُولُس الرَّسُول بإسهابٍ أنَّ مَوتَ يسُوع المسيح على الصَّليب، كانَ ولا يزالُ الأساس الذي عليهِ تُغفَرُ خطايانا ونُعلَنُ مُتَبَرِّرين.
عندما نَسمَعُ يُوحَنَّا المعمدان يُعَرِّفُنا على يسُوع المسيح كحَمَلِ اللهِ، أو عندما يُعَلِّمُ الرُّسُلُ في رسائِلِهِم المُوحاة بما يُعلِّمُ بهِ بُولُس في هذه الرِّسالَة، أنَّنا نتبرَّرُ بالإيمانِ بما فعلَهُ يسُوعُ من أجلِنا على الصَّليب، أقوَى حُجَّة لِهذا التَّعليم نَجِدُها في أسفارِ النَّامُوس، وبأكثَرِ تحديدٍ في سفرَي الخُروج واللاوِيِّين. (يُوحَنَّا 1: 29). هُناك كانَ يُقدَّمُ دَمُ حَمَلِ الفِصح كفَّارَةً، أو غِطاءً، كانَ يحمي العائِلات العبرانِيَّة من غَضَبِ الله. عندما رأى ملاكُ يَهوَة دَمَ الحَمل فوقَ أعتابِ منازِلِهم، كانَ يعبُرُ ويتجاوزُ هذه العائِلات. (خُرُوج 12)
أَحدُ تصريحات يسُوع الأخيرة قبلَ توقيفِهِ وصَلبِهِ، قدَّمَهُ في العُلِّيَّة حيثُ إحتَفَلَ بالفَصحِ الأخير معَ رُسُلِهِ. بدأَ هذا الفَصح بإخبارِ هؤلاء الرِّجال أنَّهُ أحبَّهُم لِدَرَجَةِ أنَّهُ كانَ يتطلَّعُ بِشَوقٍ لتناوُلِ هذا الفصح معَهُم. كانَ هذا لأنَّهُ لم يكُنْ سيَحتَفِلُ مُجدَّداً بهذه المائِدة، إلى أن تَتَحقَّقَ بكامِلِ معناها (لُوقا 22: 15، 16). بعدَ تصريحِهِ بهذه الكلمات بِقَليل، أصبَحَ يسُوعُ حمَلَ الفَصحِ بموتِهِ على الصَّليب.
عبرَ هذه الرِّسالَة الرَّائِعة من بُولُس إلى أهلِ رُومية، نَجِدُهُ يُقدِّمُ مفهُومَين: "النَّامُوس، و "تَتميم النَّامُوس." بِحَسَبِ بُولُس، نامُوسُ اللهِ من خلالِ مُوسى تحقَّقَ من خلالِ يسُوع المسيح على الصَّليب.
عندَما نَقُولُ أنَّنا نُؤمِنُ بأنَّ يسُوعَ ماتَ على الصَّليب من أجلِ خطايانا، بإمكانِنا أن ندعَمَ هذا الإقتِناع بكلماتِ يسُوع المُقتَبَسَة أعلاهُ، والمُتَعلَّقَة بمَوتِهِ على الصَّليب كحَمَلِ الفِصح. وبإمكانِنا أيضاً أن نبنِيَ إقتناعَنا على كلمات الرَّسُول المُوحى بها. ولكن تأييدَنا الأقوى لهذا الإقتِناع يأتي من سِفرَي النَّامُوس: الخُرُوج واللاوِيِّين، حيثُ يُقدَّمُ حمَلُ الفِصح ذَبيحَةً، ويُطبَّقُ على عِبادَةِ اليهُود.
هذا هُوَ المقصُودُ عندما يُسَمَّى الكتابُ المُقدَّسُ "الإعلانُ العبرانيّ المسيحي لله." وهذا ما قصدَهُ بُولُس عندَما كتبَ أنَّ هذه الأغصان المُطَعَّمَة لا تحمِلُ جُذُورَ إسرائيل، بل الجُذُورُ تَحمِلُ هذه الأغصان.
بينما يُخاطِبُ بُولُس المسيحيِّينَ الأُمَمِيِّين في هذه الأعدادِ المَذكُورَةِ أعلاه، يُقدِّمُ مجازِيَّاً إبراهيم وإيمان إبراهيم كشَجَرَةِ زَيتُون، والمُؤمِنُونَ الأُمَم كأغصانِ زيتُونٍ بَرِّيَّة، طُعِّمَتْ في شجَرَةِ الزَّيتُون الأصيلة. الأغصانُ الطَّبيعيَّةُ في شجرَةِ الزَّيتُون الأصيلة تلك قد تكسَّرَت بفعلِ عدَمِ الإيمان. ولكن إذ يُخاطِبُ بُولُس كُلَّ جيلٍ منَ المُؤمنين منذُ القَرنِ الأوَّل، يُحَذِّرُ المُؤمنينَ الأُمَم، أنَّهُ إن كانَت الأغصانُ الطَّبيعيَّةُ الأصيلة قد تكسَّرَت بفعلِ عدَمِ الإيمان، فإن كُنَّا نَحنُ الأُمم لا نُؤمِنُ بهذا البِرّ الذي بالإيمان، فسوفَ نُقطَعُ كذلكَ.
السَّبَبُ الخامِسُ الذي لأجلِهِ يُؤمِنُ بُولُس بتوبَةِ وبِرُجُوعِ إسرائيل رُوحيَّاً، نَجِدُهُ في الأعداد ِالتَّالِيَة: "فَهُوَّذا لُطفُ اللهِ وصرامَتُهُ. أمَّا الصَّرامَة فعلى الذين سقَطُوا. وأمَّا اللُّطف فَلَكَ إن ثَبَتَّ في اللُّطفِ وإلا فأنتَ أيضاً ستُقطَع. وهُم إن لم يثبُتُوا في عَدَمِ الإيمان سيُطَعَّمُون. لأنَّ اللهَ قادِرٌ أن يُطَعِّمَهُم أيضاً. لأنَّهُ إن كُنتَ أنتَ قد قُطِعتَ منَ الزَّيتُونَةِ البَرِّيَّةِ حسبَ الطَّبيعة وطُعِّمتَ بِخِلافِ الطَّبيعة في زَيتُونَةٍ جَيِّدَةٍ، فكَم بالحَرِيِّ يُطَعَّمُ هؤُلاء الذين هُم حَسَبَ الطَّبيعة في زَيتُونَتِهِم الخاصَّة؟" (رومية 11: 22- 24).
لِكَي نفهَمَ السَّبَبَ الأوَّل لهذا الإقتناعِ العجيب لبُولُس – أنَّ إسرائيل سوفَ ترجِعُ رُوحيَّاً يوماً ما – أشَرتُ إلى أنَّنا نحتاجُ إلى فَهمِ طريقَةِ تفكيرِ اليهُودِيّ التَّقِيّ، الذي تربَّى على ذبائِحِ العبادَة في العهدِ القَديم. لكَي نفهَمَ سبَبَهُ الأخير للإعتِقادِ بهذا التَّعليمِ النَّبَوِيّ، نحتاجُ أن نعرِفَ شَيئاً عن نُمُوِّ الأشجارِ المُثمِرَة.
بما أنَّ أَحَدَ أصدِقائِي المُقَرَّبِينَ هُوَ مُزارِعٌ مُحتَرِفٌ، تمكَّنتُ أن أتعَلَّمَ منهُ أنَّكَ إذا طعَّمتَ غُصناً منَ النَّكتَرين على شَجَرَةِ دُرَّاقٍ، فإنَّ هذا الغُصنَ لن يُثمِرَ دُرَّاقاً، بل نكتيريناً، لأنَّ الثِّمارَ تنتُجُ منَ الغُصنِ وليسَ من جُذعِ الشَّجَرَةِ الأساسِيّ.
لهذا إستَخدَمَ بُولُس تعبير "على خِلافِ الطَّبيعة" في المقطَعِ المُقتَبَسِ أعلاه. من خلالِ هذه الإستِعارَة الجميلة، يَقُولُ بُولُس لهؤلاء الأُمم ما معناهُ: "أنتُم كأُمَمٍ قُطِعتُم من زيتُونَةٍ بَرِّيَّةٍ، وكأغصانِ زيتُونٍ بَرِّيَّةٍ طُعِّمتُم في شَجَرَةِ زيتُونٍ أصيلَة ومثمِرَة. على هذا الشَّكل، لن تتمكَّنُوا من الإتيانِ إلا بالأثمارِ البَرِّيَّةِ المُرَّةِ وغيرِ النَّافِعة. ولكن على خِلافِ الطَّبيعة، أنتُم تُثمِرُونَ الآنَ ثِمارَ الرُّوحِ القُدُس الخارِقَة للطَّبيعة! إن كانَ اللهُ قادِراً أن يُنتِجَ الخليقَةَ الجديدَةَ التي صِرتُم إيَّاها، منَ أغصانِ الزَّيتُونِ البَرِّيَّةِ أمثالِكُم، فهُوَ قادِرٌ بالتأكيد أن يُنتِجَ أثمارَاً خارِقَةً للطَّبيعَة منَ الأغصانِ الطَّبيعيَّة، عندما يُؤمِنُونَ ويُطَعَّمُونَ مُجَدَّداً بزيتُونَتِهِم الجميلة كأبناء إبراهيم الطَّبيعيِّين.
الآن نحنُ لا ننظُرُ إلى الإعلان العبراني المسيحيّ، بل إلى شَعبَينِ مُنفَصِلَين، العبرانِيِّين والمسيحيِّين، اللَّذَينَ سادَت بينَهُما علاقاتٌ مُضطَّرِبَةٌ لأكثَرِ من عشرينَ قرناً. في مُعظَمِ الحضاراتِ، الأقرِباءُ الذين ليسَ لدَيهم إلا القَليل منَ القواسِم المُشتَرَكَة التي تَجمَعُهُم، عليهِم أن يلتَقُوا طوالَ السَّنة وأن يتعاطُوا معَ بعضِهِم البَعض عدَّةَ مرَّاتٍ كُلَّ سنَة، ولا سِيَّما لإحتفالاتِ الأعياد الخاصَّة. تَعايُشُ كنيسة يسُوع المسيح والأُمَّة اليَهُوديَّة هو مثل إلتقاء الأقارِب من وقتٍ إلى آخر، ولكن غالِباً ما يكتَشِفانِ غرابَةَ لا بَل إستِحالَةَ العَمَل على إستِمرارِيَّةِ علاقَتِهما معاً.
عَلينا أن نُدرِكَ أنَّ هذا هُوَ أكثَر من مُجَرَّد إقتِناع، أو من مُجَرَّد نُبُوَّة من بُولُس الرَّسُول. تَذَكَّرُوا أنَّ بُولُس يُؤَسِّسُ هذا الرَّجاءَ لشَعبِ إسرائيل الذي أحَبَّهُ كثيراً على نُبُوَّاتِ مُوسى، إشَعياء، وداوُد. وكانَ بإمكانِهِ أن يستَشهِدَ بأنبياء آخرين، خاصَّةً زَكَرِيَّا (8: 20- 23؛ 13: 6)، الذي، بإستِثناءِ إشَعياء، أعطانا نُبُوَّاتٍ مَسياوِيَّة أكثَر من أيِّ نَبِيٍّ آخر.
السَّبَبُ الأخير لإيمانِ بُولُس بِعَودَةِ إسرائيل رُوحِيَّاً إلى الرَّبّ، لهُ تطبيقٌ ماضِياً، حاضِراً، ومُستَقبَلاً. عندما يكتُبُ بولُس قائِلاً أنَّ اللهَ قادِرٌ أن يُطَعِّمَ من جديد إلى شَجَرَةِ الزَّيتُون أُولئِكَ اليَهُود الذين يُؤمِنُونَ بالمسيح، علينا أن لا نَنسَى أبداً أنَّ أوَّل الأعضاء في كنيسَةِ يسُوع المسيح كانُوا يَهُوداً.
في سِفرِ الأعمال، نقرأُ عن ثلاثَةِ آلافٍ تجدَّدُوا يومَ الخمسين. ثُمَّ نقرَأُ عن آلافٍ تجدَّدُوا في الأيَّامِ والأسابِيعِ التي تَلَت تِلكَ المُعجِزة. وإذ نُتابِعُ القِراءَة، نَجِدُ أنَّ تاريخَ كنيسةِ العهدِ الجديد يستَبدِلُ كلمة "آلاف" بكلمة "جُمُوع". وهكذا أصبَحَتِ الكنيسَةُ تُوصَفُ بأنَّها جُمُوع منَ النَّاس. تَذَكَّرُوا أنَّ كُلَّ آلاف الجُمُوع منَ المُؤمنينَ كانُوا يَهُوداً!
اليَوم نَجِدُهُ أمراً غيرَ إعتِيادِيّ أن يعتَرِفَ شَخصٌ يَهُودِيٌّ بيسُوعَ أنَّهُ المسيَّا، المُخَلِّص، والرَّب. وكما أشَرتُ سابِقاً، من غير المألُوفِ اليوم أن يُصبِحَ يَهُودِيٌّ ما يُسمَّى اليَوم "يهُوديَّاً مسياوِيَّاً"، أي أن يُصبِحَ مُؤمناً بالمسيح أنَّهُ المَسيَّا. منَ الصَّعبِ بالنِّسبَةِ لهُم أن يُؤمِنُوا بيسُوع المسيح مُخَلِّصاً ورَبَّاً لهُم. هذه إحدى عواقِب العمَى الرُّوحِيّ الذي يُعمِي قُلُوبَ اليهودِ اليَوم. ولكن علينا أن نتذَكَّرَ أنَّ هذا ليسَ مُستَحيلاً. في الإصحاحِ العاشِر من سفرِ الأعمالِ، كانَ على الرَّبِّ أن يُعطِيَ بُطرُس إعلاناً خارِقاً للطَّبيعَة، ولقد تكرَّرَ هذا الإعلان ثلاثَ مرَّات قبلَ أن يُقنِعَ بُطرُس أنَّهُ بإمكانِ الإُمَمِي أن يتبرَّرَ بالإيمانِ وأن يتجدَّدَ.
بينما نقرَأُ سِفرَ الأعمال، جميعُ المُؤمنينَ الذين نقرَأُ عنهُم نَجِدُ أنَّهُم يَهُود، إلى أن نَصِلَ إلى الإصحاحِ العاشِر من هذا السِّفرِ التَّاريخي للكنيسة. في الجيلِ الأوَّلِ للكَنيسة، اليَهُودُ والأُمَم كانوا كلاهُما تلاميذَ مُخلِصين ليسُوع المسيح. ولقد عَمِلُوا على تعزيزِ وحدَتِهِم أو إتِّحادِهم في المسيح. في بَعضِ الكنائس، مثل كنيسة أنطاكية، عاشَ اليَهُودُ والأُمَمُ معاً وأكلُوا على نفسِ المائِدة (غلاطية 2: 11- 14). وبما أنَّ اليَهُودَ حافَظُوا بصرامَةٍ على نواميسِ الأكلِ والشُّربِ التي تعلَّمُوها من مُوسى، بينما المسيحيُّونَ الأُمم لم يفعَلُوا ذلكَ، إنعَقَدَ المجمَعُ الكَنَسِيُّ الأوَّلُ لحَلِّ هذه الإختِلافات (أعمال 15: 22- 29).
توصَّلَ هذا المجمَعُ الكنَسِيُّ إلى أنَّهُ عندما كانَ الأُمَمِيُّ يُصبِحُ مُؤمِناً بالمسيح، لم يَكُنْ مطلُوباً منهُ أن يعيشَ كَيَهُوديٍّ لمُجَرِّدِ أنَّ رَبَّهُ ومُخَلِّصَهُ يسُوع كانَ يَهُودِيَّاً. يبدُو هذا مُثيراً للإهتِمامِ، عندما نتأمَّلُ بما كتبَهُ بُولُس للغَلاطِيِّين – أن أتباعَ المسيح ذوي الإيمان الحقيقيّ، هُم يَهُودٌّ بالمَعنَى الرُّوحِيّ للكلمة، أو أنَّهُم أبناءُ إبراهيم، لأنَّهُم يتمتَّعُونَ بالإيمان نَفسِهِ الذي كانَ يتمتَّعُ بهِ إبراهيم (غلاطية 3: 29).
عندَما كانَ اليَهُودِيُّ يُصبِحُ تلميذاً ليسُوع المسيح، لم يَكُن يُطلَب منهُ أن يترُكَ هُوِيَّتَهُ كيَهُودِيّ، ولا أن يتخلَّى عن مُمارَساتِهِ وعادَاتِهِ اليَهُوديَّة في الأكلِ والشُّرب. بينما كانَ المُؤمِنُونَ منَ الأُمَم يُعتَبَرُونَ رُوحيَّاً يَهُوداً، فإنَّ هؤُلاء اليَهُود المَسياوِيِّين يُعتَبَرُونَ يَهُوداً مُكَمَّلِين. يُسَجِّلُ هذا الإصحاحُ غيرُ الإعتِيادِيّ إعلاناً نَبَوِيَّاً أعطاهُ اللهُ لهذا الرَّسُول.
المقطَع الذي تأمَّلنا بهِ للتَّوّ، والأعدادُ المَوجُودَةُ في هذا الإصحاح الحادِي عَشَر التي ندرُسُها، تجعَلُ من أُمَّةِ إسرائيل مُعضِلَةً وأُحجِيَةً كتابِيَّة، لاهُوتيَّة، سِيساسيَّة وعالَمِيَّة. خلالَ قِراءَتِنا لهذا الإصحاح، معَ مَيلِهِ الواضِح تجاهَ قِيمَة أغصان شَجَرَةِ الزَّيتُون الطَّبيعيَّة، والتي هي قَريبَةٌ منَ أغصان الزَّيتُون البَرِّيَّة من بينَ تلاميذ يسُوع المسيح المُقام غير اليَهُود، وهذه النُبُوَّة عن رُجُوعِ اليَهُود رُوحِيَّاً للرَّبّ، نجدُ هذا تحَدِّياً لإيمانِنا.
لدينا أنا وزوجَتي واحِدَة من بناتِنا عاشَت خمس سنوات في الضِّفَّةِ الغَربِيَّة وقِطاع غَزَّة في فلسطين. ولقد أعطَتها خُبرَتُها في العَمَلِ هُناكَ معَ مُؤسَّسَةٍ إنسانِيَّة في أُورشَليم، هي الرُّؤيا العالميَّة، والتي كانَت تهدِفُ إلى تزويدِ الفَلسطينيِّينَ المَظلُومين بالمُساعَدات، أعطَت هذه الخُبرَة لإبنَتِنا ولنا كوالِدَيها أيضاً، أعطَتنا بَصيرَةً وفهماً للطُّرُق العسكَريَّة القاسِية التي يستَخدِمُها الإسرائيليُّونَ معَ الشَّعبِ الفلسطينيّ. علينا أن نعتَرِفَ أنَّنا نجِدُ في ذلكَ تَحَدِّياً لإيمانِنا بأن ننظُرَ إلى أُمَّةِ إسرائيل المُعاصِرَة من خلالِ قَلبِ بُولُس وتثَقُّلِهِ والإعلان النَّبَوِيّ الذي أُعلِنَ لهُ ولأنبياء آخرين. بإمكانِنا القَول بتأكيدٍ أنَّ كُلَّ نُبُوَّةٍ لم تَتَحقَّق بعد، ونحنُ نتطلَّعُ بِشَوقٍ إلى رُؤيَةِ رُجُوعِ شعب إسرائيل رُوحيَّاً إلى الله.
منَ الواضِحِ أنَّهُ، وبإستِثناءِ اليَهُود المَسياوِيِّين، يهُود اليَوم، بِحَسَبِ بُولُس الرَّسُول، ليسُوا شعبَ اللهِ المُختار. بل هُم الأغصانُ المَكسُورَة أو المقطُوعة (رُومية 11: 17، 21). ولكن بالإيمان نستَطيعُ أن نُؤمِنَ أنَّ اللهَ سيُحَقِّقُ كلِمَتَهُ حيالَ إسرائيل، في وقتِهِ وطريقَتِهِ.
- عدد الزيارات: 7138