الفَصلُ الأوَّل "مُقَدِّمَة لِلعيشِ الصَّحيح"
هذا هُوَ الكُتَيِّبُ الثَّانِي في سِلسِلَةٍ من أربَعةِ كُتَيِّباتٍ تُقدِّمُ تعليقاتٍ لأُولئكَ الذين سَمِعُوا برامِجَنا الإذاعيَّة التي تُعَلِّمُ رِسالَةَ بُولُس الرَّسُول إلى أهلِ رُومية، عدداً بعدَ الآخر. فإن لم يَكُنِ الكُتَيِّبُ الأوَّلُ بِحَوزَتِكَ، أُشَجِّعُكَ أن تتَّصِلَ بنا، وسوفَ نُرسِلُ لكَ نُسخَةً عنهُ. إذا أردتَ أن تَتَعَلَّمَ على نَفسِكَ، أو أن تُعَلِّمَ هذه الدِّراسَة لرسالَةِ رُومية لآخرِين، سوفَ تحتاجُ إلى الكُتَيِّبِ الأوَّل بهدفِ توفيرِ الإستِمراريَّة والخَلفِيَّة. رُغمَ أنَّني قُمتُ في سلسِلَةِ البرامِجِ الإذاعِيَّة بِتَعليمِ رسالَةِ بُولُس الرَّسُول إلى أهلِ رُومية عدداً بعدَ الآخر، ولكنَّني في الكُتَيِّبِ الأوَّل لخَّصتُ أوَّلَ أربَعِ إصحاحاتٍ من هذه الرِّسالَة، وفي هذا الكُتَيِّب أُلَخِّصُ الإصحاحاتِ الأربَعة التَّالِيَة (5- 8) من تُحفَةِ بُولُس الرَّسُول اللاهُوتيَّة هذه.
في الإصحاحاتِ الأربَعة الأُولى من هذه الرِّسالَة، يربِطُ بُولُس التَّبرير بالخاطِئ. ويستَنتِجُ أنَّنا جَميعاً خُطاة، ولكنَّهُ يُتبِعُ هذه الأخبارَ السَّيِّئَة بأخبارٍ سارَّة، أنَّ اللهَ بَرَّرَ أو أعلنَ بارَّاً كُلَّ من يُؤمِنُ بهِ، عندما أعلنَ ما عَمِلَهُ من أجلِنا من خلالِ يسُوع المسيح. خُلاصَةُ هذه الإصحاحاتِ الأربَعة ستُوجَدُ بالحقيقَةِ في العددِ الإفتِتاحِيِّ من الإصحاحِ الخامِس: "فإذ قد تبَرَّرنا بالإيمان، لنا سلامٌ معَ اللهِ بِرَبِّنا يسُوع المسيح."
في الإصحاحاتِ الأربَعة التَّالِيَة، أي من 5 إلى 8، يَربِطُ بُولُس التَّبريرَ بأُولئكَ الذين أُعلِنُوا أبراراً بإيمانِهِم بما عمِلَهُ يسوعُ المسيحُ لأجلِهم على الصَّليب. فالخُطاةُ الذين أُعلِنُوا أبراراً من قِبَلِ الله، لا يعيشُونَ بعدُ كَخُطاةٍ، بل ينبَغي أن يَعيشُوا حياةً صحيحَةً مُستَقيمَة. ولكن كيفَ نعمَلُ ذلك؟ فهل إنتُزِعَت طبيعَتُنا الخاطِئة عندما آمنَّا بيسُوع المسيح مُخَلِّصاً لنا؟ وأينَ نستَطيعُ أن نَجِدَ القُوَّةَ الدِّينامِيكيَّةَ لنَحيا حياةَ البِرّ، أو لنعيشَ بإستِقامَة؟
يُجيبُ بُولُس على هذه الأسئِلة في الإصحاحاتِ الأربَعة التَّالِيَة، ويبدَأُ جوابَهُ بالعَدَدِ الثَّانِي منَ الإصحاحِ الخامِس من رِسالَةِ رُومية، حيثُ يكتُبُ قائِلاً، "الذي بِهِ أيضاً قد صارَ لنا الدُّخُولُ إلى هذه النِّعمَة التي نحنُ فيها مُقيمُون، ونَفتَخِرُ على رَجاءِ مَجدِ الله." فنحنُ نتبرَّرُ بالإيمانِ من خلالِ يسُوع المسيح. وبالإيمانِ يَصيرُ لنا وُصُولٌ إلى النِّعمة التي تُمَكِّنُنا منَ الوُقُوفِ في يسُوع المسيح، ولأجلِهِ ومعَهُ. عندما نتعلَّمُ كيفَ نعمَلُ ذلكَ، عندَها في هذا العالمِ الخاطِئ، وبِدُونِ أن نَكُونَ عبيداً للخَطيَّة، بإمكانِنا أن نعيشَ حياةً تُمَجِّدُ الله.
في دِراسَتِنا الأُولى، إذ كُنتُ أُلَخِّصُ كُِتَيِّبَنا الأوَّل، تعلَّمْنا أنَّ الإنجيلَ هُوَ ذُو وجهَين حِيَالَ يسُوع المسيح: مَوتُهُ وقيامَتُهُ. فبالإيمانِ بالحقيقَةِ الأُولى عنِ الإنجيل نتبَرَّرُ ونتصالَحُ لنَصِلَ إلىحالَةِ سلامٍ معَ الله. عندما كتبَ بُولُس أنَّنا لَدَينَا وُصُولٌ بالإيمانِ إلى النِّعمة، كانَ يُوجِّهُنا لنَضَعَ إيمانَنا في الحقيقَةِ الثَّانِيَة للإنجيل، والتي هي قيامَةُ يسُوع المسيح.
الكَلِمَةُ التي إستَخدَمها بُولُس هُنا والمُستَخدَمَة للإشارَةِ إلى "نعمَة" هي كلمة "خارِيس" في اللُّغَةِ اليُونانِيَّة. فنِعمَةُ اللهِ ليست فقط بَرَكَة ورحمة الله التي لا نَستَحِقُّها ولا نكسَبُها ولا نُحَقِّقُها بجُهُودِنا الذَّاتِيَّة. بَل نِعمَةُ اللهِ هي حَياةُ وقُوَّةُ اللهِ العامِلَة فينا ومن خلالِنا. عندما تَعمَلُ النِّعمَةُ فينا ومن خلالِنا، تُستَخدَمُ الكلمة اليُونانِيَّة "خاريسما."
- عدد الزيارات: 10339