Skip to main content

الفصلُ الرَّابِع "شَخصِيَّةُ المُعَزِّي"

(يُوحَنَّا 16: 1- 15)

بينما تقرَأُونَ الأعدادَ الأخيرَةَ من الإصحاحِ الخامس عشَر، عليكُم أن تُدرِكُوا مُجَدَّداً أنَّهُ لا يُوجَدٌ فاصِلٌ في مُحتَوى ما يُعَلِّمُهُ يسُوعُ في بدايَةِ الإصحاحِ التَّالِي: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَاْ لِكَيْ لا تَعْثُرُوْا. سيُخرِجُونَكُم منَ المجامِع بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ من يقتُلُكُم أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً لله. وسَيَفعَلُونَ هذا بِكُم لأنَّهُم لم يَعرِفُوا الآب َولا عَرَفُونِي. لَكِنِّيْ قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَاْ حَتَّىْ إِذَاْ جَاْءَتِ السَّاْعَةُ تَذْكُرُوْنَ أَنِّيْ أَنَاْ قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ مِنَ البِدَاْيَةِ لأَنِّيْ كُنْتُ مَعَكُمْ." (يُوحَنَّا 16: 1- 4)

بينما تقرَأُونَ الإصحاح السَّادِس عشَر، تأكَّدُوا من أن تُلاحِظُوا بأنَّ الرَّبَّ يُكَرِّرُ بإستِمرار، بهدَفِ التَّشديد، لماذا أخبَرَهُم بالحقيقَةِ التي شارَكَهُم بها في هذه المرحَلَة منَ الوقتِ الذي قضَوهُ معاً: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَاْ لِكَيْ لا تَعْثُرُوْا.. لَكِنِّيْ قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَاْ حَتَّىْ إِذَاْ جَاْءَتِ السَّاْعَةُ تَذْكُرُوْنَ أَنِّيْ أَنَاْ قُلْتُهُ لَكُمْ.. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ مِنَ البِدَاْيَةِ لأَنِّيْ كُنْتُ مَعَكُمْ.. لَكِنْ لأَنِّيْ قُلْتُ لَكُمْ هَذَاْ مَلأَ الحُزْنُ قُلُوْبَكُمْ... إِنَّ لِيْ أُمُوْراً كَثِيْرَةً أَيْضاً لأَقُوْلَهَاْ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تَسْتَطِيْعُوْنَ أَنْ تَحْتَمِلُوْا الآنَ". (يُوحَنَّا 16: 1- 12)

يتَّضِحُ منَ الأعدادِ الإفتِتاحِيَّةِ في هذا الإصحاح أنَّ الرَّبَّ أخبَرَهُم بهذه الأمُور، لأنَّهُم كانُوا سيُخرَجُونَ منَ المَجمَع، مثل الأعمى الذي شفاهُ يسُوعُ والذي قرأنا عنهُ في الإصحاحِ التَّاسِع. فهُوَ يُحَذِّرُهُم بأنَّ الوقتَ سيأتي عندما سيَظُنُّ كُلُّ من يقتُلُهُم أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً لله.

"وسَيَفعَلُونَ هذا بِكُم لأنَّهُم لم يَعرِفُوا الآب َولا عَرَفُونِي. لَكِنِّيْ قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَاْ حَتَّىْ إِذَاْ جَاْءَتِ السَّاْعَةُ تَذْكُرُوْنَ أَنِّيْ أَنَاْ قُلْتُهُ لَكُمْ." (4)

هل اضطُهِدْتُم يوماً بسبب كَونِكُم تَخُصُّونَ يسوعَ المسيح؟ أَعْلَمُ أنّ ثمّة مؤمنينَ في أماكنَ معيّنةٍ من العالم حيث يوجد اضطهادٌ، يصلّون من أجل الأماكن التي لا يوجد فيها اضطهادٌ للكَنائِس، مثل أميركا، حيثُ تتمتَّعُ الكنائِسُ بِعَطفِ الحُكُومَةِ، وحيثُ لا تُعاني منَ ألمِ الإضطِّهاد مثل بعضِ الدُّولِ الأُخرى. فالإضطهاد الذي اخْتَبَرَهُ هؤلاءِ الناس جَعَلَهُمْ يقتربون من اللهِ ويَنْضُجُونَ ويُصَلُّوْنَ من أجل المؤمنين الموجودين في الأماكن المزدهرة في العالم، لدرَجَةٍ جعلتْهُم يتساءلون كيف يمكن أن يكُونَ المُؤمنُونَ الذي لا يُعانُونَ منَ الإضطِّهاد، أن ينضُجُوا وينمُوا رُوحِيَّاً.

أشارَ أحدُ مشاهِيرِ مُؤَرِّخي الكنيسة إلى أنَّهُ إذا نَجَحت كَنيسَةٌ لم تُعاني منَ الإضطِّهاد، إذا نجحت في نشرِ إنجيلِ يسُوع المسيح وفي تأسيسِ كنيسةٍ في هذا العالم، فسَيُكُونُ هذا أوَّلَ مرَّةٍ يحدُثُ فيهِ هذا الأمرُ في تاريخِ الكنيسة.

يبدو أنّ الإضطهاد الذي حصل في القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الكنيسة كان اللهُ قد سَمَحَ بحصوله، لأنّ الكنيسة لم تكن يوماً قويّةً وصحيحةً ونشيطةً مثلما كانت آنذاك. أشكر الربّ على السلام الذي نختبره ونتمتّع به في المكانِ الذي أخدُمُ فيهِ، ولكن إذا أتى العذاب مجدّداً، تذكّروا الكلمات التي قالها بُطرُس، إذ أشارَ إلى أنَّهُ علينا أن لا نَستَغرِبَ عندما يسمَحُ الرَّبُّ بحدُوثِ أنَواعٍ من الإضطِّهادِ والألم. (1بُطرُس 4: 12).

تَذَكَّرُوا أيضاً هذه الكلمات التي قالَها يسُوعُ في العُلِّيَّة، عندماكانَ يُحَضِّرُ التلاميذَ الأحد عشَر المُتحَلِّقِينَ معَهُ حَولَ المائِدَة، للإضطِّهادِ الذي كانَ سيبدَأُ بعدَ ساعاتٍ فقط من تاريخِ نُطقِهِ بهذه الكلمات.

  • عدد الزيارات: 4863