تجاوُبُ اليَهُود
نرى مُجَدَّداً تجاوُباً يَهُوديَّاً مُنقَسِماً على نفسِهِ تجاهَ الأحداثِ العجائِبيَّة التي أحاطَت بخِدمَةِ يسُوع. نجدُ تجاوُباً مُتعاطِفاً عندَ بعضِ اليَهُودِ الذين حضَرُوا هذه الجنازَة، بينما كانُوا يُراقِبُونَ شهادَةَ مريَم: "فَكَثِيرُونَ منَ اليَهُودِ الذين جاؤُوا إلى مَريَم ونَظَرُوا ما فعَلَ يسُوعُ آمنُوا بهِ." (يُوحَنَّا 11: 45)
ولقد رأى اليَهُودُ الذين جاؤُوا ليَزُورُوا مريَم، رأَوا شَيئاً عجيباً كمُعجِزَةِ القِيامَة. عندما رأَوا مريم تتجاوَبُ معَ مُشكِلَةِ كونِ يسُوع لم يُنقِذْ أخاها منَ المرَضِ والمَوت، عندما رأَوها عندَ أقدامِ يسُوع قابِلَةً بِمَشيئَتِهِ، آمنُوا. منَ المُثيرِ للإهتِمامِ أنَّنا لا نقرَأُ أنَّ أُولئِكَ اليَهُودُ الذينَ جاؤُوا ليُعَزُّوا مريم قد آمنُوا.
نجدُ أيضاً ردَّةَ فعلٍ عدائِيَّةً جدَّاً من رِجالِ الدِّينِ اليَهُود. التَّجاوُبُ العَدائِيُّ الذي عُبِّرَ عنهُ بِشَكلِ حِوارٍ، منذُ أن شَفَى يسُوعُ الرَّجُلَ المَريض عندَ بِركَةِ بَيتِ حسدا، وصلَ الآن إلى ذُروَتِهِ (يُوحَنَّا 11: 46- 57). فتَشَكَّلَ مجلِسٌ من قِبَلِ الفَرِّيسيِّين ليَحبِكُوا مُؤامَرَتَهُم. وقبلَ أن توصَّلُوا إلى الإستِنتاجِ أنَّهُ عليهِم أن يَقتُلُوا يسُوع، نجدُ نُبُوَّةً غيرَ إعتِيادِيَّة من قِبَلِ رَئيسِ الكَهَنَة قِيافَا.
لقد كانَ يُفَكِّرُ بشكلٍ أساسِيٍّ أنَّ جامَ غضبِ رُوما سوفَ ينصَبُّ على أُمَّةِ اليَهُود، إن لم يُفعَلْ شَيءٌ حيالَ الجماهير المُتجمِّعَة حولَ خدمَةِ يسُوع العجائِبيَّة. وهكذا أعلَنَ قِيافا أنَّ الحُكمَ على يسُوع بالمَوت سيَكُونُ الخُطوة الصَّحيحة والنَّافِعَة التي يتوجَّبُ على رجالِ الدِّين إتِّخاذها (يُوحَنَّا 11: 46- 52).
بعدَ ذلكَ يُدخِلُ الرَّسُولُ يُوحَنَّا تعليقَهُ على سِجِلِّ الأحداث، وهُوَ أنَّ قِيافا، من حَيثُ لا يَدري، كانَ يُعطي نُبُوَّةً أنَّ يسُوعَ كانَ سيُضَحَّى بهِ ليسَ فقط عنِ اليهُودِ الذين كانُوا يعيشُونَ في إسرائيل، بل وأيضاً عنِ اليُهودِ الذين كانُوا مُشَتَّتِينَ في العالم قاطِبَةً. هذه النُبُوَّةُ غير المُتَعَمَّدَة كانت أنَّ مَوتَ يسُوع لم يَكُن سينتُجْ عنهُ خلاصُ اليَهُودِ جسدِيَّاً فحَسب، بل وأيضاً كانَ سينتُجُ عنهُ خلاصٌ رُوحِيٌّ للَّذِينَ يُؤمِنُون. تذَكَّرُوا أنَّ الرُّسُلَ لم يَكُونُوا سيتعلَّمُونَ أنَّ الإنجيلَ هُوَ أيضاً للأُمَم إلى أن نَصِلَ إلى الإصحاحِ العاشِر من سفرِ أعمالِ الرُّسُل في قِراءَتِنا للعهدِ الجَديد.
- عدد الزيارات: 3174