الفَصلُ الأوَّل "ثلاثُ حقائِق عنِ الخَطيَّة والخَلاص"
(يُوحَنَّا 8: 1- 36)
في الإصحاحِ السَّابِع من إنجيلِ يُوحَنَّا، نقرَأُ أنَّهُ عندما علَّمَ يسُوع، كانَ أعظَمَ مُعَلِّمٍ في العالم، وعندما وعظَ، كانَ أعظَمَ واعِظٍ في العالَمِ قاطِبَةً. كم كُنتُ أتَمَنَّى لو كانَ بإمكانِي أن أُصغِيَ إلى تلكَ العِظَة العَظيمة التي ألقاها يسُوع، والتي نَجِدُها مُدَوَّنَةً بشكلٍ مُلَخَّص في يُوحَنَّا 7: 37- 39. وكما نتوقَّعُ، ظهَرَ تجاوُبٌ مُزدَوِجٌ لهذه العِظَة العظيمة.
فبعدَ الأحداث التي تمَّ وصفُها في الإصحاحِ السَّابِع، نقرَأُ أنَّ كُلَّ واحِدٍ ذهبَ إلى بيتِهِ، أمَّا يسُوعُ فصَعِدَ إلى جَبَلِ الزَّيتُون. كانت هذه عادَتُهُ. وعِندَما ذهَبَ الآخرُونَ إلى منازِلِهِم، وجدَ يسُوعُ مكانَاً مُنفَرِداً ليُصَلِّيَ فيهِ. ثُمَّ نقرَأُ أنَّهُ عندَ الفَجر، كانَ في أَروِقَةِ الهَيكَل، معَ كَثيرينَ تجمَّعُوا حولَهُ، وكانَ هُوَ جالِساً في الوَسَطِ يُعَلِّمُهُم. عندما كانَ مُعَلِّمُوا النَّامُوس يُعَلِّمُونَ وهُم جالِسين، كانَت هذه إشارَةٌ إلى سُلطَتِهِم.
فأتى إليهِ مُعَلِّمُو النَّامُوس والفَرّيسيُّون بإمرأَةٍ أُمسِكَت بِفِعلِ الزِّنَى. فجعَلُوها تَقِفُ بِخَجَلٍ أمامَ الجمُوعِ، وقالُوا لِيَسُوع: "أيُّها المُعَلِّمُ، إنَّ هذه المرأَة أُمسِكَت في فِعلِ الزِّنَى. وبِحَسَبِ النَّامُوس، أمَرَنا مُوسى بأن نرجُمَ هكذا إمرأَة. فماذا تَقُولُ أنتَ؟"
لقد كانَ سُؤالُهُم فخَّاً. إعتَقَدُوا أنَّهُ سيُخالِفُ قولَ مُوسى، ولهذا أرادُوا فضحَ مَوقِفَهِ هذا الذي كانُوا يتوقَّعُونَهُ. أعتَقِدُ أنَّهُ منَ المُثيرِ للإهتِمامِ أنَّهُم كانُوا يعتقِدُونَ أنَّهُ سيُخالِفُ نامُوسَ مُوسى. كانَ ينبَغي أن يفهَمُوا بِوُضُوحٍ من تعليمِهِ، ومنَ الطريقة التي تعامَلَ بها معَ النَّاس، أنَّهُ كانَ رَحيماً وأنَّهُ كانَ يُحِبُّ بِدُونِ شُرُوط. لم يَرَ هَؤُلاء كيفَ كانَ يسُوعُ سيُمَرِّرُ نامُوسَ اللهِ عبرَ عَدَسَةِ محبَّةِ اللهِ، قبلَ أن يُطَبِّقَ هذا النَّامُوس على حياةِ النَّاس، حتَّى ولو كانُوا خُطاةً، وأن يبقَى أميناً لكُلِّ حرفٍ من نامُوسِ مُوسى.
فإنحَنَى يسُوعُ وأخذَ يكتُبُ بإصبَعِهِ على الأرض. وعندما أصَرُّوا على الإستِمرارِ بطَرحِ سُؤالِهِم، وقفَ يسُوعُ وقالَ لهم، "من كانَ منكُم بِلا خَطِيَّة، فليَرمِها أوَّلاً بِحَجَر." ثُمَّ إنحَنَى مُجدَّداً وتابَعَ الكتابَةَ على الأرض.
وجواباً على هذا السُّؤال، أُولئِكَ الذينَ أرادُوا إدانَةَ هذه المرأة ورجمَها، بدأُوا يُغادِرُونَ، واحِداً بعدَ الآخر، مُبتَدِئِينَ منَ الشُّيُوخ، إلى أن بَقِيَ يسُوعُ وحدَهُ والمرأة واقِفَةً أمامَهُ. فوقفَ يسُوعُ وسألَها قائِلاً، "يا إمرَأَة، أينَ هُم المُشتَكُونَ عليكِ؟ أما دانَكِ أحَدٌ؟" فأجابَتْهُ، "لا أحَد يَا سَيِّد."
المَعنَى العميق والمُباشَر هُنا هُوَ أنَّهُ لَم يَدِنْها ولا أيُّ إنسان، ولكنَّ يَسُوع هُوَ أكثَر من مُجَرَّدِ إنسان. فبِحَسَبِ السُّؤال الذي أجابَ بهِ يسُوعُ سُؤالَ رِجالِ الدِّين، الإنسانُ الوحيدُ الذي كانَ مَوجُوداً هُناك، وكانَ يَحِقُّ لهُ أن يرمِيَها بِحَجَرٍ في ذلكَ اليوم، كانَ يسُوع. وهذا يجعَلُ من كَلِماتِهِ لهذه المرأة، أجمَلَ كَلِماتٍ يُمكِنُ أن يسمَعَها الخاطِئُ:" ولا أنا أدينُكِ. إذهَبِي ولا تُخطِئي أيضاً."
لاحِظُوا أنَّهُ في إنجيلِ يُوحَنَّا، إحدَى الطُّرُق التي يُعَلِّمُ بها يسُوعُ، هي ما نُسَمِّيهِ "العمَل الرَّمزِيّ." لقد أحَبَّ الأنبياءُ أن يُعَلِّمُوا مُستَخدِمينَ أعمالاً رمزِيَّة. كانَ إرميا بطلَ هذا الأُسلُوبِ الرَّمزِي منَ التَّعليم، ودُعِيَ حزقِيالُ "بالنَّبِيِّ التَّمثِيليّ" لأنَّهُ مثَّلَ عظاتِهِ.
فإرميا مثلاً أخذَ وِعاءً كبيراً إلى الهَيكَلِ، عندما كانَ الهيكَلُ مُكتَظَّاً بالنَّاس. ثُمَّ ألقَى بالوعاءِ الخَزَفِيِّ إلى الأرض، مُحطِّماً إيَّاهُ إلى قطَعٍ صَغيرة، وبعدَ ذلكَ ألقَى عِظَةً جبَّارَةً، أعلنَ فيها التَّالِي: "هذا ما سيَعمَلهُ اللهُ بهذه الأُمَّة، إن لم تَتُوبُوا عن خطاياكُم، وسوفَ يستَخدِمُ اللهُ البابِليِّينَ ليعمَلُوا ذلكَ!" بإمكانِنا أن نتأكَّدَ أن إرميا لفتَ إنتِباهَ أُولئِكَ الذين سَمِعُوا تلكَ العِظَة، قبلَ أن يُلقِيَها! كَثيرُونَ منَ الأنبياء أمثال إرميا وحزقِيال وعظوا وهُم يستخدِمُونَ الأعمال الرَّمزِيَّة.
في رُوحِ الأنبياء، لاحِظُوا كَم من عِظاتِ يسُوع العَظيمة قد سُجِّلَت في هذا الإنجيل، كم منها تبدأُ بعملٍ رَمزِيٍّ عَمِلَهُ يسُوع. فالإصحاحُ الثَّانِي بِأَكمَلِهِ يُمكِنُ أن نُصَنِّفَهُ ضِمنَ هذا المجال. في الإصحاحِ الثَّالِث، نَجِدُ أكثَرَ تصريحاتِ المسيح عقائِديَّةً، نَجِدُها تُستَبَقُ باللِّقاءِ معَ نيقُوديمُوس. في الإصحاحِ الرَّابِع، يستَبِقُ يسُوعُ تصريحَهُ الذي قالَ فيهِ أنَّهُ ماءُ الحياة الذي يُروِي عطَشَنا، والذي يُصبِحُ نبعاً يشرَبُ منهُ الآخرُونَ مياهً حيَّةً. في الإصحاحِ نفسِهِ، نَجِدُ أنَّ تعليمَهُ العَظيم عنِ الزَّرع والحِصادِ الرُّوحِيّ قد إستَبَقَهُ يسُوعُ بمُقابَلَةٍ معَ امرأةٍ عطشَى، إكتَشَفَت ماءَ الحياة وأَصبَحَت نبعَاً حقَّقَ منهُ الآخرُونَ الإكتشافَ نفسَهُ، أي أنَّهُم أصبَحُوا يشرَبُونَ ماءَ الحياةِ ويرتَوُونَ إلى الأبد.
ثُمَّ يستَبِقُ يسُوعُ هذا الحوارَ العظيم معَ رجالِ الدِّين، الذي من خلالِهِ يُعَلِّمُ عدَّةَ أُمُورٍ، إستَبَقَ ذلكَ بِشِفاءِ الرَّجُلِ عندَ بِركَةِ بيتِ حسدا. في الإصحاحِ السَّادِس، أطعَمَ يسُوعُ خمسَةَ آلافِ عائِلَةٍ جائعة، ثُمَّ ألقَى عِظَتَهُ عن كَونِهِ خُبز الحياة.
يبدَأُ الإصحاحُ الثَّامِنُ بِعمَلٍ رَمزِيٍّ آخر، الذي هُوَ كَلِماتُ يسُوع المُحِبَّة لهذه المرأة الخاطِئة. لا شَكَّ في أنَّهَا كانت خاطِئَةً، أو في كونِها قد أُمسِكَت في فعلِ الزِّنَى. وهكذا أتبعَ يسُوعُ هذا العملَ الرَّمزِيَّ بعِظَةٍ ديناميكيَّةٍ فصيحة عن الخطيَّة.
عندما أجابَ يسُوعُ على سُؤالِ الكَتَبَة والفَرِّيسيِّين، بِسُؤالِهِ العميق، منَ المُثيرِ للإهتِمامِ أنَّهُم، بدأُوا مُبتَدَأً منَ الشُّيُوخِ إلى الأصغَرِ سِنَّاً، كما تَقُولُ إحدَى التَّرجماتُ، "مُبَكَّتِينَ بِضَميرِهِم على خطاياهُم، بِمُغادَرَةِ المكانِ واحداً بعدَ الآخر بِدُونِ أن يَرمُوها بِحَجَرٍ، إلى أن بَقِيَ يسُوعُ والمرأَةُ وحدَهُما."
جَرَتْ الكثيرُ منَ الإفتِراضاتِ لمُحاوَلَةِ معرِفَةِ ماذا كتبَ يٍسُوعُ على الأرض، بينَما كانَ يتجاهَلُ هؤُلاء المُتَّهِمِين. قرأتُ ما كتَبَهُ أحدُ المُفَسِّرينَ التَّقَوِيِّين، الذي لمَّحَ أنَّهُ لرُبَّما كانَ يسُوعُ يكتُبُ أسماءَ الرِّجالِ الواقِفينَ حولَ المرأَةِ الزَّانِيَة ليَرجُمُوها، والذين مارَسُوا معَها خَطِيَّةَ الزِّنى في الماضِي. رُغمَ أنَّ هذا التَّفسير هُو مُجرَّدَ إفتِراضٍ وتحامُلٍ على النَّصّ بإقحامِ ما ليسَ مَوجُوداً فيهِ، ولكنَّهُ يجعَلُنا نتساءَلُ عمَّا كتبَهُ يسُوع على الأرض.
يقتَرِحُ البَعضُ أنَّهُ كانَ يكتُبُ وصايا، أدركَ هؤُلاء النّاس المُتجمهِرينَ حولَهُ أنَّهُم كَسَرُوها. فكَونُهُ هُوَ الله، وكونُهُ يعرِفُ ما كانَ في الإنسان، يفسحُ المجالَ أمامَ إفتِراضاتٍ لا نهايَةَ لها. فلَرُبَّما كانَ يكتُبُ على الأرضِ أُمُوراً لا شأنَ لهُم بها، ليُظهِرَ لهُم أنَّهُ كانَ يتجاهَلُهُم. ولكنَّ قَلبَ هذه الحادِثَة كانَ مَوقِفُهُ تجاهَ الخَطيَّة، والطَّريقَة التي بها تعاطَى بها معَ خاطِئٍ مُذنِب.
إحدَى الطُّرُق لإعلانِ رأيٍ عن نُفُوسِنا، هي الطريقة التي بها نُقارِنُ أنفُسَنا بالآخرين. فعندما إتَّهَمَ رِجالُ الدِّينِ هؤُلاء المرأةَ بإرتِكابِ خَطِيَّةِ الزِّنَى، سألَهُم يسُوعُ بِحِكمَة، "هل أنتُم بِدُونِ خَطيَّة؟ من كانَ منكُم بِلا خَطِيَّة، فليَرْمِهَا أوَّلاً بِحَجَر." فأدرَكَ الشُّيُوخُ قبلَ الشُّبَّان أنَّهُم خُطاةٌ. فإن كُنتَ تَظُنُّ أنَّكَ لَستَ خاطِئاً، قد نتساءَلُ، "كم عُمرُكَ؟" أُولئِكَ الذين كانُوا قد أصبَحُوا في الخَمسينَ من عُمرِهِم، كانَ لديهِم جوابٌ أكثَرُ صِدقاً على هذا السُّؤال من أُولئكَ الذين كانُوا لا يزالُونَ في العِشرين.
في الإصحاحِ الثَّالِث من هذا الإنجيل، نقرأُ أنَّ يسُوعَ لم يأتِ إلى العالم لِيَدِينَ العالم، بَل لِيَخلُصَ بهِ العالَمُ (يُوحَنَّا 3: 16- 18). فهُوَ لم يكتَفِ بِمُجَرَّدِ الوَعظِ بالحقيقَة. ولقد أظهَرَ هذا البُعدَ من رسالَةِ إنجيلِهِ. أعتَقِدُ أنَّ الخُطاةَ بإمكانِهِم أن يقرَأُوا هذا الأمرَ في عَينَيهِ وفي تعابِيرِ وجهِهِ عندما نظرَ إليهِم.
فَلِماذا بدا الخُطاةُ وكأنَّهُم أحبُّوا يسُوعَ وأحبُّوا رِفقَتَهُ؟ عندما ذهبَ ليأكُلَ معَ العَشَّارِينَ والخُطاة، لم يَشعُرُوا فقط بالرَّاحَةِ لكَونِهِم مَعَهُ؛ بل بدَوا أنَّهُم أحَبُّوا وُجُودَهُ معَهُم. هل كانَ ذلكَ لأنَّهُ ضَحِكَ على نُكاتِهِم المَشبُوهَة، أم لأنَّهُ وافَقَ على ما كانُوا يقُولُونَهُ ويفعَلُونَهُ؟ كلا بتاتاً!
أنا مُقتَنِعٌ أنَّ السَّبَبَ هُوَ لأنَّهُ أحبَّهُم، وهُم عرفُوا أنَّهُ أحبَّهُم. لقدِ إستطاعُوا أن يَرَوا ذلكَ في عَينَيهِ. وإستطاعُوا قراءَةَ ذلكَ في وجهِهِ. وشعرُوا من خلالِ نبراتِ صَوتِهِ أنَّهُ لم يأتِ لِيَدِينَهُم. بل أظهَرَ لهُم وأخبَرَهُم بأنَّهُ لم يَدِنْهُم.
ولقد عبَّرَ أيضاً عن محبَّتِهِ لهذه المرأة عندما قالَ لها، "إذهَبِي ولا تُخطِئي أيضاً." أحدُ الكُتَّابِ المُفضَّلينَ عندي، كتبَ مرَّةً أنَّهُ تُوجَدُ ثلاثُ حقائِق عنِ الخَطيَّة. أوَّلاً: الخطيَّة لها عِقابٌ. ثانِيَاً: الخطيَّة لها سُلطة. ثالِثاً: الخطيَّة لها ثَمَنٌ. هذه هي الحقائِقُ الثَّلاث عنِ الخطيَّة.
ولقد كتبَ يقُولُ أيضاً أنَّهُ تُوجَدُ ثلاثُ حقائِق عنِ الخلاص. أوَّلاً: عقابُ الخطيَّةِ أُلغِيَ بسببِ موتِ يسُوع المسيح. فأوَّلُ حقيقَةٍ عنِ الخطيَّة تمَّ التغلُّبُ عليها بالحقيقةِ الأُولى عنِ الخلاص – أي بما فعلَهُ يسُوعُ عندما ماتَ على الصَّليب.
ثانِياً: الحقيقَةُ الثَّانِيَة عنِ الخلاص هي أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ هو سُلطَةٌ قويَّةٌ بِشكلٍ كافٍ لتُسيطِرَ على الخطيَّة. "لأنَّ الذي فيكُم أقوَى منَ الذي في العالم." (1يُوحَنَّا 4: 4). بهذه الطريقة عبَّرَ هذا الرَّسُول عن الحقيقَةِ الثَّانِيَة عنِ الخلاص في رسالَتِهِ التَّأكيديَّة التي جاءَت في نهايَةِ العهدِ الجديد. فإذا آمنتَ، وإذا شَرِبتَ من ماءِ الحياة، وإن كانَ الرُّوحُ القُدُسُ يتدفَّقُ منكَ مثلَ نبعٍ أو نهرٍ، عليكَ أن تُدرِكَ أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ هُوَ أيضاً سُلطَةٌ قادِرَةٌ بأن تتغلَّبَ على الخَطيَّةِ في حياتِكَ. هذه هي الحقيقَةُ الثَّانِيَة عنِ الخلاص: الخطيَّةُ هي سُلطة، ولكنَّ الرُّوحَ القُدُسَ هُوَ سُلطةٌ أكبَر وأعظم من سُلطَةِ الخطيَّة.
الحقيقَةُ الثَّالِثَة عنِ الخطيَّة هي الأكثَرُ صُعُوبَةً للتَّغلُّبِ عليها من خلالِ مُعجِزَةِ الخلاص. فالذي نُسَمِّيهِ "لَطخَة" الخطيَّة أو ثَمَن الخطيَّة، يترُكُ سِماتٍ لا تُمَّحَى. كتبَ بُولُس يَقُولُ أنَّ الخَطِيَّةَ تستَحِقُّ أُجرَتَها، ويَصِفُ أُجرَتَها بكَونِها "المَوت." (رُومية 6: 23). إستِعارَةُ المَوت المجازِيَّة في هذا الإطار تعني أسوأَ العواقِب.
فيُمكِنُ أن تَكُونَ عواقِبُ الخطيَّةِ رهيبَةً، وغالِباً ما تَكُونُ لا يُمكِنُ تحاشِيها. فلا يُمكِنُنا أن نُعيدَ البيضَ المخفُوق ليرجِعَ على شكلِهِ الأساسِي كما خرجَ منَ الدَّجاجة، وهكذا أيضاً عواقِبُ الخطيَّةِ لا يُمكِنُ درؤُها أو إرجاعُها. أسوأُ عواقِبِ الخطيَّة يُمكِنُ وَصفُها بِكَونِها "سِماتٍ لا تُمَّحَى." مثلاً، إذا إقتَرَفنا خَطِيَّةَ القَتلِ، وجئنا إلى يسُوع طالبينَ الغُفران، فإنَّ العقابَ الذي نستَحِقُّهُ على خَطيَّتِنا في الأبديَّة يُمَّحى بالِصليبِ. ولكنَّ هذا لا يُعيدُ الضَّحِيَّةَ إلى الحياة، ولا يُحَرِّرُنا من السِّجنِ والعِقابِ الذي يرى المُجتَمَع أنَّنا نَستَحِقُّهُ.
تُوجَدُ كَلِمَةٌ جَميلَةٌ في الكتابِ المُقدَّس، التي تَصِفُ الطريقة التي بها يتغلَّبُ اللهُ على الحقيقَةِ الثَّالِثَة عنِ الخطيَّة، بواسِطَةِ الحقيقَةِ الثَّالِثَة عنِ الخلاص. إنَّها كَلِمَة "مُبَرَّرِين." فعندما نُؤمِنُ بالمسيح للخلاصِ والغُفران، لا يتوقَّفُ الأمرُ عندَ الغُفرانِ لنا ومُسامَحَتِنا. بل نُصبِحُ وكأنَّ خطيَّتَنا لم تحدُثْ أصلاً.
تصوَّرُوا أنَّ حياتَكُم هي شَريطٌ مُسجَّل. وتصوَّرُوا أنَّ المسيحَ سوفَ يجعَلُكُم تُشاهِدُونَ شَّريطَ حياتِكُم أمامَ كُرسِيِّ دينُونَتِهِ. ولكن قبلَ أن يُشَغِّلَ شريطَ حياتِكُم، يقطَعُ الشَّريط من حيثُ تبدأُ خطيَّتُكُم وإلى حَيثُ تنتَهِي. ويرمي بَعيداً بهذه القطعة منَ الشَّريط التي تَصِفُ خطاياكُم. وعندَما يُشَغِّلُ الشَّريط، تبدُو حياتُكُم وكأنَّكُم لم تُخطِئوا أصلاً.
وإلى جانِبِ عبارَةِ الإنجيل الجميلة التي هي "مُبَرَّرِين،" تُوجَدُ أيضاً عبارة "أمامَ عينيهِ" التي نَجِدُها أكثَر من مائة وخمسينَ مرَّةً في العهدِ الجديد. أمامَ عينيهِ، لا تُوجَدُ خَطيَّة. ورُغمَ أنَّهُ تُوجَدُ سماتٌ لا تزالُ تُلطِّخُ المُستَوى الأُفُقِي في العلاقاتِ البَشَريَّة، ولكن أمامَ اللهِ لا تُوجَدُ سماتٌ ولا لَطخاتٌ. قد تُقدِّرُونَ قيمَةَ كون هذه الحقيقة أخباراً سارَّة، إذا قدَّمتُ لكُم إيضاحاً عنها.
تصَوَّرُوا أنَّكُم تُحاكَمُونَ على جَريمَةٍ أنتُم منها بَرَاء. ومُحاكَمَتُكُم تَتِمُّ أمامَ قاضٍ في قاعَةِ محكَمَةٍ تعُجُّ بالمُتَفَرِّجِين. وقد تحتاجُونَ إلى مُحامٍ ليُقنِعَ القاضِي بِبراءَتِكُم، وليسَ أن يُقنِعَ القاعَةَ المليئةَ بالمتُفَرِّجِين. قد يستَطيعُ المُحامِي أن يُقنِعَ الجُمهُورَ الذي يحضُرُ محاكَمتَكُم بأنَّكُم أبرياء، ولكن إن لم يقتَنِع القاضِي، سوفَ تُوجَدُونَ مُذنِبين. ولكن، حتَّى ولو ظَنَّ جميعُ المُتَفَرِّجينَ أنَّكُم مُذنِبُونَ، ولكنْ إذا ظَنَّ القاضِي أنَّكُم أبرِياء، فسوفَ يُطلَقُ سراحُكُم. القَضَيَّةُ الهامَّةُ هي ما يعتَقِدُهُ القاضِي صحيحاً حيالَ ذَنبِكُم أو براءَتِكُم.
تعلَّمنا في الإصحاحِ الخامِس أنَّ الآبَ لن يَدينَ النَّاس، بل قد أعطَى كُلَّ الدَّينُونَةِ للإبن (5: 22). عندما نظهَرُ أمامَ دَيَّان كُلِّ الأرض، هذا البُعد الأُفُقِيّ للدَّينُونَة والتَّبرير من قِبَلِ النَّاس سوفَ يُصبِحُ بِدُونِ معنىً. البُعدُ الوَحيدُ للدَّينُونَةِ والتَّبرير، الذي سوفَ يكُونُ مُهِمَّاً عندَها، سيَكُونُ ما يَظُنُّهُ المسيحُ عن ذَنبِكُم وبراءَتِكُم. هذا يجعَلُ من الكلماتِ الثَّلاث التي تظهَرُ عدَةَ مرَّاتٍ في العهدِ الجديد، يجعَلُ منها أخباراً سارَّةً جداً. إنجيلُ التَّبرير هو أنَّهُ "أمامَ عينَيِ اللهِ" سوفَ نَكُونُ أبراراً وكأنَّنا لم نُخطِءْ أصلاً.
ولكن تُوجَدُ وَصَماتٌ لِلخَطِيَّةِ لا تُمَّحَى في حَياتِنا، وخاصَّةً على المُستَوى الأُفُقِيّ في علاقَاتِنا. فعندما نُخطِئُ، نحنُ لا نَتَسَبَّبُ فقط بِوَصمَةٍ لِنُفُوسِنا، بل وَلِلآخرين حولَنا أيضاً. هذا ما قَصَدَهُ مارتن لُوثر عندَما قالَ أنَّ "الخطايا هي عادَةً توائِم." فبِما أنَّنا نُخطِئُ معَ شَخصٍ آخر، نترُكُ وصَماتٍ على حياتِه كما نترُكُ على حياتِنا.
وبِكَلِماتِ يَعقُوب، عندما نخرُجُ إلى العالَم، وكأنَّنا نرتَدي ثَوباً أبيَضَ نقِيَّاً لا عَيبَ فيهِ. وعندما نُخطِئُ، نضَعُ لطخَةً أو وصمَةً على هذا الثَّوب، ولَرُبَّما نضَعُ أيضاً وصمةً على ثَوبِ الشَّخصِ الآخر. وهكذا نستَمِرُّ بتلطيخِ هذا الثَّوب بالخَطيَّة، حتَّى أنَّنا عندما نقتَرِبُ منَ المسيح، يبدُو ذلكَ الثَّوبُ وكأنَّهُ ثوبُ رَسَّامٍ، مُلطَّخٌ بالألوانِ في كُلِّ مكانٍ.
ولكنَّنا الآن، عندما نقتَرِبُ منَ المسيح، يَكُونُ هذا الثَّوبُ في عَينَيهِ خالِياً من كُلِّ وصمة. ولكن على المُستَوى الأُفُقِيّ، أي في علاقَتِنا معَ الآخرين، سيكُونُ منَ الصَّعبِ جدَّاً، وأحياناً سيَكُونُ منَ المُستَحيلِ أن نمحِيَ هذه الوصماتِ. فعلى المُستَوى الأُفُقِيّ، حتَّى اللهَ لا يستَطيعُ أحياناً أن يمحِيَ مُشكِلَةَ الوَصَماتِ، السِّماتِ، أو العواقِب الحتميَّة لِلخَطيَّة. لهذا أشَرتُ إلى أنَّ يسُوعَ أظهَرَ محبَّةً عظيمَةً لهذه المَرأَة عندما قالَ، "إذهَبِي الآن ولا تُخطِئِي أيضاً."
بما أنَّهُ تُوجَدُ وَصَماتٌ لِلخَطيَّة لا تُمَّحَى على المُستَوى الأُفُقِيّ، عندما يَكُونُ ولَدُكَ خارِجاً في العالم، وأنتَ عالِمٌ بأنَّهُ لا يَسيرُ معَ الرَّبّ، ما ينبَغي أن تُصَلِّيَ لأجلِهِ هُوَ، "يا الله، إحفَظْهُ [أو إحفَظْها] منَ الوَصَماتِ التي لا تُمَّحَى. لهذا يُعَلِّمُنا الكتابُ المُقدَّسُ بأن لا نُخطِئَ. فاللهُ يُحِبُّنا ويُريدُنا أن نحمِيَ أنفُسَنا منَ عواقِبِ الخطيَّة الرَّهيبة. فلا يُوجَدُ أيُّ شَيءٍ صالِحٍ في الخطيَّة. أكُرِّرُ هذا. لا يُوجَدُ أيُّ أمرٍ صالِحٍ في الخطيَّة. فلا تُخطِئُوا. "إذهَبوا ولا تُخطِئُوا أيضاً."
الأخبارُ السَّارَّةُ عن أوَّلِ حقيقَتَينِ للخلاص، هي أنَّ عِقابَ الخطيَّةِ قد أُزيلَ، وأن سُلطَتَها يُمكِنُ أن تُغلَبَ. ولكن أُفُقِيَّاً ، يُمكِنُ أن تبقَى تسعيرَةُ الخَطيَّةِ باهِظَةً جدَّاً. "أُجرَةُ الخَطيَّةِ هي مَوتٌ." ما يعنيهِ هذا هُوَ أنَّهُ لا يُوجَدُ شَيءٌ صالِحٌ في عواقِبِ الخطيَّة.
الحقيقَةُ الدِّيناميكيَّةُ التي ينبَغي إكتِشافُها في العَمَلِ الرَّمزِيِّ الذي يبدَأُ بهِ هذا الإصحاح، هُوَ مَوقِفُ يسُوع تجاهَ الخاطِئ، وموقِفُ ذلكَ الخاطِئ تجاهَ يسُوع، وموقِفُ يسُوع تجاهَ الخَطيَّة. ما يُعَلِّمُنا إيَّاهُ هذا العَمَلُ الرَّمزِيُّ هُوَ إيضاحٌ جميلٌ عنِ الإنجيل الذي جاءَ يسُوعُ ليُؤسِّسَهُ وينشُرَهُ في هذا العالم.
لدينا أيضاً موقِفُ يسُوع تِجاهَ المُتَّهِمِينَ النَّامُوسيِّين. فقِصَّةُ لِقاءِ يسُوع معَ هذا الخاطِئ تضعُ أساساً مَتيناً لِعِظَةٍ رائِعَةٍ ألقاها يسُوعُ عنِ الخطيَّةِ وعواقِبِها. في تعليقي على الإصحاحِ السَّابِع (كما وردَ في الكُتَيِّب رقم 24)، أشَرتُ إلى أنَّ يسُوع كانَ واعِظاً عظيماً. فنحنُ سوفَ نُشاهِدُ هذا يتكرَّرُ هُنا في الإصحاحِ الثَّامِن. يُقالُ أنَّكَ عندما تقرَأُ الكتابَ المُقدَّسَ، إذا فتَّشتَ عن لا شَيء، سوفَ تَجِدُ ضالَّتكَ المَنشُودَة. لهذا أوَدُّ أن أُعطِيَكَ فرضاً منزِليَّاً تقُومُ بهِ. أوَدُّ أن ألفُتَ إنتباهَكَ إلى الأُمُورِ التي عليكَ أن تبحَثَ عنها في هذا الإصحاحِ الثَّامِن من إنجيلِ يُوحَنَّا.
تَذَكَّرْ أنَّ هذا لا يزالُ جزءاً من مُحادَثَة يسُوع العدائِيَّة معَ رِجالِ الدِّين. هذا الحِوار سوفَ يَصِلُ الآنَ إلى ذُروَتِهِ. وعندما يَصِلُ إلى الذُّروَة، سوفَ نقرَأُ الأخبارَ السَّارَّةَ عن أنَّ بعضَ رِجالِ الدِّين اليَهُود قد تجَدَّدُوا. نَجِدُ مقطعاً عظيماً منَ الإنجيل عندَما نقرَأُ هُنا: "وبَينما هُوَ يتكلَّمُ بِهذا، آمنَ بِهِ كَثيرُون. فقالَ يسُوعُ لِليَهُودِ الذين آمنُوا بهِ، إنَّكُم إن ثَبَتُّم في كلامِي فبالحَقيقَةِ تَكُونُونَ تلاميذِي. وتَعرِفُونَ الحَقَّ، والحَقُّ يُحَرِّرُكُم."
"أجابُوهُ [أي الذين لم يُؤمِنُوا بهِ] إنَّنا ذُرِّيَّةُ إبراهِيم ولم نُستَعبَدْ لأحَدٍ قَطّ. كيفَ تَقُولُ أنتَ إنَّكُم تَصيرُونَ أحراراً. أجابَهُم يسُوعُ الحَقَّ الحَقَّ أقُولُ لكُم إنَّ كُلَّ من يعمَلُ الخَطيَّة هُوَ عبدٌ لِلخَطيَّة. والعَبدُ لا يَبقَى في البَيتِ إلى الأبد، أمَّا الإبنُ فيَبقَى إلى الأبد. فإن حَرَّرَكُم الإبنُ فبالحَقيقَةِ تَكُونُونَ أحراراً." (يُوحَنَّا 8: 30- 36)
وعلى مِثالِ عظَتِهِ المُؤَثِّرَة التي ألقَاها في اليَومِ الأخير منَ العِيد، كانت رِسالَةُ يسُوع الدِّينامِيكيَّة هذهِ قد لاقَت تجاوُباً مُتناقِضاً. آمنَ البَعضُ من السَّامِعين، ولكنَّنا نقرَأُ في نهايَةِ الإصحاح: "فرَفَعُوا حجارَةً لِيَرجُمُوهُ، أمَّا يسُوعُ فاختَفَى وخَرَجَ منَ الهَيكَلِ مُجتازاً في وَسَطِهِم ومضَى هكذا." رُغمَ أنَّ يسُوعَ ألقَى عِظَتَهُ في إطارِ حِوارٍ، بينما تقرأُ هذا الإصحاح، حاوِلْ أن تُلَخِّصَ جوهَرَ ما وعظَ بهِ. وبينما تَقُومُ بالتَّلخيص، لاحِظ أنَّهُ بالنَّتيجَة، قالَ يسُوعُ لهؤُلاء الكتبَة والفَرِّيسيِّين ما معناهُ: "لأنِّي أعلَمُ من أينَ أتَيتُ وإلى أينَ أذهَبُ. وأمَّا أنتُم فلا تعلَمُونَ من أينَ آتي ولا إلى أينَ أذهَبُ، لأنَّكُم تحتَ سيطَرَةِ الجَهل. أنتُم تأتُونَ منَ الجَهل. وأنتُم مُقادُونَ بالجَهل، وسوفَ تَمُوتُونَ في جهلِكُم، إن لم تُؤمِنُوا بي." (يُوحَنَّا 8: 14، 19).
ثُمَّ وعظَ قائِلاً ما معناهُ، "أنتُم تأتُونَ منَ الخَطيَّة، وأنتُم عبيدٌ لِلخَطيَّة، وسوفَ تَمُوتُونَ في خطاياكُم إن لَمْ تُؤمِنُوا بِي." (21- 24) ثُمَّ يُتابِعُ القَول: "أبُوكُم هُوَ إبليس. أنتُم من أبٍ هُوَ إبليس، وأنتُم تحتَ سَيطَرَةِ إبليس، وسوفَ تذَهبُونَ إلى إبليس إن لم تُؤمِنُوا بي." (37- 44) ثُمَّ تابَعَ قائِلاً في وعظِهِ: "أنا من فَوق، أمَّا أنتُم فمِن أسفَل." بِكَلماتٍ أُخرى، "أنتُم تأتُونَ منَ الجحيم، وأنتُم تحتَ سَيطَرَةِ قُوَّةِ الجحيم، وسوفَ تذهَبُونَ إلى الجحيم إن لم تُؤمِنُوا بِي." (يُوحَنَّا 8: 23- 24).
هذا تفسيرٌ وتلخيصٌ للطَّريقَةِ التي بها يُلَخِّصُ يُوحَنَّا عِظَتَهُ. أنظُرُوا إن كانَ بإمكانِكُم أن تستَخلِصُوا هذه الرِّسالَة من الحِوارِ المَذكُورِ في هذه الأعداد التي تتبَعُ قِصَّةَ المرأة التي أُمسِكَت في زِنىً. تَتَبَّعُوا هذا الحِوارَ من حيثُ بدأَ في الإصحاحِ الخامِس، وُصُولاً إلى نهايَةِ الإصحاح الثَّامِن، حيثُ حملَ البعضُ منهُم حجارَةً لِيَرجُمُوهُ. عندما تُفَسِّرُونَ وتُلَخِّصُونَ ما قالَهُ بالفِعل للفَرِّيسيِّين ولِمُعَلِّمِي النَّامُوس، سوفَ تفهَمُونَ لماذا قامَ الذين لم يُؤمِنُوا بهِ بحملِ حجارَةٍ ليَرجُمُوه. فما قالَهُ لهُم لم يَكُن وقعُهُ طَيِّباً على أسماعِهم، ولكنَّهُ كانَ تعليماً عقائِديَّاً ديناميكيَّاً قَوِيَّاً.
كيفَ تَظُنُّونَ كانَ الإصغاءُ إلى يسُوع وهُوَ يَعِظُ؟ لا أتعجَّبُ من كَونِ رِجالِ الدِّين قد إمتلأُوا غَيظاً عندما سَمِعُوهُ يَعِظ، لدَرَجَةِ أنَّهُم حمَلُوا حجارَةً لِيَرجُمُوه. ولا أتعجَّبُ أيضاً أنَّ الكَثيرَ منَ اليَهُودِ آمنُوا نتيجَةً لِعظتِهِ. فلقد أوصاهُم يسُوعُ أن يثبتُوا في كَلامِهِ ليُصبِحُوا تلاميذَهُ بِحَقٍّ (يُوحَنَّا 8: 30- 36)
خلالَ دَرسِكَ أيُّها القارِئُ العَزيز هذا الحِوارَ العَدائِيّ هُنا في الإصحاحِ الثَّامِن، هل سبقَ وإتَّخَذتَ قرارَكَ حيالَ يسُوع؟ إن كُنتَ تُفَكِّرُ مَعي من خلالِ هذه الإصحاحاتِ الثَّمانِيَة من إنجيلَ يُوحَنَّا، دَعني أتَحدَّاكَ بالسُّؤالِ التَّالي. ماذا تُؤمِنُ أنتَ شَخصِيَّاً بالمسيح؟ إن كُنتَ قد تفحَّصتَ كُلَّ تصريحاتِ يسُوع هذه، خاصَّةً في الإصحاحاتِ الخامِس، السَّادِس، السَّابع والثَّامِن، أتساءَلُ هل أصبحتَ تُؤمِنُ بالمسيحِ وهُوَ يُقَدِّمُ هذه التَّصريحات؟
قالَ يسُوعُ للَّذِينَ آمنُوا به، بأن يثبُتُوا بكلامِهِ ليُصبِحُوا تلاميذَهُ بِحَقٍّ (30- 36). فهل أنتَ مُستَعِدٌّ لِتَسمَعَ هذه الكلمات التي قالَها يسُوع، "إن ثَبَتُّم في كلامِي فبالحَقيقَةِ تَكُونُونَ تلاميذٍِي"؟ أم أنَّهُ يتوجَّبُ عليكَ أن تَكُونَ صادقاً فكريَّاً معَ نفسِكَ، وأن تَرجُمَهُ من حياتِكَ إلى الأبد؟ تَذَكَّرْ أنَّهُ يترُكُ أمامَكَ فقط هذه الخَيارات: بإمكانِكَ أن تُقَرِّرَ أنَّهُ كانَ كاذِباً؛ أو بإمكانِكَ أن تَكُونَ لطيفاً فتُقَرِّرُ أنَّهُ كانَ مجنُوناً؛ أو سيتوجَّبُ عليكَ أن تُقَرِّرَ أن تَدعُوهَ رَبَّكَ ومُخَلِّصَكَ الشَّخصِيّ.
هذا من هُوَ يسُوع، وهذا ما هُوَ الإيمانُ، وهذا ما هِي الحياةُ في الإصحاحِ الثَّامِن من إنجيلِ يُوحَنَّا.
- عدد الزيارات: 3869