الفَصلُ الرَّابِع "كاذِبٌ، مَجنُونٌ، أم رَبٌّ؟"
"فَتِّشُوا الكُتُب، لأنَّكُم تَظُنُّونَ أنَّ لَكُم فيها حَياةٌ، وهِيَ تَشهَدُ لي. ولا تُرِيدُونَ أن تأتُوا إليَّ لِيَكُونَ لكُم حَياةٌ." (يُوحَنَّا 5: 39، 40)
بِهذهِ الطَّريقَة يبدَأُ يسُوعُ حِوارَهُ معَ هؤُلاءِ القادَة الدِّينيِّين. فَشِفاءُ الرَّجُلِ أمامَ بِركَةِ بَيتِ حسدا كانَ ما يُمكِنُ أن نُسَمِّيَهُ شِفاءً ستراتيجيَّاً، لأنَّهُ كانَ العامِلَ المُؤَسِّس للإطارِ الذي فيهِ قدَّمَ يسُوعُ نفسَهُ لقادَةِ اليَهُود الدِّينيِّين.
وكَمَا أشَرتُ سابِقاً، نَوَدُّ أن نَظُنَّ أنَّ رِجالَ الدِّينَ كانَ ينبَغي أن يبتَهِجُوا بِكَونِ الرَّجُل العاجِز أصبَحَ قادِراً على المَشِي. ولكنَّهُم لم ينظرُوا إلى الأمرِ بهذه الطريقة. فعِندَما رأَوهُ يحمِلُ سَريرَهُ، قالُوا، "يا صاحِب، أنت تَكسِرُ النَّامُوس!" وهذا يُرينا كم كانُوا شَديدي البُعد عمَّا أسماهُ الرَّسُول بُولُس "بِرُوحِ النَّامُوس." لقد شَفَى يسُوعُ هذا الرَّجُل بالطريقَةِ التي شفاهُ بها، لأنَّ يسُوعَ في هذه المرحَلَة من خِدمَتِهِ، أرادَ بِوُضُوحٍ أن يُقحَمَ في حِوارٍ معَ رِجالِ الدِّينِ اليَهُود.
نتعلَّمُ منَ الأناجيلِ المُتشابِهَةِ النَّظرَة أنَّ يسُوعَ يُعَلِّمُ بواسِطَةِ المواعِظِ والخُطَبِ والأمثال. فالكَثيرُ من تعليمِهِ الرَّفيع أُعطِيَ في إطارِ الحِوار. فهُوَ يُعَلِّمُ من خلالِ لِقاءاتِهِ معَ النَّاس، ومن خلالِ حوارِهِ المُستَمِرّ معَ رُسُلِهِ لمُدَّةِ ثلاثِ سنواتٍ.
يُعلِّمُنا يسُوعُ أيضاً أُمُوراً من خلالِ حِوارِهِ العَدائِي معَ رِجالِ الدِّين. بالأخَصّ في الإصحاحات 5 إلى 8 من إنجيلِهِ، يُعطِينا يُوحَنَّا تلخيصَهُ الدَّقيق لهذا الحوارِ المُطَوَّل بينَ يسُوع وبينَ رِجالِ الدِّين. يتغيَّرُ إطارُ الحِوارِ أحياناً. وهُوَ يتمحوَرُ حولَ المُعجِزاتِ التي حقَّقَها يسُوع – شفاءُ الرَّجُلِ المَريض عندَ بِركَةِ بيتِ حسدا، إشباعُ الجُموع، الشِّفاءُ الرُّوحِيُّ للمرأَةِ التي أُمسِكَت في زِنَىً، فتحُ عَينَي الرَّجل الذي وُلِدَ أعمَى – الأمرُ الذي يُِشَكِّلُ الطريقة التي بها تبدَأُ الإصحاحاتُ 5 إلى 9.
بَينَما تَستَعرِضُ تَصريحات يسُوع عن نفسِهِ في الإصحاحِ الخامِس، سوفَ تكتَشفُ أنَّ يسُوعَ كانَ يَقُولُ ما مَعناهُ: "كُلُّ دَينُونَةٍ قد أُعطِيَت لي. فأنا الإبنُ، وأبي السَّماوِي لن يَدينَ أحداً في اليومِ الأخير. بل أعطاني كُلًَّ الدَّينُونَة. فسوفَ أَدينُ أنا الجميع." وسَوفَ يَقُولُ يسُوعُ أيضاً أنَّهُ بإستِطاعَتِهِ أن يعمَلَ كُلَّ ما يعمَلُهُ الآب.
ولقد نسَبَ لِنَفسِهِ صِفاتٍ تنطَبِقُ على اللهِ الآبِ. فكما ترَى قارِئي العَزيز، إن كُنتَ ستَدَّعِي أنَّكَ الله، هُناكَ سُؤالٌ قد نطرَحُهُ عليكَ وهُوَ التَّالِي: "هكذا إذاً، أنتَ الله؟ دَعني أسأَلُكَ سُؤالاً. هل تستطيعُ أن تخلُقَ؟ فاللهُ يخلُقُ؛ وأنتَ، هل بإمكانِكَ أن تخلُقَ؟" لقد قدَّمَ يسُوعُ تصريحاً عن نفسهِ أنَّهُ الخالِق. وقد نَقُولُ، "حسناً، اللهُ أزَلِيٌّ أبديٌّ. فاللهُ كانَ، وهُوَ كائِنٌ الآن، وسيَكُونُ إلى الأبد. فهل أنتَ أزَلِيٌّ أبَدِيٌّ؟"
في نِهايَةِ هذا الحِوارِ العَدائِيِّ، إلتَفَتَ رِجالُ الدِّينِ اليَهُود إلى يسُوع وقالُوا لهُ، "ليسَ لكَ خَمسُونَ سنَةً بعد، وتَقُولُ أنَّكَ رأيتَ إبراهيم." فأجابَ يسُوع، "من قَبلِ أن يَكُونَ إبراهِيمُ أنا كائِن." ثُمَّ نقرَأُ أنَّهم حَمَلُوا حِجارَةً ليَرجُمُوهُ بحجَّةِ التَّجديف. لم يَكُنْ هُناكَ إلتِباسٌ في أذهانِ هؤُلاءِ القادَة الدِّينيِّين الذين سَمِعُوا إدِّعاءاتِ يسُوع عمَّا قصدَهُ.
فلَم يَقُولُوا مثلاً، "حسناً، ليسَ بإمكانِكَ أن تَكُونَ كُلَّ هذه الأُمُور التي تدَّعِيها، ولكنَّكَ رُغمَ ذلكَ شخصٌ رائِعٌ." لم يَكُونُوا قادِرينَ أن يفعَلُوا ذلكَ. ولكنَّهُم أرادُوا إمَّا أن يَرجُمُوهُ، أو أنَّنا نقرَأُ أنَّهُ عندَما إنتَهى من القِيامِ بِكُلِّ هذه الإدِّعاءات، "آمنَ بهِ كَثِيرُونَ." إلتَفَت يسُوعُ إلى أُولئكَ الذين آمنُوا بهِ، وقالَ لهُم ما معناهُ، "الآن أُثبُتُوا في كَلِمَتي لِتُصبِحُوا تلاميذِي بِحَقٍّ. وسوفَ تعرِفُونَ الحقَّ، والحَقُّ يُحَرِّرُكُم. وإن حَرَّرَكُمُ الإبنُ، فبالحَقيقَةِ تَكُونُونَ أحراراً." لقد حاوَلَ البَعضُ أن يرجُمُوهُ، وآخرُونَ دَعَوهُ رَبَّاً، وتَبِعُوهُ وصارُوا تلامِيذَهُ بِحَقٍّ.
لقد سبقتُ وطَلَبتُ منكُم أن تعملُوا لائِحَةً بِكُلِّ تصريحاتِ يسُوع في هذه الإصحاحاتِ من إنجيلِ يُوحَنَّا. والآن، تأمَّلُوا بتَصريحاتِ يسُوع المسيح التي دَوَّنتُمُوها. وبعدَ أن تتأمَّلُوا بِتَصريحاتِ يسُوع، أعتَقِدُ أنَّكُم ستَكتَشِفُونَ أنَّهُ سيَكُونُ لَدَيكُم هذه الخياراتِ الثَّلاثَة كما يُلَخِّصُها لنا C. S. Lewis. ثُمَّ عليكُم أن تتحلُّوا بالجرأَةِ الفِكريَّة لِتَعتَبِرُوا يسُوعَ إمَّا كاذِباً، أو مَجنُوناً، أو مُخَلِّصاً ورَبَّاً وإلهاً على حياتِكُم.
بَعدَ ذكرِ هذه التَّصارِيح في الإصحاحِ الخامِس، بِما أنَّهُم لَمَّحُوا أنَّهُ لم يَكُنْ يُوجَدُ أيُّ دَليلٍ يُبَرهِنُ أنَّ يسُوعَ كانَ من إدَّعَى أنَّهُ هُو، قالَ لهُم ما معناهُ، "لا يُعوِزُكُم الدَّليلُ لتُؤمِنُوا بهذه الأشياء." فأخبرَهُم يسُوعُ في مَرحَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ من ذلكَ الحِوار العَدَائِي قائِلاً، "مُشكِلَتُكُم ليسَت بجَوهَرِها فِكريَّة؛ بل هي أخلاقِيَّة، وهِيَ قَضِيَّةُ ما تختارُونَهُ أو تُريدُونَهُ."
ما قالَهُ لهُم يسُوعُ كانَ بالحقيقَةِ التَّالِي: "لو كُنتُم تُريدُونَ فعلاً أن تُؤمِنُوا بأقوالي، لوَجدتُم الكثير منَ الدلائِلِ على صِحَّتِها. مثلاً، يُوحَنَّا المعمدان، الذي تُكرِمُونَهُ كَثيراً، قالَ أروعَ الأشياءِ عَنِّي." ولقد إعتَرَفَ جميعُ اليَهُودِ آنذاكَ أنَّ يُوحَنَّا المعمدان كانَ نَبِيَّاً. قالَ يسُوع، "يُوحَنَّا شَهِدَ عَنِّي." ولقد رأينا هذا في المقطَعِ الذي تكلَّمَ عن يُوحَنَّا المعمدان.
ثُمَّ قالَ يسُوع، "أنظُرُوا الأعمالَ التي عمِلتُها." ولقد كانَ يسُوعُ قد صنعَ الكَثيرَ من هذه الأعمالِ العجائِبيَّة. وفي نهايَةِ الإصحاحِ الثَّانِي، نقرَأُ أنَّهُ أنجزَ الكثيرَ منَ المعجزِاتِ في أُورشَليم، وآمنَ بعضُ النَّاسِ بسببِ هذه المُعجزاتِ التي عَمِلَها. وهُنا، نَجِدُ يسُوعَ يُذَكِّرُ هَؤُلاء القادَة الدِّينيِّين بهذه المُعجِزات عندَما يَقُولُ، "لديكُم مُعجِزاتِي. فلقد شَفَيتُ هذا الرَّجُل العاجِز عندَ بِركَةِ بيتِ حسدا. فأعمالي هي تصريحاتِي."
ثُمَّ قالَ يسُوع، "لدَيكُم شهادَةُ الآبِ السَّماوِيِّ نفسُهُ عندَ معمُودِيَّتِي. فعندما إعتَمَدتُ، الآبُ نفسُهُ تكلَّمَ قائِلاً، "هذا هُوَ إبني الحَبيب." لديكُم إذاً شهادَةُ اللهِ الآب."
ثُمَّ أشارَ إلى كَلِمَةِ اللهِ، وأعطانا عَدَدَينِ كِتابِيَّين، يَقُولُ عنهُما كاتِبُ التأمُّلاتِ الإنكليزيّ Oswald Chambers أنَّهُم مِفتاحُ حقيقَةِ الكتابِ المُقدَّس بكامِلِهِ. قالَ يسُوعُ لهؤُلاء النَّاس الذين كانُوا خُبراءَ في العهدِ القَديم، ما جَوهَرُ معناهُ، "فَتِّشُوا الكُتُبَ، لأنَّكُم تَظُنُّونَ أنَّكُم بِصَيرُورَتِكُم خُبراءَ في الكتابِ المُقدَّس، ستحصَلُونَ على الحياةِ الأبديَّة." ثُمَّ أضاف، "وهذه الأسفارُ الكتابِيَّةُ المُقدَّسة تشهَدُ لي، ولا تُريدُونَ أن تأتُوا إليَّ لِتَكُونَ لكُم حياةٌ."
تُعَبِّرُ ترجَمَةٌ أُخرى عن هذا العدد كالتَّالِي: "فَتِّشُوا الكُتُبَ المُقدَّسَةَ وأسبُروا أغوارَها بِدِقَّةٍ، لأنَّكُم تفتَرِضُونَ أنَّكُم ستحصُلُونَ على الحياةِ الأبديَّةِ من خلالِ هذه الأسفار. ولكنَّ هذه الأسفار تشهَدُ لي، ورُغمَ ذلكَ، أنتُم لا تُريدُونَ أن تأتُوا، بل ترفُضُونَ أن تأتُوا إليَّ لِتَكُونَ لكُم حياة." النَّصُّ اليُونانِيُّ الأصليُّ يُشيرُ هُنا إلى شَيءٍ كالتَّالِي: "أنتُم لا تأتُونَ إليَّ لأنَّكُم لا تُريدُونَ أن تأتُوا." فالذي يَقُولُهُ يسُوعُ هُوَ التَّالِي: القَضِيَّة ليسَت فِكرِيَّة؛ بل القَضِيَّةُ هي أخلاقيَّة، وهي أنَّكُم تتَّخِذُونَ قراراً واعِياً بِعَدَمِ المجيءِ إليَّ."
في بِدايَةِ السِّتِّينات، كُنتُ أقُودُ نِقاشاً لمجمُوعَةٍ من طُلابِ الحُقُوق في جامعةٍ في فلوريدا. فدخَلتُ في مجادَلَةٍ حادَّةٍ معَ أحدِ تلاميذِ القانُون. وفي مرحَلَةٍ ما، بدلَ أن أُحاجِجَهُ، الأمرُ الذي كُنتُ أعمَلُهُ لِفترَةٍ، شَعَرتُ نَفسي وكأنَّني مُقادٌ لأقُولَ لهُ، "حسناً، القَضِيَّةُ هُنا هي ليسَت فِكريَّة، بل هي قَضِيَّةٌ أخلاقِيَّةٌ، وهي قَضِيَّةُ خيار. فالسُّؤالُ هُو بالحقيقَةِ، هل تُريدُ أن تقبَلَ العواقِبَ الأخلاقيَّة لإيمانِكَ بالمسيح ولإتِّباعِهِ؟"
كانَ بإمكانِي أن أشعُرَ من جوابِ التلاميذِ الآخرين أنَّني إختَرَقتُ الحاجِزَ ووصلتُ إلى القَضِيَّةِ الجوهَرِيَّة بالنِّسبَةِ لهذا التلميذ. وفيما بعدَ، جاءَني بعضُ التَّلامِذَةِ وقالُوا لي، "كانت هذه هي النُّقطَةُ الأساسيَّةُ معَ هذا التِّلميذ. فجَميعُنا يعلَمُ أنَّ لَدَيهِ عَشيقة. فأُسلُوبُ حياتِهِ كانَ هُوَ القَضِيَّة الأساسيَّة. فالقَضِيَّةُ لم تَكُنْ تتعلَّقُ بِكُلِّ تلكَ الحجَجِ اللاهُوتيَّة والفَلسَفِيَّة التي كانَ يُقَدِّمُها. فعندَما أوضحَتَ النُّقطَةَ أنَّ القَضِيَّةَ ليسَت قضِيَّةً فكريَّة، بل هي قَضِيَّةُ خياراتٍ أخلاقِيَّة، كُنتَ بِذلكَ تُواجِهُ القَضِيَّةَ الحقيقيَّةَ في حياتِهِ."
تَعَلَّمتُ هذا الأمر من ذلكَ الحوار الذي نشأَ بينَ يسُوع وبينَ رِجالِ الدِّين. هذا ما كانَ يسُوعُ يعمَلُهُ عندَما قالَ لهُم، "لا يُعوِزُكُم البُرهان. فالحقيقَةُ هي أنَّكُم لا تُريدُونَ أن تأتُوا. لهذا أنتُم لا تأتُونَ إليَّ." في النامُوسِ اليَهُودِيّ، كانَت تُطلَبُ شهادَةٌ من شاهِدانِ فقط لإثباتِ أمرٍ ما. ولكنَّ يسُوعَ أعطاهُم خمسة شهاداتٍ معصومَةً عنِ الخَطأ. قالَ، "إذا أردتُم بُرهاناً، فلديكُم منهُ ما يَفيضُ. ولكنَّكُم لا تأتُونَ إليَّ لأنَّكُم لا تُريدُونَ أن تأتُوا إليَّ."
ولقد طرحَ يسُوعُ أيضاً على رِجالِ الدِّين سُؤالاً عميقاً: "كيفَ يُمكِنُكُم أن تُؤمِنُوا بينما أنتُم تطلُبُونَ مجداً بعضُكُم من بَعضٍ، والمجدُ الذي منَ اللهِ الآبِ لَستُم تطلُبُونَهُ؟" أعتَقِدُ أنَّهُ كانَ يَقُولُ لهُم، "أنتُم تَلعَبُونَ لُعبَةً عالَمِيَّةً دُنيَوِيَّةً، وهي أن تطلُبُوا مجداً ومَديحاً من بعضِكُم البَعض. ولكن لا يَخطُرُ على بالِكُم ولا حتَّى أن المَديحَ الذي يأتي من الله، أو أن تسألُوا كيفَ يشعُرُ اللهُ يا تُرى حِيالَ من أنا وحِيالَ ما أعمَلُهُ؟" إنَّ جَوهَرَ هذا السُّؤال كانَ، "إن كُنتُم تَعيشُونَ حياتَكُم على المُستَوى الأُفُقِيّ، وإن كُنتُم تطلُبُونَ مَديحَ بعضِكُم البَعض، فكيفَ يُمكِنُكُم أن تعتَرِفُوا بأنَّكُم تُؤمِنُونَ بالله؟ فأنتُم لستُم ولا حتَّى مُهتَمِّينَ بالنَّظرَةِ العمُودِيَّة، ولا يخطُرُ على بالِكُم أن تتساءَلُوا ما إذا كُنتُم تُرضُونَ الله."
في الإصحاحِ الخامِس، يُجيبُ يُوحَنَّا على هذا السُّؤالِ، "من هُوَ يسُوع؟" تذَكَّرُوا أنَّهُ في بِدايَةِ تفسيري لإنجيلِ يُوحَنَّا، وضَعتُ أمامَكُم تَحَدِّياً بأن تُجيبُوا على ثلاثَةِ أسئِلَةٍ في كُلِّ إصحاحٍ من إصحاحاتِ هذا الإنجيل. يُجيبُ يُوحنَّا بالتأكيد على السُّؤالِ الأوَّل، "من هُوَ يسُوع؟" عندما يُسَجِّلُ لنا إدِّعاءاتِ يسُوع عن نفسِهِ في هذا الحِوارِ الذي يبدَأُ في الإصحاحِ الخامِس. أجوِبَتُهُ على هذا السُّؤال هي أجوِبَةٌ مَهُوبَة كما تظهَرُ في هذا الإصحاح. فيسُوعُ هُو: الإبنُ الذي هُوَ واحِدٌ معَ الآب، والذي هُوَ محبُوبٌ منَ أبيهِ السَّماوِيّ، والذي يستطيعُ أن يعمَلَ جميعَ الأعمالِ التي يعمَلُها الآب. إنَّهُ الإبنُ الذي سيَدينُ الجميع. إنَّهُ الإبنُ الذي أُرسِلَ من قِبَلِ أبيهِ السَّماوِيِّ ليُقيمَ الأموات وليُعطِيَ حياةً أبديَّةً للذين يختارُهم. إنَّهُ شافِي الأشخاص الأكثر ضعفاً وعجزاً. حولَهُ تتمحوَرُ أسفارُ الكتابِ المُقدَّس، وإليهِ ينبَغي أن نأتِيَ لِنَنَالَ الحياةَ الأبديَّة. إنَّهُ يَقُولُ أنَّهُ أزَلِيٌّ أبديٌّ.
السُّؤالُ الثَّاني الذي أردتُكُم أن تُجيبُوا عليهِ عبرَ إنجيلِ يُوحَنَّا هُوَ التَّالِي: "ما هُوَ الإيمان؟" هذا السُّؤالُ تَتِمُّ الإجابَةُ عليهِ هُنا. فالإيمانُ ليسَ قضيَّةً عقلانِيَّةً بالدَّرَجَةِ الأُولى. الإيمانُ هُوَ بِجوهَرِهِ قضِيَّةٌ أدبيَّةٌ أخلاقِيَّة، وقضيَّةُ إختِيارٍ حُرّ، بحَسَبِ الإصحاحِ الخامِس من إنجيلِ يُوحَنَّا.
ثُمَّ ماذا عن هذا السُّؤال الثَّالِث، "ما هِيَ الحياةُ؟ في الإصحاحِ الخامِس؟ الجوابُ على هذا السُّؤال يَعُودُ بنا بالطَّبعِ إلى الرَّجُل الذي شُفِيَ عندَ بِركَةِ بيتِ حسدا. الحياةُ هي الصِّحَّةُ والعَقلُ السَّليم. يَقُولُ لنا يسُوعُ أنَّ الحياةَ هي أن نُولَدَ من جديد؛ الحياةُ هي أن نأتِيَ إلى المسيح، وأنت نستَبدِلَ ضعفَنا ومَرَضَنا بِصِحَّتِهِ وسلامَتِهِ، وببُنيانِ علاقَةٍ معَهُ، وبِمَعرِفَتنا أنَّهُ راضٍ علينا وأنَّنا ننالُ مديحَهُ. هذه هي الأجوِبَة على هذا السُّؤال، "ما هِيَ الحياةُ؟" كما وردَ في إنجيلِ يُوحَنَّا.
- عدد الزيارات: 3228