Skip to main content

الفَصلُ الأوَّل "نَظرَةٌ إلى إنجيل يُوحَنَّا"

لقد قَدَّمتُ في كُتَيِّبٍ آخر مُلاحَظاتٍ للذين إستَمَعُوا إلى حلقاتِ بَرنامج "في ظِلالِ الكلمة،" التي تُقدِّمُ مُلَخَّصاً لإنجيلِ يُوحنَّا، خلالَ دراسَتِنا الشَّامِلَة للعَهدِ الجَديد. والكُتَيِّبُ الذي أنتُم الآن بِصَدَدِ قراءَتِهِ هُوَ الأوَّلُ من بَينِ سِتَّةِ كُتَيِّباتٍ أُلَخِّصُ فيها مائَةً وثلاثِينَ حلقَةً إذاعِيَّةً، فَسِّرتُ فيها إنجيلَ يُوحَنَّا عدداً بعدَ الآخر.

الرسُول يُوحنَّا هُوَ كاتِبُ هذا الإنجيل. خلالَ قِراءَتي لهذا الإنجيل، بإمكانِي أن أعرِفَ القَصد الذي لأجلِهِ كتبَ يُوحَنَّا، وكذلكَ قَصدِي أنا منَ القِراءة، لأنَّ يُوحَنَّا يُخبِرُنا بِوُضُوحٍ لماذا كتبَ هذا الإنجيلَ الرَّابِع: "وآياتٍ أُخَرَ كَثيرة صنعَ يسُوعُ قُدَّامَ تلاميذِهِ لم تُكتَبْ في هذا الكِتاب. وأمَّا هذه فقد كُتِبَت لتُؤمِنُوا أنَّ يٍسُوعَ هُوَ المسيح إبنُ الله ولِكَي تكُونَ لكُم إذا آمنتُم حياةٌ بإسمِهِ." يُوحَنَّا 20: 30، 31.

"الآيَةُ" هي مُعجِزَةٌ تُبَرهِنُ شَيئاً، أو ما يُمكِنُ أن نُسَمِّيَّهُ "بُرهانٌ مُعجِزِيٌّ." يُخبِرُنا يُوحنَّا في هذا الإنجيل أنَّهُ عندما كانَ يسُوع المسيح في عالَمِنا، حقَّقَ الكثير من البراهين المُعجِزيَّة، أو الآيات. وفي العددِ الأخير من هذا السفر، يُخبِرنا يُوحنَّا أنَّهُ لم يُسجِّلْ كُلَّ الآيات، أو البراهين المُعجِزيَّة التي حقَّقها يسُوع. ويُخبِرُنا أنَّهُ لو سجَّلَ أحدُهُم كُلَّ الآيات التي عمِلَها يسُوع، لما إتِّسَعَ العالَمُ بأسرِهِ للكُتُبِ التي كانت ستُكتَبُ عنهُ.

يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ هذا الإنجيل الرَّابِع هُوَ سِجِلُّ مُدَوَّنٌ لبَعضِ المُعجِزاتِ التي أنجزَها يسُوع. فيُوحَنَّا شارَكَ معنا سِجِلاً بهذهِ الآيات التي إختارَها، لأنَّهُ أرادَنا أن نُؤمِنَ أنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح المَسيَّا، إبن الله. وهُوَ مُقتَنِعٌ تماماً أنَّنا عندما نُؤمِنُ، ستَكُونُ لنا نَوعِيَّةُ الحياة التي يُريدُها اللهُ لِكُلِّ كائنٍ بَشَرِيٍّ. وهُوَ يُسَمِّي هذه النَّوعِيَّة منَ الحياة "الحياة الأبديَّة."

أمرٌ آخَرُ أُحِبُّهُ عن هذا الكاتب، هُوَ أنَّهُ يكتُبُ لنا في ما أُسمِّيهِ "لُغة الرَّمُوز" الجَميلة. فهذا الإنجيل الرَّابِع هُوَ مِثالٌ عمَّا قَصَدَهُ بُولُس عندما كتبَ يَقُولُ أنَّ "اليَهُودَ يطلُبُونَ آيَةً." (1كُورنثُوس 1: 22) هذا الإنجيل هُوَ مِثالٌ عن لُغَةِ الرُّمُوز الكِتابِيَّة الرُّوحِيَّة التي إستخدَمها اليَهُود.

عندما كتبَ يُوحنَّا سفرَ الرُّؤيا، وصفَ في العددِ الأوَّل من هذا السِّفر الظُّروفَ التي فيها أُعطِيَ لهُ هذا الإعلانُ، بالكلماتِ التالِيَة: "إعلانُ يسُوع المسيح الذي أعطاهُ إيَّاهُ اللهُ لِيُرِيَ عبيدَهُ ما لا بُدَّ أن يكُونَ عن قَريبٍ وبيَّنَهُ مُرسِلاً بيَدِ ملاكِهِ لِعَبدِهِ يُوحنَّا."

إنَّ كَلمَة "بَيَّنَهُ" مُثِيرَةٌ للإهتِمام. وما يقُولُهُ يُوحنَّا هوَ أنَّ الشَّكلَ الأدَبِيَّ للإعلان الذي أُعطِيَ لهُ من قِبَلِ اللهِ على جَزيرَةِ بَطمُس كانَ "لُغَةً رَمزِيَّةً رُوحيَّة." ويُضِيفُ الرَّسُولُ بُولُس نظرَةً إضافِيَّةً على مَفهُومِ هذه الكلمة، عندما يكتُبُ عنِ التَّاريخِ العِبريّ قائِلاً: "فهذه الأُمُور جيمعُها أصابَتْهُم مِثالاً وكُتِبَت لإنذارِنا نحنُ الذين إنتَهَت إلينا أواخِرُ الدُّهُور." (1كُورنثُوس 10: 11).

عندما قالَ بُولُس أنَّ كُلَّ هذه الأُمُور التي حدَثَت لليَهُود في التاريخِ الكتابِيّ، حدَثت لتَكُونَ مِثالاً، إستَخدَمَ الكلمة اليُونانِيَّة Tupos، التي تعني نمُوذجاً، مثل نمُوذَجَ الطِّباعَة. يُخبِرُنا بُولُس أنًَّ أدَبَ الكِتابِ المُقدَّس التَّاريخيّ مَملُوءٌ بأمثِلَةٍ وتحذِيراتٍ تُقدَّمُ بِشكلٍ مجازِيّ. فإذا فتَّشتَ عن معنى كلمة مجاز في القامُوس، تَجِدُ أنَّ "المجازَ هُوَ قِصَّةٌ يتَّخِذُ فيها الأشخاصُ، الأماكِنُ، والأشياء، معنىً عميقاً مُختَلِفاً، غالِباً ما تكُونُ لهُ دلالتُهُ التعليميَّة، الرُّوحِيَّة أو الأخلاقيَّة."

يتكلَّمُ بُولُس الرسُول أيضاً عن أنَّهُ كانَ لإبراهِيم إبنان. يُعتَبَرُ هذا تاريخَاً وليسَ خُرافَةً. ولكن بعدَ أن أخبَرنا بُولُس أنَّهُ كانَ لإبراهِيم إبنان، أخبَرنا بُولُس أنَّ هذا مجازٌ. (غلاطية 4: 22- 24). لهذا، وضعَ بُولُس هذا كسابِقة نتعلَّمُ منها: أنَّهُ في الكتابِ المقدَّس، بإمكانِنا أن نكتَشِفَ حقيقَةً تاريخيَّة تمَّ تعليمُها مجازِيَّاً. هذا يعني أنَّ الأشخاص والأماكِن والأشياء المَذكُورَة في مَقطَعٍ كِتابِيٍّ مُعَيَّن - كإبنَي إبراهيم مثَلاً - إتَّخَذَت معنىً أعمَق، لنتعلَّمَ من خِلالِها أُمُوراً رُوحيَّة.

هذا ما أقصُدُهُ عندما أقُولُ أنَّ الرَّسُولَ بُولُس كتبَ الإنجيلَ الرَّابِع، كما كتبَ سِفرَ الرُّؤيا، مُستَخدِماً لغُةَ الرُّمُوز اليَهُوديَّة المجازِيَّة. فسِفرُ الرُّؤيا، الذي كتبَهُ يُوحنَّا، هُوَ رِسالَةٌ لشعبِ اللهِ، ولكن بطريقَةٍ مُشفَّرَة سِرِّيَّة. فإذا أردنا فهمَ هذه الرسالة، ينبَغي أن يكُونَ لدينا المفاتيح التي تَفُكُّ ألغازَ هذه الرسالة المُشفَّرَة. وبمعنى ما، هذا ما يَصحُّ على إنجيلِ يُوحنَّا.

كُتِبَ إنجيلُ يُوحنَّا على مُستَوَيَين. فلديهِ مُستَوىً يستطيعُ الطِّفلُ أن يفهَمَهُ؛ ويستخدِمُ كلماتٍ مُبَسَّطَةً قصيرةً جداً. ويُعتَبَرُ إنجيلُ يُوحنَّا الأبسطَ بينَ الأناجيل الأربَعة. ولكن، عندما تفهَمُونَ أنَّ يُوحنَّا يكتُبُ بِلُغةِ الرُّمُوز هذه، تُدرِكُونَ أنَّهُ في إنجيلِ يُوحنَّا، هُناكَ دائماً ذلكَ المعنى الأعمَق. فهُناكَ دائِماً ذلكَ المعنى الآخر، حيثُ تتَّخِذُ الأشخاصُ والأماكِنُ والأشياء معنىً آخر، يُعَلِّمُنا أُمُوراً رُوحيَّةً. عندما تفهَمُونَ هذا، تدُركُونَ عندها أنَّ إنجيلَ يُوحنَّا، حتَّى ولو كُتِبَ بأبسَطِ لُغَةٍ، فهُوَ أعمَقُ إنجيلٍ بينَ الأناجيل الأربَعة. ولكن لكي تَفهَمُوا هذا المعنَى الأعمق، تحتاجُونَ إلى مفاتيحَ تُفَسِّرُ الشِّيفرَة.

إذا قرأتُم إنجيلَ يُوحنَّا، مُدرِكِينَ أنَّ هذا الإنجيل كُتِبَ لِشَعبِ اللهِ بِلُغَةٍ رَمزِيَّةٍ مُوحَىً بها بطريقَةٍ خارِقَةٍ للطبيعة، أو بِلُغَةٍ رمزِيَّةٍ مُشفَّرَة, وإذا رَغِبتُم بأن تحصَلُوا على المفاتِيح التي تَفُكُّ ألغازَ هذه الرِِّسالة المُشفَّرَة، سوفَ تُحِبُّونَ إنجيلَ يُوحنَّا بِحَقّ. فقَبلَ أن ننظُرَ إلى إن إنجيلِ يُوحنَّا الرائِع هذا، عدداً بعدَ الآخر، أَوَدُّ أن أُشارِكَ معكُم بعضَ المفاتِيح التي تُفُكُّ ألغازَ الشيفرة الجميلة الموجُودة في إنجيلِ يُوحنَّا.

المِفتاحُ الأوَّلُ الذي أُريدُ أن أُشارِكَكُم بهِ هُوَ الرُّوحُ القُدُس. فبِبَساطَة، ليسَ بإمكانِنا أن نُمَيِّزَ الحقيقَةَ الرُّوحِيَّة، إلا إذا سكنَ الرُّوحُ القُدُسُ في حياتِنا (1كُورنثُوس 2: 9- 16؛ يُوحَنَّا 16: 13). يُخبِرُنا الرَّسُول بُولُس عنِ السَّبَب، عندما يكتُبُ قائِلاً أنَّ "الحقيقَةَ الرُّوحيَّة تُمَيَّزُ رُوحِيَّاً." فالإنسانُ غَيرُ الرُّوحِيّ أوِ الطَّبِيعيّ لا يستَطيعُ أن يفهَمَ الحقيقَةَ الرَّوحيَّة، ونتيجَةً لِهذا الواقِع، الإنسانُ غَيرُ الرُّوحي سوفَ يُسَمِّي الحقائِقَ الرُّوحِيَّة الكُبرَى بالجَهالَة، بِحَسَبِ قَولِ بُولُس الرَّسُول. لهذا، فالمِفتاحُ الأوَّل الذي ينبَغي أن نحصلَ عليهِ، إذا أرَدنا أن نَفُكَّ ألغازَ هذا الإنجيل الرَّابِع العَميق، هُوَ أن نتمتَّعَ بِبَساطَةٍ بالرُّوحِ القُدُس كمُعَلِّمٍ لنا.

المِفتاحُ الثَّانِي الذي يَفُكُّ ألغازَ هذا الإنجيلِ الرَّابِع، هُوَ أن نُدرِكَ أنَّ 90 % من مُحتَوى إنجيلِ يُوحنَّا، لا نَجِدُهُ في أناجيل متَّى، مرقُس، ولُوقا. لهذا سُمِّيَت أناجيلُ متى، مرقُس ولُوقا، "بالأناجيل المُتشابَهة النَّظرة." فمُحتَوى هذه الأناجيل مُتطابِقٌ. ولكنَّ 90 % ممَّا هُوَ موجُودٌ في إنجيلِ يُوحنَّا لا نَجِدُهُ في الأناجيل المُتشابِهة النَّظرة أو المُتطابِقة التي هي أناجيل متَّى، مرقُس، ولُوقا. هذا يعني أنَّ ما كُنَّا سنعِرفهُ عن هذه التسعين بالمائة من الأُمور التي نقرَأُها في إنجيلِ يُوحنَّا، لما كانَ مُمكِناً لو لم يكتُبْ يُوحنَّا هذا الإنجيل الرَّابِع.

مِفتاحٌ ثالِث ينبَغي أن يكُونَ لدينا عندما نقتَرِبُ من الإنجيلِ الرَّابِع هو أن نُدرِكَ أنَّهُ السِّفر الكِتابِيّ الوَحيد المُوجَّه لِغَيرِ المُؤمنين: أخبَرَنا الرسُول بُولُس بإقتِناعٍ عميق، أنَّ "كُلَّ الكتاب هُوَ مُوحَىً بهِ من الله، ونافِعٌ للتعليمِ والتوبيخ، للتقويمِ والتأديب الذي في البِرّ، لكَي يكُونَ إنسانُ اللهِ كامِلاً، مُتَأهِّباً لِكُلِّ عملٍ صالِحٍ." بمعنىً ما، يُخبِرُنا هذا المقطع الذي قرأناهُ من 2تيمُوثاوُس 3: 16، و17، عن القصد الذي من أجلِهِ دُوِّنَ الكتابُ المقدَّس بكامِلِه. فالقصدُ من الكتابِ المقدَّسِ بكامِلِهِ هُو أن يكُونَ إنسانُ اللهِ كامِلاً، مُتأهِّباً لكُلِّ عملٍ صالِحٍ أرادَهُ لهُ اللهُ الآبُ.

هذا يعني أنَّهُ تُوجَدُ رِسالَةٌ واحِدَةٌ في الكتابِ المُقدَّس لِغَيرِ المُؤمن: أن يَتُوبَ ويُؤمِنَ بالإنجيل. وعندما يتُوبُ غيرُ المُؤمِنِ ويُولَدُ ثانِيَةً، يُعطيهِ اللهُ سِتَّةً وسِتِّينَ سِفراً مُقَدَّساً، بما في ذلكَ إنجيل يُوحَنَّا، التي ستُعَلِّمُهُ، وتُؤَهِّلُهُ، وتُكَمِّلُهُ لِكُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ يُريدُه اللهُ أن يعمَلَهُ.

وسوفَ نرى أنَّهُ يُوجَدُ الكَثيرُ منَ الحقيقَةِ التَّعَبُّدِيَّة في إنجيلِ يُوحَنَّا، الذي يحتَوي على الكَثيرِ منَ المَنفَعَةِ للمُؤمن. ولكنَّ هذا السِّفرَ مُوجَّهٌ بِوُضُوحٍ لِغَيرِ المُؤمن بِهَدَفِ أن يُصبِحَ مُؤمِناً. هذا يجعَلُ من إنجيلِ يُوحَنَّا سِفراً فَريداً في لائِحَةِ أسفارِ الكتابِ المُقدَّس القانُونيَّة. هذا القَصدُ التَّبشيريُّ من إنجيلِ يُوحَنَّا هُوَ مِفتاحٌ آخر لفَهمِنا لهذا الإنجيل العَظيم.


حُجَّةُ إنجيل يُوحَنَّا الرَّئيسيَّة

هُناكَ مِفتاحٌ آخَرُ علينا أن نتأمَّلَ بهِ عندما نقتَرِبُ من إنجيلِ يُوحنَّا، وهُوَ أن نُدرِكَ أنَّ هُناكَ تسلسُلاً منطِقيَّاً عبرَ إنجيلِ يُوحنَّا بكامِلهِ. فأناجيلُ متى، مرقُس، ولُوقا هي سِيَرُ حياةٍ فريدة لشخصِ المسيح. ولِكُلٍّ منها هدَفُهُ، ولكن ليسَ فيها تسلسُلٌ مَنطِقِيٌّ بنفسِ الطريقة التي نجِدُها في الحُجَّةِ الرَّئيسيَّةِ في إنجيلِ يُوحنَّا.

هذه الحُجَّة مذكُورَةٌ في هذه الأعداد التي قرأناها من نهايَةِ الإصحاح العشرين من إنجيل يُوحنَّا، حيثُ أخبَرنا كاتِبُ هذا الإنجيل أنَّهُ دوَّنَ لنا هذه الآيات التي صنعها يسُوع، "لكَي نُؤمِنَ أنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح، إبن الله، ولكي تَكُونَ لنا إذا آمنَّا حياةٌ بإسمِهِ." (يُوحَنَّا 20: 30، 31) عندما تَكتَشِفُ هذه الحُجَّة المَنطِقيَّة، خاصَّةً ذلكَ الجزء من الحُجَّة الذي يُخبِرُنا أنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح، المَسيَّا، إبن الله، والتي تمَّ تقديمُها عبرَ إنجيل يُوحنَّا بأكمَلِهِ، تكُونُ قد إكتَشَفتَ مفتاحاً آخرَ لهذا الإنجيلِ العظيم.


ثلاثَةُ أسئِلَة

بِناءً على حقيقَةِ أنَّ يُوحنَّا أعطانا بِوُضُوحٍ تعريفاً لهدفِهِ من كتابَةِ هذا الإنجيل، هُناكَ مفتاحٌ آخر سيُساعِدنا بينما نقرأُ عبرَ إنجيل يُوحنَّا. هُناكَ ثلاثَةُ أسئِلَةٍ سوفَ يُجيبُ يُوحنَّا عنها عبرَ إنجيلِه. ففي كُلِّ إصحاحٍ من إصحاحاتِ هذا الإنجيل، سوفَ يُجيبُ يُوحنَّا على هذه الأسئِلة الثلاثة. السؤالُ الأوَّلُ هُو: "من هُوَ يسُوع؟" فيُوحنَّا يُخبِرُنا عبرَ كُلِّ صفحاتِ إنجيلِهِ عمَّن هُوَ يسُوع.

سُؤالٌ ثانٍ يُجيبُ عليهِ يُوحنَّا هُو: "ما هُوَ الإيمانُ؟" وماذا يعني أن تُؤمِنَ بهذه الأُمور عن يسُوع؟ فيُوحنَّا لن يقولَ لنا فقط بأنَّهُ علينا أن نُؤمِنَ، بل ويُخبِرُنا أيضاً ماذا يعني الإيمان. ويُخبِرُنا ما هُوَ الإيمانُ. ويُظهِرُ لنا ويُخبِرُنا بِعِدَّةِ طُرُقٍ رائعةٍ ما هُوَ الإيمان.

ثُمَّ، السؤالُ الثالِثُ الذي نجدُ يُوحنَّا يُجيبُ عليهِ بإستِمرار، إصحاحاً بعدَ الآخر في هذا الإنجيل هُو: "ما هي الحياة؟" ما هي هذه الحياةُ الأبديَّةُ التي تُخِبرُنا عنها يا يُوحنَّا؟ سوفَ تجدُ هذا السؤال يُجابُ عليهِ مراراً وتِكراراً في كُلِّ إصحاحٍ بعدَ الآخر من هذا الإنجيلِ العظيم.

لهذا، بينما تقرَأُ إنجيلَ يُوحنَّا، ستُشكِّلُ هذه الأسئِلةُ الثلاثَةُ وأجوِبتُها مِفتاحاً هامَّاً يَفُكُّ ألغازَ الرسالةِ المُشفَّرة في هذه اللُّغةِ الرَّمزِيَّة التي ستَجدُها في إنجيلِ يُوحنَّا. إقرأْ إنجيلَ يُوحنَّا، إصحاحاً بعدَ الآخر، باحِثاً عن أجوِبَةٍ على هذه الأسئلة الثلاثة: من هُوَ يسُوع؟ ما هُوَ الإيمان؟ وما هِيَ الحياة؟


مَتحَفُ اللَّوحاتِ الرُّوحيَّة

نقرَأُ أنَّ بعضَ اليُونانِيِّين إقتَرَبُوا من الرَّسُولِ فِيلبُّس قائِلين لهُ، "يا سَيِّد، نُريدُ أن نرى يسُوع." (يُوحَنَّا 12: 21) يُشيرُ طَلَبُ هؤُلاء اليُونانِيِّين إلى مِفتاحٍ حَيَوِيٍّ آخر لِفهمِ وتقديرِ أعمَق إنجيلٍ بينَ الأناجيل الأربَعة: إقرأْ إنجيلَ يُوحَنَّا طالِباً أن ترى يسُوع.

والآن، أَوَدُّ أن أُشارِكَكُم بالمِفتاحِ الأخير في إطارِ هذه المُقدِّمَة لإنجيلِ يُوحنَّا، وهُوَ التالي: أنَّ الإصحاحات الأحد والعِشرين في هذا الإنجيل هي مثل معرَضٌ لِلفَنِّ الرُّوحِيّ. تصوَّرُوا أنَّ إنجيلَ يُوحنَّا هُوَ معرَضٌ لِلفَنِّ الرُّوحِيّ، وكُلُّ إصحاحٍ من إصحاحاتِهِ هُوَ بمثابَةِ قاعَةٍ جديدة في معرِضِ الفَنِّ الرُّوحِيِّ هذا. وعلى جُدرانِ (أي أعدادِ) هذه القاعات (أي الإصحاحات)، تَجدُونَ صُوراً رائِعَةً للرَّبِّ يسُوع، بالطبع بالمعنى المجازِيّ للكلمة. لقد قرأتُ إنجيلَ يُوحنَّا مُستَخدِماً وُجهَةَ النَّظَرِ هذه كمِفتاحٍ لقراءَتي لهذا الإنجيل. ولقد تأمَّلتُ بطريقي عبرَ إنجيل يُوحنَّا هذا، وتوصَّلتُ إلى الصُّوَرِ الجميلة التالية عن شخصِ المسيح:

في الإصحاحِ الأوَّل: إنَّهُ الكلمة، الكلمة الذي صارَ جسداً، إنَّهُ الخالِق، إنَّهُ الحَياة والنُّور، إنَّهُ النُّورُ الحَقيقيُّ الذي يُنيرُ كُلَّ إنسانٍ والذي جاءَ إلى هذا العالم، إنَّهُ مُعطِي القُوَّة ليُصبِحَ الناسُ أبناءَ الله، إنَّهُ الحمَلُ الذي جاءَ ليرفَعَ خطيَّةَ العالم، إنَّهُ المَمسُوحُ، إنَّهُ إبنُ الله، المَسيَّا، يسُوع الناصِري، الذي كانَ يُظَنُّ أنَّهُ إبنُ يُوسُف، إنَّهُ مَلِكُ إسرائيل شَعبِ اللهِ القَديم ، إنَّهُ إبنُ الإنسان، المُعَلِّمُ الذي عَمِلَ بِما علَّمَهُ.

في الإصحاحِ الثاني: سوفَ نجِدُهُ كمُعطِي الفَرَح، الذي يُحِبُّ بيتَ الآب، والذي يُطَهِّرُ هيكَلَ الله، البُرهانُ الحَيُّ عن مِصداقِيَّةِ أقوالِهِ عن نفسِهِ، الشخصُ المُلتَزِم الذي ألزَمَ نفسَهُ بالذين إلتَزمُوا تجاهَهُ، وهُوَ الذي يقدِرُ أن يُحَوِّلَ الماءَ خمراً.

في الإصحاحِ الثالث: تَجِدُهُ المُعلِّمَ الذي جاءَ من الله، المُعَلِّمَ صانِع المُعجِزات، الإنسان السماوِيّ، المَرفُوع، إين الله الوَحيد، حلّ الله الوَحيد، والمُخلِّص الوَحيد، والمِعيارُ المُطلَقُ للخلاص، وهُوَ العَريسُ المُنتَظَرُ للكنيسة.

في الإصحاحِ الرَّابِع: إنَّهُ يَهُودِيٌّ لا غِشَّ فيهِ، وهُوَ الرَّجُلُ المُتعَب، إنَّهُ هِبَةُ الله، مُعطي المياه الحَيَّة رُغمَ أنَّهُ لا دَلوَ لهُ، إنَّهُ المُرشِد الذي يمنَحُ النُّصحَ في لقاءاتِهِ، ويُرشِدُ الناس، إنَّهُ النَّبيُّ، المَسيَّا، الرَّجُل الذي أخبَرَ المرأةَ السامِريَّةَ كُلَّ ما فعلتْهُ، إنَّهُ رَبُّ الحصاد، مُخَلِّصُ العالم، مُعطي الحياة، ومُعطي الإيمان.

في الإصحاح الخامِس: نجدُ يسُوع الطَّبيبَ العَظيم الذي لا يستطيعُ أن يتجاوَزَ جمعاً مريضاً ويتجاهَلَهُ. إنَّهُ إنسانٌ كانَ مُستَعِداً عن سابِقِ تَصَوُّرٍ وتَصمِيم أن يكسُرَ نامُوسَ مُوسَى، لكي يدخُلَ في نِقاشٍ حولَ النامُوسيَّة. إنَّهُ ذلكَ الشخص الذي قالَ أنَّهُ مُعادِلٌ لله. إنَّهُ دَيَّانُ كُلِّ الأرض. إنَّهُ القِيامة. إنَّهُ مِفتاحُ كُلِّ الأسفارِ المُقدَّسة.

في الإصحاحِ السادِس: نَجدُ أنَّهُ خُبز الحياة، وهُو الذي يعمَلُ عملاً ذا مغزَى.

في الإصحاحِ السابِع: إنَّهُ المُعلِّمُ الذي أتى من الله حامِلاً تعليمَ الله. إنَّهُ المُتكلِّمُ الحَيَويّ الديناميكيّ، الذي أُعجِبَ بهِ جُنُودُ رُؤساءِ الكَهنَةِ لدَرَجَةٍ أنَّهُم نَسُوا لماذا أتُوا لإلقاءِ القَبضِ عليهِ. وعندما رَجَعُوا بِدُونهِ كَسَجينٍ لهُم، كانَ تفسيرُهُم الوَحيد: "لم يتكلَّمْ إنسانٌ قَطّ مثل هذا الإنسان!" (يُوحَنَّا 7: 44- 46). إنَّهُ مصدَرُ أعظمِ إختِبارَين في الحياة: وِلادَتُنا الجديدة، وصَيرُورَتُنا وَسيلَةً من خلالِها تتدفَّقُ أنهارُ المياهِ الحيَّةِ للآخرين. (يُوحَنَّا 7: 37- 39)

في الإصحاح الثامِن: نجدُهُ صديقَ الخُطاة، نُور العالم، الإنسان الذي لدَيهِ إتِّجاهٌ في الحَياة، والذي دائماً يعمَلُ ما يُرضِي الآب، والحَقّ الذي حرَّرَ الناسَ فعلاً. إنَّهُ الأبديُّ الذي قبلَ أن يَكُونَ إبراهيم هُوَ كائِن.

في الإصحاحِ التاسِع: نجدُ أنَّهُ الإنسانُ الذي ينبَغي أن يعمَلَ أعمالَ أبيهِ، وهُوَ الرَّب الذي يقبَلُ العِبادة من إنسانٍ كانَ قد شفاهُ للتَّوّ. إنَّهُ النُّورُ الذي يمنَحُ البَصَرَ لِلعُميانِ رُوحيَّاً، والذي يَكشِفُ العَمَى الرُّوحِي في أُولئكَ الذين لا يُصَدِّقُونَ بأنَّهُ عُميانٌ.

 في الإصحاحِ العاشِر: إنَّهُ الراعي الصالِح، بابُ الخِراف، والرَّاعي الذي يَسُود.

في الإصحاح الحادِي عَشَر: نجدُ أنَّهُ القِيامَةُ والحَياة. إنَّهُ المَسيحُ العَطُوف. إنَّهُ حَلَّالُ أكثَر مُشكِلَتَين مُستَعصِيَتَينِ في الحياة، المَرَض والمَوت.

في الإصحاح الثانِي عشر: نجدُ أنَّهُ حَبَّةُ الحِنطَة التي تَقَعُ في الأرضِ وتَمُوتُ، وتستطيعُ أن تُمَجِّدَ اللهَ بإعطاءِ حصادٍ وافِرٍ منَ الثِّمار. إنَّهُ المسيحُ المُمَجَّد، المَعبُود والمَشهُور.

في الإصحاح الثَّالِث عشر: نجدُ أنَّهُ يسُوع الخادِم المُتواضِع، الذي أخذَ دَورَ العَبد، وغسلَ أرجُلَ رُسُلِهِ. إنَّهُ المسيح المُغادِر الذي يُصدِرُ وَصِيَّةً جديدَةً تخلُقُ مُجتَمعاً جديداً.

في الإصحاح الرَّابِع عشَر: هُوَ المسيحُ الآتي، وهُوَ الطريق والحَقّ والحَياة. بإمكانِكَ القول أيضاً أنَّهُ المسيح العقائِديّ، لأنَّهُ ليسَ فقط الطريق و الحَقّ والحياة، ولكنَّهُ يُخبِرُنا أن لا أحد يأتي إلى الآب إلا بهِ. وهُوَ أيضاً المسيحُ الذي يُعِدُّ مكاناً سيأخُذُ إليهِ أتباعَهُ لِيَكُونُوا معَهُ إلى الأبد. إنَّهُ المَسيحُ المُعَزِّي الذي يَعِدُ بأن يُرسِلَ شَخصاً وسَلاماً لأتباعِهِ لكي لا تَضطَّرِبَ قُلُوبُهُم.

في الإصحاح الخامِس عشَر: نجدُ أنَّهُ الكرمة التي تبحَثُ عن أغصان. إنَّهُ المسيح المُعطي الحياة، الدَّيَّانُ والمَكرُوهُ والذي يختار.

في الإصحاح السَّادِس عَشَر: نجدُهُ المَسيحَ الذي يَعِدُ بإرسالِ الرُّوحِ القُدُسِ ليُعَزِّيَ ويُعَلِّمَ تلاميذَهُ. إنَّهُ المسيحُ المَترُوك، ولكنَّهُ أيضاً المَسيحُ المُنتَصِر.

في الإصحاح السَّابِع عشَر: إنَّهُ رَئيسُ الكَهَنَةِ الأعظَم، المسيحُ المُتَشَفِّعُ لأجلِ الرُّسُل ولأجلِ أُولئِكَ الذي سيُؤمِنُونَ بهِ من خلالِ رُسُلِهِ.

في الإصحاح الثَّامِن عَشَر: نجدُهُ المسيحَ الشَّاهِدَ الأمِين الذي وُلِدَ في هذا العالم ليَشهَدَ لِلحَقّ. إنَّ المَسيحُ الذي تمَّتْ خِيانتُهُ، المسيحَ البَريءَ الذي كانَ قَليلَ الشعبيَّة.

في الإصحاح التَّاسِع عَشَر: نجدُ المسيحَ المَصلُوب والمسيحَ المَدفُون.

في الإصحاح العِشرين: نجدُ بالطبعِ المسيحَ القائِم من الموت.

في الإصحاح الحادِي والعِشرين، نجدُهُ المسيحَ مُعطِي المأمُوريَّةَ عُظمى.

فعلى أساسِ قَصدِ يُوحنَّا من كتابَةِ إنجيلِهِ، كما أعلَنَ عنهُ في يُوحَنَّا 20: 30، 31، علينا أن نتوقَّعَ أن نَجِدَ عبرَ إنجيل يُوحنَّا الكثيرَ من الأجوِبَة على السؤال: "من هُوَ يسُوع؟" وإذ نبدَأُ بِدِراسَةِ إنجيل يُوحَنَّا معاً، أطلُبُ منكُم أن تَقُومُوا بالمُهِمَّةِ التَّالِيَة: إقرَأُوا إنجيلَ يُوحنَّا وفَتِّشُوا على صُورَةٍ كلامِيَّة ليسُوع المسيح في كُلِّ إصحاحٍ من هذا الإنجيل.

ثُمَّ تأمَّلُوا بِرُوحِ الصَّلاةِ من خلالِ قراءِةِ إنجيلِ يُوحَنَّا، مُتَفكِّرينَ بالصُّوَرِ التي وجدتُمُوها عنِ يسُوع المسيح في هذا الإنجيل. وحاوِلُوا أن تَتَذَكَّرُوا ولَو صُورَةً واحدَةً عنِ المسيح من كُلِّ إصحاحٍ من إصحاحاتِ إنجيلِ يُوحنَّا. وبينما تكتَشِفُونَ هذه الأجوِبَة على السُّؤال "من هُوَ يسُوع؟"، في إصحاحٍ بعدَ الآخر من هذا السفرِ الرائع، تكُونُونَ قد شكَّلتُم متحفاً للفَنِّ الرُّوحِيّ، الذي يُظهِرُ لكُم يسُوعَ بِعِدَّةِ طُرُقٍ رائِعةٍ وجميلة.

عندما سُئِلت الأُمّ تيريزا، "ماذا يعني لكِ يسُوع؟" كانَ جوابُ الأُمّ تيريزا يُشبِهُ إلى حَدٍّ كَبير معرضَ الفَنِّ الرُّوحِي في إنجيلِ يُوحنَّا. كانَ من السَّهلِ جداً بالنسبَةِ لها أن تُعطيَ لائحةً طَويلة، نابِعة من أعماقِ قَلبِها، وتحتَوي على العشرات من الصُّور الكلاميَّة الجميلة، ليسَ فقط من إنجيلِ يُوحَنَّا، عمَّا كانَ يعني لها يسُوع المسيح. وهكذا أعطَت أوصافَ المسيحِ الشَّخصِيّ كما عرفَتهُ، مُستَشهِدَةً بأعدادٍ كتابِيَّةٍ إبتِداءً من سفرِ التَّكوين إلى الرُّؤيا.

أتساءَلُ عمَّا هي نظرتُكَ عن يسُوع؟ ومن هُوَ يسُوعُ بالنسبَةِ لكَ؟ وماذا يعني لكَ؟ من خِلالِ التحرُّكِ عبرَ إنجيلِ يُوحنَّا، إصحاحاً بعدَ الآخر، والإجابَة على السؤال، "من هُوَ يسُوع؟"، سوفَ تكتَشِفُ أنَّهُ من المُمكِنِ أن تتعرَّفَ على الشخصِ الذي خَلَّصَكَ، وأن تكتَشِفَ كُلَّ ما يُريدُ أن يكُونَهُ بالنِّسبَةِ لكَ.

السُّؤالُ الثَّاني الذي نَجدُ جواباً عليهِ عبرَ إنجيلِ يُوحنَّا هُو، "ما هُوَ الإيمان؟" لاحِظُوا في إنجيلِ يُوحنَّا، كيفَ يُجابُ على هذا السؤال بطُرُقٍ جَميلَة. فيُوحنَّا لا يُخبِرُنا فقط أنَّهُ من المُهِمِّ أن نُؤمِنَ لكي نحصلَ على الحياةِ الأبديِّة، بل ويُخبِرُنا أيضاً عمَّا يعنيهِ الإيمان. ففي الإصحاحِ الأوَّلِ من هذا الإنجيل، المرَّةُ الأُولى التي إلتقى فيها سِتَّةٌ منَ الرُّسُل بِيَسُوع، تجدُونَ أجوِبَةً عَمَلِيَّةً على السؤال، "ما هُوَ الإيمان؟" إثنانِ من هَؤُلاء التلاميذ كانا من تلاميذِ يُوحَنَّا المعمدان، الذي قالَ لهُما أن يتبَعا يسُوع.

وكانا يتبَعان يسُوع حرفِيَّاً على الطريق، فإلتَفَتَ إليهِما وسألَهُما، "ماذا تَطلُبان؟" فأجابا بما معناهُ، "يا مُعَلِّم، أينَ تسكُنُ؟" فأجابَهُم، "تعالَيا وأنظُرَا." ونقرَأُ، "فأتَيا ونَظَرَا حيثُ كان يسكُنُ يسُوع، ومكثا معَهُ في ذلكَ اليوم." وتُتابِعُ القصَّةُ لِتَقُول أنَّهُ منذُ تلكَ الساعة عاشا من أجلِهِ وماتا من أجلِهِ، بسبب ما رأَياهُ عندما إتَّخذا الإلتِزام بالنَّظَرِ إلى حيثُ كانَ يمكُثُ يسُوع.

بِحَسَبِ هذا الإيضاح عمَّا يعنيهِ الإيمان، أن نُؤمن يعني أن نأتيَ ونَنظُرَ؛ أن نُؤمن يعني أن نمكُثَ معَهُ؛ أن نُؤمِنَ يعني أن نطرَحَ عليهِ السُّؤال، "في مُعتَرَكِ الحَياة، وحيثُ تأخُذُ الحياةُ مجراها، هل يَهُمُّ ما تُعَلِّمُ بهِ؟" عندما تُطَبِّقُونَ شَخصِيَّاً قِيَمَ وتعاليمَ يسُوع جميعها على حياتِكُم، ستكتَشِفُونَ بالحقِيقَةِ ما هُوَ الإيمانُ، بِحَسَبِ الرسول يُوحنَّا. فعبرَ ما تبقَّى من هذا الإنجيل، سيكُونُ هُناكَ العشراتُ من الأجوِبَة الجميلة على السؤال: "ما هُوَ الإيمان؟"

السُّؤالُ الثَّالِثُ الذي قُلتُ أنَّهُ عليكُم أن تَجِدُوا جَواباً عليهِ في إنجيلِ يُوحنَّا، مَبنِيٌّ على قَصد يُوحنَّا المُعلَن من كتابتِهِ الإنجيل، ونَجِدُهُ مُجاباً عليهِ بشكلٍ جميلٍ عبرَ هذا الإنجيل. السؤالُ هُو: "ما هِيَ الحياة؟" ما هي هذه الحياةُ الأبديَّة التي يتكلَّمُ عنها يُوحنَّا؟ فما هِيَ تلكَ الميزة من الحياة التي أرادَها لنا اللهُ، التي لا نحصَلُ عليها إلا إذا آمَنَّا بيسُوع المسيح، والتي يُسمِّيها يُوحنَّا "الحياة الأَبَديَّة؟" سوفَ نجِدُ أجوِبَةَ يُوحَنَّا الجميلة على هذا السُّؤالِ الثَّالِث عبرَ إنجيلِ يُوحنَّا. مثلاً، الحياةُ الأبديَّةُ هي مثلُ شرابٍ يُمكِنُهُ أن يُروي ظمَأَكَ مرَّةً وإلى الأبد، طوالَ حياتِكَ، وهي أيضاً مثل الخُبز الذي يُمكِنُ أن يُشبِعَ جُوعنا طوالَ حياتِنا.(يُوحَنَّا 4: 1- 42؛ 6: 48- 51)

فأنا أدعُوكُم لكي تدرُسُوا معي إنجيلَ يُوحنَّا، عدداً بعدَ الآخر، إبتداءً من الإصحاحِ الأوَّل وحتَّى نهايَة الإصحاح الحادي والعِشرين. وبينما ندرُسُ هذا الإنجيلَ الرَّابِعَ معاً، دَعُوا هذا يكُونُ أحدَ المفاتيح التي تَفُكُّ لُغزَ هذه الرسالة الرائِعة لهذا السفر: فتِّشُوا عنِ الجواب على هذه الأسئِلة الثلاث عبرَ هذا الإنجيل بأكمَلِهِ: من هُوَ يسُوع؟ ما هُوَ الإيمان؟ وما هِيَ الحياة؟

  • عدد الزيارات: 11940