Skip to main content

الفَصلُ الخامِس "كَلِماتٌ يُعَلِّمُها الرُّوحُ القُدُس"

(1كُورنثُوس 2: 6- 16)

لدى الرُّوحُ القُدُس عدَّةُ خدماتٍ ومُهِمَّات. فهُوَ المُعزِّي والمُرشِد. وهُوَ يُجَدِّدُنا، ويجعَلُنا خلائِقَ جديدَة من الداخِلِ إلى الخارِج. ولقد دعاهُ يسُوعُ "المُعزِّي." وتعني هذه الكلمة اليُونانيَّة أنَّهُ، "يأتي إلى جانِبنا، ويلتَصِقُ بنا ليُساعِدَنا."

إحدَى أهمّ خدمات الرُّوح القُدُس هي أن يُعَلِّمَنا. فعِندما أدخَلَ يسُوعُ مفهُومَ الرُّوحِ القُدُس للرُّسُل، أخبَرَهُم أنَّ هذا سيكُونُ إحدى مُهمَّاتِه: "يُرشِدُكُم إلى جَميعِ الحَقّ ... ويُخبِرُكُم بأُمُورٍ آتِيَة." (يُوحنَّا 16: 13) في مُناسَبَةٍ مُعَيَّنَة، وبعدَ أن علَّمَ يسُوعُ جهاراً، كانَ وحدَهُ معَ الرُّسُل يُجيبُ على أسئِلتِهم، ويُفسِّرُ لهُم تعليمَهُ على إنفرِاد. فأخبَرَهُم أنهُ أُعطِيَ لهُم أن يفهَمُوا تعليمَهُ، ولكن ليسَ للآخَرين. فما هُوَ الأمرُ الذي أُعطِيَ للرُّسُل لكَي يفهَمُوا تعليمَهُ؟

غالِباً ما قدَّمَ يسُوعُ هذه المُلاحظة عن تعليمه. بعدَ أن قدَّمَ تعليمَهُ عن الزَّواج، قالَ أنَّهُ فقط الذين أُعطِيَ لهُم يستطيعُونَ أن يقبَلُوا تعليمَهُ عن الزَّواج. (متَّى 19: 11) فعِندَما سُئِلَ لماذا علَّمَ بأمثالٍ، أجابَ أنَّهُ فقط أُولئكَ الذين أُعطِيَ لهُم كانُوا يفهَمُونَهُ. (متَّى 13: 11) فواضِحٌ أنَّ الذي أُعطِيَ للتلاميذ ليفهَمُوا تعليمَهُ كانَ الرُّوح القُدُس.

كتبَ الرسُول يُوحنَّا أنَّ لدينا مسحَةٌ فينا، وهذه المَسحَة قادِرةٌ أن تُعَلِّمَنا. وحتَّى أنَّهُ ذهَبَ إلى درجة أنَّهُ أخبَرَنا أنَّنا لا نحتاجُ أن يُعَلِّمَنا إنسانٌ، لأنَّ لنا هذه المسحة فينا، وهي قادِرَةٌ أن تُعَلِّمنا (1يُوحنَّا 2: 20، 27)

يتَّفِقُ الرسُولُ بُولُس تماماً معَ رَبِّهِ ومعَ رِفاقِهِ الرُّسُل، عندما يُخبِرُنا أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ الذي يحيا فينا يقدِرُ أن يُعلِّمَنا الحقيقَةَ الرُوحيَّة. يُعبِّرُ بُولُس عن هذه الحقيقة بشكلٍ جَميل عندما يُقدِّمُ أهدافَ رسالتِهِ كمُعلِّمٍ لكلمةِ الله. فهُوَ يُعلِنُ أنَّهُ يُعلِّمُ الحقيقةَ الرُّوحيَّة للأشخاصِ الرُّوحيِّين، "بِكَلِماتٍ يُعلِّمُها الرُّوح." هذا ما يقصدُهُ عندما يقُولُ أنَّ الحقيقَةَ الرُّوحيَّة تُمَيَّزُ رُوحيَّاً، وأنَّهُ يُعلِّمُ الحقيقَةَ الرُّوحِيَّة للأشخاصِ الرُّوحِيِّين. (1كُور 2: 13)

عندما تقرَأُ أو تسمَعُ الوعظَ والتعليمَ بكلمةِ الله، هل تجِدُ نفسَكَ مُتَفَكِّراً وقائِلاً، "هذا لهُ علاقَةٌ بما قرأتُهُ أو سَمِعتُهُ الأُسبُوع الماضي أو البارِحة." هل بإمكانِي أن أضعَ أمامَكَ هذا التحدِّي لتُدرِكَ شيئاً؟ وهُوَ أنَّ الرُّوحَ القُدُس هو الذي يُعلِّمُكَ هُنا كلمةَ الله – "بِكَلِماتٍ يُعلِّمُها الرُّوحُ القُدُسُ بِعَينِهِ." بِحَسَبِ يسُوع وبُولُس ويُوحنَّا الرسُول، الطريقَةُ الوحيدَةُ التي بها نستطيعُ أن نفهَمَ كلمةَ الله، هي بأن يكُونَ لدينا الرُّوح القُدُس فينا كَمُعَلِّم، كاشِفاً عن أُمُورٍ رُوحيَّةٍ لنا. هذا واحِدٌ من الأسباب التي من أجلِها جاءَ لِيَحيا فيكَ – وواحدِةٌ من أهمَّ الطُّرُق التي يتعامَلُ الرُّوحَ بها معكَ.

لو كانت القُدرَةُ على فهمِ الحقيقَةِ الرُّوحيَّة مُعتَمِدَةً على ذكاءِ الإنسان، أو ثقافَتِهِ، لما كانَ هذا عادِلاً بتاتاً. فليسَ لدينا جميعاً نفس القَدَر من الذَّكاء أو فُرَص التعلُّم. فمن هُوَ الذي يختارُ الجينات التي تُكوِّنُ مواهِبَهُ العقليَّة، أو ظُرُوف الحياة التي تُحدِّدُ فُرَصَهُ الثقافيَّة؟

لم يكُنْ بإمكانِ بطرُس أن يكتُبَ رسائِلَهُ، ولكن عندما تدرُسُ رسائِلَ بطرُس، هل تجد أنَّهُ كانَ يعرِفُ عن الأُمورِ الرُّوحِيَّة؟ لقد كانَ بطرُس عملاقاً رُوحيَّاً! وكتبَ يقُولُ أنَّ اللهَ "وهبَ لنا كُلَّ ما هُوَ لِلحَياةِ والتَّقوى." (2بُطرُس 1: 3) لم يكُن مُحتاجاً أن يتعلَّمَ القِراءَةَ والكِتابَةَ ليكُونَ رُوحيَّاً. كانَ لدَيهِ الرُّوحُ القُدُسُ ساكِناً فيهِ، ولم يكُن يحتاجُ لأيٍّ كان ليُعَلِّمَهُ، لأنَّ الرُّوحَ القُدُسَ علَّمَهُ.

هذا الفهمُ الرُّوحِيُّ نفسهُ مُتوفِّرٌ للمُؤمِنينَ اليوم. قالَ يسُوع "إسألُوا تُعطَوا، أطلُبُوا تَجِدُوا، إقرَعُوا يُفتَحْ لكُم." (متَّى 7: 7) فإن إقتَرَبتُم من كَلِمَةِ اللهِ سائِلينَ، طالِبينَ، وقارِعين، فإنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سيفتَحُ لكُم كلمةَ الله، وسيُعَلِّمُكُم.

  • عدد الزيارات: 3137