Skip to main content

الفَصلُ الخامِس عشَر سفرُ الرُّؤيا - العِبادَةُ الأبديَّة

الصفحة 6 من 19: العِبادَةُ الأبديَّة

العِبادَةُ الأبديَّة

في الإصحَاحَين الرابِع والخامِس، تجِدُونَ وقتاً رائعاً من التسبيح والعِبادة يجري في الحالَةِ الأبديَّة، وهذا أمرٌ جَميلٌ جداً. فاللهُ الآبُ يُحوِّلُ مركَزَ العِبادَةِ في السماءِ عن نفسِهِ إلى إبنِهِ، الحَمَل المذبُوح. يقُولُ اللهُ، "أُعبُدُوا إبني. إعبُدُوا إبني لأجلِ ما عَمِلَهُ، وعلى ضوءِ ما كانَهُ، وما هُوَ الآن، وما سيكُونَهُ، أعبُدُوا إبني."

بما أنَّ هذه الرُّمُزو هي رُمُوزٌ كِتَابيَّة، بإمكانِكُم أن ترَوا لماذا وضعَ الأشخاصُ الذين رتَّبُوا أسفارَ الكتاب المقدَّس، لماذا وضعُوا سِفرَ الرّؤيا في آخرِ الآسفار. إنَّ شَرطَ فهمِ سفرِ الرُّؤيا، آخرِ أسفارِ الكتابِ المقدَّس، هُوَ فهمُ الأسفار الخمسة والسِّتِّين الباقِيَة.

هُناكَ رُمُوزٌ كِتَابِيَّةٌ أُخرى أودُّ أن أستَخدِمَها كإيضاحٍ لهذا المِفتاح الهامّ. لاحِظُوا مثلاً في رُؤيا 1: 4، 4: 5، و5: 6 أنَّكُم تَجِدُونَ ذِكراً لِ"سبعةِ أرواحِ الله."

إنَّ الأشخاص الذين يُعلِّقُونَ أهمِّيَّةً كُبرى على معنى الأعداد في الأسفارِ المقدَّسة، يُخبِرُونَنا أنَّ العدد 7 هُوَ عددُ الكَمال. قد يعني هذا أنَّ سبعَةَ أرواحِ اللهِ تُشيرُ إلى روحِ اللهِ المُركَّب، الشامِل، والكامِل، أو إلى تعبيرٍ كامِلٍ عنِ الله. فاللهُ في جوهَرِهِ رُوحِيٌّ. ولكن الكثير من المُفسِّرين يعتَقِدُونَ أنَّ هذه العِبارَة، "سبعة أرواح الله"، تُعيدُنا إلى نُبُوَّةِ إشعياء.

ففي نُبُوَّةِ إشعياء، أعطانا أميرُ الأنبِياءِ نُبُوَّةً مسياوِيَّةً عظيمة، تُظهِرُ سبعَةَ أرواحِ الله. إنَّ نُبُوَّةَ إشعياء قد تحقَّقَت في هذه الرُّؤيا المُعطاة للرَّسُول يُوحنَّا عن سَبعَةِ أرواحِ الله.كتبَ إشعياء يقُول: "ويخرُجُ قَضيبٌ من جِذعِ يَسَّى وينبُتُ غُصنٌ من أُصُولِهِ. ويَحُلُّ عليهِ رُوحُ الرَّبِّ. (1) رُوحُ الحِكمةِ، و (2) الفَهمِ، (3) رُوحُ المَشُورَةِ، و (4) القُوَّة، (5) رُوحُ المَعرِفَةِ و (6) مخافَةِ الرَّب." ويُتابِعُ إشعياء بالقَول عن المَسيَّا أنَّ "لذَّتَهُ تكُونُ في مخافَةِ الرَّب." (إشعياء 11: 1، 2، 3)

يُخبِرُنا إشعياءُ أنَّهُ عندما يأتي المسيَّا، سيكُونُ يسُوعُ المسيحُ التعبيرَ الكامِلَ عن الله، الذي هُوَ بِجَوهَرِهِ رُوحٌ. بِحَسَبِ إشعياء، يسُوعُ المسيح لن يُعبِّرَ فقط عن جَوهَرِ اللهِ السُّبَاعيّ، بل سيُعبِّرُ أيضاً في إنسانِيَّتِهِ عن الحياة المملووءَة والمُقادَة فِعليَّاً بالرُّوح. يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ نُبُوَّةَ إشعياء تحقَّقَت بمجيءِ المسيح.

ثُمَّ نرى سبع عُيون قائمة أمامَ عرشٍ في السماء. ونُخبَرُ أنَّ هذه العُيُون السَّبع تُشيرُ إلى سبعَةِ أرواحِ الله. ثُمَّ نقرَأُ: "ورَأَيتُ فإذا في وَسَطِ العَرشِ والحَيواناتِ الأربَعة وفي وسطِ الشُّيُوخ خَروفٌ قائِمٌ كأنَّهُ مَذبُوحٌ لهُ سَبعَةُ قُرونٍ وسَبعُ أَعيُنٍ هي سَبعَةُ أرواحِِ الله المُرسَلَة إلى كُلِّ الأرض." (5: 6)

يعتَقِدُ المُفسِّرُونَ أنَّ القُرونَ تُشيرُ إلى القُوَّة، والعُيُون تُشيرُ إلى الحكمة في كلمةِ الله. لهذا، فإنَّ هذا الخَروف القائم كأنَّهُ مذبُوحٌ، هُو تعبيرٌ عن سبعَةِ أرواحِ الله. التعبيرُ السُّباعِيُّ عن رُوحِ الله هُوَ أيضاً تعبيرٌ عن قُوَّةِ الله وحكمة الله الكامِلَتين عندما ذُبِحَ الخروف.

لقد كانَ رُوحُ الرَّبِّ هامَّاً جداً في خدمَةِ يسُوع. كانَ لدى يسُوع رُوح المعرِفة، أي أنَّهُ كانَت لديهِ معرِفة كامِلة بكلمةِ الله. وكانَ لدَيهِ أيضاً رُوحُ الفَهم، أي أنَّهُ كانَ لدَيهِ فهمٌ كامِلٌ للَكِمَةِ وإرادَةِ أبيهِ.

كانَ لدى يسُوع أيضاً رُوحُ الحِكمة، لأنَّهُ عاشَ كلمةَ اللهِ بشكلٍ كامِلٍ، وعلَّمَ الآخرينَ كيفَ يُطبِّقُونَ كلمةَ الله. ثُمَّ روحُ المَشُورَةِ هُوَ جزءٌ من هذا التعبير الكامل عن رُوحِ الله. وبينما كانَ يسُوعُ يُشارِكُ كلمةَ اللهِ وتطبيقَها على حَياةِ الأشخاص الذين إلتقاهُم، كانَ يُظهِرُ رُوحَ المَشُورة. فعندما شارَكَ كلمةَ اللهِ معَ أشخاصٍ، وطبَّقُوا كلمةَ اللهِ على حياتِهم، مسحَ الرُّوحُ القُدُسُ هذه الكلمة بقُوَّةٍ وسُلطان. كانَ هذا عندما عُبِّرَ عن رُوح القُوَّة من خِلالِ يسُوع.

كانَ رُوحُ العِبادَةِ واضِحاً في حياةِ يسُوع. يُخبِرُنا إشعياءُ أنَّ مسرَّةَ المسيح كانت في رُوحِ المخافة. عندما نقرَأُ الأناجيل الأربَعة، نقرَأُ أنَّهُ عندما لم يكُن يسُوعُ يخدُمُ الناس، كانَ يبقَى وحيداً طوالَ الليل،  أو كانَ يقُومُ باكِراً قبلَ طُلُوعِ الفجرِ ليُصلِّي إلى أبيهِ.

بابٌ مفتُوحٌ في السَّماء
  • عدد الزيارات: 27889