الفصلُ الأوَّل "أفضَلُ أسفارِ الكتابِ المُقدَّس" - الأناجيل المُتشابِهَة النَّظرة
الأناجيل المُتشابِهَة النَّظرة
عندما تُقرَأُ الأناجيلُ الأربَعة، إحدَى أُولى المُلاحظات التي ستُلاحِظُها هي أنَّ متى، مرقُس ولُوقا لديهم الكثيرُ من القواسِمِ المُشتَرَكَة في المُحتَوى، بينما تِسعُونَ بالمائة من إنجيلِ يُوحنَّا لا نجدُهُ إلا في إنجيل يُوحنَّا. فبِما أنَّ الكثير من مُحتَويات الأناجيل الثلاثة الأُولى مُتطابِقٌ، أُطلِقَ عليها إسم "الأناجيل المُتشابِهة النظرة."
يذكُرُ مرقُس حقائِقَ عن يسوع المسيح بِكُلِّ وُضُوحٍ وإيجاز. ومن أجلِ إكتِسابِ خُبرَةٍ في كِتابَةِ التقارير الواضِحة والمُوجَزَة، يتوجَّبُ على تلامِذَةِ كُلِّيَّات الصحافَة أن يقرأُوا إنجيلَ مرقُس، بعدَ قِراءَتِهم لإنجيلَي متَّى ولوقا. وإستِناداً إلى مُلاحظاتٍ ودِراساتٍ لِخَلفِيَّةِ هذه الأناجيل، كانَ رأيُ الكثيرِ من عُلماءِ الكتابِ المقدَّس أن مرقُس كتبَ أوَّلاً، واستَقَى معلوماتِهِ من بطرُس كونَهُ شاهِد عيان. بِرأيِ هؤلاء المُفسِّرِين، إستَخدَمَ كُلٌّ من متى ولُوقا إنجيلَ مرقُس كأساسٍ لِكتابَاتِهِما. ولقد تيقَّنَ كُتَّابُ الإنجِيلَين الأَوَّل والثالِث أنَّهُ كانَت هُناكَ وُجهَةُ نظَرٍ عن حياةِ يسوع لم يُسجِّلها مرقُس. فاقتِيدُوا من الرُّوحِ القُدُس ليَكتُبُوا إنجِيلَيهِما، لأنَّهُما أرادا أن يُشارِكانا بِوُجهَاتِ النَّظَر هذه.
وبما أنَّ تِسعين بالمائة من مُحتَوى إنجِيلِ يُوحَنَّا لا نجِدُهُ في إنجِيلِ متَّى ومَرقُس ولُوقا، أرادَ الرَّسُولُ يُوحنَّا أن يُقدِّمَ وُجهَةَ نَظَرٍ واضِحَةٍ عن حَياةِ وخِدمَةِ يسوع المسيح، التي لا نَجِدُها في الأناجيل الثلاثة الأُولى. وبِما أنَّ إنجِيلَ يُوحنَّا فَريدٌ لِِعِدَّةِ أسباب، سوفَ ندرُسُ هذه الأناجيل المُتشابِهة النَّظرة وإنجيل يُوحنَّا، كُلاً على حِدَة.
إنَّ حياةَ يسوع هي مَحطَّةٌ في تارِيخِ البَشَريَّة. فمُعظَمُ العالَم اليوم يقسِمُ التاريخَ إلى سنوات ما قبلَ حياة المسيح وما بعدَهُ. فإذا أخذتَ أيَّةَ صحيفَةٍ أو مجلَّةٍ في العالَمِ اليوم، سَتَجِدُ عليها تاريخَ يومِ إصدارِها. ويُخبِرُنا هذا التَّاريخُ كم منَ السنواتِ مضَت منذُ حياةِ يسوع المسيح. وعندما ننتَهي من إستِطلاعِ وتَلخيصِ سِيَرِ الحَياة المُوحَاة الأربَعة هذه، سَنَكُونُ قد كَوَّنَّا فِكرَةً عن حَياةِ إنسانٍ عاشَ فقط ثلاثاً وثلاثِينَ عالماً، ولكنَّهُ تركَ هذا الأثرَ الحَيَويَّ على تاريخِ العالم.
- عدد الزيارات: 12401