الفَصلُ التَّاسِع كيفَ نسقُطُ بِنجاح - العَواقِب
العَواقِب
لقد نقلَ ناثان كَلِمَةَ الرَّبِّ إلى داوُد: "والآن لا يُفارِقُ السَّيفُ بيتَكَ إلى الأبَد... هأنذا أُقيمُ عليكَ الشَّرَّ من بَيتِكَ". (2صَمُوئيل 12: 10 أ، و11 أ). وبما أنَّ داوُد أخطَأَ في إطارِ العائِلة، فلقد عاقَبَهُ اللهُ في هذا الإطار ذاتِهِ. في إصحاحٍ بعدَ الآخر مِمَّا تَبَقَّى من صَمُوئيل 2، نرى نُبُوَّةَ ناثان تتحقَّق.
أوَّلاً أخبَرَهُ النَّبيُّ أنَّ الطِّفلَ الذي سيُولَدُ منهُ لِبَتشَبَع سوفَ يمُوت. فسقطَ داوُد على وجهِهِ وصلَّى لستَّةِ أيَّامٍ لَيالٍ. ثم صامَ وطالبَ اللهَ من أجلِ حياةِ الصبي. ولكن حالَةَ الطفلِ إزدادَت سُوءاً، وفي اليومِ السَّابِعِ مات. وعندما ماتَ الطفل، قامَ داود واغتسل، ومشَّطَ شعرَهُ، وبدَّلَ ثيابَه، وتناولَ وجبةً كبيرةً من الطعام. ثم ذهبَ داود إلى خيمةِ الإجتماع وعبدَ الرب. لم يفهمِ الناسُ سُلوكَ داود. فقال، "عندما كان الطفلُ حيَّاً، ظننتُ أنَّ اللهَ مُمكِنٌ أن يكونَ رحوماً ويُنعِم عليَّ. ولكن الآن وقد أخذَ اللهُ هذا الطفل، فأنا أعلمُ أنني أنا سأذهبُ إليهِ. وأنا أعلمُ أن الطفلَ لن يرجِعَ إليَّ." (2صَمُوئيل 12: 23).
أعتقدُ أن هذه القصة تُخبِرُنا أنهُ عندما يأخذُ اللهُ طِفلاً من الحياة، لا ينبغي أن يكونَ هُناكَ أدنى شكّ بخلاص الطفل الأبدي. عبَّرَ داود عن رجاءٍ واثق عندما قال، "أنا ماضٍ إليهِ." لاحِظْ الفرق بين ردةِ فعلِهِ على وفاةِ الطفل وبين ردَّةِ فعلِهِ على وفاةِ أبشالوم، زَمَنَ تأدِيبِ داوُد. فعندما سمِعَ داود أن إبنَهُ أبشالوم قد قُتِل، لم يكُن لحُزنِهِ حُدود.
ولقد إستمرَّت عواقبُ خطيةِ داود في الإصحاح الثالث عشر وما يتبع. فلقد كان لداود إبناً إسمُهُ أمنون، وإبنةً إسمُها ثامار. ولقد إغتصبَ أمنون ثامار. وإذا بأبشالوم الإبن المُحبَّب عند داود، يقومُ بقتلِ أخيهِ أمنون. ثم هربَ أبشالوم من أجلِ حياتِه. وأخيراً، أُعِيدَ أبشالوم بوساطةِ قائد جيشِهِ يوآب. وعندما رجعَ أبشالوم، فشِلَ داود في أن يغفِرَ كُلِّياً لأبشالوم. فقالَ داود، "يُمكِنُ لأبشالوم أن يدخُلَ المدينة، ولكنني لا أُريدُ أن أرى وجهَه."
لقد إشتَاقَ داوُد للشَّرِكَة معَ إبنِهِ أبشالُوم، ولكنَّهُ فَشِلَ بأن يغفِرَ لهُ وبأن يُرَمِّمَ العلاقَةَ معَهُ. (2 صمُوئيل 14: 24). وبهذا أبعدَ داود أبشالوم إبنَهُ عنهُ نهائياً. هنا، بعدَ أن أصبَحَ أبشالُوم معزُولاً وغاضِباً، بدأَ ثورةً ضدَّ أبيه، طارِداً بذلكَ أبيهِ داوُد إلى خارِج أُورشَليم. وزيادَةً على هذه الخِيانَة، إتَّخَذَ أبشالُوم لنَفسِهِ مُستَشاراً، كانَ يُشيرُ على أبيهِ داودُ، ألا وهُوَ أخيتُوفَل. ولقد نصَحَ أخيتُوفَل أبشالُوم بأن يُثيرَ غَيظَ أبيهِ داوُد ليُحارِبَهُ وداوُد غيرَ مُستَعِدٍّ لذلكَ، بإضطِّجاعِ أبشالُوم في العَلَن معَ سَرِّياتِ أبيهِ داوُد العَشر، اللواتِي بَقينَ على سَطحِ القَصر المَلَكِيِّ في أُورشَلِيم، مُشَهِّراً بحُرمَةِ أبيهِ أمامَ أعيُنِ إسرائيل. وللأسَف، لقد تَبِعَ أبشالُوم نصيحَةَ هذا المُستشارِ الخائن أخيتُوفَل.
عندما سمِعَ داوُد عن هذه الفظاعَة، وعندما سَمِعَ أن صديقَهُ الذي كان بمثابةِ أبٍ لهُ، قد نصحَ إبنَهُ أبشالوم بالتعدِّي على نساءِ أبيه، كتبَ داوُد المزمور 55. إقرأ المزمور 55 وسوفَ تجد أن قلبَ داوُد كان مملوءاً بالرُّعب والألم. بالإمكانِ قراءَةُ هذه التَّفاصيل المأساوِيَّة من هذا الفصل الرَّهيب من حياةِ داوُد، بِقِراءَةِ 2 صَمُوئيل 11 – 18.
ولكن رغمَ كُل ما عَمِلَهُ أبشالُوم، وقبلَ أن يُعطِيَ داوُد خطَّةَ المعركة المُنتَصِرة لأبطالِهِ ضِدَّ جَيشِ إسرائيل الذي كانَ تحتَ قيادَةِ أبشالُوم، حذَّرَ داوُد أبطالَهُ أن يترفَّقوا بالفتى أبشالوم. أنا أعتقدُ أن السوط الأخير الذي وجَّهَهُ اللهُ لداود هو أنهُ سمحَ أن يموتَ إبنَهُ أبشالوم في هذه المعركة. لاحُظُوا مُجدَّداً الفَرقَ بينَ رَدَّةِ فِعلِ داوُد على موتِ طفلِهِ من بَتشَبَع، وبينَ رَدَّةِ فعلِهِ على موتِ إبنِهِ أبشالُوم. عندَما قُتِلَ أبشالُوم، غَرِقَ داوُد في الحُزنِ، وصرخَ باكِياً، "يا أبشالوم يا إبني. كنتُ أودُّ لو أني مُتُّ مكانك. آه يا أبشالُوم إبنِي، يا إبني." (2صَمُوئيل 18: 33).
كانَ أبشالُوم قد هَيَّجَ ثَورَةً ضِدَّ أبيهِ، فلماذا كانت رَدَّةُ فعلِ داوُد بهذه الطريقة؟ على خلافِ مَوتِ طفلِهِ من بَتشَبَع، لم يَكُنْ بإمكانِ داوُد أن يَقُولَ عن أبشالُوم، "أنا سأذهَبُ إليهِ." أعتَقِدُ أنَّ هذا كانَ سَبَبُ حُزنِهِ العميق على مَوتِ أبشالُوم. ومِنَ المُحتَمَلِ أيضاً أنَّ داوُد ظنَّ أن أبشالوم ماتَ بسبب خطايا أبيهِ، مع أن داود كان يتمنَّى أن يحدُثَ العكس، أي أن يَمُوتَ هُو بسببِ خطايا إبنهِ.
عندما تقرأُ قصةَ خطيَّة داود وعواقبها الوخيمة، تذكَّرْ أن لا أحد منا هو فوق إمكانية السقوط. (1كُورنثُوس 10: 12 و13). ولاحظ كيفَ أن داود أظهرَ لنا كيفَ نتعامل مع الفشل الأخلاقي والروحي- أن نعترف بخطايانا. ثمَّ فكِّر بقيمة كلمات يسوع عندما قال للزانية، "إذهبي ولا تُخطِئي أيضاً." (يُوحَنَّا 8: 11).
- عدد الزيارات: 10157