Skip to main content

الفَصلُ السَّابِع مَسمُوعٌ منَ الله - صَمُوئيل

الصفحة 2 من 3: صَمُوئيل

صَمُوئيل

يتألَّفُ إسمُ صَموئيل من كَلِمَتَينِ عِبرِيَّتَين تعنيِان "مَسمُوعٌ" و "منَ الله". إن إسم "مسموعٌ من الله" مناسبٌ جداً لهذا الرجل صموئيل بِسَبَبِ طريقَةِ ولادَتِهِ. فوالِدَتُهُ حَنَّة كانت قد عاشَت سنواتٍ طَويلَة معَ مرارَةِ كونِها عاقِراً. وفي تلكَ الأيام، كانوا يعتبرون إنجابَ الطفل علامةً عن بركة الله. فلا بُدَّ أنَّ حنَّة ظَنَّت أنَّ عُقمَها كانَ يعني أنَّ اللهَ لم يَكُنْ راضِياً عليها.

فذاتَ يومٍ، وبينما كانت معَ عائِلتِها تعبُدُ اللهَ في خيمَةِ الإجتِماعِ في شِيلُوه، لهذا تضرَّعت حنَّة باكِيَةً إلى الله وطلبت وجهَهُ وتوسَّلت إليهِ أن يُعطِيَها طفلاً. لقد صلَّت بحرارة من أجلِ ولادةِ صموئيل، وهِيَ تُحَرِّكُ شَفَتَيها بدُونِ أن تُصِدَرَ أيَّ صَوتٍ، لدرجةِ أن الكاهنَ الشيخ، عالي، ظنَّها سكرَى عندما رآها. فقالَ عالي لحنَّة، "إنزعي خمرَكِ عنكِ أيتُها المرأة." (1صَمُوئيل 1: 14). فقالت حنة لعالي أنها ليست سكرى بل كانت تُصلِّي بحرارةٍ إلى اللهِ من أجل ولد. فتأثَّرَ الكاهنُ الشيخ لدرجةِ أنهُ باركَها قائلاً أن اللهَ سوفَ يُعطيها سُؤلَ قلبِها (15- 17). وهكذا بارَكَها الله. فحبِلَت حنَّة وولَدَت طِفلاً دَعَتْهُ صَمُوئيل، لأنَّ الرَّبَّ سَمِعَ طِلبَتَها (20). (في كُلِّ مَرَّةٍ نَجِدُ فيهِ إسماً ينتَهي بإيل في الكتابِ المُقدَّس، يكُونُ لهذا الإسم علاقَةٌ باللهِ، مثل دانيال، لأنَّ كلمة إيل العبريَّة تعني الله.)

بعدَ ولادةِ صموئيل وفِطامِه، أخذتهُ حنَّة إلى الهيكل وأعطت صموئيل حرفيَّاً لله بتقديمِهِ للكاهن عالي. لقد وُلِدَ صموئيلُ لأن اللهَ سمِعَ صلاةَ حنَّة. وهذا يجعلُ منهُ إسماً على مُسمَّى. وهذا الإسم يُناسبُهُ أيضاً لأنهُ عندما كان صموئيل طفلاً يتربَّى في الهيكل من قِبَلِ عالي الكاهن، سمعَ صموئيلُ بنفسِهِ صوتَ الله. (الإصحاح 3) ولقد تكلَّمَ اللهُ مع صموئيل عن أمرٍ رهيب. فإن الكاهن الشيخ الذي كان يُربِّي صموئيل كأبٍ لإبنِه، أصبحَ غيرَ طائعٍ لله. فعالي لم يُؤدِّب أبناءَه. وهكذا كان أولادُ عالي يرتَكِبُونَ الكثير من الشرِّ والفساد في الهيكل، ودَنَّسُوا عبادَةَ الله. (أُنظُرْ 1صمُوئيل 2: 12- 17؛ 22- 25؛ 27- 36). فتكلَّمَ اللهُ إلى الصبي الصغير صموئيل ومن خِلالِهِ أعطى رسالةً للكاهن الشيخ بأنَّهُ سوفَ يُزاحُ عن الكهنوت لأنَّهُ لم يُؤدِّب أبناءَهُ.

ولقد كان الإسمُ "مَسمُوعاً منَ اللهِ" مُناسباً لهُ أيضاً عندما أصبحَ صموئيلُ رجُلاً. تقولُ كلمةُ الله، "وعرفَ جميعُ إسرائيل من دان إلى بئرِ سبع [أي من شمالي إسرائيل إلى جنوبِها] أنَّهُ قدِ أؤتُمِنَ صموئيلُ نبيَّاً للربّ…" (1صَمُوئيل 3ك 19- 4: 1). فسمعَ كُلُّ إسرائيل كلمةَ الله من خِلالِ هذا الرجُل صموئيل، عندما بدأَ خدمتَهُ كنبيٍّ عظيم. فكانت هذه الأسبابُ الثلاثةُ لجعلِ إسمِهِ "مسموع من الله" إسماً على مُسمَّى.

إن صموئيل هو مثالٌ على أكثرِ من وجه. فأوَّلاً، كان هو وأُمُّهُ حنَّة مثالاً عما نُسمِّيهِ اليومَ التنشئة أو التربية المسيحيَّة. فلِكَي نَكُونَ فعَّالِينَ وأتقِياء، نحتاجُ أن نتأمَّلَ بِدَورِنا كوالدين لنَكُونَ دَعوَةً ومَسؤُوليَّةً مُقدَّسَة. ونَحتاجُ أيضاً أن نعتَبِرَ أولادَنا كبَرَكاتٍ عظيمة منَ الله. (مزمُور 127: 3) فعندما نعتَرِفُ بهذا التَّركيز ونُؤكِّدُهُ كأَولَويَّة ، مثل صَمُوئيل، ولاحِقاً مثل يُوحَنَّا المعمدان، فإنَّ أولادَنا سيتمتَّعُونَ بِبَركاتِ التَّنشِئة الرُّوحيَّة.

ثانِياً، كانَ صَمُوئيلُ مِثالاً رائعاً لما يُمكِنُ للتنشِئة بالتَّقوى أن تُنجِزَهُ، وذلكَ عندما نراهُ يُخرِجُ إسرائيلَ من عصُورِها المُظلِمة الرُّوحيَّة، والتي تُعرَفُ "بالأيام التي حكمَ فيها القُضاةُ." يَعتَبِرُ بَعضُ المُفَسِّرين أنَّ صَمُوئيل هُوَ آخرُ القُضاةِ، ولذلكَ تُعتَبَرُ حياتُهُ تُخماً مُهِمَّاً في التَّاريخِ العِبريّ.

نرى مِثالاً إيجابِيَّاً ثالِثاً في أسفارِ صَمُوئيل، عندما نجدُ أنَّ هذا الرَّجُل العظيم كان أيضاً قائداً سياسيَّاً، مُشَكِّلاً حلقَةَ وَصلٍ بينَ زَمَنِ القُضاةِ وبينَ زَمَنِ المُلُوك. فلقد مسحَ صَمُوئيلُ شاوُل وداوُد، الذي كانَ أعظَمَ مَلِكٍ عرفَتْهُ إسرائيل. فعبرَ أزمِنَةِ الإضطِّرابِ، مثل حُكم شاوُل المُتَقَلقِل، إستَمَرَّ صَمُوئيلُ في أمانَتِهِ للرَّبِّ ولِشَعبِهِ إلى نهايَةِ حياتِه.

شَاوُل
الصفحة
  • عدد الزيارات: 7056