العذابات في عالم الله -1
النص الكتابي: أيوب 6
كثيراً ما أحاور نفسي قائلاً: هل أستمع إلى نشرة الأخبار أم لا؟ وعندما تصلني المجلة الأسبوعية المكتظة بالأخبار والمقالات الأدبية، هل أكتفي بقراءة باب المقالات ممتنعاً عن قراءة تفاصيل الأنباء؟
وقد تقول لي أيها المستمع العزيز، لماذا تتردد في موضوع الاستماع إلى نشرة الأخبار أو قراءة التقارير الواردة على صفحات المجلة؟ هل تريد أن تحيا حياة الانعزاليين؟ وجوابي هو: أنني كغيري من بني البشر أتردّد في متابعتي للأخبار لأنني لست قادراً نفسياً على احتمال تكرار أبناء الكوارث الطبيعية منها وتلك التي يجلبها البشر على أقرانهم بني البشر. أنا لا أريد أن أتهرب من مسؤوليتي في متابعة ما يجري للإنسان ية في هذه السنين الأخيرة من القرن العشرين أو من القيام بواجبي لمساعدة الناس بقدر طاقتي وإمكانياتي. لكني في نفس الوقت أجد صعوبة كبيرة في متابعة كل تفاصيل قساوة الإنسان تجاه قرينه الإنسان . يفتك الناس بالأبرياء والمساكين والأطفال وكأنهم حشرات ضارة ! يا ترى ماذا حدث لنا نحن البشر؟
وكما ذكرت في عظة سابقة، يجابه كل بشري مشكلة الحياة المعاصرة بما فيها من متناقضات وعذابات، وهو متسلح بمنظور ما: قد يكون منظوراً دينياً أو إلحادياً. يعتقد الملحد المعاصر بأننا نعيش في عالم جاء إلى حيّز الوجود بصورة تلقائية وأن الكون الشاسع الذي يحيط بنا هو أزلي ولا شخصي، وفي أوائل القرن العشرين كان الإلحاد المعاصر متغذياً من قبل ايديولوجيات طوبابوية فوعد أتباعه وأنصاره باقتراب مجيء عصر ذهبي تنعدم فيه مشاكل الحياة وتضمحل ف طياته جميع المتناقضات. ولكن جميع تلك الأحلام اندثرت وانهار صرح جميع النظريات المادية / الإلحادية وأتينا على رؤية أنقاض تلك الايديولوجيات التي أظهرت أيضاً ليس فقط فشلها في الاتيان بنعيم أرض بل لأنها في كثير من الأحيان جاءت بما يشبه بجحيم لا يطاق تعذب فيه الملايين من بني البشر.
لقد فشلت جميع النظريات والآراء الفلسفية الإلحادية في تفسير معنى الوجود أو في حل مشاكل الحياة المستعصية. نأتي إذن إلى مواجهة موضوع عذابات الحياة الدنيا من منظور إيماني مبني على الوحي الإلهي. وإذ نتفوّه بهكذا كلمات هل نعني بأننا قادرون على تعليل كل ما يجري في دنيانا وخاصة تفسير معنى العذابات التي تصيب الملايين من أقراننا بني البشر؟ ومتى تسلّحنا بإيماننا بالله فهذا لا يعني أننا نحصل على منظور حياتي تبسيطي إذ نجابه معضلات الحياة ومشاكلها. هذا الدرس الأساسي الذي نتعلمه من سفر أيوب الصديق وهو أحد كتب الوحي الإلهي في أيام ما قبل الميلاد.
- عدد الزيارات: 4446