Skip to main content

ليكن اسم الرب مباركاً -1

النص الكتابي: أيوب 1 :13 ـ 22

ذهبت في الأسبوع الماضي لزيارة أحد معارفي وهو يشكو من سرطان الرئة. وجدته جالساً على كرسي مريح في بيته وهو يتأمل في منظر مبهج خارج النافذة. وكانت الشمس قد قاربت من الغروب مما أضفى على الغرفة جوّاً يشعّ بنوع من الكآبة. وبعد أن سلمت عليه وصافحته جلست بالقرب منه وأصغيت إلى كلماته المؤثرة. لقد تفشى السرطان في رئتيه وليس بالإمكان إجراء عملية لاستئصال الورم. انحصر رجاؤه الوحيد في تجربة جديدة نصحه الأطباء بأن يلجأ إليها ألا وهي قبول نوع جديد من التطبيب الكيماوي الذي قد يوقف نمو الورم. وربما قد يختفي الورم في رئتيه. وقد قبل رأي الأطباء وكان سيذهب إلى المستشفى ليتلقّى هذا النوع الجديد لمعالجة سرطان الرئة.

وما أن انتهى من سرد هذه الأمور العلاجية حتى بادرته بالكلام عن صحته الروحية. وكم سررت وشكرت الله لأنه كان قوي الإيمان بربه ومخلصه يسوع المسيح. لم يرهب الموت فيما إذا كان هذا نصيبه لأنه كان متيقّناً بناء على تعاليم كلمة الله ما أن يرحل من هذه الديار الفانية حتى يأتي إلى حضرة المسيح وينعم بسلام لم يعرفه في دنيانا هذه. ونظرا لكون هذا المريض إنسان اً إعتيادياً، أي أنه محب للحياة وراغب في استمراريتها عائشاً مع زوجته وبنيه وبناته وأحفاده، بادرني سائلاً: لماذا يسمح الله لهكذا أمراض فتّاكة بأن تدمر صفو حياتنا، نحن اللذين آمنا به واتكلنا عليه لخلاص نفوسنا؟ ولماذا نلاحظ أن العديدين من الأشرار ينعمون بصحة جيدة وكأن كل شيء في حياتهم يسير على أحسن ما يرام؟ كان جوابي: لا نستطيع نحن بني البشر أن نسبر غور مسيرة حياتنا أو حياة الآخرين. هناك ألغاز عديدة في هذه الدنيا تبقى أسراراً لا نقدر أن نحلّها. لكنه يجدر بنا كمؤمنين بالله القدير أن نتذكر بأن الحياة الدنيا ليست الكل في الكل. علينا أن نأخذ عالم ما فوق الطبيعة بعين الاعتبار وننتظر من الله أن ينعم علينا بالنصر على كل ما يعكر صفوّ حياتنا عندما ننتقل من هذه الحياة إلى الآخرة. إيماننا بالله لا ينحصر إذن في الحياة الدنيا بل يشمل أيضاً الحياة بعد الموت، الحياة في نعيم الله.

ونظراً لكوننا عائشين في عصر طغت عليه آراء وفلسفات الحادية دنيوية فإن حضاراتنا المعاصرة أصبحت شبه أسيرة لنظرة حياتية لا تعترف بأمور الروح ولا بما نتعلمه من كتاب الله المقدس بخصوص المصير الإنسان ي. طابع الحضارة العالمية اليوم المادّية وهي تنكر كل مالا تسمه الحواس الخمسة. ولكننا وقد وصلنا إلى السنين الأخيرة من القرن العشرين نلاحظ إفلاس هذه الحضارة والعديدون من الذين كانوا قد وقعوا فريسة لها قد رفضوها. فعلينا أن نعلن بكل صراحة وعناد أنه ليس هناك رجاء للبشرية إلا بالاعتراف بوحي الله وبأهمية تعاليم كلمته المحرّرة.

  • عدد الزيارات: 5125