الدرس العاشر
الفصل 7: 11-28
النص الكتابي:
"11فَلَوْ كَانَ بِالْكَهَنُوتِ اللاَّوِيِّ كَمَالٌ - إِذِ الشَّعْبُ أَخَذَ النَّامُوسَ عَلَيْهِ - مَاذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَعْدُ إلى أَنْ يَقُومَ كَاهِنٌ آخَرُ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ، وَلاَ يُقَالُ «عَلَى رُتْبَةِ هَارُونَ»؟ 12لأَنَّهُ إِنْ تَغَيَّرَ الْكَهَنُوتُ فَبِالضَّرُورَةِ يَصِيرُ تَغَيُّرٌ لِلنَّامُوسِ أيضاً. 13لأَنَّ الَّذِي يُقَالُ عَنْهُ هَذَا كَانَ شَرِيكاً فِي سِبْطٍ آخَرَ لَمْ يُلاَزِمْ أَحَدٌ مِنْهُ الْمَذْبَحَ. 14فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ رَبَّنَا قَدْ طَلَعَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهُ مُوسَى شيئاً مِنْ جِهَةِ الْكَهَنُوتِ. 15وَذَلِكَ أَكْثَرُ وُضُوحاً أيضاً إِنْ كَانَ عَلَى شِبْهِ مَلْكِي صَادِقَ يَقُومُ كَاهِنٌ آخَرُ، 16قَدْ صَارَ لَيْسَ بِحَسَبِ نَامُوسِ وَصِيَّةٍ جَسَدِيَّةٍ، بَلْ بِحَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ. 17لأَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّكَ «كَاهِنٌ إلى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ». 18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شيئاً. وَلَكِنْ يَصِيرُ إِدْخَالُ رَجَاءٍ أَفْضَلَ بِهِ نَقْتَرِبُ إلى اللهِ. 20وَعَلَى قَدْرِ مَا إِنَّهُ لَيْسَ بِدُونِ قَسَمٍ - 21لأَنَّ أولئِكَ بِدُونِ قَسَمٍ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً، وَأَمَّا هَذَا فَبِقَسَمٍ مِنَ الْقَائِلِ لَهُ: «أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ، أَنْتَ كَاهِنٌ إلى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ». 22عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قَدْ صَارَ يَسُوعُ ضَامِناً لِعَهْدٍ أَفْضَلَ. 23وَأولئِكَ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً كَثِيرِينَ لأَنَّ الْمَوْتَ مَنَعَهُمْ مِنَ الْبَقَاءِ، 24وَأَمَّا هَذَا فَلأَنَّهُ يَبْقَى إلى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ. 25فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أيضاً إلى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إلى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ. 26لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ 27الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أولاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ. 28فَإِنَّ النَّامُوسَ يُقِيمُ أُنَاساً بِهِمْ ضُعْفٌ رُؤَسَاءَ كَهَنَةٍ. وَأَمَّا كَلِمَةُ الْقَسَمِ الَّتِي بَعْدَ النَّامُوسِ فَتُقِيمُ ابْناً مُكَمَّلاً إلى الأَبَدِ".
رأينا في درسنا السابق أن السيد المسيح هو رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق الذي عاش في أيام إبراهيم الخليل والذي أخذ من أبي المؤمنين عُشراً بعد رجوعه من كسرة الملوك أما الآن فإننا نبحث مع كاتب الرسالة إلى العبرانيين في الفرق الشاسع بين كهنوت الشريعة في العهد القديم أي الحقبة التي سبقت ميلاد المسيح وكهنوت العهد الجديد الذي تم بشكل فريد في شخص المسيح يسوع رئيس كهنة هذا العهد الوحيد والفريد.
1. لم يكن كهنوت النظام القديم أي كهنوت العهد القديم كاملاً ولذلك فإنه كان وقتياً:
عندما نقرأ أسفار العهد القديم وخاصة أسفار موسى الخمسة التي تشكل التوراة أو الشريعة نلاحظ مؤسسة أو نظام الكهنوت الموسوي الذي أنشأه الله لأيام ما قبل الميلاد. ولكن ذلك النظام لم يكن دائماً بل وقتياً وإلا لما قال الله بواسطة داود بأن مسيحه سيكون رئيس كهنة – لا حسب نظام الشريعة – بل حسب كهنوت ملكي صادق الفريد.
2. نظام العهد القديم تغير بمجيء السيد المسيح:
كان الكهنة في أيام العهد القديم من عشيرة أو سبط لاوي ومن أولاد هارون ولكن الرب يسوع جاء من سبط يهوذا – حسب الجسد– وهذا السبط الأخير لم يكـن قد دعي للقيام بخدمة الكهنوت في أيام النظام القديم (أي في أيام العهد القديم). ولكن بما أن السيد المسيح هو من سبط يهوذا وبما أن هذا يخالف نظام العهد القديم فإننا نستنتج من كاتب الرسالة ما يلي: "لأنه إن تغير الكهنوت فبالضرورة يصير تغير للناموس أيضاً". لم يصبح المسيح كاهناً حسب تعليمات الوصية الموجودة في شريعة موسى بل حسب قسم الله بوعده الذي لا يمكن أن يتغير وكما قال كاتب الرسالة: "حَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ". ولذلك فإننا لا نكون مخطئين إن قلنا أن النظام القديم كان لابد من أن يولي ويفسح مجالاً للنظام الجديد الذي هو نهائي وتام وكامل لأنه نظام الرب يسوع المسيح وعهده الجديد.
3. أدى الناموس وظيفته في أيام العهد القديم:
عندما ندرس رسالة بولس الرسول إلى رومية نلاحظ هذا التعليم المختص بالشريعة: إنها لم تكن تقدر أن تحيي الإنسان ولكنها كانت تظهر له حقيقة حالته الروحية وتدفعه إلى اللجوء إلى الله وقبول طريقته الفعالة للخلاص من الخطية. وهنا نتعلم نفس الشيء إذ أن الوصية السابقة أي الشريعة كانت ضعيفة أي أنها غير قادرة بأن تمنح الحياة لبني البشر وكانت بدون نفع لا بمعنى أنها لم تقم بأداء أية وظيفة في نظام العهد القديم ولكن بمعنى أنها لم تستطع أن تنقذ الإنسان من براثن الشر. ولذلك يقول الكاتب: "إذ الناموس لم يكمل شيئاً".
4. قام السيد المسيح بأداء وظيفته بشكل تام لأنه كاهن على رتبة ملكي صادق:
فما عجزت عن القيام به شريعة العهد القديم قد قام به السيد المسيح بصفته كاهناً عظيماً للعهد الجديد الذي صار حسب وعد الله وقسمه الذي لا يمكن أن يتغير أو يفشل. صار يسوع ضامناً لعهد أفضل لأن النظام الذي كان سيدشّنه كان كاملاً وقادراً على إعطاء الإنسان السلطة للمثول أمام الله وللحصول منه تعالى على الغفران التام لجميع خطايا الحياة. وكون المسيح أعظم بكثير من كهنة العهد القديم يظهر في أنه يبقى إلى الأبد كاهناً لأن كهنوته لا يزول بينما كان كهنة العهـد القديم يقومون بأداء وظيفتهم لمدة قصيرة من الزمن لأن الموت كان يمنعهم عن الاستمرار في سلك الكهنوت. وكذلك نرى سمو المسيح اللامتناهي في أنه قدم نفسه كذبيحة مرة واحدة بينما كان على كهنة العهد القديم أن يقدموا كل يوم ذبائح ليس عن خطايا الآخرين فقط بل عن خطاياهم أيضاً بينما كان السيد المسيح بدون خطية وعندما قدم نفسه إنما قام بذلك عن خطايا الآخرين فقط. وهكذا بينما نلاحظ الشريعة في العهد القديم (التي ندعوها باسم الناموس) كانت تقيم كرؤساء كهنة أناساً بهم ضعف نرى أن كلمة القسم الواردة في المزمور 110 (والتي قيلت من الناحية التاريخية بعد إعطاء الناموس بمئات السنين) تقيم ابن الله رئيس كهنة مكملاً أو كاملاً إلى الأبد ما أعظم الفرق بين نظام العهد القديم التمهيدي والوقتي ونظام العهد الجديد النهائي والأبدي.
- عدد الزيارات: 5880