Skip to main content

الدرس السابع

الفصل 4: 14- 5: 11

النص الكتابي:

"14فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. 15لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. 16فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إلى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ".

"1لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّاسِ يُقَامُ لأَجْلِ النَّاسِ فِي مَا لِلَّهِ، لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ الْخَطَايَا، 2قَادِراً أَنْ يَتَرَفَّقَ بِالْجُهَّالِ وَالضَّالِّينَ، إِذْ هُوَ أيضاً مُحَاطٌ بِالضُّعْفِ. 3وَلِهَذَا الضُّعْفِ يَلْتَزِمُ أَنَّهُ كَمَا يُقَدِّمُ عَنِ الْخَطَايَا لأَجْلِ الشَّعْبِ هَكَذَا أيضاً لأَجْلِ نَفْسِهِ. 4وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هَذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُّوُ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أيضاً. 5كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أيضاً لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ الَّذِي قَالَ لَهُ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ». 6كَمَا يَقُولُ أيضاً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إلى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ». 7الَّذِي، فِي أيام جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ، 8مَعَ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ. 9وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ سَبَبَ خَلاَصٍ أبدي، 10مَدْعُّواً مِنَ اللهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ. 11اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ" .

تعلّمْنا حتى الآن من دراستنا للرسالة إلى العبرانيين هذه الأمور الرئيسيـة:

 1. كشف الله عن ذاته بصورة نهائية بابنه يسوع المسيح الذي هو مخلص البشرية الوحيد.

2. ضرورة الإيمان بكلمة الله لدخول الراحة الأبدية التي أعدها الله لجميع المؤمنين.

سنبدأ بدراسة موضوع كهنوت المسيح وسنرى أنه كما كان الله قد أعد نظام الكهنوت في أيام العهد القديم هكذا أعطانا ابنه المسيح يسوع ليكون كاهننا الأعظم والوحيد وليقوم بدور الوساطة بين الله والإنسان.

1. المسيح هو رئيس كهنة عظيم:

هذا ما نتعلمه من الأعداد الثلاثة الأخيرة من الفصل الرابع من الرسالة إلى العبرانيين. كان رئيس الكهنة في العهد القديم يتوسط بين الله والإنسان وكان يقدم الذبائح والقرابين ولكنه لم يكن يدخل قدس الأقداس في الهيكل إلا مرة واحدة في السنة وذلك لأنه كان وسائر الكهنة من الخطاة كغيرهم من بني البشر. ولكن المسيح يسوع رئيس كهنتنا العظيم هو بدون خطية وهو الآن (أي بعد آلامه وموته الكفاري على الصليب) في السماء وفي حضرة الله وهو لذلك يشفع بنا باستمرار. ونظراً لكونه مخلصاً هكذا عظيماً ورئيس كهنة أعظم من جميع رؤساء كهنة اسرائيل يجدر بنا أن نتمسك به وألا نرتد عنه مهما حدث ومهما كثرت الاضطهادات التي قد نتعرض لها. ولئلا نظن بأنه هكذا متعال حتى أنه لا يقدر أن يرثي لضعفاتنا الناتجة عن كوننا من جبلة بشرية يقول لنا كاتب الرسالة: "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ". ما أعظم هذه الكلمات التي ترينا بكل جلاء أن المسيح عارف بجميع ما يصيبنا من تجارب وأنه يشعر معنا شعوراً ناتجاً عن اختبارات مماثلة أثنـاء حياته  على الأرض مع هذا الفارق العظيم أنه له المجد لم يقع في أية خطية بل كافحها مستمراً وانتصر عليها.

2. صفات رئيس الكهنة ووجودها في المسيح يسوع:

كان الكهنة في أيام العهد القديم من عشيرة أو سبط لاوي ومن نسل هارون وكان من المشترط في الكاهن وكذلك في رئيس الكهنة أن يكون مأخوذاً أو منتخباً من الشعب وأن يعمل في سبيلهم في الأمور المتعلقة بالله وذلك بتقديم القرابين والذبائح عن الخطايا. وكذلك كان من المشترط في رئيس الكهنة أن يكون حليماً ومتواضعاً وقادراً أن يترفق بالجهّال والضالين عالماً أنه هو بشري ومعرض لتجارب البشر وأنه هو أيضاً يخطىء ضد شريعة الله ويتعدى عليها في حياته الخاصة. ونظراً لوجود هذا الضعف في حياته الخاصة كان من الواجب أن يقدم رئيس الكهنة ذبيحة عن نفسه قبل أن يقدم ذبائح عن الشعب. وكان من المشترط أيضاً في رئيس الكهنة أن يكون قد دُعي من قبل الله للقيام بمهام وظيفته المقدسة كما نرى في تأسيس سلك الكهنوت لدى بني اسرائيل عندما دعا الله هارون ليكون أول رئيس كهنة. هذه هي باختصار الشروط التي يجب أن تتوفر في كل كاهن ورئيس كهنة بشكل خاص. ولابد لنا من التساؤل: إن كان المسيح يسوع رئيس كهنة فهل كانت تتوفر لديه أيضاً هذه الصفات؟ وجواب صاحب الرسالة إلى العبرانيين أن المسيح له المجد كان يتمتع بجميع صفات الكهنوت وبشكل وبصورة تفوق سائر رؤساء الكهنة من بني البشر.

لم يمجّد المسيح نفسه، أي انه لم يأخذ على عاتقه أن يقوم بهذه المهمة المقدسة بل إن الله الذي قال له: "أنت ابني أنا اليوم ولدتك"، قال له أيضاً "أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق". إن الله الآب هو الذي دعا المسيح الابن ليكون رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق. وكذلك نلاحظ أن المسيح يسوع كان يتمتع بطبيعة بشرية حقيقية ولذلك فإنه كان قادراً على أن يرثي لضعفاتنا وأن يشعر معنا. إن تجسد الابن مكّنه من أن يتصف بجميع الصفات التي تُطلب من رئيس الكهنة أي أنه صار إنساناً حقيقياً وتعلم باختباراته العديدة وخاصة في آلامه الطاعة لمشيئة الآب. وهو لذلك صار سبباً للخلاص الأبدي لجميع الذين يطيعونه ويقبلونه كمخلص لهم.

  • عدد الزيارات: 6911