Skip to main content

الدرس السابع

"1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً وَكُلُّ إنسان كَاذِباً. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ». 5وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُبَيِّنُ بِرَّ اللهِ فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ اللهَ الَّذِي يَجْلِبُ الْغَضَبَ ظَالِمٌ؟ أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ الإنسان. 6حَاشَا! فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ الْعَالَمَ إِذْ ذَاكَ؟ 7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟ 8أَمَا كَمَا يُفْتَرَى عَلَيْنَا وَكَمَا يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّنَا نَقُولُ: «لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ لِكَيْ تَأْتِيَ الْخَيْرَاتُ». الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ عَادِلَةٌ. 9فَمَاذَا إِذاً؟ أَنَحْنُ أَفْضَلُ؟ كَلاَّ الْبَتَّةَ! لأَنَّنَا قَدْ شَكَوْنَا أَنَّ الْيَهُودَ وَالْيُونَانِيِّينَ أَجْمَعِينَ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ 10كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. 11لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. 12الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. 13حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. 14وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. 15أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. 16فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. 17وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. 18لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ». 19وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ. 20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ " (رومية 3: 1-20).

نأتي الآن إلى بعض الأسئلة والأجوبة التي سنراها أيضاً في فصول أخرى من هذه الرسالة والتي قد تكون اعتراضات واقعية كان الرسول قد لاقاها أثناء رحلاته التبشيرية أو أسئلة منطقية تساعد على فهم الموضوع حتى وإن لم تكن قد ألقيت على الرسول في اختباراته الماضية.

1.ما هو فضل من وُلِدَ في بيئة تعرف الله وما منفعة العلامات والرموز الدينية؟

كان سؤال الرسول الحرفي: ما هو فضل اليهودي وما نفع الختان؟ هذا هو اعتراض يمكن أن يكون قد جابهه الرسول عندما أظهر أن الانتماء إلى شعب كان يعرف الله ويعبده لم يكن في حدّ ذاته كافياً. جواب الرسول هو أن الامتياز الذي كان ينعم به شعبه كان امتيازاً عظيماً لأنهم كانوا قد استؤمنوا على أقوال الله أي على الوحي الإلهي المدون في أسفار العهد القديم. هذا امتياز عظيم لأن أكثرية الناس في أيام الرسول بولس كانوا يعبدون الأصنام وغير عارفين محتويات الكلمة الإلهية. إنه لامتياز عظيم أن يكون الإنسان في بيئة تعرف الله وكلمته لأن الاحتمال كبير أن يستفيد ذلك الإنسان من التراث الديني المحيط به. ولكن إن لم يكن البعض أمناء لأقوال الله ولم يعملوا على تطبيقها في حياتهم أيعني ذلك أن الله هو غير أمين؟ حاشا، ليكن الله صادقاً وكل إنسان كاذباً.

2. إن كانت خطية الإنسان تُظهرُ برَّ الله بشكل أكثر جلاءً ووضوحاً، ألعلّ الله ظالم عندما يعاقب الخاطيء؟

أن الله تعالى اسمه بار وقدوس وسامٍ في جميع صفاته الإلهية وبره يظهر لامعاً وساطعاً كما تظهر الشمس بعد ظلام الليل الدامس. لكن هذا لا يعني أن الله عليه ألا يعاقب مرتكب الخطية، أو أنه ظالم إن عاقب مرتكبها. كلا إن الله هو ديان عادل وليس في حكمه أي ظلم أو جور. يكره الله الخطية لأنها تغاير إرادته السنية وتعارض نواميسه المقدسة. وهكذا وإن أدّت خطايا الإنسان إلى إظهار قداسة وبر الله بشكل قوي إلا أن ذلك المنطق غير سليم إن استنتج أن الله عليه عدم معاقبة الخاطيء.

3. الاعتراض الثالث الذي واجهه الرسول هو مشابه للاعتراض الذي انتهينا من البحث فيه ويمكن تلخيصه كما يلي:

إن كان صدق الله قد ظهر بشكل واضح للغاية نظراً لكذبي أنا الإنسان وإن أدّى ذلك إلى إظهار مجد الله بصورة جلية للغاية، فلماذا أُدان أنا من الله كخاطيء؟ هنا نلاحظ أن المنطق الذي يُبنى عليه هذا السؤال وجميع الأسئلة التي تشابهه هو منطق خاطيء. طبعاً لا ننكر ذلك أن خطية الإنسان تظهر قداسة الله وأمانته وأن ذلك بدوره يظهر مجد الله وكيف أنه ليس كالإنسان المتغير الساقط في حمأة الخطية والعصيان. ولكن هذا لا يدفعنا مطلقاً إلى الاستنتاج بأنه من واجب الله تعالى أن لا يعاقبنا كخطاة. الله لا يمكن أن ينكر نفسه. إنه الديان العادل وسيعاقب الخطاة لأنهم أخطأوا ضده وضد شريعته.

4. كان البعض قد أشاعوا الأقاويل الكاذبة عن تعاليم الرسول ملخّصين إياها بهذه الكلمات: لنفعل السيئات لكي تأتي الخيرات. وهم كانوا بالحقيقة يبنون ذلك على استنتاجاتهم الخاطئة من تعليم الرسول أن خطية الإنسان تُظهر أمانةَ الله وأن كذب الإنسان يُظهر صدقَ الله بشكل جلي بنفس الطريقة التي يظهر بها مجد نور الشمس بعد انسحاب الظلام. ولكن الرسول لم يكن قد علّم ذلك ولم يكن قد أعطى أية فرصة لهذا الاستنتاج الخاطيء وكل من يروّجون إشاعات كهذه عليه أو على تعليمه سينالون دينونة عادلة في اليوم الأخير نظراً لتحريفهم التعاليم الإلهية بخصوص تبرير الإنسان الخاطيء.

5. الجميع تحت الخطية إن كانوا يهوداً أو يونانيين أي إن كانوا من عارفي الكلمة الإلهية كما كانت حالة اليهود في أيام بولس أو الوثنيين كاليونانيين وغيرهم من الأمم الوثنية القديمة. وهنا يستنجد الرسول بأقوال الكتاب المقدس لبرهان قوله.

6. إن كان الجميع تحت الخطية فليس هناك إذن من يستطيع أن يخلص بواسطة أعمال وإن كانت هذه الأعمال مذكورة في الشريعة. الإنسان بغض النظر عن ولادته أو تراثه الديني هو خاطيء لا يستطيع أن يتبرر بحفظ الشريعة. على العكس تظهر الشريعة فداحة خطية الإنسان. لابد إذن من طريقة أخرى للخلاص التي سنذكرها في درسنا المقبل.

  • عدد الزيارات: 8850