Skip to main content

الدرس الأول: نشأة الكنيسة ونموها

1- ميلاد الكنيسة المسيحية:

جرت هذه الحادثة الهامة في الصباح الباكر.كان سكان مدينة القدس والغرباء الذين أتوا لعبادة الله في الهيكل قد استفاقوا من نومهم لمدة قصيرة، عندما حدث فجأة صوت عظيم وكأنه ريحٌ قوية قد انقضت على قسم من المدينة المقدسة ترك الناس بيوتهم مسرعين وانطلقوا باتجاه المكان الذي حدث فيه الصوت ليقفوا على حقيقة الامر

وما اشد دهشتهم عندما رأوا المائة وعشرين تلميذاً مسيحياً وعلى رأس كل منهم السنة وكأنها من ناروازدادت دهشتهم عندما سمعوا هؤلاء التلاميذ، الذين كان أكثرهم من سكان الجليل وبدون ثقافة تذكر،وهم يتكلمون عن عائم الله بألسنتهم المختلفة فقد كان في القدس أناس من أمم مختلفة يتكلمون بلغات مختلفة تماماً ومع ذلك فكان كل جنس يسمع هؤلاء التلاميذ يتكلمون بلغتهم الخاصة! كان عدد الذين أتوا لرؤية ما حدث في ذلك الصباح يربو على عدة آلاف وأخذت الدهشة تزداد في صفوفهم واعترتهم دهشة كبيرة وهم يحاولون تعليل ما رأته أعينهم وما سمعته آذانهم! اخذ البعض منهم يسخرون بالتلاميذ وقالوا عنهم أنهم إنما امتلأوا من الخمر ولذلك كانوا يتكلمون بلغات مختلفة!

وهنا قام احد التلاميذ واسمه بطرس واخذ بالمدافعة عن رفاقه قائلاً: ليس هؤلاء بسكارى بل إنهم امتلأوا من الروح القدس وهذا الذي حدث أمام أعينكم إنما صار حسب نبوة يوئيل النبي بخصوص حلول الروح القدس على المؤمنين في فجر العهد الجديد! مع أن كلمات بطرس لم تكن كثيرة ولا منمقة إلا أنها أتت بمفعول قوي لم يكن احد ليحلم به: آمن الكثيرون من الناس بما بشرهم به عن يسوع المسيح الذي مات على الصليب وقام من الأموات في اليوم الثالث والذي طلب من أتباعه أن يبدأوا بالمناداة به وبما قام به من عمل فدائي وخلاصي في كل أنحاء العالم وكان عدد الذين آمنوا ثلاثة آلاف واعتمد كل واحد منهم مظهراً بذلك قبوله للإيمان الجديد وللحياة الجديدة وهكذا ولدت الكنيسة المسيحية في يوم الخمسين في مدينة القدس في العام الثالث والثلاثين حسب التقويم الميلادي!

2- الله هو خالق وحافظ الكنيسة:

صحب نزول الروح القدس على التلاميذ وحلوله عليهم صوت ريح قوية وظهور السنة لهب شبه نارية على كل منهم ويمكن النظر إلى الريح والنار كرمزين للروح القدس وهما رمزان ملائمين لعمل الاقنوم الثالث للاهوت الاقدس فان الريح والنار من أعظم القوى الطبيعية المعروفة في العالم وهكذا فان ولادة الكنيسة المسيحية كانت دليلاً على دخول قوة عظيمة إلى العالم نظراً لحلول الروح في الكنيسة والروح القدس ذو قوة هكذا عظيمة وجبارة حتى أنه ليس هناك أي شيء يستطيع أن يصمد في وجهه متى شاء أن يقوم بعمل الله الخلاصي في العالم وبواسطة الكنيسة

نتعلم من كيفية ولادة الكنيسة أن الله هو خالقها ولذلك فإننا نقول عنها أنها من منشأ أو أصل الهي إنها أتت إلى الوجود بواسطة عمل الروح القدس والكلمة وكذلك نرى أن الله عين التلاميذ رسلاً وقادة للكنيسة وهذا يعني أنه مع وجود الأصل الإلهي في الكنيسة المسيحية إلا أن الله استخدم بني البشر في تكوين كنيسته أتت الكنيسة إلى الحياة بعمل الروح القدس وكذلك بواسطة عمل الانسان وعمل الإنسان هذا كان التبشير أو المناداة بالإنجيل علينا أن نضع هذين الأمرين نصب أعيننا عندما نفكر في موضوع الكنيسة وفي رسالتها في أيامنا هذه أنه لا يمكن مطلقاً إغفال العاملين الهامين المتعلقين بولادة الكنيسة عندما نتكلم عن نموها وامتدادها في العالم وحيث يقلل من أهمية ذلك تصبح الكنيسة في خطر عظيم وتتعرض لفقدان رسالتها التي اؤتمنت عليها من قبل خالقها وربها

3- الكنيسة في أيامها الأولى:

أخذت الكنيسة المسيحية التي ولدت في القدس بالنمو بشكل مستمر منذ أيامها الاولى وهنا علينا أن نلاحظ أن الكنيسة تنمو بشكل خارجي: وذلك من ناحية انضمام الناس إلى عضويتها، وأيضاً بشكل داخلي وذلك في نموها في معرفة الحق وتطبيق ذلك الحق في حياة اعضائها يخبرنا الطبيب لوقا " وهو أول مؤرخ في الكنيسة المسيحية " أن المؤمنين كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون ولم يكن للكنيسة في بدء عهدها أماكن خاصة للعبادة والوعظ بل كان الأعضاء يجتمعون في الهيكل أو في بيوتهم الخاصة ومع فقرهم المادي إلا أنهم كانوا أغنياء روحياً: طريقة عبادتهم وترانيمهم عذبة ومنعشة! أنهم بشّروا وصلوا ورنموا ليس فقط بشفاههم بل من قرارة قلوبهم! وكان هناك وحدة حقيقية مؤسسة على تعاليم الرسل وعلى محبة المخلص ولسائر المفديين المؤمنين كانت حياة الكنيسة في مدينة القدس في تلك المرحلة من تاريخ الكنيسة صورة جميلة للغاية وهدفاً يمكن أن تحذوا حذوه الكنيسة في أيامنا هذه لكن الكنيسة منذ أوائل عهدها لم تكن كاملة أو خالية من الخطاء وذلك لان أعضاءها لم يكونوا كاملين يروي لنا لوقا الطبيب حادثة تظهر لنا حقيقة ذلك الأمر:

انضم رجل اسمه حنانيا مع زوجته إلى الكنيسة في القدس باعا ممتلكاتهما وأعطيا المال إلى الرسل وادعيا في نفس الوقت أنهما قد أعطيا الكل ولما سأل الرسول بطرس كلاً منهما على انفراد عن حقيقة الأمر لم يعترفا بخطيئتهما بل استمرا في الادعاء بأنهما أعطيا كل أموالهما للكنيسة! ماذا كانت النتيجة؟ مات الرجل وكذلك زوجته لأنهما كذبا على الروح القدس وعلى رسله! لو تاب حنانيا أو زوجته لما عوقبا بذلك الشكل الصارم!

ولدت الكنيسة إذاً بمشيئة الله الخاصة المتعلقة بخلاص العالم وأخذت تنمو منذ أيامها الأولى من الناحية العددية وكذلك من الناحية الروحية لكن الكنيسة في عهدها الحالي وقبل اكتمالها الذي سيحدث في نهاية العالم لدى رجوع يسوع المسيح إلى الأرض ليست كاملة من الناحية الروحية وفي حياة اعضائها على الكنيسة أن تكون دوماً خاضعة لقيادة الروح محييها ويسوع المسيح فاديها بواسطة كلمته المقدسة التي هي دستور حياتها الوحيد وسنرى في حديث مقبل كيف اضطهدت الكنيسة وكيف نمت بالرغم من ذلك بنعمة الله ومساعدته

  • عدد الزيارات: 9129