كلمة ختامية
وبعد، أن ما ورد في الصفحات السالفة من آراء ليست سوى نظرات عامة حاولت فيها أن أمس بعض لباب الحقيقة كما استخلصها من تعاليم الكتاب المقدس. ولست ادّعي أن ما جاء في هذه الصفحات من تعليلات هو القول الفصل، إنما كان لا بد من معالجة هذه القضية بكثير من التبصّر والجدية، لأن أوضاعنا المشرقية الراهنة تستدعي مثل هذا الاهتمام البالغ في عرض جوانب هذه الطروحات التي أهملها قادتنا المسيحيون العرب زمناً طويلاً لأسباب لا داعي لذكرها في هذا المجال ولعلهم على حق في ذلك.
إن الحرية التي يتمتع فيها الفكر المسيحي خير ضمان للمؤمنين الباحثين في الحق الإلهي شريطة أن يتوافر لديهم الإخلاص والنيّة الصادقة. وقد يرى البعض أن ما تعارف عليه القدامى من رجال الكنيسة وقادتها هو الأحق والأصلح، غير أن الحقيقة قد لا تكون دائماً كذلك لأن المجتمعات تتعرض إلى التحول والتغيير. صحيح أن المبادىء الأساسية هي ذاتها، إنما الرؤيا الجديدة في فهم هذه المبادىء واستيعابها بفعل ما تفرضه الظروف المستجدة هي التي تسعفنا على إحراز إدراك أكثر وعياً وشمولاً لهذه المبادىء، فبولس، مثلاً، كان معجباً بعدالة القانون الروماني فأطراه، ولكن بولس نفسه ذهب ضحية نزوات إمبراطور مجنون ظالم.
لهذا فالمعقول في هذه الدراسة هو على الرؤيا الفردية والقناعة الشخصية بمقدار ما تنسجم مع القيم المسيحية التي نصّ عليها الكتاب المقدس. وقد تختلف الآراء باختلاف هذه القناعات ولكن إن عمد أربابها بحثها وتشريحها بروح متجردة، وعقل متفتح ونظرة شمولية فقد تلتقي آراؤهم حول أكثر من قضية وبالتالي فإن مجرد البحث في هذه الموضوعات المحرمة في أدبنا المسيحي الإنجيلي العربي يشرع أمام مفكرينا مجال الرؤيا على آفاق أكثر رحابة من آفاق السالفين.
- عدد الزيارات: 539