Skip to main content

الفصل الخامس: كيف تتعامل مع النفوس

رابح النفوس عليه أن يعرف أمرين هامين، الأمر الأول: مركزه كرابح نفوس.. والأمر الثاني: كيف يتعامل مع النفوس.

مركزه كرابح نفوس

إن معرفة رابح النفوس لمركزه سيعطيه القدرة على الخدمة بثقة. ولقد ذكر الكتاب المقدس عدة أسماء لرابحي النفوس نذكرها فيما يلي:

1- عمال: "فإننا نحن عاملان مع الله وأنتم فلاحة الله بناء الله" (1كورنثوس 3: 9).

"اجتهد أن تقيم نفسك لله مزكى عاملاً لا يخزى مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة" (2تيموثاوس 2: 15).

2- سفراء: "إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (2كورنثوس

5: 20).

3- جنود: "فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح" (2تيموثاوس 2: 3).

4- شهود: "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل

اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أعمال 1: 8).

5- زارعون: "هو ذا الزارع قد خرج ليزرع" (متى 13: 3).

6- رابحو نفوس: "رابح النفوس حكيم" (أمثال 11: 30).

7- أنوار: "لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاداً لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنوار

في العالم" (فيلبي 2: 15).

8- صيادون: "فقال الرب يسوع لسمعان لا تخف من الآن تكون تصطاد الناس" (لوقا 5: 10).

9- بنّاؤون: "حسب نعمة الله المعطاة لي كبنّاء حكيم قد وضعت أساساً وآخر يبني عليه. فإنه لا يستطيع أحد

أن يضع أساساً آخر غير الذي وضع الذي هو يسوع المسيح" (1كورنثوس 3: 10).

إذا عرفت مركزك كرابح للنفوس، إذا عرفت أنك عامل مع الله، وسفير عن المسيح، وجندي في جيشه، وشاهد لخلاصه، وزارع لكلمته، ورابح للنفوس الهالكة، ونور يضيء لمجده، وصياد تصطاد لشبكته، وبنّاء لملكوته، فإن هذه المعرفة تعضدك وتعطيك الثقة حين تشهد للآخرين.

كيف تتعامل مع النفوس

إنه من الأهمية بمكان أن يتعلم رابح النفوس كيف يتعامل مع النفوس، وهناك ثلاث مدارس سآخذك إليها لكي تتعلم منها كيف تربح النفوس للمسيح.

مدرسة الرب يسوع

في مدرسة الرب يسوع نجد نموذجاً للتعامل مع نفس محتاجة للخلاص.. هذا النموذج نراه في تعامل الرب مع المرأة السامرية.

ويجدر بنا أن نلاحظ أن الدافع الذي دفع الرب يسوع للذهاب إلى السامرة كان هو المحبة الموجودة في قلبه نحو الخطاة "وكان لا بد له أن يجتاز السامرة" (يوحنا 4: 4). لقد اجتاز السامرة تعمداً لأنه أراد أن ينقذ امرأة من براثن الخطية، مع أنه كان في إمكانه أن يتخذ طريقاً آخر غير طريق السامرة. وقد كانت هناك عدة حواجز تقف حائلاً أمام ربح السامرية ولكن الرب حطم بمحبته وحكمته هذه الحواجز. ورابح النفوس ينبغي أن يعمل مدفوعاً بمحبته للنفوس الهالكة، وينبغي أن يكون حكيماً في تعامله مع البعيدين. لقد وقفت عدة حواجز أمام ربح السامرية.

1- حاجز التعصب:

كان السامريون متعصبين ضد اليهود، كما كان اليهود متعصبين ضد السامريين. وكان تعصب السامريين معروفاً حتى أنهم رفضوا مراراً أن يقبلوا المسيح، حتى قال يعقوب ويوحنا للمسيح "يا رب أتريد أن نطلب أن تنزل نار من السماء وتأكلهم" يقول إنجيل يوحنا "لأن اليهود لا يعاملون السامريين" (يوحنا 4: 9).

وقد اجتاز الرب بمحبته وحكمته حاجز التعصب.

2- حاجز الدين:

كان السامريون يعبدون بكيفية تختلف كل الاختلاف عن الكيفية التي يعبد بها اليهود. كانوا لا يؤمنون إلا بكتب موسى، ويعبدون في هيكل منافس لهيكل أورشليم كما قالت السامرية للمسيح "آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون أن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه" (يوحنا 4: 20).

وقد حطم يسوع بحكمته هذا الحاجز المنيع.

3- حاجز الجنسية:

اعتبر اليهود السامريين أنهم غرباء، حتى أن الرب يسوع نفسه بعد أن شفى الرجال العشرة البرص، ورجع واحد منهم كان سامرياً ليشكره. قال "ألم يوجد من يرجع ليعطي مجداً لله غير هذا الغريب الجنس.." (لوقا 17: 18).

لكن الرب لم يمنعه هذا الحاجز من الحديث إلى نفس ضائعة هالكة. لقد تحدث الرب إلى السامرية معلناً أن هذه مشيئة الآب. أن يربح البعيدين. وقد قال هذه الكلمات صريحة للتلاميذ حينما دعوه ليأكل معهم "قال لهم يسوع طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله" (يوحنا 4: 34).

كيف تعامل الرب مع السامرية؟

كان الأسلوب الذي استخدمه الرب في ربح المرأة السامرية أسلوباً حكيماً للغاية فالمسيح هو "المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة".. فقد تدرج الرب في حديثه مع السامرية محركاً إرادتها، وعواطفها، وفكرها حتى أوصلها إلى الاعتراف الكامل بخطاياها، وأعدها لإعلان ذاته لها. والآن تعال معي نرى مراحل تعامل الرب مع السامرية.

أ- خاطبها موجهاً الكلام إلى إنسانيتها:

"فقال لها يسوع أعطيني لأشرب" (يوحنا 4: 7).

هو الذي كال بكفه المياه يطلب من امرأة سامرية غريبة الجنس أن تعطيه ليشرب. لماذا؟ ليرفع قدرها.. ليريها حاجته إلى شيء يمكن أن تقدمه له. ففي تعاملك مع أي نفس احذر التعالي.. بل ارفع من مستوى من تتحدث إليه إلى مستوى من يستطيع تقديم خدمة لك.

لقد خاطب المسيح إنسانيتها.. أنت إنسانة، وأنا إنسان... ويمكنك تقديم خدمة لي أنا الإنسان العطشان. لقد كان المسيح عطشاناً لا إلى الماء، بل إلى خلاص هذه السامرية المسكينة.

ولقد كان رد فعل السامرية هو التعجب من ذلك اليهودي الذي يتنازل لمستوى طلب خدمة من امرأة سامرية فقالت له "كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية. لأن اليهود لا يعاملون السامريين" (يوحنا 4: 9).

ب- خاطبها موجهاً الكلام إلى دافع حب الاستطلاع فيها:

"أجاب يسوع وقال لها لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حياً" (يوحنا 4: 10).

قد دفعها لاستطلاع حقيقة شخصه "من هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب" ودفعها لاستطلاع حقيقة ما يمكنها أن تأخذه منه "لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حياً" وقد امتلأت المرأة دهشةً لكلام الرب يسوع فقالت له "يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة. فمن أين لك الماء الحي" (يوحنا 4: 11).

هنا نتعلم درساً هاماً هو أن توجيه الأسئلة التي تثير حب الاستطلاع هام جداً في ربح النفوس. فعلى رابح النفوس أن يثير حب المعرفة في النفس التي يريد ربحها للمسيح لتتفتح لسماع كلامه.

ج- خاطبها موجهاً الكلام إلى حاجتها:

إن كل نفس تحتاج إلى الارتواء فأمور العالم لا تروي الروح البشرية.

"أجاب يسوع وقال لها: "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً. ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يوحنا 4: 13و14).

مع أن المرأة لم تدرك تماماً طبيعة الماء الذي يقدمه لها الرب، لكنها أحبت أن ترتوي منه فقالت للرب "يا سيد أعطيني من هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي" (يوحنا 4: 15).

وعلى رابح النفوس أن يثير الشوق في النفس التي يتعامل معها لتطلب ماء الحياة الأبدية بتعظيم قيمة خلاص الله... الذي يحوي الغفران، والسلام، والفرح، والحياة الأبدية.

د- خاطبها موجهاً الكلام إلى ضميرها:

"اذهبي وادعي زوجك وتعالي إلى هنا" (يوحنا 4: 16).

هنا يضع الرب إصبعه على مكان الداء كطبيب ماهر. لم يقصد الرب أن يجرح مشاعر السامرية بل على العكس مدح صدقها. (يوحنا 4: 17و18).

إن توجيه الحديث إلى ضمير الخاطئ لقيادته للاعتراف بأنه في حاجة إلى الخلاص أمر هام. فالخطية المكتومة هي العقبة والمانع الذي يمنع الكثيرين عن نوال الخلاص.

لقد قصد الرب بكلامه أن ترى المرأة شرها، والحياة الساقطة التي تحياها، وحاجتها إلى الغفران.

وقد أجابت المرأة "ليس لي زوج" (يوحنا 4: 17).

وهنا أمسك المسيح بيدها برفق مشجعاً إياها على الاعتراف الكامل بخطيتها فقال: "حسناً قلت ليس لي زوج. لأنه كان لك خمسة أزواج والذي لك الآن ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق" (يوحنا 4: 17و18).

ما أكثر حنان الرب، لقد رأى في هذه المرأة الساقطة ناحية منيرة "هذا قلت بالصدق" ومدح هذه الناحية، وهكذا قادها إلى الاعتراف بخطيتها إذ قالت له: "يا سيد أرى أنك نبي" (يوحنا 4: 19). وباعترافها بأنه نبي اعترفت بخطيتها.

هـ- أخيراً خاطبها موجهاً الكلام إلى روحها:

أرادت المرأة أن تغير موضوع الحديث بعد أن أعلن لها المسيح خطيتها "الذي لك الآن ليس زوجك"، فسألت الرب يسوع سؤالاً قصدت به إثارة الخلاف، وكثيراً ما يلجأ الخاطئ الذي يرى شر قلبه وحاجته للخلاص إلى فتح موضوعات تختلف فيها الآراء في المذاهب المسيحية وقصده الهرب من مواجهة المسيح.

وهنا تظهر حكمة الرب يسوع التي يجب أن يتعلمها رابح النفوس، وهي أن لا يعطي فرصة للنفس التي يتعامل معها للتهرب من الموضوع الرئيسي، موضوع قبول المسيح مخلصاً. لقد قالت المرأة السامرية للمسيح "آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون أن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه" (يوحنا 4: 20).

"قال لها يسوع يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب. أنتم تسجدون لما لستم تعلمون. أما نحن فنسجد لما نعلم. لأن الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يوحنا 4: 21-24).

هنا أراها الرب يسوع أنه:

* ليس المهم هو مكان السجود.

* بل المهم معرفة الإله الذي نسجد له.

* وأن السجود الحقيقي ينبغي أن يكون بالروح ووفقاً للحق الإلهي.

لقد سقطت كل أسلحة المرأة، واعترفت بشرها، واعترفت بأن المسيا المنتظر هو الذي سيخبرها بكل شيء... أصبحت الآن مستعدة لمعرفة حقيقة المسيا إذ قالت "أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء" (يوحنا 4: 25).

وهنا أعلن الرب ذاته للمرأة باعتباره المسيا الآتي إلى العالم إذ قال لها "أنا الذي أكلمك هو" (يوحنا 4: 26).

وإذ قبلت المرأة المسيح مخلصاً لنفسها. نست كل شيء يخص حياتها المادية، وأسرعت تنادي باسمه للآخرين.

"فتركت المرأة جرتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس: هلموا أنظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح؟" (يوحنا 4: 28و29).

لقد تعلمت المرأة كيف تربح الآخرين للمسيح الذي ربحها واستطاعت أن تجذب إليه أهل مدينتها "فخرجوا من المدينة وأتوا إليه" (يوحنا 4: 30).

مدرسة بولس الرسول

في مدرسة بولس الرسول نتعلم خمسة مبادئ هامة علينا أن نستخدمها في ربح النفوس للمسيح.

عندما قدّم بولس الرسول دفاعه أمام الملك أغريباس، ذكر اختباره المجيد في لقائه بالرب في طريق دمشق، ثم ذكر كلمات الرب له في هذا الوقت الرهيب.

فتعال معي لنقرأ هذه الكلمات:

".. لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به. منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" (أعمال 26: 16-18).

في هذا النص الثمين من كلمة الله نرى هدف الخدمة الحقيقية وهي تظهر في خمس دوائر:

1- دائرة فتح العيون.. (لنفتح عيونهم)

الخاطئ أعمى روحياً.. لا يقدر أن يرى ملكوت الله. وهو أعمى ذهنياً كما يقول بولس الرسول "ولكن إن كان إنجيلنا مكتوماً فإنما هو مكتوب في الهالكين. الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله" (2كورنثوس 4: 3و4).

وعمل رابح النفوس أن يقود الخاطئ إلى المسيح ليفتح عينيه، لكي يرى الظلام الذي يعيش فيه، ويدرك مدى الخطر الأبدي الذي يتعرض له. "لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" (2كورنثوس 4: 6).

2- دائرة الرجوع من الظلمات إلى النور:

"كي يرجعوا من ظلمات إلى نور" (أعمال 26: 18).

الخاطئ يعيش في الظلمات.

ظلمة الانغماس في الشر.

ظلمة الكراهية والحقد (1يوحنا 8-11).

ظلمة النجاسة

ظلمة الجهل بحقيقة شره ومصيره الأبدي

وعمل رابح النفوس إرجاع النفوس الهالكة من ظلمات الخطية إلى نور المسيح.

وأول نور هو نور إتباعه وقبوله "ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يوحنا 8: 12).

والنور الثاني هو نور الرب الذي يشع ويضيء في حياتهم "لأنكم كنتم قبلاً ظلمة وأما الآن فنور في الرب أسلكوا كأولاد نور" (أفسس 5: 8).

3- دائرة الرجوع من سلطان الشيطان إلى الله:

"كي يرجعوا.. من سلطان الشيطان إلى الله" (أعمال 26: 18).

الخاطئ يعيش تحت سلطان الشيطان، كما كان اليهود يعيشون تحت سلطان فرعون في مصر.

ويقدم بولس صورة للخاطئ تحت سلطان الشيطان بكلماته "وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا. التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية. الذي نحن أيضاً جميعاً تصرفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً" (أفسس 2: 1-3).

فالخاطئ تحت سيادة وسلطة الشيطان، ولا بد أن تتم مبادلة جوهرية في حياته هي استبدال سلطان الشيطان بسلطان الله "كي يرجعوا.. من سلطان الشيطان إلى الله" فلا يكفي الرجوع من سلطان الشيطان بل لا بد من الخضوع لسلطان الله.

والتحرر من سلطان الشيطان لا يمكن أن يتم إلا بقوة الله "شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور. الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته" (كولوسي 1: 12و13).

يقول بولس الرسول موصياً ابنه تيموثاوس "وعبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقاً بالجميع صالحاً للتعليم صبوراً على المشقات. مؤدباً بالوداعة المقاومين عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ إبليس إذ قد اقتنصهم لإرادته" (2تيموثاوس 2: 24و25).

4- دائرة نوال غفران الخطايا:

"حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا" (أعمال 26: 18).

الخطية حمل ثقيل، قال عنها داود "لأن آثامي قد طمت فوق رأسي كحمل ثقيل أثقل مما أحتمل" (مزمور 38: 4). ولا يمكن أن يرتاح الخاطئ من هذا الحمل الثقيل إلا بالغفران.

والغفران هو البركة التي لو تمتع بها يهوذا لأضحى في مكان بطرس الرسول.

ولا سبيل لنوال الغفران إلا بالمسيح المصلوب، وفاعلية دمه الكريم "له يشهد جميع الأنبياء إن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" (أعمال 10: 47).

"الذي لنا فيه بدمه غفران الخطايا" (أفسس 1: 7).

والغفران يعني أن الله يسامح الخاطئ لأجل المسيح ولا يعود يذكر خطاياه أو تعدياته فيما بعد.

وعمل رابح النفوس هو قيادة النفس التي يتعامل معها لتنال الغفران.

5- دائرة نوال النصيب الأبدي مع القديسين:

هناك نصيبان، نصيب الأشرار الذين رفضوا خلاص الله في المسيح، وعن هذا النصيب المخيف الرهيب نقرأ الكلمات "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني" (رؤيا 21: 8).

ونصيب المقدسين، وهم المؤمنون بالرب يسوع المسيح الذين اشتراهم بدمه، وخصصهم الله لنفسه. وعن هذا النصيب نقرأ الكلمات "ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد فيما بعد وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيأة كعروس مزينة لرجلها. وسمعت صوتاً عظيماً من السماء قائلاً هو ذا مسكن الله مع الناس وهو سيكون معهم وهم يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم. وسيسمع الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديداً" (رؤيا 21: 1-5).

كتب بولس الرسول إلى المؤمنين في أفسس يقول "الذي فيه (أي المسيح) نلنا نصيباً معينين سابقاً حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته" (أفسس 1: 11).

وكتب بطرس الرسول وصفاً لنصيب المقدسين فقال "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانيةً لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم" (1بطرس 1: 3-5).

على رابح النفوس معرفة هذه الدوائر الخمسة، وقيادة النفس التي يتعامل معها لمعرفتها.

ويجدر بنا هنا أن نقول أن خدمة بولس لم تشغل هذه الدوائر فقط، بل إنه امتد إلى دائرة الشهادة عن كل ما يتعلق بشخص المسيح.

* عن شخصه.

* عن لاهوته.

* عن تجسده.

* عن صلبه.

* عن قيامته.

* عن مجيئه الثاني.

* عن ملكه الألفي السعيد.

فالمسيح كان موضوع كرازة بولس من ألفها إلى يائها لذلك كتب إلى الكورنثيين قائلاً: "لأني لم أعزم أن أعرف شيئاً بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً" (1كورنثوس 2: 2) ولنلاحظ أن بولس قدم شهادته للملك أغريباس ونحن لا نعرف إن كان أغريباس قد قبل الرسالة أم رفضها.. لكن الدرس الذي لنا هنا هو أن نشهد عن الرب يسوع لكل من يقودنا الروح القدس للشهادة له.

"لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2كورنثوس 2: 15و16).

مدرسة الملك سليمان

أعطى الله سليمان حكمة لم يعطها لأحد سواه. والملك سليمان يقدم لنا بحكمته المعطاة له من الله عدة مبادئ عملية لتحقيق النجاح في ربح النفوس في سفر الجامعة الإصحاح الحادي عشر.

1- مبدأ الزرع والحصاد:

"ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة" (جامعة 11: 1).

وهذا المبدأ يتفق مع كلمات بولس الرسول "فإن الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً" (غلاطية 6: 7).

إنها حقيقة عملية إن من لا يزرع لا يحصد.

2- مبدأ الزرع بوفرة:

"أعط نصيباً لسبعة ولثمانية أيضاً لأنك لست تعلم أي شر يكون على الأرض" (جامعة 11: 2).

لا تكن بخيلاً في بذر كلمة الله. واذكر أن الزارع الذي خرج ليزرع ألقى بذاره بسخاء، على الطريق، وبين الشوك، وفي الأرض المحجرة، وفي الأرض الجيدة.. وأن الثمر الذي أخذه كان من الأرض الجيدة، لكنه بذر بذره على كل أنواع الأراضي بوفرة.

"إذاً يا أخواني الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب" (1كورنثوس 15: 58).

3- مبدأ النتائج الطبيعية:

"إذا امتلأت السحب مطراً تريقه على الأرض.." (جامعة 11: 3)، فتشبعك الشخصي بكلمة الرب، سيؤهلك لتقديم رسالة الله بغنى. ورابح النفوس يجب أن يحفظ الكثير من نصوص الكتاب المقدس التي تساعده على التعامل مع النفوس.

وأذكر أن كلمة الله هي "سيف الروح" أي سيف الروح القدس الذي تستخدمه في التعامل مع الناس "لأنه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان إلى هناك بل يرويان الأرض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعاً للزارع وخبزاً للآكل. هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي، لا ترجع إلي فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما أرسلتها له" (أشعياء 55: 10و11).

4- مبدأ عدم النظر إلى الظروف:

"من يرصد الريح لا يزرع ومن يراقب السحب لا يحصد" (جامعة 11: 4).

لا تنظر إلى الظروف. بل ازرع كلمة الله في وقت مناسب وغير مناسب كما يقول بولس الرسول لابنه تيموثاوس "أنا أناشدك إذاً أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته. أكرز بالكلمة أعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب" (2تيموثاوس 4: 1و2).

إن إبليس سيحاول أن يدفعك إلى السكوت، والنتيجة ضياع فرص الشهادة.

إن الله يقول "أكرز بالكلمة أعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب"

فأذكر كلمات مردخاي لإستير "لأنك إن سكت سكوتاً في هذا الوقت سكون الفرج والنجاة من مكان آخر وأما أنت وبيت أبيك فتبيدون ومن يعلم إن كنت لوقت مثل هذا وصلت إلى الملك" (إستير 4:14).

5- مبدأ العمل بإيمان:

"كما أنك لست تعلم ما هي طريق الريح ولا كيف العظام في بطن الحبلى كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع" (جامعة 11: 5).

يقول الله لرابح النفوس ازرع واترك النتائج لي.

لقد أمرنا الرب يسوع أن نذهب ونكرز بالإنجيل. وترك مسؤولية الإيمان بالكرازة للنفس التي تسمع الكرازة "من آمن واعتمد خلص"

رابح النفوس يزرع... الله هو الذي يخلص.

"فمن هو بولس ومن هو أبلوس. بل خادمان آمنتم بواسطتهما وكما أعطى الرب لكل واحد. أنا غرست وأبلوس سقى لكن الله كان ينمي. إذاً ليس الغارس شيئاً ولا الساقي بل الله الذي ينمي" (1كورنثوس 3: 5-7).

6- مبدأ العمل بمداومة واجتهاد:

"في الصباح ازرع زرعك وفي المساء لا ترخ يدك لأنك لا تعلم أيهما ينمو هذا أو ذاك أو أن يكون كلاهما جيدين سواء" (جامعة 11: 6). لاحظ القول "لأنك لا تعلم أيهما ينمو".

إن وظيفتك كرابح نفوس أن تزرع الكلمة بدون كلل أو ملل، عالماً أن الرب هو الذي ينمي.

"فلا نفشل في عمل الخير. لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكل" (غلاطية 6: 9).

7- مبدأ إنقاذ النفوس الهالكة:

هذا المبدأ نجده في سفر الأمثال "أنقذ المنقادين إلى الموت والممدودين للقتل، لا تمتنع. إن قلت هو ذا لم نعرف هذا أفلا يفهم وازن القلوب وحافظ نفسك ألا يعلم فيرد على الإنسان مثل عمله" (أمثال 24: 11و12).

إن الله يطالبنا بإنقاذ الخطاة المنقادين إلى الموت سواء كنا نعرفهم أو لا نعرفهم ولا عذر لمن يتوقف أو يمتنع عن العمل لربح الهالكين.

قال الله لحزقيال النبي "يا ابن آدم قد جعلتك رقيباً لبيت إسرائيل. فاسمع الكلمة من فمي وأنذرهم من قلبي. إذا قلت للشرير موتاً تموت وما أنذرته أنت ولا تكلمت إنذاراً للشرير من طريقه الرديئة لإحيائه فذلك الشرير يموت بإثمه أما دمه فمن يدك يطلب. وإن أنذرت أنت الشرير ولم يرجع عن شره وعن طريقه الرديئة فإنه يموت بإثمه. أما أنت فقد نجيت نفسك" (حزقيال 3: 17-19).

هذه هي المبادئ التي يجب أن يتعلمها رابح النفوس ليخرج للعمل للرب زارعاً كلمة الرب منتظراً بإيمان الحصاد الثمين.

  • عدد الزيارات: 8798