مقدمة
العمل الفردي كوسيلة لربح النفوس
لقد جئنا إلى طنطا من أماكن متعددة وكنائس مختلفة لنقضي أسبوعاً فيها لغرض عظيم وهو التأمل في أهم موضوع في حياتنا كخدام وكأعضاء في كنيسة المسيح وهو كيف نربح النفوس وما أعظم شعارنا لمؤتمر هذا العام "رابح النفوس حكيم" فسمعنا أمس عن الاجتماعات التبشيرية الإنعاشية كواسطة للتبشير واليوم نتأمل بنعمة الله في واسطة أخرى فعّالة ولكن بالأسف مهملة ألا وهي العمل الفردي.
إن التبشير العلني يجب أن يتبع بالعمل الفردي وإلاّ يفقد تأثيره وتضيع نتائجه فحملاتنا التبشيرية وأسابيع النهضة لا تؤثر كما يجب بدون العمل الفردي. فبالوعظ نطرح شبكة الإنجيل في البحر وبالعمل الفردي نسحبها إلى البرّ ونمسك بكل نفس بمفردها ونجذبها إلى شاطئ الخلاص وإذا ترك الصياد شبكته في البحر فلا يصطاد شيئاً وإذا كان الواعظ لا يتبع عظته بالعمل الفردي فلا يصطاد نفوساً للمسيح. بالوعظ نزرع ونلقي البذار في قلوب السامعين وبالعمل الفردي نحصد الأثمار فوعظ بدون عمل فردي كزرع بلا حصاد وكإلقاء شباك في البحر بدون صيد السمك- هنا تشبيه آخر للوعظ فهو يشبه بصفارة الإنذار والتحذير التي يصفر بها الغطاس لجمهور السابحين في البحر عندما تحملهم الأمواج إلى موضع خطر والعمل الفردي يشبه برجل الإسعاف الذي يذهب للغريق حاملاً منطقة النجاة التي بها يجذبه إلى الشاطئ فما أهم وأعظم العمل الفردي فبالوعظ نحذر وننذر وبالعمل الفردي ننقذ وننجي فيعقوب الرسول أدرك قيمة العمل الفردي وأهميته عندما قال في رسالته 5: 20
"من ردّ خاطئاً عن ضلال طريقه يخلّص نفساً من الموت ويستر كثرة من الخطايا".
إن الوعظ يعتبر وسيلة لغاية وهي أن نصل عن طريق الوعظ أمام الجمهور إلى الفرد وبدون هذه الغاية تلك الواسطة لا تفيد شيئاً وبالتالي عن طريق الفرد نصل إلى الجمهور. يقال أن ترمبل زعيم العمل الفردي في القرن التاسع عشر في أميركا قد ربح عشرة آلاف شخص للمسيح عن طريق العمل الفردي في مدة خمسين سنة وكان يقول إن أعظم عمل قام به ليس هو أثناء الوعظ بمقابلة الأفراد. إن مودي وتوري كانا واعظين للجماهير ولكن كلاهما كانا يربحان الأفراد للمسيح وقد كتبا كثيراً عن أهمية العمل الفردي فمودي كان يفكر في الأفراد الذين يربحهم للمسيح أكثر مما يفكر في الجماهير التي كانت تأتي لتسمعه فكان بعد العظة يسرع ليقابل السامعين المتأثرين فردياً.
فلتشر الواعظ الشهير تكلم عن اختباره فقال "إن الواعظ للجماهير يجب أن يتبع بحديث مع الأفراد فبالاحتكاك بالأفراد نأتي بأعظم النتائج والأعمال فقد يتأثر البعض في الاجتماعات الكبيرة ولكن يندر أن شخصاً يقبل إلى النور والخلاص إلا إذا أرشده أحد فردياً فالوعظ الجمهوري يجهز ويمهد للعمل الفردي مكمل للوعظ العلني فهل ننظم العمل الفردي كما ننظم الوعظ ونستعد له بكل أمانة وإتقان ؟ وهل للعمل الفردي مقام في حياتنا كخدام قد جعلوا ربح النفوس غرضهم الأوحد ؟
قيل أن ضابطاً بريطانياً كان يصلي على أحد جبال الهند لأجل فرد كوسلي أو هويتفيلد أو فني يرسله الله إلى الهند ليربح الألوف للمسيح فبينما كان يصلي سمع صوتاً سماوياً يقول له أنت تطلب لأجل فرد واحد يجذب الألوف من الهنود إلى المسيح ولكن أنا أفتش عن ألوف من المؤمنين العاملين الذين يجذب كل واحد منهم فرداً للمسيح. فالمسيح يفتش اليوم ليس عن واعظ جذاب للجماهير ولكن عن خادم أو عضو في الكنيسة مكرس للعمل الفردي يستعمله الله لجذب أفراد ومن الأفراد يتكون الجمهور فقد يكون غرضك أيها الخادم أن تجذب الجمهور ليحضر لسماع عظاتك الثمينة ولكن ليكن غرضك الأول أن تصل عن طريق الجمهور إلى الفرد الذي تربحه للمسيح. فلندع الآن الجمهور جانباً ولنول وجوهنا شطر الفرد الذي مات المسيح لأجله. لنترك التسعة والتسعين برهة ولنذهب الآن لأجل الفرد الضال حتى نجده فما أكثر اهتمامنا بالتسعة والتسعين وما أقل اهتمامنا بالواحد وهذا هو سر فشلنا في الخدمة فلنحضر الآن تأملاتنا في هذا الواحد- في هذا الفرد الواحد- في العمل الفردي في أربعة أمور هامة :
(1) العمل الفردي كأفضل وسيلة لربح النفوس.
(2) إهمال العمل الفردي.
(3) الاستعداد للعمل الفردي.
(4) طرق للعمل الفردي.
- عدد الزيارات: 3862