Skip to main content

إعداد العدّة للنجاح

خطط لبداية حسنة

البداية صعبة. أنت الآن جديدٌ في العمل. والناس حولك ينظرون إليك ليروا كيف تتصرَّف. وقد تشعر بأنك مرتبك وقلق. قد يحاول بعض الناس في موقف كهذا تغطية شعورهم بالعجز عن طريق التظاهر بالقوة. وهذا غالباً ما ينفِّر الناس ويجعلك بعد ذلك تقضي شهوراً وأنت تحاول الخروج من الورطة.

يقول لورن ساني رئيس جماعة "الملاّحين"، أنه تعلّم درساً عندما كان يدير خدمة المركز في كاليفورنيا. بدأ العمل بالوقوف أمام المركز وتوزيع بطاقات الدعوة على المارة ودعوتهم للدخول، وكان أكثرهم يواصل السير دون اكتراث. بعد مدة خطرت له خاطرة. صار يتقدم إلى آخر الشارع ثم يعود سائراً بجوار أحد المارَّة متحدثاً إليه. ثم عندما يصل أمام مدخل المركز كان يدعو الشخص للدخول لتناول القهوة ومواصلة الحديث. وكانت هذه الطريقة ناجحة إذ كان يدخل المركز كثير من المارة.

إن هذا ما يحدث فعلاً عندما نبدأ عملاً جديداً. إذ يجب ألا نستوقف الناس ونحاول جعلهم يغيّرون اتجاههم، بل من الأفضل مسايرتهم قليلاً بخطى متوازية على الطريقة التي يسلكونها. ونستطيع بعد إجراء حديث بسيط معهم أن نقترح تغيير الطريق. بهذا نحظى بفرص أوفر لإيصال رسالتنا والحصول على تجاوب إيجابي.

نجد في الكتاب المقدس إرشاداً في هذا الموضوع بطريقة غريبة. فإن الملك شاول لم يشتهر كمثال للقيادة الروحية، وطالما ذكر الوعاظ من فوق منابرهم والمؤلفون على صفحات كتبهم الفشل والتقصير اللذين عُرف بهما شاول. لكننا لا نستطيع تجاهل البداية الحسنة التي بدأ بها هذا الملك والحكمة التي تحلّى بها. فإن في هذا درساً هاماً لنا.

كان صموئيل قد دعا الشعب للاجتماع في المصفاة وهناك تقرَّر اختيار شاول من سبط بنيامين "ففتَّشوا عليه فلم يوجد، فسألوا أيضاً من الرب: هل يأتي الرجل أيضاً إلى هنا؟ فقال الرب: هوذا قد اختبأ بين الأمتعة". (1 صموئيل 10: 21- 22). من الواضح أن شاول لم يكن يطمح في أي مركز ولا كان يرغب في الظهور بل كان يُظهر روحاً متواضعةً.

حتى بعدما أصبح شاول ملكاً في نظر كل الشعب نراه يعود بهدوء إلى بيته. وقد أظهر صبراً وسيطرة على نفسه عندما هزأ به بعضهم "وأما بنو بليعال فقالوا كيف يخلّصنا هذا، فاحتقروه ولم يقدِّموا له هديّة" (1 صموئيل 10: 27).

وصار بعد ذلك ظرفٌ يحتاج إلى خطوة جريئة. كان العمونيون يريدون تقوير كل عين يمنى لأهل يابيش جلعاد وجعلهم عبيداً لهم وإلا هاجموهم وأخضعوهم في الحرب. وكان القبول بذلك يجعل رجال يابيش يفقدون القدرة على حماية أنفسهم. لأن من فقد عينه اليمنى لا يقدر أن يحارب إذ يكون الترس في يده اليسرى يحجب عن عينه اليسرى الرؤية. وعليه فإن خسارة العين اليمنى تجعله معاقاً في المعركة. قد يبقى صالحاً لرعي الأغنام أو زراعة الأرض ولكن مقدرته على الحرب وحماية نفسه تصبح شبه مفقودة.

وخلال ذلك عاد شاول من الحقل وكان يرعى خرافه. أنا أجد في ذلك ما يملأ مجلداً من المعاني. فهنا رجل قد انتُخِبَ ونُصِّبَ ملكاً على إسرائيل، ومع ذلك لم يحاول أن يتخلّص من المسؤولية بل عاد إلى أغنامه. ولابد أنه كان ينتظر حالة يمكنه من خلالها أن يقدِّم لشعبه مساعدة فعّالة. كان ينتظر أن تحدث حادثة توازي عظمة مسؤوليته. ففي تلك الحال يقدِّر الشعب قيمة قيادته ويبتهج بإتّباعه.

وها هي ذي تهديدات العمُّونييِّن تخلق الحالة. عندما سمع شاول شكوى مواطنيه، أرسل دعوة لتجميع الجيوش ومساعدة من هو في حاجة. وتقدم الشعب كرجل واحد. وفي المعركة التي تلت. شتَّت شاول شمل جيش العمونييِّن.

وبعد أن تخلَّص الشعب من مضطهديهم أصبحوا مرتبطين بشاول، بل عزموا على الانتقام من الذين هزؤوا به في الماضي. لقد قالوا "من الذين يقولون هل يملك شاول علينا؟ إيتوا بالرجال فنقتلهم" (1 صموئيل 11: 12).

لكن شاول أبى ذلك. "فقال شاول لا يُقتل أحد في هذا اليوم لأنه في هذا اليوم صنع الرب خلاصاً في إسرائيل" (1 صموئيل 11: 13).

يلاحظ أن شاول لم يُشِر إلى نفسه قائلاً لقد عملت هذا أو ذاك ولكنه أعطى المجد كله لله لأنه هو الذي نصرهم.

عند هذا حصل شاول على ولاء الشعب وثقته وأصبح الجميع مستعدّين لإتِّباعه. لقد بدأ بداية حسنة وكانت دعوة الله له جليّة للجميع، واستطاع بأعماله وخطوته الجريئة وإيمانه أن ينقذ المتضايقين.

إنه لدرس عظيم لكل من دعي ليكون قائداً. لا تسرع بعمل تغييرات كثيرة ولا تستعجل إظهار من هو صاحب الأمر. فإن كان هناك تغييرات تريد إتمامها وجّه أفكار الآخرين أولاً في هذا الاتجاه.

كما أن هناك درساً آخر تعلّمته من حياة الأخ لورن ساني. فهو عادة يرى الأشياء قبل أن نراها نحن سائر "الملاّحين". ثم يبدأ بزرع البذور الفكرية بإبداء نظرة أو فكرة، أو بإلقاء سؤال يجعلنا نفكر في اتّجاه معيَّن. وعندما يحين الوقت لطرح الموضوع يكون بعضنا قد فكَّروا فيه من مدَّة طويلة حتى ليظنّوا أحياناً أنه من بنات أفكارهم.

ويمكن بالتالي إحداث تغييرات، كما يمكن تبنِّي أفكار جديدة وتعيين اتِّجاهات أجدّ. وقد يقتضي ذلك بعض الوقت. فالناس يميلون غالباً لعدم التغيير. إذن، خُذ اتجاههم وسر معهم بضع خطوات، ثم بعد ذلك حاول توجيههم ببطء نحو طرق جديدة أكثر نفعاً.


قم بالاستعداد مسبقاً

بعد أن تنطلق ببداية حسنة هناك شيء آخر يجدر بك عمله. قم بالاستعداد مسبقاً لتصبح ملماً بكل ما يلزم. وعندما يكون لديك مشروع لتطرحه أو اقتراح جديد قم بدراسة تفاصيل الوقائع وأعرف قيمة التكاليف ومدى الوقت اللازم للتنفيذ. كن قادراً على شرح الأسباب التي تجعلك تعتقد أن الاقتراح يستحقّ الأخذّ بِهِ.

كثيراً ما يدرس القادة سفر نحميا. كان نحميا الوالي على أورشليم من قبل الفُرس وأصبح معروفاً بالمنفِّذ الناجح. لقد كان هذا الرجل يعرف جيداً كيف ينفِّذ أعماله. دعونا نلقي نظرة على كيفية قيامه بالتنفيذ لنرى ما يمكننا تعلّمه في أمر الاستعداد المُسْبَق.

كان نحميا يعيش في رفاهية القصر الفارسي، حيث كان يعمل ساقياً للملك ارتحشستا. وفي أحد الأيام بلغه ما أصاب مواطنيه في أورشليم من كوارث. "فقالوا لي أن الباقين الذين بقوا من السبي هناك في البلاد هم في شرّ عظيم وعار، وسور أورشليم متهدم وأبوابها محروقة بالنار" (نحميا 1: 3).

لقد أثقل الله قلب نحميا بهذه الأخبار الأمر الذي جعله يجثو على ركبتيه مصلّياً (انظر نحميا 1: 4). وواصل نحميا عمله في القصر يوماً بعد يوم لكنه ظل يحمل همَّ شعبه ومدينة أورشليم. وعندما لاحظ الملك كآبته وانشغاله سأله "لماذا وجهك مكمدّ وأنت غير مريض؟ ما هذا إلا كآبة قلب" (نحميا 2: 2). عندها كشف نحميا الأمر للملك.

بعد هذا سأله الملك "ماذا أنت طالب؟" (2: 4) فرفع نحميا صلاة بسرعة إلى الله ثم أجاب الملك، وكان ذلك الجواب ممتازاً. والسرّ هو أن نحميا كان قد استعد مسبقاً. ولولا ذلك لكان تعثّر في إجابته، بل ربما فقد الفرصة المناسبة.

قال نحميا "إذا سرَّ الملك، وإذا أَحسن عبدك أمامك، ترسلني إلى يهوذا، إلى مدينة قبور آبائي، فأبنيها".

"فقال لي الملك، والملكة جالسة بجانبه، إلى متى يكون سفرك ومتى ترجع؟ فحسن لدى الملك وأرسلني، فعيَّنت له زماناً. وقلت للملك أن حسن عند الملك فلتُعطِ لي رسائل إلى ولاة عبر النهر لكي يجيزوني حتى أصل إلى يهوذا، ورسالة إلى آساف حارس فردوس الملك لكي يعطيني أخشاباً لسقف أبواب القصر الذي للبيت ولسور المدينة وللبيت الذي أدخل إليه. فأعطاني الملك حسب يد إلهي الصالحة عليّ" (نحميا 2: 5- 8).

أرجو أن يكون قد تبيّن لكم مغزى هذا المشهد. فممَّا رأيناه سابقاً لابد من أن نحميا قضى وقتاً طويلاً يصلّي إلى الله حول هذه المشكلة. وهو لم يتوقف عند ذلك فقط بل فكّر أيضاً في ما قد يحتاجه للقيام بالعمل. ومن الواضح أنه فكَّر أن صلاته كانت ستستجاب. ولقد تبيَّن أنه كان مستعدَّاً مسبقاً عندما جاءته الاستجابة.

تصور ماذا كان سيحدث لو أنه عندما سأله الملك عن طلبه، أجاب: "أمهلني يا مولاي لبعض الوقت فإني لم أفكر في ذلك كثيراً. فقد أحتاج أن أذهب بإذنك طبعاً كي أرى ما سيلزم. على كل حال أحتاج لدراسة الأمر لبضعة أيام".

ولكن لا! فإن نحميا كان قد استعدَّ مسبقاً فعرف بالضبط وبالتفصيل ما يحتاج إليه المشروع من خطابات إلى حكام ما وراء النهر، وكتاب إلى حارس فردوس الملك، وجنود وفرسان. لقد كان حقاً مستعداً مسبقاً.


خطّط للعمل

عندما يُعهد إليك القيام بمهمة ما يكون أول ما يجب عليك عمله هو أن تُمضي وقتاً لتكتشف بالضبط ماهية مهمتك الجديدة؟ دعني أقترح بأنها مبدئياً تنقسم إلى هدفين مختلفين ولكنهما مرتبطان. أحدهما أن تدمج من خلال العمل شيئاً يؤدي لتقدُّم قضية المسيح، والثاني هو أن تجعل كل عضو من أعضاء فريقك تصبح حياته أو حياتها متعمّقة في الرب وأن يكونوا فعلاً أعضاء مثمرين في كنيسة المسيح.

لنتناقش أولاً في كيفية بلوغ هدف تقدُّم قضية المسيح، وقد يتخذ شكل وضع الهدف لتبشير المنطقة التي توجد فيها كنيستك، وأن توصل نبذة توضح طريق الخلاص إلى كل بيت في المدينة. ثم أن تحوِّل هذا الهدف إلى وحدات عملية، وأن تجد الأشخاص ذوي الكفاءة لملء المراكز الهامّة. أعطهم الصلاحية لاتخاذ التدابير، على أن تشرف عليهم بدورك من وقت لآخر للتأكد من استمرارهم في العمل الرئيسي.

إننا في عملنا ننفِّذ مخططاً ذا أربع خطوات وهي تخطيط- تنظيم- قيادة- تقويم. وقد يبدو لكم ذلك جامداً آلياً إلاّ إذا نظرتم إليه بترتيب واقعيّ. لنفرض مثلاً أنه أحد أيام السبت قرر أحدكم مع فريق من الأخوة القيام بعملية تنظيف مبنى الكنيسة وما حولها. هذا هدفكم، واليوم هو يوم لطيف من أيام الربيع. وهناك الكثير مما يجب عمله بعد شتاءٍ قاسٍ.

قررتم اللقاء في التاسعة صباحاً والعمل حتى الظهر. كما طُلِبَ من أعضاء الفريق إحضار أمشاط ودِلاء ومماسح و فُرَش دهان ومكانس ومنافض وغير ذلك مما يستلزمه العمل.

ثم تجتمعون وتؤدون الصلاة وتسلمون عملكم لله. ثم تقسِّمون العمل على فِرَقْ. يوسف يأخذ شخصين ويبدأ العمل في المدخل، بينما يبدأ وليد وهاني بغسل الشبابيك. وتقوم أنت مع أربعة أشخاص بتنظيف الطابق الأرضي، وإضافة الدهان حيث يلزم.

ويأتي يوسف بعد ساعة ليقول أن العمل في المدخل يسير على ما يرام من تمشيط الأرض وتهذيب الشجيرات، ويفكّر أن كان يلزم الذهاب إلى المشتل لأخذ بعض شتلات الزهور وزرعها. وتذهب لترى ما يجري ويتضح لك في الحال أنهم لو بدأوا ذلك العمل الإضافي من زرع الأزهار فلن يتمكنوا من إنجاز العمل الأساسي عند الظهر. وعليه تقترح أن يبقوا في العمل الأساسي. ثم إذا ما أتمُّوه في وقت مناسب فلا بأس، إن سمح الوقت، من زرع بعض الشتلات. وبذا يُسَرّ يوسف ويعود إلى عمل التنظيف.

كما أن هناك طرقاً أخرى قد يخطر لك أن تتصرف بموجبها مع يوسف. أحدها أن تؤنبه على تحوّله وتقول له أن عليه إطاعة الأوامر والقيام بما أُسند إليه من عمل. لكن هذا قد يؤدي إلى نتيجتين: الأولى إبعاد العمل عن قلب يوسف. والثانية تجميد كل فكرة قد تبدو له في المستقبل. حين تكونون منهمكين في البحث عن طريقة تبشير في الجوار لا يعود يجد الجرأة للتكلم خشية أن يُجابَه برفضٍ قاسٍ.

وفي الساعة 11 تقوم بجولة لترى كيف يسير المشروع. فتلاحظ أن وليد وهاني لن يتمكّنا من غسل كل الشبابيك. وأن فريقك قد يُنهي العمل قبل الوقت المحدَّد. وعندئذ تسحب اثنين من فريقك وترسلهم لمساعدة الذين يغسلون الشبابيك. وعند الظهر تجمع الكل وتلقي نظرة على ما تم إنجازه. لقد انتهت المهمة، وجُمِعَت الأدوات ونُظِّفت. فتشتركون في صلاة قصيرة لتشكروا الرب على معونته لكم في ذلك اليوم، وتركبون سياراتكم متَّجهين نحو بيتكم.

إن أية مهمة يمكن القيام بها ضمن هذا النطاق، أي التفكير بها ووضع مخطَّط لها، ثم تنظيمها بحيث يعرف كل عضو من أفراد الفريق دوره في العمل والشخص المسؤول عنه. وعلى القائد طبعاً أن يرشد ويقدِّم نفسه قدوة بأن يشمِّر عن ساعديه ويعمل. ثم أن إعادة التقويم بشكل دوري قد تؤدي إلى تصحيح السير. وعندما ينتهي العمل يستحسن الجلوس وإعادة تقويم المشروع لرؤية أين يمكن التحسين. هذا طبعاً يؤدي إلى تخطيط أفضل في المستقبل.

والآن لنأخذ نقطتين من هذه النقاط ولننظر إليهما بانتباه أشدّ: وهما اختيار الأشخاص المتقدّمين، وانخراطك معهم كقائد.

أولاً، الاختيار. إن أحسن عامل دهان ليس دائماً أحسن رئيس فريق. إن على من يرأس المشروع أن يكون مُلمَّاً بعمل الدهان. ولكن ذلك بالإضافة إلى كونه قادراً على أن يبث في الفريق نشاطاً وروح مشاركة عالية.

قبل أن يختار يسوع رسله الإثني عشر "قضى الليل كله في الصلاة" (لوقا 6: 12- 13). قال بولس الرسول لتيموثاوس "وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلِّموا آخرين أيضاً" (2 تيموثاوس 2: 2). يجب إذن البحث عن أناس أمناء لهم القدرة على التعليم.

هناك شيء آخر يجب ملاحظته. عندما يبدأ المؤمن بذكر عمل فريق فيقول عنه "عملنا" فمن الواضح أنه أصبح منخرطاً. إذ عندما ينضم شخص جديد إلى فريق يكون مجرَّد "متفرِّج" بعض الوقت. يتطلَّع ويشاهد، لكنه بعد ذلك يبدأ في الإشتراك جزئياً. وهنا يصبح هدف القائد تحويله من متفرِّج إلى مساهم، إلى منخرط في الفريق، وعلى القائد أن يبحث من ضمن هذا الفريق عن أفراد هامّين ليرئسوا المشاريع.

تأكد من أهلية الشخص قبل أن تنيط به الإشراف على عمل. وأنا تعلمت من هذا درساً قاسياً. لقد وجدت أن من السهل أن تضع شخصاً في مركز قياديّ، لكن من الصعب أن تخرجه منه. قال بولس "لا تضع يداً على أحد بالعجلة" (1 تيموثاوس 5: 22)، ويقصد بوضع اليد تنصيب المرشدين، وتحذير بولس هذا مفيد جداً. وسنلقي نظرة فيما بعد على الصِّفات التي يجب أن يتَّصف بها الأشخاص المختارون ليساعدوا على إتمام العمل بواسطة الفريق.

والآن في ما يختص بانخراطك في العمل الذي تشرف عليه، هل أنت مستعد للتشمير عن ساعديك والإشتراك مع بقية الفريق؟ بلا شك. إذ أن قوة المثل لا يمكن المبالغة في تقديرها. وقد قال بطرس للشيوخ الأولين في الكنيسة "ارعوا رعيَّة الله التي بينكم نظَّاراً، لا عن اضطرار بل بالإختيار، ولا لربح قبيح بل بنشاط، ولا كمن يسود على الأنصبة بل صائرين أمثلة للرعية" (1 بطرس 2: 2-3) ونحن أيضاً ينبغي أن نكون أمثلة لهم وليس أسياداً عليهم. فلدى المسيحيين سيدٌ هو الرب وفيه الكفاية.

كن منخرطاً في العمل الذي تريد قيادة الآخرين للقيام به. أذكر أني اتفقت مرة على القيام بتعليم صف في مدرسة الأحد خلال الصيف. وصرت أحاول زيادة عدد الحضور في الصف الذي كان يتألف من حوالي عشرين شاباً من سن طلاب الجامعة. وكان هؤلاء يحضرون إلى الصف بانتظام.

وخلال الأسابيع الثلاثة الأولى شجعت بعضهم على إحضار شخص ما في الأسبوع التالي ولكن لم يحضر أحد. ولقد جعلت ذلك موضوعاً للصلاة. وفي خلال إحدى صلواتي تذكَّرت أني أنا نفسي لم أحضر طالباً جديداً للصف.

وبدأت أفكر في كيفية الإلتقاء بشبان مماثلين في السن للطلبة وإحضار أحدهم إلى الصف. وقد لاحظت في أحد أيام الأحد فريقاً من الشبان يتريّضون في حديقة بجوار الكنيسة ونبهّني الله لفكرة.

في الأحد التالي ذهبت مع زوجتي وأولادي الإثنين إلى مدرسة الأحد قبل الميعاد بنصف ساعة وتمشينا في الحديقة ذاتها ودعَونا بعض أولئك الشبان للحضور معنا إلى مدرسة الأحد. بالطبع ليس هناك ما يثير الشبهة في رجل وزوجته مع أولادهما. وعليه فقد حضر بعضهم، إذ لم يكن لديهم شيء آخر يعملونه. وعندما حان الوقت لتقديم الزوار قدمت الشبان الثلاثة أو الأربعة الذين حضروا معنا.

وتكرَّر هذا لأسبوعين. وبعدها اقترب أحد الطلاب وسألني من أين أتيت بأولئك الشبان، فأخبرته بما فعلناه قبل موعد المدرسة. فاهتم بذلك وسألني إذا كنت لا أمانع في مرافقته لي. والتقينا في الأحد التالي وتعرفنا في أنحاء الحديقة ببعض الشبان. ثم قام بعض أفراد الصف باقتباس الفكرة وبدأوا بتطبيقها.

في أواخر ذلك الصيف اختبر الإيمان بالمسيح عشرات من الشبان، وبلغ الحضور في الصف حوالي المائة والثمانين أسبوعياً. لقد تعلَّمت درساً بسيطاً. فقد كان عملي يتلخص في تعليم الصف وقيادتهم. وهذا نجده ملخَّصاً في (أمثال 4: 11) "أريتك طريق الحكمة، هديتك سُبُل الاستقامة".

بالإضافة إلى رؤية فريقك يقوم بالعمل يلزم أن يتعمق الأفراد في علاقتهم الشخصية بالرب روحياً. فإن المحكّ الحقيقي لنجاح قيادتك هو إن كان ظهر في وسط الفريق قادة جدد في طريق النمو أم لا. يجب أن يكون أحد أهدافك ظهور الخُلُق المسيحي في الناس الذين تحمل مسؤولية قيادتهم. ونظراً لعظم أهمية هذه النقطة فإننا سنبحثها بإسهاب في الفصل الحادي عشر.

ولقد كان في ما سبق بعض النصائح التي غالباً ما يتعلمها المرء- بطريقة شاقة- في كيفيَّة أن تبدأ عملك وأن تقوم به حتى النهاية وإني واثق بأنك سوف تستفيد منها خلال نموَّك في القيادة الروحيّ.

  • عدد الزيارات: 8162