حياة القائد الداخلية
كان البابليّون شعباً فظّاً قاسياً. وكان دستورهم في الأخلاق والعدالة شاذّاً وغريباًَ، حتى أنهم نظروا إلى قتل الإنسان كأنه لا يختلف عن قتل ذبابة. وهكذا عندما احتلّ جيشهم أورشليم قديماً وسبوا من أهلها عدداً من الشبّان، وجد أولئك الشبّان أنفسهم وسط مجتمع تتناقص مبادئُه مع كل ما تعلّموه منذ نشأتهم. لقد كانوا واقعين وسط جوّ عدائي لا يقاوَم. ومع ذلك فقد ارتقى أحدهم إلى مركز القوّة والسلطة في إمبراطورية كانت غارقة في العنف والخرافات وعبادة الأوثان، وخلال سنوات العبودية، دعي هذا الرجل من قبل الملوك الوثنيين إلى أعلى المناصب، في تلك البلاد. وكان أهم ما يُلاحظ في هذا الرجل هو مبادئه القويمة، وتمسّكه بعبادة الله الحق. لا شك في أننا سنتعلم كثيراً من الإطلاع على الحياة الداخلية لهذا القائد المرموق.
كان دانيال شاباً عندما اختاره الملك نبوخذنصّر لمهمة خاصة. لقد كان أحد أفراد مجموعة، وتقرَّر أن "يعلِّموهم كتابة الكلدانيين ولسانهم" (دانيال 1: 4). وقد كان يشكل مع ثلاثة من رفاقه، نخبة من الشبان ذوي المؤهّلات الخاصة، "فتياناً لا عيب فيهم، حسان المنظر، حاذقين في كل حكمة، وعارفين معرفة وذوي فهم بالعلم، والذين فيهم قوة على الوقوف في قصر الملك" (دانيال 1: 4). وهذا يعني بلغة هذا العصر أنهم كانوا لائقين بدنيّاً وإجتماعيّاً، أذكياء حاذقي التفكير، مثقَّفين ومؤهَّلين ديبلوماسيّاً.
ويمكن القول أن أي عميد في أية جامعة، بعد أن يطّلع على هذه المؤهّلات، سوف يرحِّب بهؤلاء الشبان بين طلاّبه. أما المؤسسات فسوف تسعى جاهدة لتضم أمثالهم إلى موظَّفيها. ولكن هناك نقطة تثير الإهتمام. لقد رفع الله واحداً منهم فقط إلى أحد أعلى مناصب الإرشاد الروحيّ. لماذا؟ لوجود بعض الصفات الأساسية في الحياة الداخلية لهذا الرجل. دعونا إذن نبحث ثلاثا ًمن أهم هذه الصفات.
- عدد الزيارات: 11620