Skip to main content

يا خادم الإنجيل، عش تحت قيادة الروح القدس

يا خادم الإنجيل، عش تحت قيادة الروح القدسلكي تكون خدمتك مثمرة فلا بد أن تكون بقيادة الروح القدس. نقرأ في سفر أعمال الرسل عن بولس وبرنابا وتيموثاس "وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ، مَنَعَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا. فَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مِيسِيَّا حَاوَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى بِثِينِيَّةَ، فَلَمْ يَدَعْهُمُ الرُّوحُ" (أعمال 6:16-7). كان بولس الرسول ورفيقاه ينتظرون قيادة الروح القدس... وإذا كنت كخادم للمسيح تعتمد على قيادة الروح القدس، فخدمتك ستكون ناجحة ومثمرة ومباركة.

ويأتي السؤال: كيف أميّز قيادة الروح القدس؟  

أولاً: عن طريق الصوت المباشر

الروح القدس يتكلم إلى الخادم الأمين بصوت مباشر. عندما جاء وزير مالية الحبشة إلى أورشليم ليسجد، وكان راجعاً وجالساً على مركبته وهو يقرأ النبي إشعياء، كان في حاجة إلى إرشاد، وكلّم ملاك الرب فيلبس المبشر بأن يذهب للقاء هذا الرجل الباحث عن الله. ولما وصل فيلبس إلى حيث كان الوزير راكباً على مركبته "قَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ"، وأطاع فيلبس صوت الروح القدس وكانت نتيجة طاعته أن الوزير الحبشي نال خلاص الله واعتمد بالماء وذهب في طريقه فرحاً (أعمال 29:8-39). لقد اختبرت بشكل واضح تماماً سماع صوت الروح القدس في ظروف حاسمة ودقيقة، وكانت طاعتي لصوت الروح القدس بركة لنفسي ولغيري.. فدرِّب نفسك لتكون لديك الحساسية لسماع صوت الروح القدس.  

ثانياً: عن طريق الكلمة المقدسة

الروح القدس هو الذي أوحى بالكتاب المقدس، وهو يستخدم كلام الكتاب المقدس لقيادة أولاد وبنات الله. وأي إرشاد مضادّ لما جاء في الكتاب المقدس هو خداع من الشيطان. الروح القدس هو روح القداسة، فكل إرشاد يأتي منه لا بد أن يتفق مع قداسة الله، وهو روح القوة. فتحت قيادته ينال المؤمن قوة لكل ظرف يمر به "لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْح" (2تيموثاوس 7:1). فابحث في الكتاب المقدس عن موقف مماثل لموقفك، وانظر كيف نصرّف أصحاب هذا الموقف! ابحث كذلك عن آيات تتعامل مع موقف كموقفك... إن الروح القدس يقود المؤمن الحقيقي عن طريق الكلمة المقدسة.  

ثالثاً: عن طريق الإقناع الداخلي

"وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا. حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَار" (إشعياء 21:30). يقودك الروح القدس بالإقناع الداخلي "أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ" (مزمور 8:32). فإذا أطعت قيادة الروح القدس، فقد يقنعك أن تزور أخاً مريضاً، أو أختاً حزينة الروح.. وفي مثل هذه الظروف ستختبر عملياً نتائج طاعتك لإقناع الروح القدس الداخلي في حياتك. عندما هدّدت الملكة الشريرة إيزابل إيليا النبي وقررت قتله، "فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ قَامَ وَمَضَى لأَجْلِ نَفْسِهِ... وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ الْمَوْتَ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: قَدْ كَفَى الآنَ يَا رَبُّ. خُذْ نَفْسِي... وَاضْطَجَعَ وَنَامَ تَحْتَ الرَّتَمَةِ. وَإِذَا بِمَلاَكٍ قَدْ مَسَّهُ وَقَالَ: قُمْ وَكُلْ... فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ... أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ، وَدَخَلَ هُنَاكَ الْمُغَارَةَ وَبَاتَ فِيهَا" (1ملوك 3:19-9). بعد ذلك قال الرب له: "اخْرُجْ وَقِفْ عَلَى الْجَبَلِ أَمَامَ الرَّبِّ». وَإِذَا بِالرَّبِّ عَابِرٌ وَرِيحٌ عَظِيمَةٌ وَشَدِيدَةٌ قَدْ شَقَّتِ الْجِبَالَ وَكَسَّرَتِ الصُّخُورَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الرِّيحِ. وَبَعْدَ الرِّيحِ زَلْزَلَةٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الزَّلْزَلَةِ. وَبَعْدَ الزَّلْزَلَةِ نَارٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي النَّارِ. وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ. فَلَمَّا سَمِعَ إِيلِيَّا لَفَّ وَجْهَهُ بِرِدَائِهِ وَخَرَجَ وَوَقَفَ فِي بَابِ الْمُغَارَةِ، وَإِذَا بِصَوْتٍ إِلَيْهِ يَقُولُ: مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟" (1ملوك 11:19-13). تكلم الروح القدس بصوت منخفض خفيف إلى إيليا، ولكي تسمع يا خادم الإنجيل صوت الروح القدس تحتاج إلى تدريب حواسك لسماع هذا الصوت الذي يهمس في داخلك.  

رابعاً: عن طريق الظروف المحيطة بك

هنا تحتاج إلى ضمير مرهف لتستطيع تمييز صوت الروح القدس في الظروف المحيطة بك، فليست الظروف المؤاتية أو الأبواب المفتوحة من عند الرب دائماً. لما ذهب الملك شاول مطارداً داود، ودخل كهفاً ليريح رجليه، وكان داود ورجاله جلوساً في مغابن الكهف "فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: هُوَذَا الْيَوْمُ الَّذِي قَالَ لَكَ عَنْهُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَدْفَعُ عَدُوَّكَ لِيَدِكَ فَتَفْعَلُ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. فَقَامَ دَاوُدُ وَقَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ سِرًّا. وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ قَلْبَ دَاوُدَ ضَرَبَهُ عَلَى قَطْعِهِ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ، فَقَالَ لِرِجَالِهِ: حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي، بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ، لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ. فَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ بِالْكَلاَمِ، وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى شَاوُلَ" (1صموئيل 4:24-7). كانت الفرصة سانحة أمام داود ليقتل الملك شاول ويستريح من مطاردته له. لكن هذه الفرصة السانحة لم تكن من الرب. وأدرك داود الأمر فلم يمد يده إلى الملك شاول، وليست كل فرصة سانحة من عند الرب. لكن هناك ظروفاً مفتوحة يتحدث إلينا الروح القدس بواسطتها، وعلينا أن نطيع قيادته لنا. منع الروح القدس بولس ورفيقيه من التبشير في أسيا، وكذلك في بثينية... وأطاع بولس قيادة الروح القدس. فالروح القدس يعرف الحقل الذي يجب أن نزرع فيه كلمة الله، ويعرف الناس الذين يجب أن نوصل لهم رسالة الإنجيل. قال الرب يسوع في عظته على الجبل: "لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ" (متى 6:7). لكن، من الذي يعرّفنا من هم الكلاب والخنازير حين نكرز برسالة الإنجيل حتى لا نلقي دررنا قدامهم؟ الروح القدس وحده هو الذي يعرف حقيقة الناس. ولما منع بولس ورفيقاه من التكلم بالكلمة في أسيا وبثينية "ظَهَرَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا فِي اللَّيْلِ: رَجُلٌ مَكِدُونِيٌّ قَائِمٌ يَطْلُبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: اعْبُرْ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ وَأَعِنَّا!. فَلَمَّا رَأَى الرُّؤْيَا لِلْوَقْتِ طَلَبْنَا أَنْ نَخْرُجَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ، مُتَحَقِّقِينَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ" (أعمال 9:16-10). فالروح القدس قد يقودك في رؤيا إلى المكان الذي تذهب للخدمة فيه.

بعد هذا كله يأتينا السؤال: كيف نختبر قيادة الروح القدس؟

الخطوة الأولى لاختبار قيادة الروح القدس هي الاعتراف للرب بخطيتك

يقول داود في المزمور: "لَمَّا سَكَتُّ (عن الاعتراف بخطيتي) بَلِيَتْ عِظَامِي مِنْ زَفِيرِي الْيَوْمَ كُلَّهُ... أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي" (مزمور 3:32-5). بعد هذا الاعتراف بالخطية والذنب، قال الرب لداود: "أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ" (مزمور 8:32). فقيادة الروح القدس تأتي بعد الاعتراف للرب بالخطية والذنب.

الخطوة الثانية لاختبار قيادة الروح القدس هي الصوم الحقيقي

الصوم الحقيقي في مفهوم الكتاب المقدس، ليس مجرد الامتناع عن الطعام.. إنه يتصل بدوائر أخرى. يقول الرب في سفر إشعياء: "أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ" (إشعياء 6:58-7). وما الذي يحدث حين تصوم الصوم الذي يختاره الرب؟ "حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هأَنَذَا. إِنْ... أَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ" (إشعياء 8:58-11). إن أردت خدمة مثمرة، وكنيسة زاهرة، وشعوراً بوجود الرب في كل اجتماع، ووجود مسحة خاصة في كلامك في كل مناسبة، فعش تحت قيادة الروح القدس.

زميلك في الخدمة المقدسة القس لبيب ميخائيل

  • عدد الزيارات: 7804