رب الكنيسة
" وأخضع كل شىء تحت قدميه وإياه جعل رأسا فوق كل شئ للكنيسة التي هي جسده الذي يملأ الكل في الكل " (أف 1: 22 ،23).
يضع الكتاب المقدس أمامنا بعض الألقاب العظمي الشاملة للرب يسوع. يلقبه" ربنا"، " المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب " ( 1تي 6: 15) ، "رأس كل شىء"، " الملك". لهذا فهو رب الكنيسة – التي هي كنيسته.
كانت إسرائيل في العهد القديم لها حكومة ثيوقراطية، أمة يحكمها الله. كان الله هو المالك الحقيقي لها. كان يقودها ويحميها في البرية ثم ثبتها في ارض كنعان. كان الله يسدد احتياجات الشعب بعد أن أنقذهم من العبودية لكنهم رجعوا عنه. قالوا لصموئيل " اجعل لنا ملكا كسائر الشعوب" ولم يسر صموئيل بالأمر عندما قالوا له " يقضي لنا" صلي صموئيل للرب وقال له الرب " اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياى رفضوا حتى لا املك عليهم"
(1صم 8: 5-7). ساء الأمر في عيني الرب لانهم رغبوا في الهروب من التطلع إليه كل يوم كالقائد الحقيقي لهم والحاكم غير المنظور.
سلطان المسيح كرأس الكنيسة.
في كل عصور الكنيسة الرب هو الرأس الصحيح لشعبه. لكننا نتساءل الآن هل الرب هو الرأس الحقيقي للكنيسة؟ نسارع إلي اقتباس ( أف 5: 23) بأن المسيح هو رأس الكنيسة. ذكر الرسول هذا النص لتعليم الزوجين بأن الزوج هو رأس المرأة بحسب النظام الإلهي. وان الزواج يرمز إلي العلاقة بين الرب وشعبه. ويأتى السؤال:هل هذه الرئاسة رئاسة اسمية أم أنها رئاسة عملية؟ هل المسيح هو راس الكنيسة رمزيا ، لقب فقط أم أن الآية تعني أمرا ما بالحكومة العملية في الكنيسة؟
هو راس الجسد – الكنيسة (كو1: 18) وهذا يعني قيام علاقة وثيقة حية بين أعضاء الجماعة والقائد. الجسد له أعضاء متداخلة في أعمالها. الرأس هو الذي يقود هذه الأعضاء ويهبها الحياة مثلما تأخذ الأغصان حياتها من الكرمة. أوضح الرب يسوع هذه العلاقة في ( يو15: 1-8 ). وإذ نحن نمارس حياتنا تحت رئاسته ، يقودنا ويغذينا روحيا.
يعترض البعض قائلا بأن هذه نظرية جميلة لكن كيف يمكن ممارستها. انه من الصعب استشارة قائد لا نراه. طبعا لا يمكن للناس من حولنا أن يرونه ونحن لا نراه بالعيان لكننا نراه بالإيمان.
بهذا المنطق أسس الناس وسائل عن طريقها يمارسون الرئاسة، يتجاهلون الرأس الحقيقي للكنيسة ويتخذون قراراتهم دون استشارة الرب.
أقام قادة الكنيسة الرئاسة المنظورة بنفس الحالة التي طلبها بنو إسرائيل من صموئيل. لدينا مؤسسات أرضية لها رئاسات نشيطة تحكم الكنائس ، تعين قائدا محليا للكنيسة، رئيسا راعيا أو شيخا مسيطرا- أو قائدا أخرا له مسئوليات أقل أمام الرب أو الآخرين. تشعر الكنيسة أو قادتها بالحرية الكاملة لاتخاذ أي قرارات تبدو ملائمة في حينه بدون الصلاة الجادة أو طلب فكر الله في الكتاب المقدس. يوجد معني عملي في فكرة أن المسيح هو الرأس في هذه المواقف.
حدث ارتباك عقائدي في كنيسة كولوسي بسبب عدم التمسك بالرأس ( كو2: 19) لم يروا إمكانية سلطته المركزية والحاجة إلى الاعتماد عليه.
كيف تعمل القيادة مع رئاسة المسيح؟. يتضح هذا من الدراسة الدقيقة بخشوع لكلمة الله. الكتاب المقدس هو الدليل الفعال وليس مجرد كتاب موحى به. يجب أن نأتي بالاحتياج في أمورنا الحالية إليه للإرشاد ، عن طريق الصلاة الجادة والفكر المفتوح. يجب أن تكون هناك طاعة لكل سلطة موضوعة بين البشر (1بط 2: 13) وخضوع للسلطات الأعلى المعينة من الله( رو 13: 1) رؤساء العائلات هم آلات بشرية ترمز إلى رئاسة المسيح ( أف 5: 22 ، 6: 1) يجب احترام وطاعة شيوخ الكنيسة( عب13: 7)، 1تس5: 13). في كل مجلات الحياة يوجد السلطان. توجد الحكومة البشرية، الحكومة الكنسية، الحكومة العائلية، الحكومة الوظيفية. يجب استشارة الرأس غير المرئي في صلاة الإيمان بلا ملل. يجب طاعة كلمته بكل صرامة. يجب اتباع القادة الصالحين وتقديم الاحترام حتى للقادة غير المجددين.
يعتبر روح الاستقلال وعدم القابلية للتعليم من الناس هما علامة التعالي نحو الله.هناك مفهوم ينادي باتباع قيادة الروح الشخصية بينما لا يلتزم بطاعة الله والخضوع لسيادته علينا – هذا مفهوم خاطئ. لا يجب أن نطيع ما هو غير قانوني ولا أخلاقي أو ما يدنس الضمير. ينبغي أن نكون حريصين جدا ولا نحاول تبرير عصياننا، مستخدمين المبدأ أنه يجب أن نطيع الله أكثر من الناس. يجب أن نستخدمه للاستشهاد في حالات نادرة لكن لا يستخدم بتهور.
تتطلب القيادة المطلقة الخضوع للمسئولين أمام الله أولا ولذوي السلطة علينا. هذا معناه آن مشورة الله يتبعها طاعة الرأس غير المنظور ونحن نعتمد علي المكتوب والصلاة. حينئذ يمكننا طلب المشورة الصالحة من القادة أو راس الأسرة المسيحية. لا يجب أن نقبل بناء قيادة كنسية تتجاهل رئاسة المسيح ، أو تنكرها في الممارسة. حتى تلك يجب أن تحترمها دون عصيان
سلطة المسيح هي الأساس في الكنيسة
"فإنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسا أخرا غير الذي وضع الذي هو يسوع المسيح"(1كو3: 11)
أخبرنا الرب بقصة رجلين بني كل منهما بيتا:بني الرجل الحكيم بيته على الصخر- فقاوم العواصف وثبت. وبنى الجاهل بيته على الرمل فلم يثبت(مت 7 : 24-27 ) ذكر الرب هذه القصة ليوضح لنا ضرورة طاعة المسيح وليس مجرد سماع كلامه.ونركز القصة على تأكيد كاف لكل ما نعمله.
فالأساس هو ما يبني عليه الشخص وفيه التدعيم الأصلي. الرب يسوع المسيح وحده هو الأساس الروحي للكنيسة كما أنه هو نفسه أساس المؤمن كفرد – . كتب الشاعر
" في المسيح الصخر الصلب أنا واقف كل أساس غيره رمل زائف"
فالمسيح هو الأساس الوحيد المقبول من الله - عليه يمكننا أن نبني بيت حياتنا (1كو3: 11-15) كيف نبني حياتنا؟ ماذا نفعل بها كمسيحيين؟سوف ينكشف ذلك أمام كرسي المسيح(2كو5: 10)
المسيحية هي بيت الله " بنيت علي أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف 3: 20). هو الحجر الرئيسي بحسب (1بط2: 6-7) والذي اقتبس من (أش 28: 16). حجر عثرة لإسرائيل ( أش 8: 14) تنادي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بان كلام الرب لبطرس في إنجيل متي معناه أن بطرس هو أساس الكنيسة. تقول انه كان أول الباباوات وانه وضع أساس سلسلة من الباباوات بعده. ويؤمن هؤلاء الباباوات بأنهم يمارسون سلطان الله الكامل علي الأرض نيابة عن المسيح. يطلقون علي البابا" نائب المسيح". وصلت هذه الكنيسة إلي هذا الفهم مستخدمة آيه واحدة من المكتوب. سأل الرب تلاميذه " من يقول الناس أنى أنا ابن الإنسان؟" (مت16: 13). أجاب بطرس " أنت هو المسيح ابن الله الحي " قال الرب " طوبى لك يا سمعان بن يونا لان لحما ودما لم يعان لك لكن أبى الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلي هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوي عليها" ( مت16: 17- 18). ويستخدم الرب هنا كلمات متبادلة تعني الصخر: كلمة" بطرس" تأتي من الكلمة اليونانية بصيغة المذكر – لكن الرب يستخدم كلمة يونانية أخرى " بيترا" بصيغة المؤنث تعني الصخرة الضخمة التي يشير إليها الرب عن شخصه هو – موضوع اعتراف بطرس الذي هو جزء من الصخرة الكبيرة-التي هي المسيح موضوع اعتراف بطرس. علي هذا الأساس بني الله كنيسته كما هو واضح من النصوص الأخرى في قواعد اللغة اليونانية. كلمة بطرس (المذكر) تختلف عن كلمة بيترا (المؤنثة) ولهذا ليس بطرس هو المقصود كأساس الكنيسة.
الأساس المقصود هو الرب الذي ينسب إليه هذا الشرف وحده. بطرس واحد من اثني عشر شخص ترتبط أسماؤهم بحجر الزاوية الرئيسي ( المسيح) عمل التلاميذ معا في الكنيسة الأولي، بطرس واحد منهم وليس رئيسا لهم. أعطي الرب الرسل" مفاتيح الملكوت" المذكورة في ( مت16: 19) كالسلطان أن يربطوا ويحلوا الإساءات ضد الله. هذا السلطان الكنسي بحسب كلمة الله لجميع المؤمنين (مت18: 17-18) يستخدمونه في تقديم الأخبار السارة. معني هذه المفاتيح هو انه عندما يؤمن الناس بكلمة الله يتم حلهم من خطاياهم وعندما يرفضون الإيمان يبقون في خطاياهم.
كان بطرس مثالا ملحوظا في الأساس الخاطئ. قد يضع الناس ثقتهم في قادة معينين وتستريح أرواحهم علي تعاليمهم. يعتمد الملايين وينضموا إلي كنيسة قومية أو عرقية ظانين إنهم سوف يدخلون السماء بهذه المعمودية وعضوية الكنيسة.
ربما يعتمدون علي الكهنوت والكهنة الذين يعلنون أنهم أخذوا السلطان من الله. وقد يعتمد الناس علي فهمهم الشخصي كالمرشد الصحيح للحق. كلمة الله هي السلطان المطلق وهي توصينا بأن المسيح وحده هو أساس الكنيسة
سلطان المسيح كالقائد في الوسط
سكن الله في العهد القديم في وسط شعبه في خيمة الاجتماع. تنازل الله إلي شعبه المفدى وكان حضوره مرموزا له في عامود السحاب نهارا وعامود النار ليلا (خر13: 21-22).
وفي العهد الجديد وضع الرب يسوع نظاما جديدا للاجتماع بشعبه" لأنه حيثما أجتمع اثنان أو ُثلاثة بأسمى فهناك أكون في الوسط" (مت18: 20). شخص الرب هو المركز الرئيسي والهيكل المقدس. بعد القيامة وقف الرب يسوع في الوسط (يو20: 19، 26) وفوق الصليب كان في الوسط. نراه في سفر الرؤيا واقفا في وسط السبع منايرالذهبية – التي تعبر عن الكنائس المحلية (رؤ1: 13، 20). سلطان الرب هو سلطان مباشر علي كنيسته المحلية – الكواكب السبعة في يمينه(رؤ1: 20). ينطبق هذا علي كل كنيسة محلية مسئولة أمام المسيح رأسها وليس أمام أي وسيط بشري.
يمثل اجتماع شعب الله من حوله رغبتهم الشديدة في الاقتراب منه. ويذكرنا هذا بقوله " اصنعوا هذا لذكري" أسس الرب العشاء الرباني. وضع الخبز وعصير الكرمة أمام تلاميذه وطلب منهم أن يتذكروا ذبيحته العظيمة التى فتحت الباب للشركة مع الله.( مت18: 20). يذكر هذا ثلاثة أمور : اجتماع القديسين معا. اجتماع باسم الرب. وعده بالحضور في الوسط. وتوضح هذه الأمور انه لا توجد شركة عشوائية بين مجموعة من بشر متدينين. اجتماع المؤمنين هو بيت الله
( 1تي 3: 15)، الرب حاضر فيه. الشعب حوله نظير اجتماع بني إسرائيل حول الرب في خيمة الاجتماع في البرية. تعني كلمة كنيسة " اكليسيا" " شركة المدعوين" – كنيسة المسيح.
خاتمة وتطبيق
حيث أن الرب يسوع هو رب الكنيسة، رأس الكنيسة، أساس الكنيسة ومركز اجتماعها، يجب أن نعرفه بهذه الصورة في كل اجتماع للمؤمنين. لا يستطيع العالم الذي يعيش خارج المسيح أن يري بسهولة أن هؤلاء المؤمنين هم شعب الله. أحد الأسباب هو تعدد الأسماء والألقاب التي تطلق علي جماعة الله بدلا من أن نكون مؤمنين (أع5: 14). تلاميذ( أع 20: 1). قديسين( 1كو1: 2) أو مسيحيين ( أع11: 26). صار يطلق عليهم طوائف أو مذاهب. وبدلا من أن نجتمع حول شخص المسيح الوسيط أمام الله، صار للناس تقاليد كنسية يضعون عليها التركيز.
ينبغي أن تكون رغبة كل كنيسة محلية أن تعمل كشعب رأسه المسيح. يجب أن تري الكنيسة شخصه غير المنظور، وبالإيمان توجه له الصلاة والتضرعات من أجل الإرشاد الكنسي كما الإرشاد الفردي. يجب أن يعمل القادة تحت قيادة القائد الحقيقي الوحيد رئيس رعاة نفوسنا.
يجب أن نكون محاسبة الكنيسة من المسيح مباشرة وليس من أى مجلس كنسي مركزى أو من أى هيئة حاكمة..يمكن أن تعمل الكنيسة المحلية مع الكنائس الأخرى ـلكنها تكون مسئولة أمام الرب مباشرة في حياتها وممارستها.
يستخدم الكتاب المقدس تشبيهات مختلفة توضح أن المسيح هو رأس الحسد، رأس الأحجار الحية و العريس للعروس. لهذا فإن العلاقة مع المسيح هي أساس شركة الكنيسة. " شركتنا هي مع الأب ومع ابنه يسوع المسيح " ( 1يو1 : 5 ). كما يوضح الكتاب أن كل كنيسة محلية هي عبارة عن مملكة سماوية يحكمها الرب كما حكم قيصر أو أي ملك أخر العالم القديم يحكم المسيح ولاياته في الحياة الروحية. وتتكون المملكة من "جنس مختار ، كهنوت ملوكي، أمة مقدسة شعب اقتناء" (1بط 2 : 9 ) وليس هذا هو نفس الحال مع الفروع المحلية في بعض المنظمات الكنسية الأرضية.
هذا، ويقدم لنا فهمنا لرئاسة المسيح في كل نواحى الحياة الروحية الفكرة بأننا أكثر من مجرد أعضاء تعمل معا في نفس الجماعة الدينية. نحن شركاء الميراث ، لنا العضوية والعمل مع الرب نفسه بعد أن صرنا أحياء وصار المسيح نفسه حياتنا. ومن المؤكد أنه يربد أن يكون هو الحاكم الحى في وسطنا. وطالما نحن نريد منه أن بعمل ذلك ، نصبح مملكة عاملة وليس مجرد ديموقراطية ظاهرية. يريد الرب أن يكون هو القائد والمشير العامل في وسطنا وليس مجرد رأس شرفي بالاسم فقط.
- عدد الزيارات: 11484