الغرض من الكنيسة
" له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع إلى جميع أجيال دهر الدهور. أمين"
(أف 3 : 21)
لا يستطيع الشخص أن يجيب بصواب عن غرض الكنيسة قبل أن يجيب أولا علي”ما هو الغرض من حياتي كمؤمن؟" إذا كنت تعيش وفق هواك سوف تجد أنه من السهل أن تكون منفتحا فيما يتعلق بعمل الكنيسة و تتلاءم معها، وهي تتكيف مع العادات حولها. لكن إذا كان الله يعمل فيك بأن تريد وتعمل من أجل المسرة ( في2: 13) عندئذ يتحول غرضك في الحياة لتصير تلميذا مطيعا، ساعيا إلي عمل مسرة الله فوق أي اعتبار آخر. سيقودك هذا إلي الإجابة علي هذا السؤال” لماذا أسس الله كنيسته المحلية؟".
العمل الصحيح في مجتمع المؤمنين الروحي هو امتداد غرض الله. نستطيع أن نعمل معا أمورا خاصة ليس في مقدورنا أن نعملها بأنفسنا.لذلك لا يجب أن نفهم أعمال الكنيسة بمعان لا تعكس غرض الله منها. نضع هنا علي سبيل المثال أوصاف الكنيسة المحلية ونريد أن تسال نفسك كيف تعكس هذه الأوصاف فكر الله؟ هل الكنيسة نادي تحضره مجموعة معينة؟ هل هي قاعة محاضرات يتكلم فيها متحدثون بارعون؟ هل هي مركز خدمة اجتماعية لتطوير المجتمع؟ هل هي مركز ترفيه يدخله الأفراد من حين إلي آخر بتذاكر خاصة؟ هل هي مركز للعمل السياسي؟ هل هي قاعة طعام أو مطبخ تقدم فيه واجبات لأفراد المجتمع؟ إذا لم تكن الكنيسة واحدة من هذه. فما هو غرض الله في الكنيسة المحلية؟
1- صور من أغراضنا
يمكن أن تصور أغراضنا في ثلاث صور وصفية للكنيسة كما هي في رسالة أفسس
أ- جسد المسيح: هي جسد المسيح وهو الرأس (اف1: 23) جسد واحد (أف4: 4) وهي مؤسسة علي أعضاء يستخدمون مواهبهم الروحية
(أف4: 12) الأعضاء هم من لحمه ومن عظمه( أف5: 30).يفسر الرسول في (1كو 12: 12-27) عمل كل عضو علي انفراد.
ب- عروس المسيح: يرد هذا الوصف بوضوح في (رو 21: 2-9) ويتضح بالكامل في (أف 5: 23-32) تشبه محبة المسيح للكنيسة محبة الزوج المثالية لزوجته في علاقة تعاطف قوية” فإنني أغار عليكم غيرة الله لأنني خطبتكم لرجل واحد أى المسيح لأقدم عذراء عفيفة"(2كو12:2).
ج- بناء المسيح بنيت الكنيسة" مبنيين علي أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية الذي فيه كل البناء مركبا معا ينمو هيكلا مقدسا في الرب الذي فيه انتم مبنيين معا مسكنا لله في الروح"(أف 2: 20-22) وكما هو مقرر أيضا في (1بط2: 5) أننا نحن” كأحجار حية بيت روحيا كهنوت مقدس لتقديم ذبائح حية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" يتضح هنا أن اجتماع العبادة الذي حل محل هيكل أورشليم يعلن حضور الله بطريقة خاصة في كنيسته.
من هذه الصور نتعلم أن الغرض من وجودنا ككنيسة هو أن شعب الله له العلاقة الوثيقة قد صار بناء روحيا وقد صارت العبادة المشتركة كهنوتا مقدسا. هل نري أنفسنا بهذه الصورة وهل يرانا الآخرون هكذا؟
2- جوهر غرضنا.
يجب أن تقوم الكنيسة المحلية التي تسر قلب الله بعمل ما يلي:
أ- بتمجيد الله: ونحن نتمثل به في قداسته، محبته، ونعمته والأخلاقيات السامية أمام العالم. يجب أن يري الذين هم من خارج المسيح مجد الله السامي ومجد الابن في حياة المؤمنين بطريقة خاصة. بهذا يتمجد الأب في الابن (يو17: 1، 5) كل الذين يخدمون الابن يكرمون الأب (يو5: 23) المؤمنون الذين يتشبهون بالرب يسوع ويقدمون له الولاء يمجدون الأب. نحن نشكره لأنه نقلنا من الظلمة إلي نوره العجيب (1بط2: 9). يجب أن تعلن الكنيسة حكمة الله (أف3:10) ونعمة الله (أف2: 17) التي وصلت إلي الخطاة المساكين والمزدري، الذين يعيشون في عالمنا الصغير. يجب أن نمجد الله بأعمالنا وتعكس حياتنا حياته. هل يري الآخرون مجد الله فينا نحن الذين نعلن أننا شعبه المقدس؟ هل يسقطون علي وجوههم ويعبدونه لأنه بالحقيقة فينا(1كو14: 25)؟ هل يرون حياته فينا بصورة عملية؟
ب- عبادة الله بالروح والحق، هذا ما يطلبه الأب (يو4: 23-24) نحن نعبد الله بالروح، لا نعبد الأصنام أو الصور أو غيرهما. نعبده بالحق بحسب خطته متذكرين عمله لأجلنا والدم الثمين الذي سفك نيابة عنا ليقربنا إليه. نعبده يوميا كأفراد ونعبده في وسط الجماعة في اليوم الأول من الأسبوع. السماء هي مركز عبادة الحمل الذي ذبح لأجلنا (رو5: 11- 14) نعبده علي الأرض ونحن نضع لعبادتنا القيمة العظمي التي يسعى الشيطان إلى اغتصابها منا (مت4: 9) أن الملائكة ورجال الله الأمناء يرفضون أن يسجد لهم البشر عالمين أن السجود هو لله وحده لهذا لا يجب أن تهمل أي كنيسة الأمور التي لها الأولوية عند الله في عملها الخاص.
ج- طاعة الله في الإرسالية العظمي (مت 28: 19، 20) سميت إرسالية المسيح لتلاميذه بالإرسالية العظمي لأنها تزيد من المسئوليات. علينا أن نذهب، نتلمذ، نعمد ونعلم الناس بكل ما أمر به الرب. نشهد للمسيح بقوة الروح القدس مبتدئا من أورشليم” المجتمع حولنا" ثم نمتد إلي أقصى الأرض من خلال العمل المرسلي ( أع 1: 8) شبه الرائي الكنائس بالمناير (رؤ1: 20) والكنيسة المحلية توضح دور الشهادة لمن حولها. فشلت إسرائيل في أن تكون نورا للأمم. تحمل الكنيسة المحلية هذه المسئولية. عندما لا نشهد بقوة الكنيسة الأولى(أع 5: 42) تعاق الشهادة وتتوقف الكرازة. عملنا بعد أن أعطانا الله الإيمان هو أن نقدم الكرازة المرسلية. كثيرون يفضلون أن يقبعوا في مكان مريح داخل الكنيسة. الحصاد كثير والفعلة قليلون وواجبنا هو أن نصلي ونعمل علي سد النقص(مت 9: 37، 38) الله يحب الخطاة ويهتم بكل نفس ضالة
( 2بط3: 9) لا يجب أن نبرر فشلنا وارتدادنا في ربح العالم الهالك.
3-تحقيق أغراضنا.
ماذا كان يحدث في اجتماعات الكنيسة الأولى؟ يقول البشير في (أع2: 42)” وكانوا( المؤمنون) يواظبون علي تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلاة" بمعني آخر كانوا يدرسون ويطيعون كلمة الله، يعضدون بعضهم البعض بالشركة الروحية، يحفظون العشاء الرباني والصلاة المنظمة كجماعة. ويمكننا تحليل غرض الكنيسة بصورة أوسع من شواهد أخري بالإضافة إلي (أع2: 42).
أ- الكرازة بكلمة الله في وقت مناسب وغير مناسب لإنقاذ الناس من الجوع والجهل الروحي (2تي 4: 2) يجب أن يشمل هذا الاستماع إلى كل مشورة الله وليس مجرد أجزاء مختارة (أع 20: 27). لقد صار نقص التعليم المنظم داخل الكنيسة آفة الاجتماعات. الذين يجمعون اعتباطيا من الكلمة ونصوص مختارة بعمل القادة لا يجدون الغذاء الكافي. كان المذبح هو مركز العبادة في العهد القديم و مذبحنا هو الصليب الذي عليه قدم المسيح نفسه، الذي يجب تقديمه للبشر بصورة مؤثرة. سماع وطاعة كلمة الله هما العلامة الواضحة للذين ارتبطوا بالسماء وهما افضل من الممارسة الجافة للطقوس الدينية (1صم15: 22) يحتاج الناس إلي ما هو أكثر من المشاعر الدينية الدافئة التي يقدمها الخادم، يحتاجون إلي أن يتعلموا كلمة الله بأمانة ويدرسونها بأنفسهم ( أع 17: 11)
ب- رعاية شعب الله بواسطة القادة الروحيين. علم الرب يسوع رسله وقاموا هم أنفسهم بتعليم الآخرين القيادة الروحية (يو 21: 15- 17 و 1بط 5: 2) يمكن إنجاز هذا عندما يجتمع مؤمنون يرعاهم رعاة ورعاة مساعدون يعملون بكل أمانة. تشمل الرعاية المحبة للقطيع كله مبتدأ بالمولودين حديثا كأطفال في المسيح (1بط2:2) كلمة طفل تنطبق علي مؤمن لا ينمو باستمرار
"المؤمن الجسدي”(1كو3: 1-3) وهو شخص لا ينمو على طعام الكلمة القوي الذي يغذي نفسه (عب5: 12-14) يحيا هذا الشخص حياة غير خاضعة للوصية – ويستحيل علي المؤمن الحقيقي أن يحيا كطفل باستمرار
(1يو3: 4-9) المؤمنون الجسديون هم مؤمنون في حالة عدم نمو ويسلكون سلوكا صبيانيا. أما الرعاية الصحيحة فتقود المؤمنين إلي النضوج ولا يعودوا إلي سلوك الأطفال عاطفيا وروحيا. وعلي الرعية أن تطيع الرعاة الذين سيعطون حسابا عن أنفسهم للرب (عب 13: 17) معني هذا أن الرعية لا تعزل نفسها عن الكنائس. يعمل بعض المؤمنين كما لو كانوا يعيشون في انفراد دون انتماء للكنيسة المحلية. هذا أمر لا يشجعه العهد الجديد. ورعاة القطيع لهم مسئوليات خطيرة أمام الله الذي يري عملهم باستمرار. لقد فشل قادة إسرائيل في القيام بالرعاية الصحيحة وصاروا تحت دينونة الله ( حز 34: 2- 10) وتتناسب المجازاة أو الحساب عند كرسي المسيح للرعاة والشيوخ بحسب نوع الرعاية التي يقدمونها للقطيع
(1بط5: 4 و 1كو3: 13-15 ).
ج- الشركة مع شعب الله في الكنيسة. الشركة كما هو واضح من (أع2: 42) هي أساس روحي وليس اجتماعي هذا الأساس هو التمتع بحضور الرب في وسط شعبه. وتشمل الشركة الحديث إلي الله بواسطة الصلاة من الجماعة والوعظ والتعليم. ويجب أن يكون الوعظ والتعليم من كلمة الله. ونوصي بالمواظبة علي الحضور إلي الاجتماع. عندما نتخلي عن الاجتماع فأننا نتحول بعيدا عن الله وتضعف حياتنا الروحية ( عب 10: 25) ومن الخطأ الكبير أن نفقد دافع التشجيع علي حمل المسئولية والمشاركة الفعالة في حياة الأعضاء. وليس الحضور الآلى للاجتماع دليل علي الروحانية بأى وسيلة. يذهب كثير من المرائين إلى الاجتماعات.علي أن إهمال حضور الاجتماع
يشير عادة غلي خط روحي يتجه إلى أسفل.
د- بنيان شعب الله بواسطة العمل المتبادل من أصحاب المواهب. لهذا السبب منح الله المؤمنين المواهب الروحية لخدمة شعبه عند صعوده إلي السماء (أف 4: 10-12) والموهبة هي قوة إلهية يعطيها الله للمؤمن لبناء الآخرين للشركة. بها يتمكن من تقديم خدمة أفضل لله. وسواء أن كانت الموهبة كلامية مثل التعليم أو الموهبة للخدمة مثل المعاونة والرحمة فان القصد الإلهي هو معاونة الآخرين وليس تحقيق أطماع شخصية. يعمل الذين لهم المواهب الروحية كأجزاء متنوعة في الجسد في تداخل ومشاركة مع الجميع (1كو: 12) وطبيعة المواهب هي أن تعمل في مجموعات. وتنمو المواهب بالاستخدام الصحيح وتضعف بعدم الاستخدام ولكل ومؤمن موهبة واحدة علي الأقل. كل المواهب مهمة في عمل الكنيسة الجماعي. وتشمل بنيان المؤمنين، تدريبهم علي الخدمة داخل الكنيسة كما تعمل بعض المواهب علي تنفيذ هذه الممارسة.
قضي الرب جزءا عظيما من خدمته علي الأرض في تدريب الأثني عشر علي الخدمة. تدريب المؤمنين علي خدمة الرب أمر مهم مثل تدريب أولادنا علي الحياة. لا يقدم العهد الجديد فكرة إسناد مثل هذا التدريب إلي معاهد أو هيئات خارجية. أنها مسئولية الكنيسة بأن تقدم التدريب لكل من يرغب في التعليم. وتوجد بالطبع مناطق تدريب خاصة تتطلب معونة متخصصين، لم تعد لها الكنيسة. بقدر المستطاع يجب أن تزود الكنيسة الأعضاء بكل ما هو ضروري للنمو الصحيح. ويتضمن هذا، التدريب علي النمو والتدريب علي القيادة.
خاتمة وتطبيق.
يجب أن تذكرنا هذه الأمور بالمسئوليات الكبيرة التي أسندها الله للكنيسة المحلية. المؤمن الفردي مدعو للمشاركة الفعالة في الجسد المحلي. يجب أن تستأنف الجماعة مع قائدها مسئولية الرعاية والنمو الصحيح بين الأعضاء. يشمل هذا: النظافة الروحية والقداسة الفعلية للأعضاء. هدف الله أن يحضر لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شىء من مثل ذلك ( أف5: 27) ويجب أن تعمل كل الأجزاء معا بطريقة تجعل كل جزء يحصل علي النمو المستمر في المحبة(أف 4: 16) إنها شركة تضىء ظلمة هذا العالم الشرير. فالكنيسة شركة منفصلة لأغراض الله وليست للطموح البشري. عندئذ تصبح الكنيسة” اكليسيا" حقيقية، جماعة الرب يسوع التي دعاها لشخصه والتي تعلن مجده.
- عدد الزيارات: 11010