المؤهلات الأدبية
والرب يشدد في طلب المؤهلات الأدبية في مثل هذا الخادم كما والمقدرة الروحية اللازمة لعمله. ولو حاز شخص ما على هذه المؤهلات فهي في ذاتها لا تعطيه المشيخة ما لم تتوفر السلطة الإلهية. فيلزم أن يقام وأن يعين تعييناً رسمياً. ولكن أين نجد هذا التعيين الرسمي؟ واضح أن قيمة هذا التعيين تتوقف على سلطة شرعية مخول لها حق التعيين. وأين نجد هذه السلطة الكافية؟ هل نقيمها أو نخترعها؟ كلا. بل يجب أن تكون بحسب الرب وبمقتضى كلمته. ثم أن الكتاب المقدس لا يجيز لأحد حق سلطة التعيين الشرعية إلا للرسول أو لأي نائب عنه له من الرسول وصية خاصة لهذا الغرض.
ولكن أين نجد في زماننا هذا نائباً رسولياً يقدر أن يبرز لنا وصية رسولية تخوله حق التعيين والرسامة؟ لن نجد مثل هذا النائب، ويجب ألا نتوقع وجوده. وفي الحقيقة أن كلمة الله لا تشير مطلقاً إلى استمرار سلطة التعيين والرسامة. بل هي تبرهن لنا بطريقة واضحة أنه بعد ما كان الرب يؤسس الكنائس هنا وهناك ولما كان يعين خادمين محليين (أي شيوخاً) في كل كنيسة فإنه كان يضع ختم الموافقة على هذا التعيين بواسطة الرسامة الرسولية أو الاختيار الرسولي ولو أن الكتاب يذكر لنا المؤهلات اللازمة لهذه الخدمة المحلية، غير أنه لا ينسى أن يقول لنا أنه لم يكن جائزاً لأحد غير الرسول أو نائبه أن يعين الشيوخ في مراكز خدمتهم ولا توجد في الكتاب كله كلمة واحدة بخصوص استمرار سلطة التعيين بعد موت الرسل. خذ مثلاً بولس: فقد كتب في موضوع انتخاب الشيوخ ولكن ليس لكنيسة أو لكنائس بل إلى شخص كان مكلفاً على الأخص بهذا العمل وهو تيطس النائب الرسولي. ومع ذلك فحتى في الرسالة التي كلف بها بولس تيطس بهذا العمل لا توجد كلمة واحدة بخصوص من سيخلف هذا النائب في عمله بعد موته – وأكثر من ذلك فلا توجد كلمة واحدة نستدل منها على أن تيطس نفسه كان له الحق أن يمارس هذا العمل بعد موت الرسول، ولا أن تيطس كان مخولاً له أن يعين شيوخاً حيثما شاء. إذ نر أن الرسول قد حدد له دائرة الوصية. وإذ كان تيطس نائباً رسولياً فلا شك أنه كان معلماً وواعظاً. على أننا نرى في رسالة بولس إلى هذا النائب تحديداً للمنطقة التي كان عليه أن يقيم شيوخاً في كل مدنها – وهذه المنطقة هي كريت. وعلى ذلك كان مسئولاً أن يقيم شيوخاً في كريت. ومع ذلك فلا توجد كلمة واحدة عن تخويله حق إقامة شيوخ في منطقة غير كريت، ولا في زمان غير زمان حياة الرسول. كما أنه لا توجد كلمة واحدة عن استمرار وجوده في كريت بل بالعكس نرى الرسول يوصيه أن يبادر فيأتي إليه في نيكوبوليس – وغريب أن ينتقل تيطس من أبرشيته (على حق ما يقول أصحاب التقليد والنظام) فلا يبق في كريت.
- عدد الزيارات: 3074