الكنيسة المحلية
تعريف الكنيسة المحلية
بحثنا آنفاً في الكنيسة الجامعة, وهي المسماة أيضاً الكنيسة غير المنظورة, وجسد المسيح السري.
وبالإضافة إلى هذا فإن العهد الجديد يتكلم أيضاً عن الكنائس المحلية التي تضم المؤمنين في جهة معينة. وهكذا نقرأ مثلاً عن الكنائس في أورشليم, وكورنثوس, وروما وهكذا. فهذه الكنائس عبارة عن صورة محلية لكنيسة الله. وكل منها وحدة قائمة بذاتها, مستقلة عن الكنائس الأخرى, وإن كانت للكنائس شركة الواحدة مع الأخرى, وجميعها تحت سيادة المسيح.
وهناك خلاف كبير في الرأي دائماً عن ما هي كنيسة العهد الجديد. والعادة هي أن تذكر عدة مستلزمات أو علامات إذا ما انطبقت على جماعة من المسيحيين سميت تلك الجماعة كنيسة محلية حقة.
ولقد وضع هنري بارو سنة 1593 وصفاً يعتبر دقيقاً فعلاً في تعريف الكنيسة إذ قال:
"إن كنيسة المسيح المغروسة غرساً صادقاً والمؤسسة تأسيساً صحيحاً هي جماعة من المؤمنين المُخْلصِين, المفرزين من غير المؤمنين, والذين يجتمعون باسم المسيح ويعبدونه العبادة الحقة ويطيعونه طاعة فورية. فهم أخوية, وشركة قديسين, وكل منهم ثابت في الحرية المسيحية ولأجلها, ومستعد لأن ينفّذ كل ما يأمر به الرب ويعلنه له في كلمته المقدسة".
أما الأوصاف الأخرى التي أعطيت في تعريف الكنيسة فقاصرة لدرجة أنها تجعل الكنائس المحلية لبعض طوائف خاصة هي وحدها المقبولة.
وهذا يثير سؤالاً وجيهاً. هل العهد الجديد يضع شروطاً يجب أن تستوفى في الكنيسة المحلية؟ هل هناك علامات واضحة للاجتماع بها يستطيع المؤمن بسهولة أن يميز الجماعات في جهة ما فيقول إن هذه كنيسة محلية حقة بحسب العهد الجديد وإن تلك الكنيسة ليست كذلك؟
نريد أن نقول إن الأمر ليس كذلك. فلو أن كون الكنيسة كنيسة حقة هو المطابقة لأنموذج خاص أو عمل اجتماعات ذات طابع خاص, لكان الأمر آلياً هيناً بدون مران روحي, ولنَتَجَ عن ذلك الفتور والتراخي. فمع أن موقف الكنيسة قد يكون سليماً صحيحاً كل الصحة, إلا أن موقف المؤمنين فيها قد يكون غير ذلك تماماً.
وعلى العكس من ذلك نرى أن طريقة العهد الجديد هي كما يلي: تعلمنا كلمة الله إن كل المؤمنين أعضاء في الكنيسة بوساطة نعمة الله. وتحثهم الكلمة أن يجتمعوا سوياً بطريقة تعلن حقائق الكنيسة العظمى. فبعض الجماعات تظهر شبهاً أكبر لهذه الطريقة. ولكن ليست هناك جماعة كاملة في طريقة هذا الإعلان.
وهكذا بدلاً من أن يتبع الكتاب طريقة ناموسية للبت في هذا الموضوع فيقول: "إذا ما توفرت فيك شروط خاصة أصبحت كنيسة". نراه يستعمل لغة النعمة فيقول: "أنتم الكنيسة باعتباركم مؤمنين, ولذلك اجتمعوا سوياً بطريقة تعلن هذه الحقيقة بدقة للعالم". أما الدافع لذلك في عهد النعمة فهو المحبة الخالصة, وهذه المحبة يجب أن تجعلنا توّاقين لأن نقدم لمن حولنا صورة صادقة لجسد المسيح.
ومجمل القول هو أن الكنيسة المحلية يجب أن تكون صورة مصغرة للكنيسة الجامعة, ويجب عليها ألا توجد في حالة أو أن تعمل شيئاً يناقض الحقائق العظمى للكنيسة التي هي جسد المسيح.
ويجب أن تكون طبيعتها ووحدتها ظاهرتين, وأن يبدو للعيان أنها جسد المسيح, كوّنها الروح القدس ويسكن فيها, وإن كل المؤمنين أعضاء فيها, ومتحدون مع المسيح الممجد ومع بعضهم البعض, وإن مجيء المسيح هو الرجاء الموضوع أمامها, وإن اسم المسيح هو الاسم الوحيد الذي يطلق عليها. وعليها أيضاً أن تعلن وحدة جسد المسيح[1].
وإذا كان من الواجب أن تكون الكنيسة المحلية صورة طبق الأصل من الكنيسة الجامعة فما هي الحقائق العظمى عن جسد المسيح الذي يجب أن تؤدي له شهادة حية؟ لقد سبق فأشرنا إلى سبع من هذه الحقائق الأساسية, وهي:
أ-يوجد جسد واحد
ب-المسيح هو رأس الجسد
ج-كل المؤمنين أعضاء في الجسد
د-الروح القدس هو نائب المسيح في الكنيسة
ه-كنيسة الله مقدسة
و-يمنح الله الكنيسة عطايا لبنيانها
ز-كل المؤمنين كهنة لله
ولذلك فغرضنا هو أن نأخذ هذه واحدة واحدة وأن نحدد كيف يظهرها الاجتماع المحلي للعالم.
Ridout, Samuel, The Church according to Scripture (3)
(New York, Loiseau Bros., Inc., 1926 (p.23))
- عدد الزيارات: 5318