Skip to main content

ثالثاً- سبع حقائق عظيمة عن الكنيسة

ترد حقائق هامة عن كنيسة الله ضمن نسيج العهد الجديد. وسوف نعلق هنا باختصار على سبع من أهم هذه الحقائق, وسوف نتناولها في بحث لاحق.

أ- هناك جسد واحد (اف4: 4):

يوضح الكتاب المقدس أن هناك كنيسة واحدة فقط. وبالرغم من كل الظروف والملابسات التي تبدو بأنها تناقض هذا القول إلا أن الحقيقة الثابتة هي أن هناك, بالنسبة لله, جسداً واحداً يضم جميع المؤمنين الذين على وجه الأرض في يومنا هذا. ومع أن هذه الكنيسة لا يراها الإنسان متحدة واحدة, إلا أن لها جسداً واحداً مشتركاً بالروح القدس.

ب- المسيح هو رأس الجسد (اف5: 23 وكو1: 18):

يستعمل بولس التشبيه بالجسد البشري فيعلمنا أن المسيح كالرأس في السماء يدبر أمر جسده على الأرض. والرأس يشير إلى السلطان, والقيادة, ومركز العقل. والرأس والجسد يشتركان في الحياة الواحدة, والاهتمام عينه, والآمال ذاتها. وكما أن الرأس لا يعد كاملاً بدون الجسد, فكذلك المسيح بدون كنيسته. وهكذا نقرأ في اف1: 23 أن الكنيسة, وهي جسده, هي "ملء الذي يملأ الكل في الكل". وذلك أمر يملأ المؤمن رهبة وعبادة.

ج- كل المؤمنين أعضاء في ذلك الجسد (أع2: 47)

في اللحظة التي يحصل فيها إنسان ما على الخلاص يُضم إلى الكنيسة كعضو في الجسد. وهذه العضوية تتخطى حدود الجنس, واللون, والجنسية, والطباع, والثقافة, والمركز الاجتماعي, واللغة, والمذهب. وبولس, في الفصل العظيم الذي كتبه عن أعضاء جسد المسيح (1كورنثوس12: 12-26) يذكرنا بما يأتي:

1-في الجسد أعضاء كثيرون (الأعداد12-14)

2-لكل عضو عمله الخاص به (الأعداد15-17)

3-ليس لجميع الأعضاء عمل واحد (عدد19)

4-يتوقف خير الجسد على الأعضاء جميعها إذ تعمل معاً (21-23)

5-لما كانت كل أعضاء الجسد يحتاج الواحد منها للآخر فليس هناك إذن مجال للحسد أو للتذمر من ناحية (15-17) أو للتكبر والاستقلال من ناحية أخرى(21)

6-لما كانت كل الأعضاء في الجسد الواحد لذلك يجب أن تسودها العناية المتبادلة والإحساس والفرح المتبادلان (23-26)

د-الروح القدس هو النائب عن المسيح أي وكيله في الكنيسة (يو14: 16و26):

بعدما صعد الرب يسوع إلى السماء أرسل الروح القدس ليكون نائبه على الأرض. وهاك بعضاً من أعمال الروح القدس في الكنيسة:

1-إنه يقود المسيحيين في عبادتهم (اف2: 18)

2-وهو يرشدهم في صلواتهم (رو8: 26 و 27)

3-وهو يعطي بشارتهم قوة (1تس1: 5)

4-ويقودهم في خدمتهم إيجابياًً (اع13: 2) وسلبياً (اع16: 6و 7)

5-ويقيم نظاراً للكنيسة (اع20: 28)

6-ويمنح العطايا اللازمة لنمو الكنيسة وفعاليتها (اف4: 11)

7-ويقود المؤمنين إلى كل الحق (يو16: 13)

هـ- كنيسة الله مقدسة (1كو3: 17):

إن الله يدعو من أمم الأرض شعباً على اسمه. وهو يفرزهم لنفسه من العالم الشرير ويطلب إليهم أن يتجاوبوا معه بحياتهم العملية في قداسة. وبهذه الطريقة وحدها تستطيع الكنيسة أن تمثل الإله القدوس بأمانة في هذا العالم الشرير.

و- يمنح الله الكنيسة عطايا لبنيانها (اف4: 11و 12)

إن مشيئة الله هي أن تنمو الكنيسة روحياً وعددياً, ولهذا فالمسيح المقام يمنح الكنيسة عطايا.

وهذه العطايا عبارة عن أناس وُهبوا مقدرة خاصة لبنيان الكنيسة. وهذه العطايا, كما وردت في اف4: 11, هي[1]:

1-رسل

2-أنبياء

3-مبشرون

4-رعاة

5-معلمون

ونعتقد أن مهمة الرسل والأنبياء كانت قبل كل شيء تأسيس الكنيسة (اف2: 20). أما وقد أرسيت قواعد الكنيسة فلم تعد هناك حاجة بعد لهؤلاء الرسل وأنبياء العهد الجديد بالمعنى الأساسي[2] على أنه لا يزال معنا مبشرون ورعاة ومعلمون. فالمبشرون يذهبون إلى العالم حاملين رسالة الإنجيل, ويقودون الخطاة إلى المسيح, ثم يقودونهم بعد ذلك إلى الشركة في الكنيسة المحلية. والرعاة يهتمون بأمر الرعية, وتغذية الخراف, وتشجيعهم وحراستهم من الشر. والمعلمون يبسطون كلمة الله بطريقة تسهل فهمها. ويقدمون تعاليم الكتاب بطريقة سليمة متزنة.

وإذ يقوم هؤلاء العطايا بالخدمة تنمو الكنيسة ويبنى القديسون في إيمانهم الأقدس. فالعطايا هم الذين أقامهم الله لامتداد الكنيسة.

ز- كل المؤمنين كهنة لله (بط2: 5و 9):

أما الحق الأخير الذي نذكره عن الكنيسة فهو كهنوت جميع المؤمنين. ففي العهد القديم كانت جماعة خاصة من الناس يقامون كهنة. وكان أولئك هم سبط لاوي وأسرة هرون (خر28: 1). أما الآن فليست هناك طائفة معينة من الناس دون سواهم, بزي مميز أو امتيازات خاصة. فكل أولاد الله هم كهنة لله ولهم كل الامتيازات وعليهم جميع المسئوليات التي تلازم ذلك الاسم.


(1) في 1كو12: 8- 10 نرى قائمة أخرى بالمواهب الروحية الآتية: كلام حكمة, كلام علم, إيمان, مواهب شفاء, عمل قوات, نبوة, تمييز الأرواح, أنواع ألسنة, ترجمة ألسنة. وليس هناك بالضرورة أي تناقض بين القائمتين, ففي أف4 نرى أن العطايا أشخاص وقفوا كل حياتهم على التبشير والتعليم والرعاية. أما في 1كو12 فالعطايا هي منح أو مقدرات ليست بالضرورة وقفاً على أفراد معينين بل قد يمنحها الروح القدس لأي عضو من جسد المسيح في أي وقت يشاء. فمثلاً قد يقود الروح أي مسيحي ليعطي "كلام حكمة" أو "كلام علم" مع أنه ليس معلماً. كما قد يقود مسيحي شخصاً للمسيح مع أنه ليس مبشراً.

وكذلك يتكلم بولس في 1كو12: 28 عن الرسل وأنبياء والمعلمين والقوات ومواهب الشفاء والأعوان والتدابير وأنواع الألسنة. وهنا ينشأ ولا شك سؤال: هل لا تزال هناك اليوم مواهب معجزية؟ يذكر الكتاب في عب2: 4 أن الله استخدم القوات والعجائب لكي يثبت البشارة الأولى بالإنجيل, وكان ذلك في الأيام التي سبقت كتابه كلمة الله كاملة. ويعتقد الكثيرون أنه لما كانت كلمة الله في أيدينا الآن كاملة فليست ثمة حاجة لهذه المعجزات. على أن الكتاب المقدس لا يبت في الموضوع بصورة قاطعة. ونحن بينما نعتقد أن هذه المواهب المعجزية ليست موجودة اليوم بصورة عامة, إلا أننا لا نستطيع أن نقول أن الروح القدس ليست له مطلق السلطة ليستعمل هذه كما يشاء اليوم. ولا سيما في الحقول التبشيرية حيث لا توجد كلمة الله كاملة وبكثرة بين أيدي الناس. وعلى كل حال يجب على أولئك الذين يقولون بأن لهم تلك المواهب أن يتأكدوا من استخدامها وفقاً لما تعلمه كلمة الله (مثلاً استعمال مواهب الألسنة ينظمه ما جاء في 1كو14).

(2) وبمعنى آخر لا يزال اليوم رسل, إذا ما قصد بالكلمة أناس أرسلهم الرب. وبهذا المعنى أيضاً لا يزال عندنا أنبياء أيضاً, أي أناس ينادون برسالة من الله ضد الشر والفساد. ولكننا نرفض بشدة الزعم بأن هناك اليوم أناساً لهم السلطة عينها التي كانت للرسل الأولين أو يستطيعون أن يتكلموا بالوحي المباشر والإعلان رأساً كالعهد الجديد.

  • عدد الزيارات: 4272