Skip to main content

مقدمة

ذاك الذي ينتقي الأحجار يرفع بها مدماكاً أو يسدُّ ثغرة أو يدرأ خطراً لهو بنّاء ينشئ للحياة محراباً ويشيد على شاطئ الزمان منارة ويعبِّد للخلود محجَّته وطريقه.

اللفظة هنا حجر حيّ في بناء الحياة يلقي على أبنائها عظة الحياة. فكلما أوغل عابروا السبيل في المسير ألفوا على جنبات الطريق لافتة نورانية خُطَّت عليها الكلمات: "هذه هي الطريق- اسلكوا فيها".

هي لافتات من نور، أجل، وهي لوحات في معرض الفن- فن العبارة المنسجمة، الحسنة الصياغة والسبك، ذات السجع المرن الرقيق، البعيد عن التكلف والصنعة.

أمام هذه اللوحات الناطقات لا تجدي النظرة العجلى. فعين المتفرّج العابر لا يسعها النفاذ إلى ما وراء الكلم المنظوم. أما الذي يُنعم النظر متأملاً محققاً فيخرج منها بطائل.

الحكمة هنا بنت بيتها ورفعت قبابها. فهذا ركنٌ لها وتلك عُمُد من صرحها وعلى أحجارها نُقشت آيات المعرفة وأحكام الفهم. والطوبى لمن يُصيخ إلى ندائها ويُقبل إلى رحابها ويستظل أفياءها.

فهلاّ سمعت الأذن ولبّى الفؤاد!..

الدكتور توفيق خياط

  • عدد الزيارات: 2940