تالوس وسباق العربات: الفصل 1
(اختبئوا! اختبئوا بسرعة! إن أحداً قادم!).
كلمات الإنذار هذه خرجت متلاحقة من فم رجل شيخ داخل أحد الدهاليز الكثيرة في رومية، ولكن إنذاره جاء متأخراً. كانت جماعة المسيحيين الصغيرة لم تزل مجتمعة في خلوة ضيقة داخل جدار النفق، وإذا برجل يطلّ حاملاً في يده مشعلاً مضاءً. ودون تردد تقدّم شاب من تلك الجماعة المسيحية ليوقف الرجل المقترب وخاطبه بلهجة التحدي: (ماذا تطلب أيها الغريب؟). فأجابه حامل المشعل: (أتيت في مهمة سليمة لأعثر على أتباع المسيح).
(تالوس! أهذا أنت؟) قال الشاب متعجباً وقد عرف صوت الدخيل. ولم تكن دهشة تالوس أقل لأجل تلك الصدفة فقال: (مرقس! شكراً لله لأنك على قيد الحياة).
عند ذاك نادى مرقس رفقاءه الذين كانوا قد أخفوا أنفسهم في ظلمة الدهاليز. فإن إلقاء القبض على أي مسيحي كان معناه تَركه رحمة الأسود الجائعة في المدرّج الروماني، ولهذا السبب أخفت الجماعة المسيحية نفسها بسرعة في أقرب خلوة وصلت إليها عند اقتراب الرجل الغريب. غير أن صوت مرقس بعث الطمأنينة في قلوبهم إذ قال: (عودوا يا أخوتي. لاتخافوا فهذا تالوس وقد عاد من السفر).
كان أول الخارجين فتاة في غاية الجمال ابتسمت لتالوس بحياء وهي تقف بجانب مرقس. فخاطبها هذا الأخير بقوله: (جوليا، هذا تالوس صديقي منذ كنَّا صغيرين). ثم التفت إلى تالوس يقول (أريد أن أعرّفك بخطيبتي جوليا). قالت جوليا: (يسرني أن أتعرف بك ياتالوس). فرد تالوس وهو يهز رأسه موافقاً ومبتسماً: (حقاً. لقد عثرت على أجمل فتاة في رومية يامرقس).
في تلك اللحظة انظم رجل شيخ إلى الثلاثي السعيد وماكان من مرقس إلا أن عرّفه إلى تالوس بقوله: (هذا كورش والد جوليا وأفضل مدرّب للخيول في كل الإمبراطورية الرومانية). فعلَّق تالوس: (مديح كهذا من مرقس له قيمته ولاشك، لأنه كان دائماً يدعي وهو غلام أنه الوحيد الذي يفهم الخيول في رومية كلها).
وهكذا خرجت جماعة المسيحيين القليلة من مخبأها واحداً واحداً وسلَّموا على تالوس بحرارة. كان هؤلاء قد أتوا من جميع أنحاء المدينة والضواحي ليعقدوا اجتماعهم العادي ولذلك دعوا تالوس ليبقى معهم. فصرخوا حوالي الساعتين في ترتيل ترانيهم المفضَّلة والصلاة لله وتلاوة تعاليم المسيح.
- عدد الزيارات: 2668