الفصل الخامس: وجود الله بذاته
يا سيد الوجود! أنت وحدك الذي تستطيع أن تقرر وتؤكد قائلاً اهيه الذي اهيه. ومع ذلك فنحن الذين خلقنا على صورتك، يستطيع كل واحد منا أن يقول "أنا هو"، وكأنما ذلك اعتراف منا أننا منك مأخوذون، وأن كلماتنا ما هي إلا صدى لكلماتك. نحن نعترف بأنك أنت الأصل العظيم، وأننا نحن صورة شاكرة لك، ولو أننا صور غير كاملة. إننا نسجد لك أيها الآب السرمدي، آمين.
قال نوفاتيان Novatian: "الله ليس له منشأ" وهذا الرأي بالذات بانتقاء المنشأ هو الذي يميز من هو الله عمن ليس هو الله.
والمنشأ كلمة يمكن تطبيقها على المخلوقات فقط. وعندما نفكر في أي شيء له منشأ فإننا لا نفكر عن الله. فالله قائم بذاته، بينما كل المخلوقات نشأت بالضرورة في وقت ما. وليس غير الله قائم بذاته.
ونحن بمحاولتنا الوصول إلى منشأ الأشياء نعترف بأننا نؤمن بأن كل شيء قد كان ممن لم يكن من أحد، ويعلمنا اختبارنا العادي أن كل شيء "قد أتى" عن شيء آخر. وكل ما هو كائن لا بد أن له علة سبقته وكانت على الأقل مساوية له بما أن الأصغر لا يمكن أن ينتج الأكبر. فكل شخص وكل شيء يمكن أن يكون معلولاً وعلة في الوقت عينه لشيء آخر، وهكذا حتى نرجع إلى ذلك الذي هو العلة أو الأصل للكل والذي ليس هو معلولاً أو نتيجة لآخر.
والطفل الذي يسأل "ما هو منشأ الله؟" يعترف ضمناً بأنه هو مخلوق. فمبدأ العلة والمنشأ والأصل متأصل وثابت في عقله. فهو يعلم أن كل ما هو حوله نشأ عن شيء خارج عن نطاقه، وهو إنما يرقى بهذا المبدأ إلى أعلى، إلى الله. فذلك الفيلسوف الصغير "الطفل" يفكر بأسلوب بشري، وتفكيره سليم، بغض النظر عن جهله بالحقائق الأساسية، فيجب أن نقول له أن الله ليس له منشأ، ولسوف يجد هذا القول عسير الفهم لأنه يضع أمامه باباً لا عهد له به على الإطلاق، ويناقض اتجاهه بالبحث عن أصل الأشياء، ذلك الاتجاه المتأصل في كل الكائنات العاقلة، والذي يدفعهم إلى البحث في الماضي نحو بداءات لم تكتشف بعد.
وليس من السهل أن نفكر تفكيراً منتظماً عن شيء لا تنطبق عليه فكرة المنشأ بل يكاد أن يكون ذلك أمراً متعذراً. فكما أنه من الممكن رؤية نقطة ضوئية صغيرة تحت ظروف معينة، ليس عن طريق النظر إليها مباشرة، بل بإمعان النظر إلى أحد جوانبها، فكذلك الأمر بالنسبة لمن ليس هو مخلوقاً. فعندما نحاول أن نركز أفكارنا على الطاهر غير المخلوق، فقد لا نرى شيئاً على الإطلاق، فهو ساكن في نور لا يدنى منه، ونحن نستطيع عن طريق المحبة والإيمان وحدهما أن نلمح قبساً منه إذ يمر بمخبئنا في فقرة الصخر، "ومع أن معرفة كهذه معرفة عامة غامضة وغير واضحة". كما يقول مايكل مولينوس Michael Molinos: "إلا أنها باعتبارها فوق الطبيعة تخلق معرفة عن الله أكثر وضوحاً وكمالاً من أي إدراك معقول خاص يمكن تكوينه في هذه الحياة، لأن كل الصور الجسمانية المعقولة بعيدة كل البعد عن الله."
ولما كان العقل البشري مخلوقاً، لذلك يسهل علينا فهم قلقه بشأن غير المخلوق، فنحن لا نشعر بالارتياح في حضرة من هو خارج نطاق دائرة معرفتنا المألوفة، فيساورنا الجزع والاضطراب عندما نذكر من لا يعرّفنا عن كيانه، سبحانه وتعالى، الذي لا يسأل عما يفعل، والقائم بذاته، ولا يعتمد على أحد، وليست به حاجة لأحد.
والفلسفة والعلم لم يكونا دائماً في موقف ودّي تجاه فكرة الله. والسبب في ذلك أنهما مكرسان لواجب هو تعليل الأشياء، فلا يحتملان شيئاً ما يرفض أن يشرح نفسه. والفيلسوف والعالم كلاهما يعترفان بأن هناك الكثير مما يجهلانه، ولكن هذا أمر يختلف كل الاختلاف عن الاعتراف بأن هناك شيئاً لا يمكن لهما أن يعرفاه، ولا سبيل لهما للكشف عنه. واعترفنا بأن هناك من هو فوق مستوانا، وهو كائن خارج نطاق كل أجناسنا، ولا يمكن أن يمثل أمام محكمة العقل، ولا يخضع لاستفساراتنا الاستقصائية، هذا الاعتراف من جانبنا يتطلب تواضعاً كثيراً، أكثر مما في طاقة الغالبية العظمى منا، ولذلك فنحن نغطي خجلنا بالتفكير عن الله في مستوانا نحن، أو قل في المستوى الذي يمكّننا منه تعالى، ومع ذلك فما أكثر ما يبتعد عنا. فهو حاضر في كل مكان بينما هو لا يحده مكان، إذ كلمة "المكان" تتعلق بالمادة والمسافة، والله مستقل عن هاتين، فهو لا يخضع لزمان أو حركة فهو قائم بذاته بالكلية، ولا يدين ما للعوالم التي أبدعتها يداه:
لا يحدك زمان، ولا مكان، فرد، أو حد
ومع ذلك فأنت ثلاثة مجيد
أنت العظيم، دائماً، وحدك
الله في وحدة
فريد في البهاء، فريد في المجد
من ذا الذي يستطيع أن يخبر بوصفك العجيب
أيها الثالوث العظيم
فردريك و.فايبر
ومما لا يدعو إلى السرور أن ملايين منا ممن يعيشون في بلاد ينتشر فيها الكتاب المقدس، وينتمون إلى الكنائس، ويعملون لنشر الإيمان المسيحي. قد يقضون كل حياتهم على الأرض دون أن يفكروا مرة واحدة أو أن يحاولوا أن يفكروا مرة واحدة تفكيراً جدياً عن كيان الله. وقليلون منا هم الذين سمحوا لقلوبهم أن تشخص في عجب إلى ذاك الذي قال اهيه، إلى الذات الكائن بذاته، الذي لا يتعداه فكر مخلوق. إن أفكاراً كهذه لمؤلمة جداً لنا. فنحن نفضل أن نفكر حيث يجدي التفكير وينفع، نفكر في كيف نصنع مصيدة للفئران مثلاً، أو في كيف نجعل عودين من الحشيش ينموان في مكان كان ينمو فيه عود واحد فقط. ولهذا السبب نحن ندفع عنا غالباً الآن إذ طغت الأمور العالمية على ديانتنا وفسدت حياتنا الداخلية.
ولعل مسيحياً مخلصاً ولكنه متحير يتساءل هنا ما هو النفع العملي لآراء كتلك التي أبسطها هنا. ولعله يسأل: "وما تأثير ذلك في حياتي؟ وما مغزى كون الله قائماً بذاته بالنسبة لي ولمن هم على شاكلتي في عالم كهذا وفي أوقات كهذه؟"
لمثل هذا أقول أننا لما كنا عمل يدي الله لذلك فمشاكلنا كلها وحلولها إنما هي لاهوتية، فيلزمنا إذن بعض المعرفة عن كنه الإله الذي يدير الكون لتكون لنا فلسفة صحيحة ونظرة سليمة على مسرح العالم. إنّ النصيحة المأثورة عن ألكسندر بوب Alexander Pope: اعرف إذن نفسك ولا تجترئ على البحث في الله.
فإن الدراسة المثلى للبشرية هي دراسة الإنسان. هذه النصيحة إذا ما اتبعت حرفياً دمرت كل محاولة لمعرفة الإنسان نفسه اللهم إلا المعرفة التي هي غاية في السطحية، فنحن لا يمكن أن نعرف من نحن أو ما نحن إلا إذا توفرت لدينا معرفة ولو يسيرة عن كنه الله. ولهذا السبب فإن كون الله قائماً بذاته ليس تعليماً جافاً علمياً بعيد المنال بل هو في الحقيقة قريب إلينا قرب أنفاسنا وعلمي كأحدث طريقة جراحية.
ولأسباب لا يعلمها إلا الله وحده شرّف الله الإنسان على كل مخلوقاته بأن خلقه على صورته، وليكن معلوماً أن الصورة الإلهية ليست خيالاً شعرياً، ولا هي فكرة وليدة الأشواق الدينية، بل هي حقيقة لاهوتية راسخة يعلمنا إياها الكتاب المقدس وتعترف بها الكنيسة كحق لازم لفهم الإيمان المسيحي فهماً صحيحاً.
فالإنسان كائن مخلوق، نفسٌ حادثةٌ مقتبسةٌ، لا يملك شيئاً من تلقاء نفسه، بل هو يعتمد في بقائه كل لحظة على من خلقه على صورته. فحقيقة الله لازمة ضرورية كحقيقة الإنسان. فلو استبعدنا الله من أفكارنا لما كان للإنسان مكان لوجوده.
ومن العقائد الأساسية للإيمان المسيحي والمحبة المسيحية أن الله كل شيء وأن الإنسان لا شيء. وفي هذا نجد أن تعاليم المسيحية تتفق مع أكثر الفلسفات الدينية تقدماً في الشرق فالإنسان بكل عبقريته ونبوغه ما هو إلا صدى من الصوت الأصلي الإلهي، هو انعكاس للنور الذي لم يخلق. وكما أن شعاع الشمس يتلاشى إذا هو انفصل عن الشمس، فكذلك الإنسان بدون الله يضمحل إلى فراغ العدم الذي قفز منه إلى الوجود عندما سمع الدعوة الخالقة.
وليس الإنسان وحده هو الذي أوجدته القوة الخالقة وهو قائم بها بل أن ذلك ينطبق على كل ما هو كائن. "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله..... كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان". تلك هي الطريقة التي يفسر بها يوحنا تلك الحقيقة، ويتفق معه في ذلك بولس الرسول: "فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خلق الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل." وإلى هذا يضم كاتب الرسالة إلى العبرانيين صوته فيشهد عن المسيح أنه بهاء مجد الله ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته.
وفي هذا الاعتماد الكلي على إرادة الله الخالقة تكمن الإمكانية للقداسة وللخطية أيضاً. فإن إحدى علامات صورة الله في الإنسان هي قدرته على الاختبار الأدبي. والمسيحية تعلمنا أن الإنسان اختار أن يكون مستقلاً عن الله وقد أيد اختياره هذا بأن عصى أمراً إلهياً. ولقد كسر عمله هذا العلاقة التي كانت قائمة بحكم الطبيعة بين الله وبين المخلوق الذي عمله، واستبعد الله كأساس الوجود وأجلس الإنسان وحيداً إلى نفسه، فلم يعد كوكباً يدور حول الشمس المركزية بل غدا شمساً قي حد ذاته يجب أن يدور كل شيء حوله.
ولا يمكن لكلمات أن تعبر عن النفسية أكثر من تلك التي نطق بها الله لموسى "اهيه الذي اهيه"، فكل كيان الله وكل ما هو الله واضح في هذا الإعلان غير المقيد عن الكيان المستقل. على أن النفس في الله ليست خطية بل هي جوهر كل صلاح وقداسة وحق.
فالإنسان الطبيعي خاطئ لا لشيء إلا لأنه يتحدى نفسية الله بالنسبة لنفسيته هو. وقد يقبل عن طيب خاطر سيادة الله، في كل شيء إلا في حياته حيث يرفضها. فبالنسبة له فإن سلطان الله ينتهي حيث يبدأ سلطانه هو. وبالنسبة له تغدو نفس النفس بال التعريف، وهو بذلك يقلّد لوسفير (زهرة بنت الصبح) بغير وعي، ذلك الذي سقط إذ قال في قلبه "أصعد إلى السموات أرفع كرسيّ فوق كواكب الله... أصير مثل العلي".
على أن النفس محتالة لدرجة أنه يكاد لا يشعر أحد بوجودها ولأن الإنسان ولد ثائراً فإنه لا يشعر بأنه ثائر، ومحاولاته المستمرة في إثبات نفسه، على قدر ما يتنبه لما يفعل، تبدو له طبيعية تماماً. فهو مستعد أن يقتسم نفسه، بل قل أن يضحي بنفسه للوصول إلى غرض منشود، ولكنه ليس مستعداً أبداً أن ينزل نفسه عن عرشها الذي تحتله، ومهما انزلق في الميزان الاجتماعي فهو لا يزال في عيني نفسه ملكاً متربعاً على عرش، وليس أحد، حتى ولا الله، بمنتزع ذلك العرش منه.
وللخطية مظاهر كثيرة ولكن جوهرها واحد، فذلك الكائن ذو المسؤولية الأخلاقية الذي خلق لكي يعبد أمام عرش الله، يتربع على عرش نفسيته ويعلن من ذلك المركز الرفيع "أنا"، وتلك هي الخطية في جوهرها المركز، ولكن لما كانت طبيعية فإنها تبدو حسنة، ولن يصحو الضمير ويستيقظ ليدرك هذا التناقض الأدبي المخيف إلا إذا وقفت النفس بواسطة الإنجيل عارية عن ستار الجهل وجهاً لوجه أمام الإله القدوس. وهذا ما نسميه في لغة اللاهوت بتبكيت الإنسان أي وقوفه أمام نار حضرة الله القدير. ولقد أشار المسيح إلى هذا عندما قال عن الروح الذي وعد بإرساله إلى العالم "ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة."
كان التحقيق الأول لهذه الكلمات يوم الخمسين بعد أن ألقى بطرس أولى العظات المسيحية العظيمة "فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة." إن هذا السؤال "ماذا نفعل" لهو صرخة القلب العميقة لكل إنسان يتنبه فجأة إلى الحقيقة المرة وهي أنه مغتصب يتربع على عرش مسروق. ومهما كان المر مؤلماً فإن ذلك الفزع هو الذي يولد التوبة ويتمخض عن مسيحي قوي بعد أن ينزل التائب عن العرش المغتصب ويجد الغفران والسلام بوساطة الإنجيل.
وكما يقول كيركغارد Kierkegaard : "إن طهارة القلب هي توجيه الإرادة نحو هدف واحد." وكذلك نستطيع نحن أن نعبر عن حقيقة مماثلة إذا ما عكسنا العبارة فنقول: "إن جوهر الخطية هو توجيه الإرادة نحو هدف واحد." لأننا إذا ما وجهنا إرادتنا ضد إرادة الله فمعنى ذلك أننا ننزل الله عن عرش النفس ونتوج الذات ملكاً وحيداً بلا منازع في هذه المملكة الصغيرة. تلك هي الخطية في جذورها الشريرة. ولئن تكاثرت الخطايا كالرمل الذي على شاطئ البحر، إلا أنها في مرجعها واحدة، فالخطايا موجودة لأن الخطية موجودة. وهذا هو التعليل العقلي الذي تقوم عليه تلك العقيدة التي تعرضت لكثير من النقد والتجريح، والقائلة أن الإنسان فاسد بطبيعته، فالشخص غير التائب لا يستطيع إلا أن يخطئ، وإن أعماله الطيبة ليست طيبة على الإطلاق، إن الله لا يرضى عن أفخر أعماله الدينية، كما لم يرض عن تقدمة قايين. فأعماله لا يقبلها الله إلا إذا رد لله العرش السليب.
وجهاد الشخص المسيحي ليعمل أعمالاً صالحة بينما الميل إلى تثبيت الذات موجودة فيه في شكل رد فعل أخلاقي غير واعٍ، هذا الجهاد يصفه الرسول بولس وصفاً حياً بليغاً في الإصحاح السابع من رسالته إلى أهل رومية، وتعليمه هذا يتفق تماماً مع تعليم الأنبياء. ولقد أوضح أشعياء النبي في نبوءته قبل مجيء المسيح بنحو ثمانمائة سنة أن الخطية هي عصيان على إرادة الله وهي تثبيت لحق كل إنسان في اختيار الطريق التي يسلك فيها، إذ قال: "كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه." ولست أعتقد أن هناك وصفاً أدق من هذا للخطية.
وإن شهادات القديسين تتفق تماماً مع الأنبياء والرسل وهي أن أصل السلوك مرجعه مبدأ خفي في النفس، يحوّل كل ما يعمله الناس إلى شر. ولكي يخلصنا المسيح يلزم أن يعكس اتجاه طبيعتنا وأن يغرس فينا مبدأ جديداً لكي ينمو سلوكنا الجديد من رغبته في إعلان مجد الله والسعي لصالح الآخرين. يجب أن تموت الذات القديمة، والطريقة الوحيدة لإهلاك هذه الذات القديمة هي الصليب كما قال الرب: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني." وبعد ذلك بعدة سنوات قال الرسول بولس بلغة الانتصار: "مع المسيح صلبت فأحيى لا أنا بل المسيح يحيا فيّ."
يا رب، هل تبقى الخطية صامدة
وتصول وتجول في حياتي
لا يكفي أن تغفر لي
بل يجب أن يرتفع الصليب وأن تخر النفس صريعة
يا إله المحبة، أظهر قوتك
لا يكفي أن يقوم المسيح
بل يجب أن أصعد أنا أيضاً نحو السموات المشرقة
وأقوم من الموت كما قام المسيح.
من ترنيمة يونانية
- عدد الزيارات: 1459