شيلوه
(يشوع18: 1- 10)
والآن استراحت الأرض من الحرب وصار إسرائيل في الأرض. ولقد عبروا الأردن وكانت النصرة من نصيبهم. وبالتأكيد فإن هذه تشير إلى قيامة المسيح من الأموات.
إنه أُقيم من النهر، من الأموات، ولكن كل المؤمنين أقيموا معه، مثلما عبر كل إسرائيل الأردن وكأنهم يعبرون على اليابسة. وكما أُقمنا مع المسيح فإننا امتلكنا السماويات- كنعان الحقيقية. فالمسيح المقام هو شيلوه.
في الكتاب نجد أن "شيلوه" لها معنيان. تأتي كاسم شخص في (تكوين 49: 10) "لا يزول قضيب من يهوذا ولا مشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع شعوب". فمعنى كلمة شيلوه في تطبيقها على شخص "الذي له" أو "الذي له الحق والسلطان". وبالتأكيد فإن هذا ينطبق على المسيح الرب. فبعدما أكمل عمل الفداء أقامه الله من الأموات وأصبح هو الوحيد الذي له السلطان أن يجمع لنفسه. فسواء نظرنا إلى كنيسة الله أو إلى اجتماع إسرائيل والأمم في الملك الألفي، أو إذا تطلعنا إلى رؤيا 5 ورأينا الذي في وسط العرش فلن نجد غيره الذي اسمه شيلوه الذي له يكون اجتماع شعوب. فهو بمفرده شيلوه وهو وحده مستحق "مستحق هو الخروف". ليتنا لا ننسى كلماته "فإنه حيثما جُمع اثنان أو ثلاثة إلى اسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت 18: 20) وهذا يأتي بنا إلى :
إن الرب كشيلوه الحقيقي قد جمع أولاً لنفسه الكنيسة التي كوّنها بالروح القدس في يوم الخمسين (أعمال2) ولذلك نرى في يشوع 18 صورة رمزية ليوم الخمسين. إن معنى شيلوه كمكان هو السلام والسكون، فهو مكان الرب الخاص مكان السكن في سلام. ومتى كان هذا؟ عندما قام من الأموات. وما هي الكلمات الأولى التي نطق بها شيلوه المقام لتلاميذه المجتمعين معاً؟ "سلام لكم"، ثم أراهم يديه وجنبه. لقد أكمل العمل وصنع السلام بدمه- وهو سلام كامل وسلام أبدى- وله السلطان أن يتكلم بالسلام، هل سمعت صوته متحدثاً إليك؟
كان شيلوه هو المكان الذي سُرّ يهوه أن يضع اسمه فيه في البداية "واجتمع كل جماعة بني إسرائيل في شيلوه ونصبوا هناك خيمة الاجتماع" يا لها من صورة ليوم الخمسين. فذاك الشخص الحقيقي "الذي له السلطان" قد أتى وكل المؤمنين اجتمعوا حوله. لم يجتمعوا حول بطرس بل إلى الرب. كان بطرس كارزاً، أما المسيح وهو الرب الممجد فكان هو شيلوه الذي اجتمع الكل حوله.
ولذلك في البداية كان كل شيء يُعمل في شيلوه أمام الرب. وكان هناك الكثيرون من بني إسرائيل الذين لم يمتلكوا نصيبهم، ولم يكن يشوع غير مبالٍ بهذا الأمر ولكنه قال: "حتى متى أنتم متراخون عن الدخول لامتلاك الأرض التي أعطاكم إياها الرب إلهكم". ثم ذهب المرسلين إلى الأرض لكي يتمتع الجميع بامتلاكهم للميراث. انطلقوا من شيلوه ثم عادوا إليها مرة أخرى، وأُعطيت لهم الأرض في شيلوه "وقال لهم يسوع ثانية سلام لكم كما أرسلني الآب هكذا أرسلكم أنا". ولذلك فإنه أرسلهم كمرسلين لكي يُبلّغوا بالسلام وغفران الخطايا. وكما أننا شربنا من هذا السلام الثمين في داخل أنفسنا وتمتعنا بالسلام الهادئ بيقين غفران الخطايا- نعم وصرنا مقبولين في المحبوب- فإننا نتوقع أن نُستخدم في استحضار الآخرين إلى الامتلاك والتمتع الحاضر بهذا الميراث الذي أعطانا إياه الله أبونا في المسيح، لكي نخرج من دائرة حضرته وسلامه كما خرج هو أيضاً من عند الآب.
إنه شيء مبارك للغاية أن تدوم أكثر في هذا الأمر، فشيلوه باعتبارها صورة للكنيسة التي بناها المسيح كما نجد أن مستقبل شيلوه التاريخي يرسم لنا صورة حقيقية لتاريخ الكنيسة المحزن. فالأيام التي عاشها يشوع والذين عاصروه وطالت أيامهم بعده، فإن إسرائيل عبد الرب، وكلماته المؤثرة "فالآن اخشوا الرب واعبدوه بكمال وأمانة، وانزعوا الآلهة الذين عبدهم آباؤكم في عبر النهر وفي مصر، واعبدوا الرب... وأما أنا وبيتي فنعبد الرب" (يشوع24: 14و 15). يا لها من كلمة الآن! إن كل شيء من أشكال الوثنية التي وضعنا ثقتنا فيها سواء في مصر أو في البرية يجب أن تُنـزع. فإن كنا قد متنا مع المسيح وأُقمنا معه فما هي الحاجة لكل هذه الأشياء التي كنا نثق فيها؟ جميعها "أركان فقيرة" إذا تطلعنا إليها.
- عدد الزيارات: 5479