الله محبة
عندما نقرأ (خروج2: 23، 3: 1- 10) نجد حالة الشعب وهو في المذلة والعبودية القاسية، وهي صورة حقيقية لحالتنا تحت عبودية الخطية ومذلة الشيطان. وصعد صراخهم وأنينهم إلى الله.
هل تذكر الوقت الذي كنت فيه كذلك؟ وتفكر في العبد الذي يريد أن يهرب من العبودية بأي شكل كان. هذه هي حالة الطبيعة البشرية لكل إنسان سواء عرف ذلك أم لا. ولاحظ أن مصدر خلاصهم لم يكن في أنفسهم. إن مصدر خلاصنا هو محبة الله، الله محبة. إنه نزل ليخلصهم وأرسل موسى ليخلصهم، "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية".
نعم فإن الله أرسل موسى- الله أرسل ابنه- الله محبة. لقد آمنوا بموسى "وخروا وسجدوا" (خر4: 31). وهذه هي العلامة الأولى للنفس التي أُحييت. هل آمنت بمحبة الله في إرسال ابنه؟ هذا يجعلك تخر وتسجد.
والخطوة الثانية هي الرغبة الجادة للخروج والهروب من عبودية الشيطان والخطية. ألعلهم هربوا بمجرد إيمانهم بمحبة الله فقط؟ كلا وهل أنت تحررت لمجرد إيمانك بمحبة الله؟ كلا أيضاً. بل نقرأ أن حالتهم اختبارياً ازدادت سوءاً. هل هذا حدث معك؟ لقد حدث معي هكذا. وأصبح عليهم بعد ذلك أن يسيروا على مبدأ العمل الكثير- فكانوا يصنعون الطوب بدون التبن ولكنهم لم يستطيعوا فكانوا يضربون لعجزهم عن العمل. وأنت أيضاً ألم توضع تحت ناموس الله؟ لم يكن لديهم التبن وأنت أيضاً ليست لديك القوة. وقد وجدت أن كلمة الله حق "ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في الناموس ليعمل به" ولم تكن لديك القوة لتفعل ذلك. إن بولس يصف كل ذلك في (رومية7: 14- 24). وإسرائيل المسكين البائس أيضاً! قال موسى "وأنت لم تخلص شعبك" (خروج5: 22و 23). وأنت عندما آمنت بمحبة الله وحاولت أن تحفظ ناموس الله، هل بذلك وحده خلصت من الخطية؟ لماذا كان قولك "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني؟".
والخطوة الثالثة التي نجدها في هذه الصورة هي وعد الله (اقرأ خروج 6: 1- 9). اقرأ هذه المواعيد، أيمكن لله أن يعطي مواعيد أعظم من هذه؟ كلا. أتستطيع مواعيد الله أن تخلّص؟ لم تستطع "ولكن لم يسمعوا لموسى من صغر النفس ومن العبودية القاسية". وأنت أيضاً حاولت أن تمسك بهذه المواعيد. ألعلها خلصتك؟ كلا بل تقول لم أجد بها راحتي لماذا؟
لأنني خاطئ ومستعبد، وهذا يجعلني بائساً.
ثم نأتي إلى النقطة الرابعة في هذه الصورة وهي لطف الله العجيب الذي أظهره في عنايته بإسرائيل أثناء ضرباته على مصر. فمن (إصحاح 7- 11) نجد العناية العطوفة جداً في إنقاذ شعبه ولكنهم كانوا جميعاً في عبودية قاسية.
والآن ماذا نفعل؟ فنحن أيضاً آمنا بمحبة الله، واجتهدنا في حفظ ناموس الله، وحاولنا أن نُمسك بمواعيد الله، وأن نعتمد على عناية الله وتدبيره، ومع كل ذلك فلم نجد خلاصاً حقيقياً من الخطية. وقد أتينا إلى نهاية ما نصل إليه من ذكاء- ولا نعرف ماذا نفعل. شكراً لله إذ بلغنا نهاية أنفسنا ولا نقدر أن نفعل أكثر من ذلك.
والآن الكل من الله، وسنرى ماذا فعل. ما الذي نجده في هذه الصورة؟ الخروف، وكل حاجة الإنسان تتسدد بالحمل. ويجب أن يوضع الخروف الآن، فيذبح الخروف ويُرش دمه ويؤكل لحمه. والله يرى الدم. يقول الله "لما أرى الدم أعبر عنكم". آه فما أقل إدراك الناس للفداء. إن الخطية في نظر الله استلزمت أن يرسل ابنه حمل الله. كان يجب أن يُقتل ودمه يسفك. وهذا ما رآه الله في الدم. إنه تقدير الله لهذا الدم الذي يمنع الدينونة. يجب أن يكون لنا الفداء بدمه. وليست لنا وسيلة أخرى للغفران والخلاص الأبدي.
كثيرون وصلوا إلى هذه النقطة ولكنهم لم يتجاوزوا وهم غرباء تماماً عن كل تعليم شيلوه. نعم لم يتحرروا من مصر ولم يدركوا البحر الأحمر. ولحين ما عبر إسرائيل إلى مياه البحر الأحمر كانوا مضطربين جداً من فرعون وجنوده المصريين الذين كانوا يتبعونهم (خروج14). وهكذا كان الأمر معك إذا كنت فقط قد استُحضرت من بعيد في حمى الدم. وغالباً ما تكون مضطرباً جداً من جهة خطاياك الماضية خاصة الخطايا التي اقترفتها بعد إيمانك بمحبة الله. أفلا يستحضرها الشيطان أمامك مثل أجناد المصريين؟
والمسيحي لا يمكنه أن يرنم في قلبه حقاً ما لم يعرف أنه استحضر من حالته القديمة بالموت- الموت المكتوب عليه وعلى ماضيه كله- والمصريون جميعهم صاروا أمواتاً على الشاطئ. إنه شيء عجيب أن نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطية مع المسيح.
ولكن قبل أن نصل على شيلوه علينا أن نعرف شيئين وهما "الخروج من" و "الدخول إلى". وقد تعلمنا أننا قد خرجنا واستُحضرنا إلى البحر الأحمر كما رأينا الصورة التي استحضرنا بها لعبور الأردن. وبين هاتين النقطتين تقع البرية بكل دروسها واختباراتها. ولكن لا نجد في البرية كلمة عن شيلوه. ولنضع هذا في ذهننا إنه لا يدخل إلى دروس شيلوه إلا أولئك الذين لم يُستحضروا فقط من الخليقة الجديدة إلى السموات والتي يُرمز لها بعبور الأردن.
ونحتاج أكثر أن نتعلم دروس حفظ الله لنا في البرية بواسطة الذبائح في اللاويين. وكيف أن كل فشل يُواجه بذبيحة المسيح الواحدة، نعم وكيف أن كل مطاليب بر الله قد تسددت لأجل مجد الله. فذاك الذي أتى ليفعل إرادة الله أمكنه أن يقول "أنا مجدتك على الأرض".
وإذا قرأنا بعناية (تثنية 12 ابتداء ص11: 31) نجد التغيير الواضح الذي يتخذ مجراه عندما يعبرون الأردن ويصبحون في امتلاك حقيقي للأرض وينعمون بالراحة في كل ما أعطاهم الله. إذ كان عليهم أن يحرموا كل ما يتعلق بالوثنية ثم يختار لهم الله المكان "بل المكان الذي يختاره الرب إلهكم من جميع أسباطكم ليضع فيه سكناه تطلبون وإلى هناك تأتون". وإلى هذا المكان يحضرون كل محرقاتهم، وإلى هناك يسجدون ويأكلون ويفرحون أمام الرب. وهذا كله يتكرر بشكل مهيب. ولم يكن عليهم أن يفعلوا هناك ما كانوا يفعلونه في البرية، "أي كل إنسان مهما صلح في عينيه لأنكم لم تدخلوا حتى الآن إلى المقر (الراحة) والنصيب اللذين يعطيكم الرب إلهكم. فمتى عبرتم الأردن وسكنتم الأرض التي يقسمها لكم الرب إلهكم وأراحكم من جميع أعدائكم الذين حواليكم وسكنتم آمنين. فالمكان الذي يختاره الرب إلهكم ليحل اسمه فيه.. الخ".
ما معنى هذه الرموز جميعها؟ أيمكنك القول أن هذا ينطبق حقاً عليك- فبعد كل صراعاتك في عبودية مصر للخطية وإبليس فإن الله أحضرك خارجاً بدم الحمل؟ وبعد أن طرح فرعون فإنك ترى أن قوة الشيطان قد أبيدت. أيمكنك القول إنك قد مت مع المسيح؟ أتستطيع القول بأن الله يصون مجده ويمدنا بكل أعوازنا بذبيحة المسيح؟ هل بإمكانك أن تقول: من جهة ضميري فإن مسألة خطاياي قد سُوّي حسابها إلى الأبد وصار لي الفداء الكامل، وبذبيحة الواحدة قد تكمّلت إلى الأبد والتي لها دوام لا تتغير.
وأكثر من ذلك- خذ الرسائل مثلاً- وأنظر إلى (أفسس 1) وإلى السماويات التي أعطانا إياها إلهنا وأبانا وستجد أن المؤمن قد عبر الأردن أي أنه أُحضر إلى الأرض التي أعطاها إياه الله في المسيح- في السماويات- خارجاً من مصر كما تقرأ في (كولوسي 1: 12- 14)، ولكن في السماويات في المسيح كما في أفسس. فمن جهة كان هناك حقيقة عبور الأردن أي الموت مع المسيح والقيامة معه (كو2و 3). وفي أفسس نرى جلوسنا في السماويات في المحبوب، في ذات الامتياز للمحبوب. أتستطيع أن تقول أن هذا يصدق كله عليّ؟ هل الله صالح جداً لك؟ وهل في نعمته المجانية أعطاك أن تتمتع بمحبته في المسيح؟ هل امتلكت نصيبك؟ وهل استرحت على محبة الله غير المحدودة والتي أُعلنت لنا؟ ولكن قبل أن تصل إلى هذه الحالة فإنك تشبه إسرائيل قبل عبورهم الأردن. وكما يحدث في الأمور التي تواجه الكنيسة أحياناً ويصبح التصرف فيها كما يحسب في عينيك أو في أعين الناس. وهكذا إذ تتطلع للأمام وترى أماكن كثيرة يبينها الناس ويضعون أسماءهم عليها عندئذ تختار لنفسك دون أن تعرف فكر الرب، وهكذا تفعل ما تظن أنه الأفضل والتي تسميها حرية الضمير.
- عدد الزيارات: 3605