الاستشارة
يريدنا الله أن نستشير بعضنا بعضاً، وقد أقام الرب بنعمته مرشدين في كنيسته نلجأ اليهم بهدف الاستشارة، لأنه لا يوجد أحد يعرف مشيئة الرب لوحده، وقد قصد الرب ان نكون متواضعين فيحتاج أحدنا الآخر كأعضاء جسد المسيح الواحد. لكنه يصعب علينا أن نتنازل ونتّضع أمام اخوتنا ونسألهم ونسمع لرأيهم. ويشهد كلاً من الكتاب المقدس والواقع أن الاشخاص الذين يتصرّفون دون نصائح الغير واسترشادهم، يسقطون في كثير من المآزق والأخطاء. لذا فمِن الحكمة وحسب فكر الله أن نسأل رأي اخوة لنا. مع انه ليس من المفضّل أن يذهب أحدنا بمشكلته وأمره الى كل أخ وأخت يقابلهما، بل المقصود هو ان أعتبر نصائح اخوة ناضجين في الايمان، ضابطين لسانهم، الذين يمكنني أن اتوجّه اليهم أيضا بشكل شخصي وأن أسأل عن أمر يهمّني. لانه كم مِن حيرة تلاشت بسؤال واحد لأخ ناضج تكون اجابته كجواب الله نفسه. لأن الله يريد أن يجيبنا من خلال اخوة لنا. "حيث لا تدبير (نصيحة) يسقط الشعب" (ام14:11)، "مقاصد بغير مشورة تبطل وبكثرة المشيرين تقوم" (ام 22:15)،"اسمع المشورة" (ام 20:19)، "فقال الملك، أليس هنا نبي للرب فنسأل الرب به" (2مل11:3). لكن علينا أن نسمع لمرشدين ناضجين وروحيين، فيُعلنون لنا ارادة الله."ان كان يتكلم أحد، فكأقوال الله" (1بط11:4). و"أما الحكماء عند انفسهم" (رو16:12)، فيذهبون مِن فشل الى فشل ومِن هزيمة الى اخرى. "أرأيت رجلاً حكيماً في عيني نفسه؟، الرجاء بالجاهل اكثر من الرجاء به"(ام 12:26/3: 7)، "ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهماء عند ذواتهم"(اش 21:5). "لانك تقول أني أنا غني ولا حاجة لي الى شيء ولستَ تعلم أنك أنت الشقي والبئس والفقير والاعمى"(رؤ 17:3).
"فهمت من الكتب" (دانيال 2:9)
فهم دانيال أفكار الله من الكتب المقدسة أي أنه درس الكتب وبحث وفتش وفهم معاملات الله وأفكاره ثم فهم لنفسه ارادة الله، وهكذا علينا ألا نتوقّع جواب الله بشكل سحري أو عفوي، بل مسؤليتنا أمام الرب أن نكون مملوئين من معرفة مشيئته في كل حكمة وفهم روحي لنسلك كما يحق للرب" (كو 9:1)، أي أن نقرأ كلمة الله باستمرار وتسكن كلمة المسيح فينا بغنى ونمتلىء من أفكار الرب ونعرف ما يريده الله لانه أعلن عن ذلك في كلمته، فهو يريد لنا حياة القداسة والانفصال عن الشر (1تس3:4) وأن نشكره على كل شيء (1تس 18:5) وأن نفعل الخير دائماً (1بط 15:2) وأن نتمتّع بالرب (مز 4:37) وان نطلب ملكوت الله وبرّه أولاً (متى 33:6) وأن نسامح ونغفر (متى 35:18) وأن لا نحب الامور العالمية والشهوات وتعظّم المعيشة (1يو15:2)، أي أن لا نختار موضوع دراسي لا يليق بمؤمن او عمل عالمي يعيق تقدّمنا الروحي او زوجة عالمية تطلب تعظّم المعيشة ومحبة العالم، بل أن نعيش بتعقّل وأكتفاء وتواضع وأن نمجّد الرب يسوع ونصلّي ونواظب على الكلمة. فكل ما يعيق ويعطّل تقدمّنا الروحي وينزع فرحنا في الرب، هو ليس مشيئة الله!، فلا حاجة للصلاة والانتظار لفهم مشيئته في أمر ترفضه كلمة الله بوضوح، فالعمل في مهنة غير لائقة بمؤمن ودراسة موضوع لا يناسب مؤمن والزواج بغير مؤمنة او مؤمنة عالمية او جسدية وأخذ خطوة يحيطها الاثم، كل هذه وأمور اخرى تُفسد الشهادة المسيحية وتضعف الحياة الروحية وتهين اسم الرب وتعود علينا بالحزن، واضح انها ارادة الشيطان ولنحذر حتى مِن مناقشتها او المساومة فيها على حلول وسط، لنحرص من كل شرّ وشبه شر (1 تس 5: 22)! فيمكننا ببساطة، ان كنا صادقين، أن نميّز مشيئة الرب من الكلمة ومن حياة القديسين والانبياء فيها، لان الله وافكاره لا يتغيّران!.
"لا تكونوا أغبياء بل فاهمين مشيئة الرب" (اف 17:5)،
"تضلّون، اذ لا تعرفون الكتب" (متى 29:22)،
" لأن أفكاري ليست أفكاركم" (اش 8:55)
"لذلك سُبي شعبي لعدم المعرفة" (اش5: 13"،
"قد هَلك شعبي مِن عدم المعرفة" (هوشع4: 6).
"المستعجل برجليه يخطأ" (ام 2:19)
ان كل خطوة نتّخدها بتسرّع واندفاع وتهوّر هي دائماً خاطئة، وتوصل الى الفشل، ومِن الصعب إصلاح ذلك. فالقوة تكون في الهدوء، والنجاح في التروّي والأمان في الانتظار امام الرب (اش30: 15). والله يريد أن يعلّمنا أوّلاً الصبر والانتظار والاتكال عليه. وما اصعب الانتظار! فالانسان، إن اعجبه أمر ما، يسرع ويجمح ولا يقدر أن يصبر لحظة. لنحذر لانه هكذا يتعس الملايين "ان صعدت عليك روح المتسلّط فلا تترك مكانك لان الهدوء يسكّن خطايا عظيمة" (جا4:10)، أي إن تسلّط عليك فكر ما او رغبة ما، فاهدأ الى أن تخِفّ حدّتها، ولا تتخّذ خطوة وداخلك هيجان وعنفوان. وصدق مَن قال ان العجلة من الشيطان والمسئول هو الانسان عن الخطوة وعن نتائجها. وكم خطوة جعلت صاحبها يحصد المرارة كل الحياة حين لا صلاة ولا دموع، لا توبة ولا ندم يقدر أن يعيد الوضع الى ما كان عليه سابقاً، بل نتحمّل النتائج ونعاني نحن ومَن حولنا. لا تتسرّع صديقي، بالكلام ولا بالحكم على الامور، مع انك تخشى كثيراً أن تضيع "فرصة لا تعوّض"، لكن لنعلم أن الامور هي بيد الله والفرَص هي في يديه ايضاً، وهو يعطي الافضل في حينه، ويهب لنا حاجتنا (في4: 19) وما يناسبنا وليس ما نشتهي. لنؤمن فقط! ان الله يستطيع ويريد أن يعطينا الافضل! نحن لا نشعر هكذا، لكن الكتاب والواقع يؤكّدان ذلك!..
- عدد الزيارات: 6455