Skip to main content

أولويات

"لان الانسان ينظر الى العينين اما الرب فينظر الى القلب" (1صم 7:16). نحن نرى الشكل والمنظر، الوجه والمظهر، نحن نحكم حسب ما نرى من شكل وما نسمع من كلام وما نلمس من علامات وأحداث، لكن هل هذه هي الحقيقة للأمور؟ ان القيمة الحقيقية دائما داخلية والكنز دائماً مطمور والذهب مخفي والمجد مغطّى (اشع 5:4) واللالىء مُقفَل عليها! الرب يرى القلب والجوهر، الداخل والمعدن والقيمة الحقيقية للناس وللامور. كثيرا ما نهتم بما يراه البشر وما يحكم به الناس ونتجاهل ما يراه الله، مع أن الله وحده فقط يرى حقيقة الامر. هو يرى كل الجهات. لا تعتمد على فهمك ولا تكن حكيماً في عيني نفسك ولا تتّكل على بشر بل أنظر بمنظار الله. يرى الرب الداخل والخارج معا، القلب والقالب معاً، الحاضر والمستقبل. أما رؤيتي انا فمحدودة جداً. والويل إن سِرت حسب رؤيتي المحدودة! "حماقة الرجل تعوّج طريقه، وعلى الرب يحنق قلبه" (ام 3:19).

ان الله يريدنا بالحري أن نهتم أولاً بالداخل والجوهر، بانسان القلب الخفي، زينة الروح الوديع الهادىء الذي هو قدّام الله كثير الثمن (1بط 4:3) أي الى الوداعة والقناعة، وروح التنازل والتسامح. كثيرا ما نختار نحن المؤمنون، ما هو مستحَبّ عند الناس وما يمدحه البشر. مع أن البشر تختار كشاول الملك قديماً، كل ما هو جميل الشكل ووسيم المنظر، طويل القامة وقوي البنية، لكن بقلب عنيد وخائف، مليء بالكبرياء والاندفاع والجهل، ولا ينتبهون الى داود الفتى الصغير لكنه حكيم وأمين وناجح ووديع. مع أن داود لم يكن بشعاً!. هل تبحث عن عمل او موضوع دراسة او زوجة، احذر مقاييس البشر الخادعة، احذر المظاهر!. "ايها الرب العارف قلوب الجميع، عيّن انت مِن هذين الاثنين أيّا اخترته" (اعمال 24:1) "لانك أنت وحدك قد عرفت قلوب بني البشر" (1مل39:8). أمَا اختار لوط لنفسه سدوم بسبب جمالها وخصوبتها وتعظّم معيشتها مع أن "أهلها أشرار وخطاة لدى الرب جدا"؟ (تكوين 10:13 – 13). "إن راعيتُ إثماً" (مز66) ان الاثم هو تمسّكنا بالخطية التي في قلوبنا كالشهوة الرديئة مثلاً اوعدم المسامحة، الكبرياء او محبة العالم، الانانية والقسوة، الغضب والمخاصمة ومحبة المال.. والخطية تلوّث الانسان حتى تمنعه من الرؤية. كما أنه يجب علينا تنظيف زجاج السيارة قبل السير، هكذا يجب تنظيف القلب مِن كل خطية فبل طلب مشيئة الرب لحياتنا.. لا يمكننا أن نكون بلا خطية ساكنة فينا، لكن النقاوة والطهارة والقداسة بحسب الكتاب المقدس انما هي موقف الاعتراف بكل خطية والحُكم عليها ورفضها وعدم التمسّك بالخطية في القلب، عندها نعرف أن الرب غفر لنا كل خطية وأننا نسلك في النور لنرى بوضوح أمامنا. الخطية تشوّه وتشوّش الرؤية، فلا نرى الله، لان انقياء القلب يعاينون الله، ولا نرى الطريق، لان مَن يسير في الظلمة يعثر ويؤذي نفسه. والخطية تفصلنا عن الله وتبعدنا عنه وتمنع الصلة معه والاتصال به فيجب تصليح الخط بتصليح الخطأ. والخطية تسبّب الاحساس بالذنب واللوم وصِغر النفس، أما رفض الخطية فيُعطي الثقة القوية والقوة والفرح والتمييز الصحيح. "لان مَن يكتم خطاياه، لا ينجح، ومَن يقرّ بها ويتركها يُرحَم" (ام 13:28)، "وحافظ نفسه حافظ طريقه" (امثال 17:16)، " آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع" (اش 2:59)، "خطاياكم منعت الخير عنكم" (ارميا 25:5)، "ان ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم، تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يوحنا7:15). الثبات في الرب يعني الالتصاق به والاقتراب منه بقوة محبته لنا، أي عن طريق إزالة كل ما تدينه كلمة الله فينا من معطلات، عليّ أن أعمل بالكلمة وأرفض كل ما يفصلني عن الرب. 

  • عدد الزيارات: 6856