هل تعلم أيها المؤمن؟
أولاً: أنك لست من هذا العالم؟
قال المسيح للآب في صلاته الشفاعية: "أنا قد أعطيتهم كلامك، والعالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم، كما أني أنا لست من العالم، لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم" (يوحنا 14:17-16).
سواءً أدركت هذا أم لا، فأنت غريب ونزيل على هذه الأرض. لذلك قال الرسول بطرس: "أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس" (1بطرس 11:2). الشهوات الجسدية ليست فقط الشهوات الجنسية، بل هي كل ما تطمع إليه الطبيعة القديمة الساقطة... هي الأشياء التي يعنيها الرسول يوحنا في رسالته الأولى 15:2-17 "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته، وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد". هذه هي الحقيقة التي أدركها كثيرون من رجال الله في العهد القديم، فقيل عنهم: "في الإيمان مات هؤلاء أجمعون، وهم لم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيّوها، وأقرّوا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض" (عبرانيين 13:11). كما قال كاتب مزمور 119 في عدد 19 "غريب أنا في الأرض لا تُخفِ عني وصاياك". مما يؤسَف له أننا كثيراً ما ننسى هذه الحقيقة، ولذلك نجد كثيرين يقلدون غير المؤمنين في أهدافهم، ومظهرهم، وفي وسائل التسلية التي ينهمكون فيها. وبذلك يضعفون روحياً ويسعون وراء أفراح هذا العالم الوهمية، فيفقدون فرح الرب الذي هو قوتنا.
ثانياً: هل تعلم أيها المؤمن لماذا نحن على هذه الأرض؟
هناك مؤمنون كثيرون لو سألتهم هذا السؤال لتحيّروا في الإجابة عنه. لذلك سأذكر أربعة أسباب لوجودنا نحن المؤمنين على هذه الأرض (ويمكنك أيها القارئ العزيز أن تفكر في أسباب أخرى):
1- نحن هنا لنكون نوراً في هذا العالم. قال المسيح "أنتم نور العالم... فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (متى 14:5-16). الأعمال الحسنة تعني السلوك الحسن، الصدق، المحبة، المسامحة، التضحية، عدم الطمع، الوداعة والتواضع. هذه هي الصفات التي تجعل الآخرين يمجدون أبانا السماوي. أما إذا كنا نشابه أهل العالم في تصرفاتنا فإننا لا نتمم الهدف الذي من أجله نحن على هذه الأرض. لا بد أن يكون هناك تغيير واضح في حياتنا بعد الإيمان. كما قال الرسول بولس: "لأنكم كنتم قبلاً ظلمة، وأما الآن فنور في الرب. اسلكوا كأولاد نور" (أفسس 8:5).
2- لنكون غيورين في أعمال الصالحة "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدّها لكي نسلك فيها" (أفسس 10:2). فمع أننا مخلصون بالنعمة بالإيمان، إلاّ أنه "الإيمان العامل بالمحبة" (غلاطية 6:5). ويقرر الروح القدس هذه الحقيقة أيضاً في (تيطس 11:2-14) "لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر، منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح، الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً في أعمال حسنة". فنرى هنا السلوك الحسن والأعمال الحسنة. ويحرضنا الروح القدس قائلاً: "مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب" (1كورنثوس 58:15). قيل عن فتاة اسمها طابيثا أنها "كانت ممتلئة أعمالاً صالحة وإحسانات كانت تعملها" (أعمال 36:9). ليت الرب يعيننا لكي لا نتكاسل في هذا الأمر، لأنه لهذا أيضاً نحن موجودون على هذه الأرض.
3- إننا على هذه الأرض لكي نساعد بعضنا بعضاً "لذلك عزوا بعضكم بعضاً وابنوا أحدكم الآخر" (1تسالونيكي 11:5). ولنا نصائح نافعة بهذا الخصوص في 1كورنثوس 12. لا يليق بالمؤمن أبداً أن يكون هدّاماً، بل يجب أن يكون بنّاءً. فلنحذر في كلماتنا وتصرفاتنا لئلا نكون سبباً في تعطيل نمو أو فرح المؤمنين الآخرين. بل ليكن كلامنا دائماً "صالحاً للبنيان حسب الحاجة كي يعطي نعمة للسامعين" (أفسس 29:4).
4- لا زلنا على هذه الأرض لكي نقود الخطاة إلى معرفة الرب "كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي [أي بالمسيح] غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" (أعمال 18:26). يا له من امتياز عظيم أن يستخدمنا الرب في خلاص النفوس، عالمين أنه "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب" (لوقا 7:15).
ثالثاً: هل تعلم أيها المؤمن أنك سريعاً ستصل إلى المجد الأبدي؟
إنه وطنك الحقيقي، لأن وطننا هو "السماء التي منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء" (فيلبي 20:3-21). لقد وعدنا المسيح قائلاً: "أنا أمضي لأعد لكم مكاناً، وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ. حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً" (يوحنا 2:14-3). هللويا!!! يا له من رجاء أكيد. والسؤال لكل منا هو ما هو تأثير هذا علينا؟ هل نحن نفرح ونبتهج لأننا سائرون نحو وطننا السماوي؟ هل قلوبنا ملتهبة في داخلنا شوقاً لذلك الوقت السعيد؟ أم أمور هذا الزمان أصبحت هي الشاغلة لقلوبنا وأفكارنا؟ سوف ترى عيوننا "الملك ببهائه" (إشعياء 17:33)، وهو المكتوب عنه أنه "أبرع جمالاً من بني البشر". ونسمع صوته وهو الذي "انسكبت النعمة على شفتيه" (مزمور 2:45). "حلقه حلاوة وكله مشتهيات" (نشيد 16:5). سنتخلص من الطبيعة القديمة الفاسدة، ونتسربل "بالقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عبرانيين 14:12). "الموت لا يكون في ما بعد، ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد" (رؤيا 4:21). ولا عجب لأنه هناك "مسكن الله مع الناس" (رؤيا 3:21). كلما تأملنا في المجد المستقبل قلنا من أعماق قلوبنا: "آمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤيا 20:22)، قائلين مع المرنم:
فلتَمُتْ كل المطامع فيكِ يا أرض الظلامْ
فأنا بالرب قانع والسمـا لـي في الختامْ
مقتبس من مجلة صوت الكرازة بالإنجيل
- عدد الزيارات: 8112