دوائر عمل نعمة الله
"لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلِّصة لجميع الناس. معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر. منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" (تيطس 11:2-13).
"فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع" (2تيموثاس 1:2).
النعمة معناها "إحسان إلى إنسان لا يستحق الإحسان" ونعمة الله تعمل في عدة دوائر في حياة المؤمن.
نعمة الله المخلِّصة
أول دائرة تظهر فيها نعمة الله هي خلاص الإنسان "لأننا كنا نحن قبلاً أغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات ولذَّات مختلفة عائشين في الخبث والحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضاً" (تيطس 3:3).
هذه هي صورة الإنسان - كل إنسان - بالولادة الطبيعية، ويا لها من صورة قاتمة مغلَّفة بالظلام، تعلن بوضوح غباء الإنسان.
”ولكن حين ظهر لطف مخلِّصنا الله وإحسانه. لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تيطس 4:3و5).
هذه صورة الإنسان بالولادة الثانية:
× فالإنسان المولود ثانية غسَّله المسيح من خطاياه بدمه الكريم.
"يسوع المسيح.. الذي أحبنا وقد غسَّلنا من خطايانا بدمه" (رؤيا 5:1).
× والإنسان المولود ثانية نال طبيعة جديدة تكره الخطية.
"إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً" (2كورنثوس 17:5).
× والإنسان المولود ثانية نجا تماماً من الدينونة العتيدة أن تكون.
"إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رومية 1:8).
× والإنسان المولود ثانية غُفرت كل خطاياه
"لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم" (لوقا 77:1).
× والإنسان المولود ثانية له ميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل.
"مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنَّس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم. أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير" (1بطرس 3:1-5). والخلاص المستعد أن يُعلن في الزمان الأخير هو خلاص المؤمن من جسده الترابي.
هذه هي أول دوائر عمل نعمة الله.. وهي دائرة خلاص الإنسان هذا الخلاص الذي لا دخل إطلاقاً للأعمال الصالحة في نواله.
"لأنكم بالنعمة مخلّصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أفسس 8:2و9).
نعمة الله المعِّلمة
بعد أن تخلصنا نعمة الله، تدخلنا مدرستها لتعلمنا، وهذه هي الدائرة
"معلَّمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقّل والبر والتقوى في العالم الحاضر" (تيطس 12:2).
هذا يؤكد لنا أن نعمة الله ليست مظلَّة يرتكب تحتها المؤمن الخطية دون خوف من عقاب.. بل هي تعلمنا في مدرستها أن ننكر الفجور والشهوات العالمية أي لا نعطي للفجور والشهوات العالمية [شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة (1يوحنا 16:2)] مكاناً في حياتنا.
”وأن نعيش بالتعقل“، فالعالم حولنا عالم مجانين، ضاعت فيه كل القيم السامية والنبيلة، وأصبح غابة للذئاب.. والمؤمن الحقيقي عليه أن يعيش بالتعقل، وقد طلب بولس من النساء المؤمنات أن "يزيَّنّ ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل.. كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة" (1تيموثاوس 9:2و10).
فعري النساء والفتيات دليل الجنون الذي يسود العالم اليوم، وعلى النساء المؤمنات حقاً أن يزيّنّ ذواتهن بلباس الحشمة.
وأن نعيش بالبر في علاقتنا بالآخرين، فنكون أمناء في تصرفاتنا معهم.
وأن نعيش بالتقوى في علاقتنا مع الله، فنتقيه في كل أفعالنا.
أضف إلى هذا كله أن نعمة الله تعلمنا أن ننتظر الرجاء المبارك، رجاء ظهور ربنا يسوع المسيح في مجيئه الثاني.
نعمة الله المقوية
"فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع"، هذه كلمات بولس
ونعمة الله تخلصنا، وتعلمنا، لكنها أيضاً تقوينا في مسيرنا وسط الآلام، والتجارب، والضعف. وهذه هي الدائرة الثالثة لعمل نعمة الله.
ويتحدث بولس عن عمل نعمة الله في تقويته خلال ضعفه، فيقول:
"إنه لا يوافقني أن افتخر. فإني آتي إلى مناظر الرب وإعلاناته. أعرف إنساناً في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم. اختُطف هذا إلى السماء الثالثة. وأعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم. أنه اختُطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا يُنطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها. من جهة هذا أفتخر. ولكن من جهة نفسي لا أفتخر إلا بضعفاتي. فإني إن أردت أن افتخر لا أكون غبياً لأني أقول الحق. ولكني أتحاشى لئلا يظن أحد من جهتي فوق ما يراني أو يسمع مني. ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أُعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرّعتُ إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحلّ عليّ قوة المسيح. لذلك أسرّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كورنثوس 1:12-10).
وصل بولس في اختباره إلى درجة عليا.. وحين نصل إلى درجة عليا في اختبارنا مع الله.. فهناك خطر الارتفاع والكبرياء.
وهنا أعطى الله بولس شوكة في الجسد لتحفظه متواضعاً.. وكانت هذه الشوكة أن ملاك الشيطان.. أي أحد ملائكة الشيطان الذين سقطوا معه، كان يلطم بولس لئلا يرتفع.. لا ندري كيف كان ملاك الشيطان يلطم بولس، لكن يبدو أن اللطمات كانت مؤلمة وقاسية دفعت بولس أن يتضرّع للرب ثلاث مرات أن يفارقه هذا الملاك الساقط.
"من جهة هذا تضرّعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني"، ولكن الرب اختار أن يمنحه نعمة تقوّيه.
"فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل". وعندما اختبر بولس نعمة الله المقوية هتف قائلاً:
"فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحلّ عليَّ قوة المسيح لذلك أسَّر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كورنثوس 9:12 و10).
فيا قارئي الكريم، هل اختبرت نعمة الله المخلَّصة؟ وهل دخلت مدرسة نعمة الله المعلِّمة؟
وهل اختبرت في ضعفك وضيقاتك نعمة الله المقوية؟ اذكرْ دائماً أن نعمة الله معناها:
"إحسان إلى إنسان لا يستحق الإحساس"، وارتمي بثقة كاملة في أحضان نعمة الله.
مقتبس من مجلة صوت الكرازة بالإنجيل
- عدد الزيارات: 11045