Skip to main content

تقديم الكتاب

السعادة هي الضالة التي ينشدها كل قلب. وهي الموسيقى العذبة التي تحن لسماعها كل أذن، وهي النور المشرق الذي تتوق لرؤيته كل عين، وهي الهدف الأوحد الذي يبحث عنه كل إنسان!!

الباحثون عن المال، والباحثون عن الجمال، والباحثون عن النجاح، والباحثون عن الشهرة، والباحثون عن المركز الرفيع، والباحثون عن شريكة الحياة، والباحثات عن شريك الحياة... كل هؤلاء وأولئك يبحثون في واقع الأمر عن السعادة، ويتوقون إلى الاستمتاع بها... ولكن هيهات!!

أقول هيهات.. لأن السعادة الحقيقية ليست فيما يملكه الإنسان من مال، أو يتمتع به من جمال، أو يحظى به من شهرة أو جاه عريض، ولا هي كذلك في وجود شريك الحياة، وإنما السعادة الحقيقية هي سعادة النفس الهادئة الصافية الراضية، وهي في سلام الإنسان مع ربه، ونفسه، وإخوته في البشرية، هي في اكتشاف الإنسان الطريق الصحيح للحياة.

ولقد تمثلتُ وأنا أكتب صفحات هذا الكتاب ألوف الناس الذين يصارعون معاركهم النفسية في ألم ممض، يخيل إلى الناظرين إليهم أنهم في ملء السعادة والهناء... ومع ذلك ففي دخيلة أنفسهم صراع رهيب مرير... ضاع بين دوافعهم المنحرفة ومثلهم العليا، صراع بين رغباتهم الدنيا ومبادئهم السامية، صراع بين انفعالاتهم الضارة وضمائرهم الحساسة.. وهم في صراعهم الجبار يتوقون لمعرفة طريق الحرية والسعادة والخلاص!! يقول كل واحد منهم مع ثيودور باركر "حبذا لو عرفت فن الحياة أو وجدت كتاباً أو إنساناً يعلمني كيف يجب أن أعيش".

من أجل هؤلاء المعذبين الأشقياء كتبتُ هذا الكتاب راجياً بنعمة إلهي أن ينير سبيل السعادة أمام الكثيرين.

وتتركز فلسفة هذا الكتاب في قيادة المعذبين في صراعهم النفسي إلى شخص المسيح المجيد الذي نادى المتعبين المثقلين بالأحزان والآلام قائلاً "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلّموا مني لأني وديع ومتواضع والقلب فتجدوا راحة نفوسكم" مت 11: 28و 29.

وهنا يجدر بنا أن نذكر في وضوح أن المسيح هو المسيحية، فلا مسيحية بغير المسيح، فإذا قلنا أن المسيحية تنير السبيل للسعادة النفسية فنحن نعني أن المسيح هو السبيل إلى هذه السعادة.

أجل! ففي ميلاد المسيح ميلاد المسيحية، وفي صليبه فداؤها، وفي قيامته قوتها، وفي حياته حياتها، وفي رجاء مجيئه عزاؤها. ومن يسرع إلى شخصه الحبيب الكريم يجد عنده راحة قلبه، وغفران خطاياه، وسعادة نفسه.

عند قدميه أقدم هذا الكتاب، فله وحده كل شكر وحمد ومجد.

شبرا مصر في 27 يونيو 1960

القس لبيب ميخائيل

  • عدد الزيارات: 3510